قصة منطقة بالعراق محرمة على الحكومة، وكيف تحولت لساحة حرب بين أمريكا والميليشيات التابعة لإيران؟

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2022/08/28 الساعة 17:21 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/08/28 الساعة 17:21 بتوقيت غرينتش
كتائب حزب الله العراقي/ رويترز

تتكرر المواجهات بين القوات الأمريكية وبين الميليشيات العراقية الموالية لإيران، بشكل يثير تساؤل حول مفهوم سيادة العراق ودور جيش البلاد وحكومتها في هذا الأمر.

واتهمت القوات الأمريكية المتمركزة في شرق سوريا إحدى الميليشيات العراقية الموالية لإيران، وهي مكونة في معظمها من مواطنين عراقيين، بشنِّ هجمات متصاعدة على مواقع تابعة لها في المدة الأخيرة. وقد استدعى ذلك تجدد المخاوف بشأن سيطرة العراق على حدوده والخطر الذي تستدعيه هيمنة الميليشيات المرتبطة بإيران عليها، حسبما ورد في تقرير لموقع Al-Monitor الأمريكي.

لطالما كانت تحركات الميليشيات العراقية الموالية لإيران المرتبطة بالحرس الثوري الإيراني ونقلها للرجال والعتاد عبر الحدود مصدرَ قلق للجهات المعنية، ومع ذلك لم يُبذل الكثير لإيقافها لأسباب سياسية مختلفة.

هجمات صاروخية على موقعين أمريكيين أحدهما بسوريا

أصدرت القيادة المركزية الأمريكية بياناً صحفياً في 24 أغسطس/آب، قالت فيه إن "القوات الأمريكية ردَّت اليوم على هجمات صاروخية تعرَّض لها موقعان تابعان لها في سوريا، فدمَّرت ثلاث مركبات ومعدات استخدمت لإطلاق بعض الصواريخ".

وأشار البيان إلى أن الهجمات "بدأت في نحو الساعة 7:20 مساء بتوقيت سوريا المحلي، وشهدت سقوط عدة صواريخ داخل محيط موقع دعم البعثة (كونوكو) شمال شرقي سوريا، ثم أعقبها بعد مدة وجيزة سقوط عدة صواريخ بالقرب من موقع دعم البعثة في القرية الخضراء داخل بغداد".

القرية الخضراء هي قاعدة عسكرية أقامتها القوات الأمريكية عام 2018 شرق نهر الفرات وبالقرب من حقل العمر النفطي الخاضع لسيطرة "قوات سوريا الديمقراطية" التي يقودها الأكراد. والموقع الآخر الذي تعرض للهجوم هو محيط القاعدة العسكرية التي تحمي حقل كونوكو للغاز الطبيعي في محافظة دير الزور أيضاً. وقد تعرض الموقعان لهجمات عسكرية متكررة في السنوات الماضية من الجانب الغربي لنهر الفرات والواقع تحت سيطرة قوات النظام السوري وحلفائه، لا سيما القوات الموالية للحرس الثوري الإيراني.

تتألف معظم الفصائل الشيعية المتحالفة مع نظام بشار الأسد من مقاتلين عراقيين مرتبطين بالحرس الثوري الإيراني، وإن كانت تضم أيضاً مقاتلين من أفغانستان ومناطق أخرى.

قال مصدر محلي من محافظة دير الزور لموقع Al-Monitor إن "هجمات الميليشيات العراقية الموالية لإيران على قواعد قوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد انطلقت من مناطق القورية، وعين علي، وقلعة الرحبة" القريبة من مدينة الميادين الواقعة على الجانب الغربي من نهر الفرات.

الميليشيات العراقية الموالية لإيران
ميليشيا كتائب حزب الله العراقية تتجمع قبيل تشييع جنازة قائد الميليشيا العراقية أبو مهدي المهندس الذي قتل في غارة جوية على مطار بغداد في يناير/ كانون الثاني 2020 (رويترز، أرشيفية)

وزعم المصدر أيضاً أن سكان المنطقة من العرب أبلغوا مسؤولي قوات سوريا الديمقراطية بالهجوم الوشيك قبل يومين من وقوعه، نقلاً عن أقاربهم على الضفة الأخرى من النهر، فكثيرٌ من سكان المنطقة تجمعهم روابط القرابة والنسب والانتماء إلى قبيلة واحدة على جانبي نهر الفرات.

قال مصدر في دير الزور لموقع Al-Monitor إن منشآت عسكرية في بلدة هجين الواقعة في دير الزور بسوريا أيضاً تعرضت للاستهداف في وقت مبكر من يوم 26 أغسطس/آب بأربعة صواريخ، لكن الهجمات لم تسفر عن إصابة أحد، وزعم المصدر أن الهجوم جاء من الضفة الغربية لنهر الفرات.

