جاء اعتراف جون بولتون، مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق، بمشاركته في إعداد انقلاب في فنزويلا ليسلط الضوء مجدداً على دور أمريكا في الانقلابات بالعديد من دول العالم الثالث، وهو الدور الذي أدى إلى تغيير التاريخ، وعرقلة التقدم السياسي في هذه البلدان، وتسبب في كثير من الأحيان بجرائم إبادة جماعية.
وأقرّ جون بولتون، مستشار الأمن القومي الأمريكي في عهد الرئيس السابق دونالد ترامب، خلال مقابلة تلفزيونية، الثلاثاء 12 يوليو/تموز 2022، بأنّه شخصياً شارك في "التخطيط لانقلابات" خارج الولايات المتحدة، حسب ما نشرته وكالة الأنباء الفرنسية.
جاء ذلك في معرض تقليل بولتون من دور الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في أحداث الهجوم على الكونغرس في مطلع عام 2021، وفي سياق نفيه لكون الرئيس السابق كان متورطاً في انقلاب ضد الكونغرس.
وألمح بولتون ضمنياً إلى دوره كمستشار سابق لترامب في محاولة الانقلاب الفاشلة التي نظمها زعيم المعارضة الفنزويلية، خوان غوايدو، الذي كانت واشنطن تدعمه، للإطاحة بالرئيس نيكولاس مادورو، وجاء حديثه عن دور أمريكا في الانقلابات بطريقة خالية من أي إحساس بالذنب، وكأنها مسألة روتينية، ومن صميم العمل السياسي الأمريكي.
دور أمريكا في الانقلابات ارتبط في البداية بالموز، ثم تحوَّل لمحاربة الشيوعية
وبمراجعة التاريخ المعاصر، سنجد أن دور الولايات المتحدة في الانقلابات يعد فعلاً سمة رئيسية للسياسة الخارجية الأمريكية حتى اليوم، رغم تشدق سياسيي واشنطن بالديمقراطية وحقوق الإنسان.
وقبل الحرب العالمية الثانية كانت أغلب الانقلابات المدفوعة من واشنطن تتركز في أمريكا الوسطى والجنوبية، ولكن بعد الحرب العالمية الثانية، وخلال فترة الحرب الباردة (1947: 1991)، اتسعت دائرة الانقلابات الأمريكية لتشمل مناطق أخرى من العالم.
وبدأ دور أمريكا في الانقلابات بدعوى الدفاع عن مصالح الشركات الأمريكية العاملة في مجال الزراعة والتعدين بدول أمريكا اللاتينية، وكثير منها كان يعمل في مجال زراعة أو تجارة المحاصيل الزراعية مثل الموز، ولذا يمكن وصفها بانقلابات الموز أو انقلابات جمهوريات الموز، ولكن بعد الحرب العالمية الثانية تحولت الذريعة إلى محاربة الشيوعية التي أصبحت مبرراً لتنفيذ أبشع الجرائم.
اللافت أنه عند مراجعة دور أمريكا في الانقلابات، نجد أن معظمها كان موجهاً ضد حكومات منتخبة ديمقراطياً، وكثير منها لم يكن شيوعياً، كما أن بعض هذه الانقلابات أدى على المدى البعيد إلى تزايد الكراهية ضد واشنطن، وأفقدها غالباً النفوذ في المنطقة التي نظمت أو حاولت تنظيم انقلاب بها.
كوبا سلسلة من الغزوات والانقلابات، كاد أحدها أن يؤدي إلى حرب عالمية ثالثة
يعود أول تدخل لواشنطن في أمريكا اللاتينية إلى 1898، حينما احتلت بورتوريكو وكوبا، اللتين كانتا تحت الاستعمار الإسباني.
انتهى الاحتلال الأمريكي لكوبا في 1902، لكن تأثيره استمر لسنوات.
وبعد أربع سنوات، أطاحت واشنطن بأول رئيس منتخب لكوبا، توماس أسترادا بلاما، وشكلت حكومة احتلال أدارت البلد حتى 1909.
وفي 1917 أعادت احتلال كوبا، ثم بدأت في 1923 الانسحاب منها على مراحل.
وبمرور الوقت، حصلت كوبا على استقلالها، بينما لا تزال بورتوريكو مستعمرة أمريكية.
