يبدو أن الجيش الأمريكي يسعى إلى تحييد التفوق العددي البري للصين وروسيا عبر استخدام على روبوتات صائدة للدبابات، يتم التحكم فيها عن بعد لخوض المعارك بدلاً من جنود المشاه.
ويمثل التفوق العددي للاتحاد السوفييتي ومن بعده روسيا في سلاح الدبابات مشكلة تقليدية للجيوش الغربية ومنها أمريكا، ولذا اعتمدت العقيدة العسكرية الغربية تقليدياً على التوسع في أنظمة الطائرات المروحية والطائرات ثابتة الجناح التي تطير أقل من سرعة الصوت لتحييد التفوق الروسي في الدبابات، ولكن كما أظهرت حرب أوكرانيا، فإن مثل هذه الطائرات البطيئة عرضة بشكل كبير، لأنظمة الدفاع الجوي المحمولة على الكتف.
وبينما أظهرت الأسلحة المضادة للدبابات المحمولة على الكتف التي قدمها الغرب بالآلاف للجيش الأوكراني، قدرة لافتة في الحرب على تدمير أعداد كبيرة من الدبابات الروسية، غير أن هذه الأسلحة تعرض حامليها للخطر، الذي يزداد خاصة في ساحات الحرب المكشوفة.
عدوى الطائرات المسيرة تنتقل للأرض
ولذا يبدو أن الجيش الأمريكي يريد أن يجمع بين الفاعلية التي أظهرتها الصواريخ المضادة للدبابات مثل الأمريكي جافلين وبين النجاح الذي حققته أنظمة القتال الجوية غير المأهولة المسيرة بشرياً، والتي تعرف بالطائرات المسيرة، عبر نقل التجربة للأرض.
وأظهرت المعارك الواقعية حتى الآن أن استخدام أنظمة التسيير عن بعد للأسلحة البرية أصعب من الطائرات المسيرة، وهو ما بدا واضحاً عندما قامت روسيا بتجربة فعلية لدباباتها المُسيّرة آلياً أوران-9 خلال معركة حقيقية في سوريا، في مايو/أيار 2018، حسبما ورد في تقرير لمجلة National Interest الأمريكية.
فلقد أثبتت المستشعرات الحرارية والكهروضوئية الخاصة بأوران-9 أنها غير قادرة على اكتشاف الأعداء إلى ما بعد 1.2 ميل، كما أنها لم تكتشف أجهزة المراقبة الخاصة بالعدو، وعانت من تداخلاتٍ متعدِّدة على الأرض وفي المجال الجوي، حسبما ورد عن ضابط الأبحاث الروسي أندريه أنيسيموف خلال مؤتمر في أكاديمية كوزنتسوف البحرية، في مدينة سان بطرسبورغ الروسية.
وعلاوة على ذلك، كانت المستشعرات والأسلحة عديمة الفائدة أثناء تحرُّك مركبات أوران-9 بسبب عدم الاستقرار الناتج عن حركة الدبابات على التضاريس الوعرة. وعندما صدرت أوامر إطلاق النار، كانت هناك تأخيراتٌ كبيرة في 6 حالات. وفي إحدى هذه الحالات لم يُنفَّذ الأمر من الأصل.
وعلى عكس الطائرات المُسيَّرة التي تحلِّق على ارتفاعٍ عالٍ، فإن المركبات البرية غير المأهولة مُعرَّضة لتعطيل إشارات التحكُّم الخاصة بها بسبب التلال والمباني وخصائص التضاريس الأخرى.
من جانبها، سبق أن أعلنت تركيا عن خطط لإنتاج ما يعرف بـ"الدبابة الصغيرة"، وهي مركبة مُسلحة في محاولة للاستفادة من نجاحات أنقرة في مجال الطائرات بدون طيار.
وستتيح منصة التحكم للمستخدم اختيارات كثيرة تتيح استخدام الدبابة المسيرة في مهام متعددة، سواء عبر تزويدها بالأسلحة الخفيفة والثقيلة، أو أن تعمل كمركبات للمراقبة والاستطلاع، أو منصات إطلاق الصواريخ.
ويقول الأتراك إن الدبابة المسيرة ستتمكن من خلال الخصائص التي تتمتع بها من القيام بمفردها بدوريات على الحدود ورسم خرائط للمناطق التي تسير بها وإبلاغ المركز بمعلومات عن المنطقة المستطلعة والأهداف التي رصدتها.
والدبابة المسيرة الجديدة، التي تعمل شركتا "أسيلسان" و"كاتمارجيلر" التركيتان على إنتاجها، ستتمتع بخاصية التحكم عن بعد والقيادة الذاتية، وستتم زيادة مدى التحكم بالمركبة المسيرة ليصبح غير محدود عبر ربطها بنظام القمر الصناعي.
