لقاء بوتين وأردوغان ورئيسي في طهران.. إليك ما تريده روسيا وتركيا وإيران من هذه القمة

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2022/07/19 الساعة 08:12 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/07/20 الساعة 04:56 بتوقيت غرينتش
الرئيسين التركي والروسي في لقاء سابق

بعد أيام قليلة من مغادرة جو بايدن، يزور فلاديمير بوتين الشرق الأوسط للمرة الأولى منذ بداية الحرب في أوكرانيا، فماذا يريد الرئيس الروسي تحقيقه من زيارة إيران ولقاء القمة مع أردوغان ورئيسي؟

التلفزيون الرسمي الإيراني قال إن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين وصل الثلاثاء 19 يوليو/تموز إلى إيران، في أول زيارة له خارج الاتحاد السوفييتي السابق منذ بداية الحرب في أوكرانيا، لعقد قمة مع نظيريه الإيراني والتركي. وتعمل الدول الثلاث معاً لخفض العنف في سوريا على الرغم من دعمها لأطراف متناحرة في الحرب، فروسيا وإيران هما أقوى داعمين لرئيس النظام السوري بشار الأسد، بينما تدعم تركيا المعارضين المناهضين له.

وتناولت صحيفة The Wall Street Journal الأمريكية زيارة الرئيس الروسي إلى طهران في تقرير لها بعنوان "بوتين يسعى لتعزيز العلاقات مع إيران وتركيا في زيارة خارجية نادرة"، وهي زيارة نادرة إلى الشرق الأوسط تهدف للإشارة إلى أنَّ الحرب المطولة والمكلفة في أوكرانيا لم تُقلِّص مكانة موسكو على الساحة الدولية.

ماذا يريد بوتين من إيران؟

ومن المقرر أن يلتقي بوتين الرئيسين التركي رجب طيب أردوغان والإيراني إبراهيم رئيسي. وتُعَد هذه ثاني زيارة لزعيم الكرملين خارج روسيا منذ بداية الحرب في أوكرانيا في فبراير/شباط الماضي. وتعكس الزيارة الأهمية التي يوليها بوتين للإبقاء على النفوذ الذي جنته روسيا من سنوات من التدخل العسكري والدبلوماسي في الشرق الأوسط.

وتأتي زيارة بوتين بعد أيام فقط من جولة الرئيس الأمريكي جو بايدن في الشرق الأوسط، حيث سعى لحشد إسرائيل والدول العربية من أجل مواجهة روسيا والصين وإيران، التي تنامى نفوذها في حين قلَّصت الولايات المتحدة حضورها في المنطقة.

وقالت هنا نوتة، مساعدة بحث أولى بمركز فيينا للحد من التسلح وحظر الانتشار النووي، لوول ستريت جورنال: "في ضوء غزو أوكرانيا والعزلة عن الغرب والعقوبات، يصبح الحفاظ على النفوذ، إن لم يكن توسيعه، أكثر أهمية بالنسبة للسياسة الخارجية الروسية".

وأضافت أنَّ روسيا "تدرك أنَّه لا مستقبل مع الغرب. لقد انتهى هذا بشكل لا رجعة فيه. وسيتعين أن يكون مستقبلها مع جنوب العالم".

وأدى شبح ظهور تكتل عربي إسرائيلي تدعمه الولايات المتحدة، من شأنه أن يحول ميزان القوى في الشرق الأوسط أبعد عن إيران، إلى تسريع جهود حكام طهران لتعزيز العلاقات الاستراتيجية مع الكرملين.

وقال مسؤول إيراني كبير، طلب عدم ذكر اسمه، لرويترز: "بالنظر إلى العلاقات الجيوسياسية المتطورة بعد حرب أوكرانيا، تحاول المؤسسة تأمين دعم موسكو في مواجهة طهران مع واشنطن وحلفائها الإقليميين".

الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي – رويترز

وفي رسالة واضحة إلى الغرب مفادها أن روسيا ستسعى إلى تعزيز العلاقات مع إيران المناهضة للغرب، سيلتقي بوتين بأقوى سلطة في الجمهورية الإسلامية، الزعيم الأعلى الإيراني آية الله علي خامنئي، بعد أيام قليلة من زيارة الرئيس الأمريكي جو بايدن لإسرائيل والمملكة العربية السعودية.

