ما فرص مصر في الفوز بتنظيم أول ألعاب أولمبية على أرض القارة الإفريقية؟

عربي بوست
تم النشر: 2022/09/26 الساعة 14:23 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/09/26 الساعة 14:24 بتوقيت غرينتش
شعار الألعاب الأولمبية/ رويترز

إعلان مصر عن السعي لاستضافة أولمبياد 2036 يطرح تساؤلات مهمة حول فرص الدولة العربية الأكبر من حيث عدد السكان، فهل تكون القاهرة أول مدينة إفريقية وعربية تنظم الحدث الرياضي الأضخم؟

إذ إن الألعاب الأولمبية هي أضخم حدث رياضي عالمي على الإطلاق، وتقام كل أربع سنوات في ضيافة إحدى المدن، لذلك تسمى باسم المدينة وليس الدولة فيقال "أولمبياد بكين"، على سبيل المثال. وأقيمت الألعاب الأولمبية الصيفية لأول مرة، بالعصر الحديث عام 1896، في ضيافة أثينا عاصمة اليونان.

وأقيمت الألعاب الأولمبية الشتوية الأخيرة ببكين في الفترة من 4 إلى 20 فبراير/شباط الماضي، وتلتها أيضاً الألعاب الأولمبية لذوي الاحتياجات الخاصة في مارس/آذار، لتصبح العاصمة الصينية أول مدينة في العالم تستضيف الألعاب الأولمبية الصيفية والشتوية، بعد أن كانت قد استضافت أولمبياد 2008 الصيفية.

وستقام النسخة المقبلة من الأولمبياد في باريس عام 2024، بينما تستضيف مدينة لوس أنجلوس الأمريكية النسخة التالية في 2028، كما تقرر أيضاً إقامة ألعاب 2032 في مدينة برزبين الأسترالية.

ضوء أخضر من الرئيس

كان أشرف صبحي، وزير الشباب والرياضة المصري، قد ألمح إلى الرغبة المصرية في التقدم بملف لاستضافة الألعاب الأولمبية، خلال شهر يناير/كانون الثاني الماضي، لكن ذلك التلميح كان في إطار حديث الوزير عن استعداد بلاده لاستضافة الأحداث الرياضية العالمية بشكل عام.

لكن يبدو أن قرار التقدم بملف لاستضافة الأولمبياد الصيفية عام 2036 قد اتخذ بالفعل، بعد الحصول على الضوء الأخضر من الرئيس عبد الفتاح السيسي، بالتزامن مع زيارة توماس باخ، رئيس اللجنة الأولمبية الدولية، للقاهرة خلال الأيام القليلة الماضية.

وكان الرئيس المصري قد استقبل باخ، وفي أعقاب الاجتماع، أعلنت وزارة الشباب والرياضة المصرية الرغبة في التقدم للمنافسة على استضافة أولمبياد 2036، وذلك بعد الحصول على موافقة الرئيس. وقال أشرف صبحي في بيان لرئاسة مجلس الوزراء السبت 24 سبتمبر/أيلول، إن السيسي وافق على طلب تنظيم الأولمبياد.

اجتماع السيسي وباخ حضره أيضاً، إلى جانب وزير الشباب والرياضة المصري، حسن مصطفى، رئيس الاتحاد الدولي لكرة اليد، ومصطفى براف، رئيس اتحاد اللجان الأولمبية الإفريقية، وهشام حطب، رئيس اللجنة الأولمبية المصرية.

مصر محمد بدران
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي – رويترز

وبمجرد الإعلان عن تلك الرغبة، أبدى بعض المصريين تخوفهم من تكرار تجربة البلاد المريرة، عندما تقدمت مصر بملف لاستضافة كأس العالم لكرة القدم عام 2010، وهي التجربة التي أصبحت تعرف بـ"صفر المونديال" بعد أن انحصرت المنافسة بين المغرب وجنوب إفريقيا، التي فازت بتنظيم أول مونديال كروي في إفريقيا، بينما لم يحصل ملف مصر على صوت واحد من أصوات اللجنة التنفيذية (24 صوتاً).

