قتل أكثر من 135 شخصاً في انهيار جسر في الهند، بعد يوم من مقتل أكثر من 150 شخصاً في كوريا الجنوبية، والسبب واحد في الكارثتين: التدافع، الذي أودى بحياة الآلاف حول العالم، فما أبرز كوارث التدافع خلال الثلاثين عاماً الماضية؟
ففي الهند لا تزال عمليات الإنقاذ وانتشال الجثث متواصلة، الثلاثاء 1 نوفمبر/ تشرين الثاني، لليوم الثالث على التوالي، بعد انهيار جسر يعود إلى الحقبة الاستعمارية فوق نهر ماتشو في موربي بولاية جوجارات.
كان الجسر مكتظاً بالزوار الذين يستمتعون باحتفالات مهرجاني ديوالي وشهات بوجا الهندوسيين عندما انهار مساء الأحد 30 أكتوبر/ تشرين الأول، ليسقط الناس في الماء من ارتفاع نحو عشرة أمتار.
كارثة تدافع الهالوين في كوريا الجنوبية
السلطات الهندية قالت إن نحو 200 شخص كانوا على الجسر عندما انهار، بينما قال سكان من موقع الكارثة لرويترز إنهم يعتقدون أن أكثر من مئتي شخص كانوا على الجسر، وعبروا عن قلقهم من إمكانية ارتفاع عدد القتلى.
ويواصل الجيش الهندي والبحرية وفرق الاستجابة للكوارث عمليات البحث بينما تجمع السكان على ضفاف النهر بالقرب من حطام الجسر المنهار. ويبلغ طول الجسر 233 متراً وعرضه 1.25 متر. وشُيد في البداية عام 1877 وأغلق لمدة ستة أشهر للإصلاحات حتى الأسبوع الماضي.
وألقت الشرطة الهندية القبض على تسعة أشخاص بتهمة القتل غير العمد، ومن بينهم موظفو إصدار التذاكر بتهمة السماح لعدد كبير من الأشخاص بالصعود إلى الجسر، إضافة إلى المقاولين الذين كانوا مسؤولين عن أعمال الإصلاح.
وأعلنت ولاية جوجارات، حيث تقع موربي، أن الأربعاء سيكون يوم حداد، ومن المقرر أن يزور رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي، الذي ينحدر من جوجارات وكان رئيس وزرائها لما يقرب من 13 عاماً، المدينة الصناعية في وقت لاحق من اليوم. وقال مسؤولون إنه من المتوقع أن يزور مودي، الذي كان يقوم بجولة في الولاية التي من المقرر أن تشهد انتخابات مطلع العام المقبل، موقع الكارثة ومستشفى موربي.
وقبل كارثة التدافع على الجسر بيوم واحد، كانت كوريا الجنوبية على موعد مع كارثة مشابهة حيث أدى حادث تدافع الذي وقع في شارع ضيق في العاصمة سيول، خلال الاحتفال بالهالوين (عيد الأشباح) السبت 29 أكتوبر/تشرين الأول إلى مقتل 156 بالإضافة إلى 151 مصاباً، من بينهم 29 في حالة خطيرة. وكان هناك ما لا يقل عن 26 مواطناً من 14 دولة ضمن القتلى.
كان عشرات الآلاف، معظمهم من المراهقين والشبان في العشرينات من العمر ويرتدون أزياء تنكرية، قد احتشدوا في الشوارع الضيقة والأزقة بمنطقة إتيوان الشهيرة في أول احتفالات بالهالوين منذ ثلاث سنوات بعد أن رفعت البلاد قيود مكافحة فيروس كورونا وقواعد التباعد الاجتماعي.
وقال المفوض العام للشرطة الكورية يون هي كيون إن السيطرة على الحشود في مكان الحادث كانت "غير كافية". وقال وزير الداخلية لي سانج مين إن نشر مزيد من رجال الشرطة ما كان ليحول دون وقوع الكارثة، وهو ما عرض الوزير لانتقادات حادة على السوشيال ميديا.
