خطة ماسك لتجنب الحرب العالمية الثالثة.. هذا ما يقترحه، فهل يستمع إليه الناتو وروسيا؟

عربي بوست
تم النشر: 2022/10/04 الساعة 14:34 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/10/05 الساعة 06:17 بتوقيت غرينتش
إيلون ماسك اقترح إعطاء الصين السيادة على تايوان /Getty Images

إيلون ماسك، أغنى رجل في العالم، يرى أن أوكرانيا لا يمكنها أن تنتصر على روسيا، وعرض خطة تهدف إلى إنهاء الحرب، فكيف جاء التصويت عليها في تويتر؟ ولماذا يرفضها الغرب وقد تقبلها روسيا؟

كان ماسك قد طلب، الإثنين 3 أكتوبر/تشرين الأول، من متابعيه على تويتر، الذين يزيد عددهم عن 107 ملايين شخص، أن يبدوا رأيهم في خطته لإنهاء الحرب الروسية في أوكرانيا، المستمرة منذ 24 فبراير/شباط الماضي، وذلك من خلال عرض وجهة نظره على صورة استفتاء.

ويتزامن دخول ماسك على خط الأزمة الأوكرانية مع زيادة المخاوف من اندلاع مواجهة نووية بين روسيا وحلف الناتو بقيادة أمريكا، بعد التطورات الأخيرة، من هزائم متتالية للقوات الروسية في أرض المعركة وضم موسكو 4 مدن أوكرانية، و"اختفاء" غواصة بيلغورود النووية الروسية، التي تحمل طوربيدات بوسايدون الشبحية النووية القادرة على إغراق مدن بأكملها.

ماذا يعرض ماسك لإنهاء الحرب في أوكرانيا؟

تكوّن مقترح ماسك، الرئيس التنفيذي لشركة تسلا، من عدة نقاط، منها الاعتراف رسمياً بشبه جزيرة القرم، التي استولت عليها موسكو في عام 2014، على أنها روسية، وضمان إمدادات المياه للقرم، وأن تظل أوكرانيا محايدة.

كما اقترح ماسك إجراء انتخابات تحت إشراف الأمم المتحدة في لوغانسك ودونيتسك وخيرسون وزابوروجيا، المدن الأربع التي أجرت فيها موسكو الاستفتاءات الأسبوع الماضي، وأعلن بوتين ضمها رسمياً، الجمعة 30 سبتمبر/أيلول الماضي، بينما شجبت كييف والحكومات الغربية هذه الاستفتاءات ووصفتها بأنها غير شرعية وصورية.

وكتب ماسك في تغريداته قائلاً: "سترحل روسيا إذا كانت هذه هي إرادة الشعب"، طالباً من مستخدمي تويتر التصويت بنعم أو لا على الخطة. وخلال أقل من 24 ساعة، هي المدى الزمني لاستفتاء ماسك، شارك أكثر من مليونين و157 ألف شخص برأيهم، وافق أكثر من 58% منهم على خطة ماسك، بينما رفضها نحو 41%.

ماسك، الرئيس التنفيذي لشركة سبيس إكس للفضاء، أضاف أيضاً نقطة أخرى لمقترحه في تغريدة بقوله: "لنجرب هذا بعد ذلك: يجب أن يقرر الأشخاص الذين يعيشون في دونباس وشبه جزيرة القرم بإرادتهم ما إذا كانتا جزءاً من روسيا أو أوكرانيا".

وقال الرجل، الذي كان قد عرض 44 مليار دولار لشراء تويتر لكنه تراجع ويسعى الآن للتملص من الصفقة، إنه لا يهتم إذا كان اقتراحه لا يحظى بشعبية، بحجة أنه يهتم "بموت ملايين الأشخاص دون داعٍ من أجل نتيجة مماثلة بشكل أساسي".

وختم ماسك تغريداته بالقول إن "روسيا لديها أكثر من 3 أضعاف سكان أوكرانيا، لذا فإن النصر لأوكرانيا غير مرجح في حرب شاملة. إذا كنت تهتم بشعب أوكرانيا، فاطلب السلام".

قوات تابعة لروسيا في أوكرانيا – Getty Images

وعلى الرغم من رد الفعل العنيف من جانب بعض الزعماء الغربيين على مقترح ماسك، إلا أن هذه ليست المرة الأولى التي يتم فيها مناقشة تقديم تنازلات لموسكو، أبرزها تخلي أوكرانيا عن بعض الأقاليم التي توجد فيها أغلبية روسية، كالقرم ودونباس.