وقال رئيس هيئة الصناعات الدفاعية التركي إسماعيل دمير، لوكالة الأناضول، إنه يمكن تزويد هذه المركبات بأنظمة أسلحة أو أي أنظمة أخرى، ويمكن التحكم بها عن بعد، إضافة إلى أنها تتمتع بقدرة فائقة على الحركة وبخاصية القيادة الذاتية.
بدوره، يسعى الجيش الأمريكي للتقدم في مجال المركبات العسكرية غير المأهولة، حيث يخطِّط الجيش الأمريكي لاستبدال مركبة برادلي القتالية لتكون "مأهولةً بشكلٍ اختياري".
الجيش الأمريكي يختبر روبوتات صائدة للدبابات
وبدأ الجيش الأمريكي اختبارات لإطلاق روبوتات صائدة للدبابات، حيث أجرى اختباراً لإطلاق صواريخ جافلين المضادة للدبابات من روبوتات يبلغ وزنها سبعة أطنان ويمكنها مراقبة المناطق عالية الخطورة، والعثور على الأعداء وتعقبهم، واصطياد الأهداف أثناء توجيهها بواسطة مشغل بشري.
وأقام الجيش الأمريكي عرضاً عسكرياً في قاعدة فورت هود بولاية تكساس مؤخراً. وشهد العرض إطلاق الجنود لصواريخ جافلين ومدافع رشاشة عيار 0.50 من نماذج أولية لمركبات هي بمثابة روبوتات صائدة للدبابات، حسبما ورد في تقرير لمجلة The National Interest الأمريكية.
وقال كيفين ميلز، نائب المدير التنفيذي في مركز أنظمة المركبات البرية بالجيش الأمريكي، خلال مقابلة لمجلة National Interest: "أنهينا للتو ثاني تقييم عملياتي للجنود على نطاق واسع في قاعدة فورت هود بولاية تكساس. وشاركت في التقييم 12 منصة روبوتية مع ست مركبات تحكم. وتمثل هذه اللحظة تتويجاً لنشاط دام نحو أربع سنوات. ولا شك أنها فرصة تعلم ضخمة للجيش الأمريكي، حتى نفهم الكيفية التي ستؤثر بها الروبوتات القتالية في شكل القرارات المرتبطة بشراء المواد وطريقتنا في القتال مستقبلاً".
ووضع مطورو أسلحة الجيش روبوتات صائدة للدبابات في أيدي الجنود من أجل تقييم الأسلحة، وتحسين التكتيكات، والمساعدة في الدفع سريعاً بفئةٍ جديدة من المركبات القتالية الروبوتية.
ثلاثة أنواع من المركبات المسيرة آلياً
ويعمل الجيش الأمريكي على ثلاثة أنواع مختلفة من المركبات القتالية الروبوتية، هي آر سي في الخفيفة ومتوسطة الوزن والثقيلة. إذ يجري تطوير كل نوع من أجل تأدية مجموعة معقدة ومتداخلة من المهمات بدون قيادة بشرية. وتشمل هذه المهمات جهود إعداد فرق تتألف من عناصر بشرية وغير مأهولة في آن واحد. حيث تؤدي المركبات المسيرة أو العربات الروبوتية مهام الاستطلاع والاستكشاف الأمامية، وتوصيل الإمدادات، وتتبع وتدمير الأهداف بنفسها بينما يحركها عنصر بشري.
وأوضح ميلز: "يبلغ وزن مركبة آر سي في الخفيفة سبعة أطنان، وتحمل مدفعاً رشاشاً عيار 0.50، وصاروخ جافلين المضاد للدبابات، وعدة أنظمة أسلحة أخرى. كما أنها مصممةٌ للحمولات التركيبية.
بينما تستطيع مركبات آر سي في متوسطة الوزن القصف من برج بمدفعية عيار 30 مم. وجرى بناء النماذج الأولية من المركبات الخفيفة ومتوسطة الوزن من أجل تجربة العمليات الخاصة بالجنود".
أما مركبة آر سي في الثقيلة فلا تزال في بداية برنامج التطوير. لكنها استُخدِمَت في التجربة مع ناقلة الجنود إم-113 باعتبارها الشكل الروبوتي المستقبلي لها، مع مدفع عيار 120 مم. وأوضح ميلز أن المركبات الروبوتية المسلحة بأنظمة ذات عيار ذخيرة أكبر ستظهر بشكلٍ أكثر اكتمالاً خلال السنوات المقبلة.
وأضاف ميلز قائلاً: "تتمثل إحدى المزايا الفريدة للمنصات الروبوتية في أنها مصممةٌ خصوصاً لتكون غير مأهولة، بعد إخراج العنصر البشري من المعادلة. وبهذا يمكن أن تكون أصغر بكثير، وقادرةً على حمل ذخيرةٍ أكبر، مع التمتع بخصائص المناورة المتوسطة. لهذا يصعب بشدة رصد مركبات آر سي في الخفيفة، مما يمنحك أفضلية عملياتية تمكنك من التوغل أكثر".