وأعلن الرئيس يون سوك يول الحداد في أنحاء البلاد لمدة أسبوع، قائلاً إن كوريا الجنوبية شهدت الكثير من الكوارث المتعلقة بالسلامة. وقال إنه من الضروري تحسين مستوى الاستجابة للكوارث، بما في ذلك تحسين السيطرة على الحشود.
وأضاف خلال اجتماع لمجلس الوزراء: "يجب أن نتوصل إلى إجراءات سلامة ملموسة لإدارة الحشود، ليس فقط في هذه الشوارع التي وقعت فيها هذه الكارثة الهائلة، بل في أماكن أخرى مثل الاستادات والحفلات الموسيقية حيث تتجمع حشود كبيرة".
كوارث التدافع في ملاعب كرة القدم
يمثل حادثا التدافع على الجسر النهري في الهند وفي الشوارع الضيقة في كوريا الجنوبية أحدث الحلقات في مسلسل دموي من تلك النوعية عانى منه العالم خلال العقود الثلاثة الماضية.
وعلى الرغم من أن ملاعب كرة القدم مسرح للترويح والاستمتاع باللعبة الشعبية الأولى في العالم، إلا أنها أيضاً تحولت، في بعض الأحيان، إلى مسارح لكوارث التدافع المميتة، كان أحدثها ما شهدته إندونيسيا.
يوم السبت 1 أكتوبر/تشرين الأول 2022، شهد ملعب كانجوروهان بمقاطعة جاوة الشرقية، واحدة من أسوأ كوارث التدافع في تاريخ الملاعب حول العالم، بعد أن فقد ما لا يقل عن 125 مشجعاً مصرعهم، في أعقاب صافرة النهاية لمباراة في الدوري المحلي. وكشفت التحقيقات أن إطلاق عناصر الشرطة قنابل الغاز في محاولة للسيطرة على مشجعي الفريق الخاسر للمباراة أدى إلى وقوع الكارثة، مع سعي الآلاف للهروب الدخان، بحسب صحيفة Strait Times.
تضع أرقام الضحايا في ملعب جاوة الشرقية بإندونيسيا ذلك الحادث في المرتبة من قائمة أسوأ حوادث الملاعب الكروية، ففي المرتبة الأولى يأتي حادث التدافع في الملعب الوطني بليما، عاصمة بيرو، عام 1964، خلال مباراة بين أصحاب الملعب ومنتخب الأرجنتين ضمن التصفيات المؤهلة لدورة أولمبياد طوكيو في العام نفسه.
اقتحمت الجماهير البيروفية أرض الملعب خلال تلك المباراة احتجاجاً على قرار الحكم إلغاء هدف لصالح أصحاب الأرض، وردت الشرطة بإطلاق الغاز المسيل للدموع على الجماهير في الملعب، وهو ما تسبب في تدافع الجماهير نحو البوابات المخصصة للخروج من الملعب، لكنها كانت مغلقة، بحسب تقرير لهيئة الإذاعة البريطانية BBC.
وشهد استاد هلزبره في شيفيلد كارثة مشابهة في أبريل/نيسان 1989، حيث قتل ستة وتسعون شخصاً وأصيب ما لا يقل عن 200 آخرين في أسوأ كارثة رياضية في بريطانيا بعد تدافع المشجعين في مباراة نصف نهائي كأس الاتحاد الإنجليزي لكرة القدم بين ليفربول ونوتنجهام فورست.
وفي مايو/أيار عام 2001، لقي ما لا يقل عن 126 شخصاً مصرعهم في غانا في تدافع في ملعب كرة القدم الرئيسي بأكرا عندما أطلقت الشرطة الغاز المسيل للدموع على مشجعين كانوا يقومون بأعمال شغب في واحدة من أسوأ كوارث كرة القدم في إفريقيا.