وكان وزير الخارجية الأمريكي الأسبق، هنري كيسنجر، قد قدم اقتراحاً، في المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، في مايو/أيار الماضي، يشير إلى إمكانية أن تسمح أوكرانيا لروسيا بالاحتفاظ بشبه جزيرة القرم.

وقال كيسنجر: "يجب أن تبدأ المفاوضات في الشهرين المقبلين قبل أن تحدث اضطرابات وتوترات لن يتم التغلب عليها بسهولة"، وأضاف: "من الناحية المثالية، يجب أن يكون الخط الفاصل هو العودة إلى الوضع السابق"، ما يشير على ما يبدو إلى أن أوكرانيا قد توافق على التخلي عن جزء كبير من دونباس وشبه جزيرة القرم.

كانت موسكو قد ضمت شبه جزيرة القرم الأوكرانية عام 2014، ودعمت انفصاليين في إقليم دونباس أعلنوا استقلال منطقتي دونيتسك ولوغانسيك في الإقليم. وأعلن بوتين الاعتراف رسمياً باستقلال المنطقتين يوم 21 فبراير/شباط الماضي، أي قبل بدء الهجوم بثلاثة أيام.

زيلينسكي يرفع شعار "يسقط بوتين"!

مقترح ماسك قابلته ردود غاضبة من بعض الزعماء الغربيين، أبرزهم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، الذي نشر بدوره استفتاءً على تويتر يخص أغنى رجل في العالم نفسه، حيث كتب: "أي من إيلون ماسك تحب أكثر؟"، مقدماً إجابتين: "أحدهما يدعم أوكرانيا، والآخر يدعم روسيا".

شارك أكثر من مليونين و188 ألف شخص في استفتاء زيلينسكي، في الإطار الزمني نفسه تقريباً مع استفتاء ماسك، وجاءت الإجابة في صالح ماسك بصورة لافتة، إذ رأى نحو 80% من المصوتين أن أغنى رجل في العالم يدعم أوكرانيا.

لكن الرئيس الأوكراني، الذي يتهمه الكرملين بأنه "أداة يوظفها الغرب" للإضرار بمصالح روسيا، صعد أكثر من مواقفه ضد نظيره الروسي فلاديمير بوتين، حيث وقع، الثلاثاء 4 أكتوبر/تشرين الأول، مرسوماً يؤكد رسمياً "استحالة" إجراء محادثات مع الرئيس الروسي الحالي، لكنه أبقى الباب مفتوحاً لإجراء محادثات مع روسيا.

وأضفى المرسوم طابعاً رسمياً على تصريحات أدلى بها زيلينسكي، الجمعة، بعدما أعلن الرئيس الروسي ضم المدن الأوكرانية الأربعة، حين قال: "إنه (بوتين) لا يعرف معنى الكرامة والشرف. ولذلك فإننا مستعدون للحوار مع روسيا، لكن مع رئيس آخر لروسيا".

تصريحات زيلينسكي تسلط الضوء على ما يصفه أغلب المحللين بأنها "أمنية" يتمناها أغلب الزعماء الغربيين، وبخاصة الرئيس الأمريكي جو بايدن، الذي كان قد صرح بالفعل بأن "بوتين لا يمكن أن يستمر في الحكم"، رغم أن البيت الأبيض وقتها سعى للتخفيف من تلك التصريحات باعتبارها واحدة من زلات اللسان المتكررة للرئيس.

زيلينسكي
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي – رويترز

كما أن إصرار زيلينسكي على عدم التفاوض لإنهاء الحرب مع موسكو ما ظل بوتين رئيساً يثير تساؤلات بشأن موقف الرئيس الأوكراني، خصوصاً أن موسكو وكييف كانتا قد توصلتا بالفعل إلى اتفاق سلام قبل شهور، لكن زعماء غربيين، منهم رئيس وزراء بريطانيا السابق بوريس جونسون وبايدن، أقنعوا الرئيس الأوكراني بمواصلة الحرب، بحسب ما كشفت عنه تقارير غربية مؤخراً، وذلك على الرغم من شبه الإجماع على أن هزيمة عسكرية لروسيا هو سيناريو شبه مستحيل، وإذا اقترب بالفعل ذلك السيناريو فالنتيجة هي حرب نووية شاملة.

فبوتين، الذي سيكمل عامه السبعين هذا الأسبوع، يهيمن تماماً على المشهد السياسي في بلاده منذ أكثر من عقدين، ولا يزال بإمكانه الترشح لمنصب الرئاسة لولايتين أخريين بموجب تعديلات دستورية كان هو من أشرف عليها، ومن المحتمل أن يظل في السلطة حتى عام 2036.

