على مدار الأسابيع القليلة الماضية، أحدثت منظومة الصواريخ الأمريكية هيمارس (M142 HIMARS) ميلاً في سير المعارك، وإن كان ببطء وثبات لصالح أوكرانيا، كما تقول تقارير عسكرية أمريكية. وفيما تستعد كييف لاستقبال مزيد من صواريخ HIMARS، فإن الجيش الروسي يفقد مزيداً من مدرعاته ودباباته في المعارك الشرسة التي يخوضها شرق أوكرانيا.
منظومة هيمارس أصبحت السلاح الأساسي الذي تعتمد عليه أوكرانيا في معركتها
يقول موقع "sandboxx" المتخصص في الشؤون العسكرية الأمريكية، إن أوكرانيا أصبحت تعتمد بشكل متزايد على الكثافة النيرانية لمنظومة هيمارس الأمريكية، التي تتدفق على البلاد منذ أسابيع، ولا تحتاج لجهد ووقت كبيرين في التدريب عليها بالنسبة للجيش الأوكراني.
حيث تحتاج منظومة هيمارس إلى ثلاثة رجال فقط (سائق، ومدفعي، ورئيس قسم)، ويمكنها إطلاق حمولتها المكونة من ستة صواريخ ضد أهداف تقع على بعد 43 ميلاً، اعتماداً على الذخيرة، مما يجعل هيمارس سلاحاً مفضلاً في تجنب نيران المدفعية المضادة. وبحسب "ساند بوكس"، يمكن أن تطلق HIMARS كل ترسانتها، وأن تغير موقعها في دقائق، مما يترك للعدو القليل من الوقت للرد.
واستخدم الجيش الأوكراني منظومة هيمارس بشكل مكثف خلال الأسابيع الأخيرة، حيث تقوم القوات الأوكرانية باختيار الأهداف بشكل منهجي، ومن ثم تصيبها بدقة، مما يؤدي ببطء إلى إضعاف القدرات العسكرية الروسية وخطوط الإمداد بأقل قدر ممكن من الأضرار الجانبية، بحسب الجيش الأوكراني.
ويبدو أن الأوكرانيين أصبحت ضرباتهم أكثر دقة وذكاءً، حيث يستهدفون مستودعات الذخيرة وطرق الإمداد والأهداف العسكرية الروسية الأخرى التي غالباً ما تكون متاخمة للمباني داخل المدن الأوكرانية. ومع ذلك، ضرب الأوكرانيون المدرعات والأرتال العسكرية الروسية دون أي أضرار جانبية كبيرة داخل المدن، مما يعني تطور حربهم الاستخباراتية بمساعدة غربية.
الجيش الأوكراني: منظومة هيمارس أوقفت التقدم الروسي
تحدثت القيادة العسكرية الأوكرانية عن فعالية هيمارس مؤخراً، مشيرة إلى أن نظام إطلاق النار بعيد المدى كان حاسماً في دفاع الجيش الأوكراني. وقال الجيش الأوكراني إن نظام هيمارس ساعد في استقرار الجبهة في دونباس ومحيطها، ووقف أي تقدم روسي خلال الأسابيع الأخيرة.
ويقول الأوكرانيون إن ما تفعله هيمارس لا يركز على الوحدات الروسية في الخطوط الأمامية، بدلاً من ذلك، استخدم نظام أسلحة المدفعية بعيدة المدى لاستهداف الذخيرة والمستودعات اللوجستية للجيش الروسي، مما يعيق من تقدمهم على الأرض، ويضعهم في أزمة لوجستية.
يقول الموقع الأمريكي "ساند بوكس" إنه حتى الآن، استخدم الأوكرانيون HIMARS لتدمير أكثر من 30 مستودعاً لوجستياً روسياً منتشراً حول أوكرانيا، بما في ذلك الجيوب الموالية لروسيا في منطقتي دونيتسك ولوغانسك، وعشرات الدبابات والمدرعات، واصفين بأن هيمارس أصبحت "تمطر موتاً" على الجيش الروسي.