دور العبادة أيضا مسرح لكوارث التدافع
ومن ملاعب كرة القدم إلى أماكن العبادة وخاصة خلال المناسبات الدينية التي تشهد تجمعات بشرية حاشدة، وقعت أيضاً حوادث تدافع أودت بحياة المئات وأحياناً الآلاف. ففي يوليو/تموز 1990، توفي 1426 حاجاً خلال حادث تدافع نفق المعيصم في السعودية بالقرب من مدينة مكة المكرمة، وذلك في نهاية موسم الحج في ذلك العام.
وفي مايو/أيار عام 1994، وقع حادث تدافع بالقرب من جسر الجمرات بمنطقة منى بمكة المكرمة أثناء الحج؛ مما أدى إلى وفاة 270 من الحجاج. وخلال موسم الحج أيضاً عام 1998، توفي 119 حاجاً خلال تدافع أثناء أداء مناسك الحج بالسعودية.
وفي فبراير/شباط 2004، مات 251 حاجاً في تدافع قرب جسر الجمرات بمكة المكرمة خلال تأدية مناسك الحج. وفي موسم الحج عام 2015، توفي ما لا يقل عن 717 حاجاً وأصيب 863 في حادث تدافع خلال تأدية مناسك الحج.
وفي يناير/كانون الثاني من العام الجاري، أدى حادث تدافع في إحدى الكنائس على مشارف العاصمة الليبيرية مونروفيا، خلال احتفال ديني مسيحي، إلى مقتل 29 شخصاً. وفي مايو/أيار الماضي، قتل ما لا يقل عن 31 شخصاً خلال تدافع أمام كنيسة في ولاية ريفرز جنوب نيجيريا، بعد اقتحام أشخاص جاؤوا للحصول على طعام في الكنيسة البوابة.
وفي أبريل/نيسان عام 2021، قتل ما لا يقل عن 44 شخصاً في احتفال ديني مزدحم في إسرائيل بسبب التدافع.
وفي يناير/كانون الثاني عام 2005، لقي ما لا يقل عن 265 هندوسياً مصرعهم في حادث تدافع بالقرب من معبد في ولاية ماهاراشترا الهندية. وفي أغسطس/آب عام 2008، أدت شائعات عن انهيار أرضي إلى تدافع زوار في معبد ناينا ديفي في ولاية هيماشال براديش الهندية، ليلقى ما لا يقل عن 145 شخصاً حتفهم ويصاب أكثر من 100. وفي الشهر التالي من العام نفسه، قتل 147 شخصاً في تدافع بمعبد تشاموندا بالقرب من بلدة جودبور التاريخية الغربية بالهند.
حوادث التدافع في أماكن أخرى
لا ترتبط حوادث التدافع بملاعب كرة القدم أو أماكن العبادة أو جسور الأنهار فقط، لكن بعضاً من أسوأ تلك الحوادث وقع خلال مهرجانات للموسيقى أو حتى في ملاه ليلية.
ففي يوليو/تموز عام 2010، شهد مهرجان لموسيقى التكنو في ألمانيا حادث تدافع مميت، حيث قتل 19 شخصاً وأصيب 342 آخرون بسبب تدافع الناس داخل نفق في مهرجان الموسيقى تكنو لوف باريد في دويسبورغ.
وقتل أكثر من 230 شخصاً، في يناير/كانون الثاني 2013، بعد اندلاع حريق في ملهى ليلي في بلدة سانتا ماريا بجنوب البرازيل وتسبب تدافع رواد الملهى في موت بعض الضحايا دهساً، وهو ما عرقل هروب آخرين من الفرار من الدخان والنيران.
وفي نوفمبر/تشرين الثاني العام الماضي، فقد ما لا يقل عن تسعة أشخاص حياتهم وأصيب العشرات في تدافع في الليلة الافتتاحية لمهرجان موسيقى في هيوستن بولاية تكساس الأمريكية.
كما قتل ما لا يقل عن 350 شخصاً، في نوفمبر/تشرين 2010، بسبب التدافع على جسر في فنومبينه عاصمة كمبوديا في اليوم الأخير من مهرجان سنوي للاحتفال بالمياه.