وفي هذا السياق، يسعى بوتين لتعزيز علاقة روسيا مع إيران، وهي خصم لأمريكا تُعَد، شأنها شأن روسيا، هدفاً للعقوبات التعجيزية الأمريكية وأصبحت شريكاً عسكرياً وتجارياً رئيسياً لموسكو. ووفقاً للاستخبارات الأمريكية، زار مسؤولون روس إيران في يونيو/حزيران ويوليو/تموز لمعاينة طائرات دون طيار هجومية إيرانية، وتعتقد الاستخبارات الأمريكية أنَّ إيران تستعد لتزويد روسيا بهذه الطائرات من أجل الحرب في أوكرانيا.

وستكون زيارة بوتين لطهران تحت المنظار الأمريكي، إذ أعاد الهجوم الروسي على أوكرانيا تشكيل سوق النفط العالمية كما حذرت واشنطن من خطة طهران لتزويد روسيا بما يصل إلى عدة مئات من الطائرات المسيرة. وتنفي طهران بيع طائرات مسيرة لموسكو لاستخدامها في أوكرانيا.

ماذا عن لقاء بوتين وأردوغان؟

من المقرر أن يأتي لقاء الرئيس الروسي مع أردوغان في الوقت الذي نجحت فيه تركيا في الاضطلاع بدور وساطة بالغ الأهمية في الحرب، وكانت تركيا قد أدانت الهجوم الروسي وباعت أوكرانيا طائرات مسلحة بدون طيار، لكنَّها لم تفرض عقوبات على الكرملين.

وعلى الرغم من علاقة أردوغان المتوترة أحياناً مع بوتين، فإنَّه يضطلع بدور وساطة في خطة محتملة لإنشاء ممر للحبوب العالقة في أوكرانيا، وكذلك في مباحثات السلام النهائية، بحسب وول ستريت جورنال.

قال دميتري ترينين، وهو محلل سياسة خارجية روسي موالٍ للكرملين، للصحيفة الأمريكية: "اتجاه زيارات الرئيس بالخارج يتحدث عن الوجهة التي يرى فيها الحاجة والفرصة للدبلوماسية الروسية الآن".

ومن المقرر أن يناقش القادة الثلاثة مسألة سوريا، حيث تدعم روسيا وإيران نظام الرئيس بشار الأسد. وتدعم تركيا مجموعات المعارضة.

قال فيودور لوكيانوف، رئيس أحد المجالس الاستشارية للكرملين في السياسة الخارجية والدفاعية، إنَّ بوتين سيؤكد لنظيريه التركي والإيراني في طهران أنَّ موسكو تظل لاعباً رئيسياً في سوريا على الرغم من الحملة في أوكرانيا.

وعلى الرغم من تكريس أكثر من 100 ألف جندي للحرب في أوكرانيا، نجحت روسيا في الحفاظ على بصمتها العسكرية في سوريا وليبيا، وهما بلدان استخدمت فيهما موسكو تدخلات مسلحة أقل تكلفة نسبياً لتطوير نفوذ كبير في المنطقة.

وكثَّفت روسيا في الأسابيع الأخيرة بعض عملياتها العسكرية في سوريا، فقال مسؤولون أمريكيون إنَّها شنَّت غارات جوية قرب قواعد أمريكية وتحرَّشت بالقوات الأمريكية المنتشرة في البلاد.

واستخدمت روسيا الأسبوع الماضي حق النقض (الفيتو) في مجلس الأمن الدولي التابع للأمم المتحدة لفرض تقليص في تفويض الأمم المتحدة لإيصال المساعدات الغذائية إلى ملايين السوريين، فارِضةً ضغوطاً على عمليات الإغاثة المدعومة من الغرب في مناطق سيطرة المعارضة في سوريا.

نازحون في مدينة إدلب / الأناضول

التقى بوتين مع رئيسي في موسكو في يناير/كانون الثاني الماضي، ثم مجدداً الشهر الماضي، يونيو/حزيران، في تركمانستان على هامش قمة إقليمية.

ويقول رجال أعمال ومسؤولون إيرانيون إنَّ روسيا تلوح باحتمال إيصال شحنات من الحبوب لإيران، التي عانى سكانها بقوة نتيجة تضخم أسعار الغذاء، في مقابل الحصول على مساعدة طهران في الالتفاف على العقوبات.