كما تقدمت مصر أيضاً لاستضافة الألعاب الأولمبية عام 2008، لكن تم استبعاد ملف "القاهرة" في المرحلة الأولى ولم تتأهل للقائمة القصيرة، وفي النهاية فازت بكين بتنظيم تلك النسخة من الألعاب الأولمبية.

وبالتالي فإن التجارب المصرية في السعي لتنظيم أحداث رياضية عالمية، وبصفة خاصة مونديال كرة القدم والألعاب الأولمبية، لا تحمل ذكريات جيدة للمصريين، وهو ما انعكس على حالة "الفتور السلبي" من الجماهير المهتمة بالرياضة في أعقاب الإعلان الأخير من جانب الحكومة عن التقدم بملف "أولمبياد القاهرة 2036" لاستضافة الألعاب الأولمبية الصيفية.

هل تغيرت الأمور عن 2008 و2010؟

نقلت وسائل الإعلام المحلية المصرية تصريحات رئيس اللجنة الأولمبية الدولية، توماس باخ، المتعلقة بكون "البنية التحتية الرياضية المصرية تتيح لها استضافة دورة الألعاب الأولمبية 2036".

إذ قال باخ إن مقابلته مع الرئيس السيسي كانت مثمرة للغاية و"تناولنا العديد من الملفات أهمها الحصول على موافقة الحكومة المصرية على تقديم طلب استضافة دورة الألعاب الأولمبية 2036 والتي ستكون حدثاً تاريخياً"، بحسب صحيفة أخبار اليوم المحلية.

رئيس اللجنة الأولمبية الدولية تناول أيضاً إنجازات الرياضة المصرية الأخيرة في كل البطولات، ما يؤكد وجود تطور كبير في الرياضة المصرية، مشيراً إلى سعادته بزيارة مصر والدعم الكبير الذي تقدمه الحكومة المصرية ومجهود اللجنة الأولمبية المصرية.

رئيس اللجنة الأولمبية خلال زيارته لمصر/ رويترز

وتضمنت زيارة باخ إلى مدينة مصر الأولمبية، المقامة في العاصمة الإدارية الجديدة للبلاد، والمقامة على مساحة 93 فداناً، وتضم المدينة الرياضية، مجموعة من الأندية الرياضية والاجتماعية، فضلاً عن استاد العاصمة الذي يتسع لأكثر من 90 ألف متفرج، بجانب مُجمع ملاعب كرة قدم حوالي 4 ملاعب ذات أبعاد قانونية، وملاعب خماسية، وملاعب تنس، وملاعب إسكواش، وملاعب كرة طائرة، وملاعب كرة سلة، وملاعب كرة شاطئية، وملعب هوكي، وملاعب أخرى متعددة الأغراض، فضلاً عن مُجمع حمامات سباحة (حمام سباحة أولمبي مُغَطی وآخر مكشوف)، وصالة للألعاب القتالية، وصالة خاصة بذوي الاحتياجات الخاصة، وصالة جمباز وغرف تغيير ملابس.

كما تضم المدينة الرياضية منطقة مُخصصة للألعاب الجماعية، ومبنى اجتماعياً ومبنى للثقافة والتكنولوجيا، فضلاً عن صالة مُغطاة كبيرة تمتد على مساحة 10.000 متر مربع، تَسع حوالي 7 آلاف فرد، وهي من إحدى الصالات التي استضافت إحدى مجموعات بطولة كأس العالم لكرة اليد التي أقيمت في مصر العام الماضي.

وفي هذا السياق، كانت مصر قد استضافت خلال الأعوام القليلة الماضية عدداً من الفعاليات الرياضية، منها كأس العالم لكرة اليد 2021، وكأس الأمم الإفريقية لكرة القدم عام 2019، إضافة إلى نفس البطولة للشباب.

كما أعلنت وزارة الشباب والرياضة المصرية عن التحضير للتقدم بملف مشترك لاستضافة بطولة كأس العالم لكرة القدم عام 2030، مع كل من السعودية واليونان، بحسب الوزير صبحي، الذي أعلن في أغسطس/آب الماضي عن خطة حكومية لبناء استاد جديد في مدينة العلمين، استعداداً لاستكمال الملف، كما رصد تقرير لموقع Middleeast Monitor.