ونتيجة لذلك، بدأت وحدات الخطوط الأمامية الروسية تفتقر إلى الضروريات الأساسية والذخيرة، ويجب الآن أن تكون قطع المدفعية الروسية، التي من شأنها إطلاق 20 ألف قذيفة في اليوم بلا مبالاة، أكثر حرصاً في مهامها النارية.
مزيد من "هيمارس" قادمة في الطريق
وكشف منسق مجلس الأمن القومي الأمريكي للاتصالات الاستراتيجية، جون كيربي، في إيجاز صحفي يوم الثلاثاء 19 يوليو/تموز 2022، أن الجيش الأمريكي سيرسل منظومات هيمارس إضافية إلى أوكرانيا، كجزء من حزمة دعم رئاسية أخرى (السادسة عشر حتى الآن) منذ أن تولى الرئيس الأمريكي جو بايدن منصبه. وستشمل هذه الحزمة إلى جانب هيمارس، بعض الشحنات الإضافية من أنظمة إطلاق الصواريخ المتعددة وذخيرة المدفعية.
وفي اليوم التالي، قال وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن إن وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) أرسلت حتى الآن 16 منظومة هيمارس إلى أوكرانيا. وفي العادة، يحاول "البنتاغون" تقديم دفعات الأسلحة هذه على دفعات وبشكل تدريجي، وذلك للسماح للجيش الأوكراني بدمج نظام الأسلحة دون إغراقه بأعداد كبيرة من العتاد الجديد؛ وثانياً لتحديد مدى تكيف الأوكرانيين مع نظام الأسلحة الجديد واستخدامه بشكل فعال، كما يقول قادة الجيش الأمريكي.
ما مواصفات منظومة هيمارس الصاروخية بالغة الدقة؟
تعتبر منظومة هيمارس الصاروخية، منصة صاروخية متنقلة، يمكنها إطلاق عدة صواريخ دقيقة التوجيه في نفس الوقت. وتقوم كلٌّ من روسيا وأوكرانيا بالفعل بتشغيل هذه وحدات صاروخية متنقلة مشابهة، لكن نظام هيمارس لديه مدى ودقة أكبر، وأخف وزناً من راجمة الصواريخ إم-270 المثبتة على جنزير، والتي طُوِّرَت في السبعينيات للقوات الأمريكية والقوات الحليفة لها.
وتحمل الراجمة الواحدة من منظومة HIMARS ستة صواريخ موجهة من خلال نظام تحديد المواقع العالمي (GPS)، حيث تبلغ دقتها مسافات تصل إلى 70-84 كم، أي حوالي ثلاثة أضعاف مدى مدافع الهاوتزر التي قدمتها أمريكا لكييف سابقاً. وتقول التقارير إن ألمانيا وبريطانيا من المحتمل أن تزودا كييف بنسخ أقدم من HIMARS، تحديداً منظومة (M270 (MLRS، الذي يطلق نفس العائلة من الصواريخ.
ومع طاقم صغير، يمكن لنظام هيمارس إزالة جراب مستهلك وتحميل واحد جديد في دقائق، دون مساعدة من مركباتٍ أخرى. وسوف تتطلب الأطقم بعض التدريب، ولدى الجيش الأمريكي بالفعل وحدات من نظام هيمارس في أوروبا. وتمتلك بولندا ورومانيا، الحليفتان في الناتو، هذا النظام.
والصواريخ الموجهة بواسطة نظام تحديد المواقع العالمي (GPS)، التي يطلقها نظام هيمارس لها مدى يقارب ضعف مدافع الهاون إم-777، التي زوَّدت الولايات المتحدة بها القوات الأوكرانية مؤخراً.
وسوف يوضع نظام هيمارس على بُعد 80 كيلومتراً خارج نطاق المدفعية الروسية، بينما يعرِّض المدفعية الروسية للخطر. ويمكن للنظام أن يهدِّد مستودعات الإمداد الروسية، في ظل اعتقاد غربي بأن القوات الروسية تعاني من مشكلاتٍ لوجستية.