وقال وزير النفط الإيراني، جواد أوجي، في مايو/أيار الماضي إنَّ طهران قد وضعت اللمسات الأخيرة على اتفاق لتوفير 5 ملايين طن من القمح والحبوب عقب لقاء مع نائب رئيس الوزراء الروسي، ألكسندر نوفاك. وأكَّد نوفاك أنَّ روسيا ناقشت اتفاقات تجارية مع إيران، لكن لم يؤكد ما إن كان جرى توقيع أي اتفاق.

ويقول رجال أعمال إيرانيون إنَّ الروس يتدفقون الآن على الجمهورية الإسلامية، في كثير من الأحيان للالتفاف على العقوبات. وهناك أيضاً نقاشات بشأن ممر تصدير يمر من روسيا إلى الهند عبر إيران.

هل لا تزال روسيا تمتلك نفوذاً في الشرق الأوسط؟

قال نوفاك خلال زيارته إلى طهران في مايو/أيار الماضي إنَّ التجارة بين البلدين زادت بنسبة 80% على أساس سنوي لتصل إلى 4 مليارات دولار عام 2021. وتوقَّع أن تزداد إلى 40 مليار دولار في المستقبل القريب.

وقد تخفف زيارة بوتين أيضاً الاحتكاك الأخير مع طهران، الذي شهد تقويض تجار النفط الروس بشدة نظرائهم الإيرانيين فيما يخص المبيعات للصين والمشترين الآسيويين الآخرين.

ففي مايو/أيار الماضي أفادت وكالة رويترز بأن صادرات إيران من النفط الخام إلى الصين تراجعت بشكل حاد؛ إذ فضلت بكين النفط الروسي ذا الخصومات الكبيرة، تاركة ما يقرب من 40 مليون برميل من النفط الإيراني مخزنة على ناقلات في البحر في آسيا وتبحث عن مشترين.

وعلى الرغم من العقوبات الغربية، أبقت روسيا على علاقات دافئة نسبياً مع مجموعة من بلدان الشرق الأوسط، بما في ذلك شركاء أمنيون تقليديون للولايات المتحدة مثل مصر والإمارات والسعودية.

وقد أقام بوتين علاقات شخصية مع قادة تلك البلدان، عارِضاً شراكة خالية من الانتقادات الغربية للانتهاكات الحكومية لحقوق الإنسان.

بايدن
ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، والرئيس الأمريكي جو بايدن – رويترز

هددت روسيا منذ الهجوم على أوكرانيا أيضاً باستخدام الحبوب والمنتجات الغذائية الرئيسية الأخرى لمكافأة الحلفاء. وقال وزير الزراعة الروسي، دميتري باتروشيف، الشهر الماضي، إنَّ موسكو ستحد من صادرات الحبوب إلى "البلدان غير الودية تجاهنا".

وقد يمنح هذا روسيا نفوذاً على بلدان مثل مصر، أكبر مستورد للقمح في العالم، والتي تحصل على أكثر من 70% من إمداداتها من القمح من أوكرانيا وروسيا. وتحصل تركيا على أكثر من 80% من إمداداتها من البلدين.

وهناك الكثير من الأمور على المحك خلال لقاء بوتين مع الرئيس التركي أردوغان، إذ يُتوقَّع أن يناقش الزعيمان مقترحاً مدعوماً من الأمم المتحدة لاستئناف صادرات الحبوب الأوكرانية عبر البحر الأسود، والانخراط التركي في الحرب في أوكرانيا، والتهديدات التركية بشن توغل عسكري جديد في سوريا.

يعتمد اتفاق تصدير الحبوب الأوكرانية الآن إلى حد كبير على موافقة بوتين. وقال مسؤولون أمميون وغربيون أيضاً إنَّ التفاصيل الفنية للخطة لا تزال قيد التفاوض.

ومن المتوقع أن يستخدم أردوغان أيضاً اللقاء من أجل الدفع بعملية عسكرية تركية جديدة ضد الميليشيات الكردية شمالي سوريا، وهو الأمر الذي سيتطلَّب على الأرجح موافقة روسية بسبب وجود القوات الروسية في المنطقة.

قال لوكيانوف: "تركيا على الأرجح هي البلد الوحيد الذي تُعَد روسيا على استعداد للتطلُّع إليه بصفته وسيطاً في هذا الصراع (مع أوكرانيا). لا يوجد حالياً أسس لمباحثات سلام، لكن في مرحلة ما ستوجد".

تحميل المزيد