ما فرص "القاهرة" في استضافة الأولمبياد؟

لا شك أن المنشآت الرياضية في مصر الآن أصبحت أفضل كثيراً مما كانت عليه خلال العقد الأول من القرن الحادي والعشرين، وتمثل مدينة مصر الأولمبية في العاصمة الإدارية الجديدة نقطة مضيئة في هذا السياق، إضافة إلى البنية التحتية من طرق جديدة وكباري، وهذه تمثل عناصر مهمة في الملف الذي ستتقدم به "القاهرة" لاستضافة الألعاب الأولمبية.

وعلى الرغم من أن عملية التقدم بملف الترشح لاستضافة أولمبياد 2036 لم تبدأ بعد، إلا أن هناك تقارير تتحدث عن وجود رغبة من دول عديدة، منها ألمانيا والمكسيك وتركيا وروسيا والهند وقطر، مما يشير إلى أن المنافسة لن تكون أقل حدة، إن لم تكن أكثر، خصوصاً أن هناك 12 مدينة صينية أيضاً تستعد للمنافسة على الفوز بتنظيم نفس الدورة.

وحتى الآن، لم تبدِ أي دولة إفريقية أخرى نيتها التقدم للمنافسة على تنظيم الألعاب الأولمبية 2036، وهو ما يراه محللون رياضيون نقطة إيجابية تصب في صالح مصر، خصوصاً أن حضور الجزائري مصطفى براف، رئيس اتحاد اللجان الأولمبية الإفريقية، اجتماع السيسي وباخ يشير إلى أن هناك تنسيقاً على مستوى القارة السمراء ودعماً للملف المصري، حيث إن إفريقيا لم تنظم الألعاب الأولمبية على الإطلاق من قبل.

لكن قرار اختيار المدينة التي تحظى بشرف تنظيم الألعاب الأولمبية لا يكون مقتصراً على توافر المنشآت الرياضية والبنية التحتية فقط، فعملية الاختيار تكون شاملة ولها أبعاد سياسية واقتصادية ومناخية أيضاً.

وفي هذا السياق، قال ناقد رياضي مصري لموقع "عربي بوست" إن فرصة مصر هذه المرة في الفوز بتنظيم الألعاب الأولمبية أفضل كثيراً من المرات السابقة، لكنها تظل "فرصة غير محسومة وترتبط بعوامل كثيرة من الصعب التكهن بها".

الجماهير المصرية – gettyimages

"في المرة الأخيرة التي تقدمنا فيها بملف لتنظيم الأولمبياد (عام 2008)، تم استبعاد الملف في المرحلة الأولى، وكان السبب هو نسبة التلوث المرتفعة للغاية في القاهرة، فهل انخفضت نسبة التلوث اليوم؟"، تساءل الناقد الرياضي ساخراً، مضيفاً أن استضافة مؤتمر الأمم المتحدة للمناخ في مدينة شرم الشيخ المصرية في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل يعتبر مؤشراً على أن "قصة التلوث" قد لا تقف عائقاً هذه المرة.

لكن الناقد، الذي فضل عدم ذكر اسمه لأسباب تخصه، يرى أن أبرز المعوقات التي قد تعرقل الرغبة المصرية في استضافة أولمبياد 2036 قد لا تكون رياضية بالأساس، لكنها مرتبطة أكثر بأجواء العمل المصرية ذاتها: "المنافسة لاستضافة حدث رياضي عالمي هو الأبرز، كالألعاب الأولمبية، تتطلب علاقات قوية بين المسؤولين المحليين ونظرائهم في اللجان والاتحادات الدولية، وهذه من وجهة نظري أضعف ما لدينا".

وأوضح الناقد الرياضي بالقول إن أجواء الرياضة المصرية عموماً تغلب عليها العشوائية والمصالح الشخصية، بينما الفوز بشرف تنظيم الأولمبياد له متطلبات مختلفة تماماً "لا أراها متوفرة في أي من المسؤولين عن الرياضة في مصر بشكل عام".

تحميل المزيد