وجاء رد الكرملين على تصريحات وقرار زيلينسكي حاسماً؛ إذ قال إن "عمليته العسكرية الخاصة" في أوكرانيا لن تنتهي إذا استبعدت كييف الدخول في محادثات، ولفت إلى أن "التفاوض يتطلب جانبين".

وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف للصحفيين: "إما سننتظر أن يغير الرئيس الحالي موقفه، أو سننتظر الرئيس المقبل لتغيير موقفه لصالح الشعب الأوكراني".

ماذا يريد ماسك من التدخل الآن؟

بصفته أغنى رجل في العالم، ويمتلك شركتي تسلا لصناعة السيارات الكهربائية وسبيس إكس لصناعة الفضاء، فمن الطبيعي أن يخشى ماسك، شأنه شأن جميع سكان الكوكب بطبيعة الحال، من أن تتطور الحرب الحالية إلى محرقة نووية تأكل الأخضر واليابس، وبالتالي عرض مقترحه لإنهاء الحرب قبل فوات الأوان.

أما بالنسبة لموقف الملياردير الأمريكي من الحرب نفسها، فالرجل يدعم أوكرانيا منذ البداية، ويتبنى وجهة النظر الغربية في الأزمة، التي هي بالأساس أزمة جيوسياسية بين روسيا وحلف الناتو، بعد إصرار الحلف العسكري الغربي على التمدد شرقاً في أوروبا، رغم الوعد الذي قدمته واشنطن لموسكو قبل 30 عاماً، عندما تفكك الاتحاد السوفييتي، بألا يتمدد الحلف "بوصة واحدة" ناحية الشرق.

لكن الحلف العسكري الغربي تمدد شرقاً بنحو 1000 كيلومتر، بعد أن ضم الكثير من جمهوريات الاتحاد السوفييتي السابقة، ويريد الحلف أن يضم أوكرانيا، ما يعني أن أسلحة الحلف ستكون عملياً على الحدود الروسية. وأراد بوتين من نظيره الأمريكي بايدن ضمانات قانونية ملزمة بأن كييف لن تنضم لحلف الناتو، لكن الأخير رفض وحدث ما حدث وانفجر برميل البارود، الذي ظل يغلي لشهور دون أن تنجح جهود نزع فتيله.

وفي بداية الحرب، عندما تعطلت شبكات الإنترنت بالكامل في أوكرانيا، رد ماسك شخصياً على تغريدة لمسؤول في الحكومة الأوكرانية يطلب فيها مساعدة الملياردير الأمريكي في التغلب على المشكلة.

وقال ماسك إن خدمة ستارلينك للنطاق العريض عبر الأقمار الصناعية التابعة لسبيس إكس متاحة في أوكرانيا، وإن سبيس إكس ترسل المزيد من المحطات الطرفية إلى الجمهورية السوفيتية السابقة.

النووي أمريكا
الرئيسان الأمريكي جو بايدن، ونظيره الروسي فلاديمير بوتين – عربي بوست

وكتب ماسك على تويتر يقول: "تبلغ تكلفة سبيس إكس لتمكين ودعم ستارلينك في أوكرانيا نحو 80 مليون دولار حتى الآن. دعمنا لروسيا هو صفر دولار. من الواضح أننا مؤيدون لأوكرانيا".

أي إن الاتهامات الموجهة لماسك من جانب زيلينسكي لا يوجد ما يدعمها، كما أن نتيجة استفتاء زيلينسكي نفسه في هذا السياق جاءت حاسمة، إذ يرى أغلب المشاركين أن أغنى رجل في العالم داعم لأوكرانيا وليس لروسيا.

وبعيداً عن التجاذبات السياسية، من الواضح أن الرأي العام في الغرب يميل وبقوة نحو وقف الحرب قبل أن تقع الواقعة وتنفجر أسلحة نهاية العالم، وهذا واضح من نسبة التأييد لخطة ماسك، والتي تقترب من 60%.

الخلاصة هنا هي أنه بغض النظر عن دوافع ماسك، فإن ما طرحه بشكل عام ربما يمثل المخرج الوحيد الذي أصبح متاحاً لوضع نهاية لتلك الحرب المدمرة، والتي تهدد العالم أجمع بالفناء، رغم أن التفاصيل يمكن التفاوض بشأنها بطبيعة الحال، فهل تستمع جميع أطراف الأزمة لصوت العقل قبل فوات الأوان؟

تحميل المزيد