الميليشيات العراقية الموالية لإيران تمنع المسؤولين من دخول منطقة بمحافظة بابل

استدعت الهجمات الحديث أيضاً عن سيطرة الميليشيات المستمرة منذ مدة طويلة على محافظة بابل العراقية، والتي يذهب كثيرون إلى أنها إحدى أبرز المناطق التي تستخدم لإنتاج أسلحة غير مصرح بها، وفي أعمال أخرى لا تخضع لسيطرة الحكومة العراقية.

نشر حساب التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) على موقع تويتر تغريدة في 24 أغسطس/آب، ذُكر فيها أن "ميليشيات موالية لإيران أطلقت طائرتين بدون طيار من طراز (مهاجر 4) إيرانية الصنع من محافظة بابل بالعراق" في 15 أغسطس/آب على قاعدة تستضيف قوات التحالف جنوب دير الزور وتقع بالقرب من الحدود العراقية، لكن التغريدة حُذفت لاحقاً دون الإدلاء بتفسير.

أشار مايكل نايتس، الباحث في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، بمقالٍ نشره موقع المعهد في 25 أغسطس/آب، إلى أن "الحديث عن هذه المحافظة مهم لأنه غالباً ما يُشار به في الدوائر الأمريكية إلى قاعدة (جرف الصخر) التي تديرها كتائب حزب الله العراقية، وهي جماعة تصنفها الولايات المتحدة منظمة إرهابية. وناحية جرف الصخر هي منطقة عسكرية مغلقة تمنع كتائب حزب الله أي وصول إليها، حتى على موظفي الحكومة العراقية. 

سكان المنطقة السنة ممنوعون من العودة لديارهم

وقد تعرضت المنطقة في 13 مارس/آذار 2020 لضربات جوية أمريكية استهدفت مجموعة من مرافق التصنيع والتخزين والاختبار لصواريخ ( كروز كيه إتش) KH".

غيَّرت الحكومة العراقية اسم المنطقة رسمياً إلى "جرف النصر" بعد تطهيرها من مقاتلي داعش في أواخر عام 2014، ولم يُسمح حتى الآن بعودة سكان المنطقة ذات الأغلبية السنية إلى بيوتهم رغم مرور سنوات على انتزاعها من أيدي تنظيم الدولة بعملية عسكرية قادتها الجماعات المسلحة المرتبطة بإيران.

اندمجت ثلاثة ألوية من مقاتلي كتائب حزب الله العراقي في وحدات الحشد الشعبي التي تتقاضى رواتب من الحكومة العراقية. وتنتشر هذه الألوية في منطقة جرف الصخر، وعلى طول الحدود العراقية مع سوريا بالقرب من مدينة القائم.

ميليشيات طهران تسيطر على مناطق بالأنبار وما يجاورها من أراض سورية

قالت مصادر من المنطقة لموقع Al-Monitor سابقاً إن قاسم مصلح، قائد قوات الحشد الشعبي في هذا الجزء من محافظة الأنبار، يأتمر بأوامر كتائب حزب الله العراقية. والمنطقة الواقعة جنوب مدينة القائم هي المنطقة التي تزعم المصادر أنها تشهد أكثر تحركات المسلحين عبر الحدود.

استهدفت الهجمات في الأيام الماضية قواعد قوات سوريا الديمقراطية التي تحميها قوات التحالف في محافظة دير الزور، وقاعدة التنف الأمريكية التي تتمركز فيها قوات "مغاوير الثورة" التابعة للمعارضة السورية والمدعومة من الولايات المتحدة جنوباً.

المنطقتان متباعدتان، والقوات المدعومة من التحالف الدولي في كل منطقة منهما لا تتعاون مع الأخرى، لكن المزاعم تقول إن المنطقة الحدودية الممتدة بينهما يخضع معظمها لسيطرة الجماعات المسلحة العراقية المرتبطة بإيران، حتى وإن كانت تخضع رسمياً لسيطرة القوات الحكومية العراقية. ولا يسمح للصحفيين في الغالب بدخول هذه المنطقة.

في أثناء ذلك، لا تزال الاضطرابات مستمرة في العاصمة العراقية، ولم تجتمع البلاد بعدُ على حكومة جديدة على الرغم من مرور أكثر من 10 أشهر منذ الانتخابات، وهي عوامل تنذر بمزيد من الاضطراب والعجز عن كبح الجماعات المسلحة التي تواصل عبور الحدود إلى شرق سوريا.

تحميل المزيد