بعد تولي الزعيم اليساري فيدل كاسترو السلطة إثر ثورة شعبية، نفذت الاستخبارات الأمريكية عام 1961 عملية "غزو خليج الخنازير" وهي عملية عسكرية فاشلة تهدف لقلب نظام كاسترو مستخدمة مرتزقة ومعارضين كوبيين.
وتصدى الجيش الكوبي لهذه القوات وهزمها، ثم تقاربت البلاد إثر هذه العملية مع الاتحاد السوفييتي بشكل أكبر، بما في ذلك فتح المجال لموسكو لنشر صواريخ نووية في الجزيرة الملاصقة للولايات المتحدة، وعندما اكتشفتها واشنطن تطورت الأزمة إلى أزمة دولية بين أمريكا والاتحاد السوفييتي استمرت أسبوعين، ثم حُلت سلمياً، لكنها أصبحت إحدى الأزمات الكبرى خلال الحرب الباردة بعد أن وضعت العالم على شفا حرب نووية طاحنة، ورسمت مسار العلاقات الأمريكية-الكوبية طوال خمسة عقود.
كولومبيا: تقسيم للبلاد بسبب قناة بنما
رغبت الولايات المتحدة بالسيطرة على مشروع قناة بنما، الذي تركه الفرنسيون خاملاً، وعندما رفضت كولومبيا، بدأت واشنطن بدعم القوات الانفصالية في دولة بنما الحالية التي كانت جزءاً من الاتحاد السوفييتي.
وكانت الولايات المتحدة أول دولة تعترف ببنما، حينما انفصلت عن كولومبيا في 1903.
وفي 1914 تمكنت من إنهاء مشروع القناة.
واحتفظت واشنطن بنفوذ في بنما بفضل الحكومات التي شكلتها، لكن زاد العداء ضد الولايات المتحدة؛ بسبب القناة التي قسمت البلد إلى قسمين، ولم تحقق أية مكاسب لها.
بنما: أمريكا تطيح بعميلها السابق
توترت العلاقات بين واشنطن والعميل السابق للمخابرات المركزية الأمريكية، الجنرال مانويل نورييغا، الذي ترأس قوات الدفاع الوطني في بنما، عام 1982، وبدأ يدير البلد فعلياً، وقيل إنه بدأ يتاجر في المخدرات.
بعد إقالة الرئيس إريك أرتورا دلفال، المدعوم أمريكياً، عام 1988، شنت واشنطن حرباً مالية ودبلوماسية على بنما.
وفي 20 ديسمبر/كانون الأول 1989، احتلت بنما للإطاحة بنورييغا، في عملية شارك فيها 2500 جندي، وانتهت باستسلام نورييغا، وخلفه في السلطة غييرمو اندارا غاليماني.
نيكاراغوا: احتلال من أجل الموز ثم انقلاب ضد اليسار
احتلت واشنطن نيكاراغوا بين 1912 و1933، وكان هذا الاحتلال الدموي جزءاً من "حروب الموز"، التي خاضها الجيش الأمريكي بين 1898 و1934، بهدف اكتساب وترسيخ النفوذ وحماية المصالح الأمريكية.
كان غرض هذا الاحتلال هو منع الدول الأخرى من بناء قناة نيكاراغوا، لربط البحر الكاريبي بالمحيط الهادي.
وانخرطت واشنطن في حرب أهلية اندلعت في هذا البلد عام 1926 بين الحكومة المحافظة والقوات الليبرالية.
وإثر هزيمة قوات الحكومة، تدخلت واشنطن عسكرياً في العام التالي، وهزمت القوات الليبرالية، وأسست نظاماً حاكماً موالياً لها، ثم غادرت نيكاراغوا عام 1933.
في 1981، دعمت واشنطن قوات "الكونترا" اليمينية المتطرفة التي كانت تسعى للإطاحة بالحكومة اليسارية، في صراع أودى بحياة ما لا يقل عن 30 ألف شخص.
هايتي: التدخل باسم حماية الديمقراطية
احتل الجيش الأمريكي هايتي، عام 1915؛ للحفاظ على مصالح واشنطن الاقتصادية بها.
وخلال الاحتلال، لقي آلاف الأشخاص حتفهم، حيث دعمت واشنطن الديكتاتور جان فيلبرون غيوم، ونظام العبودية.
كما ساعدت شركات أمريكا الشمالية في مصادرة آلاف الدونمات من الأراضي (الدونم يساوي ألف متر مربع).
وفي 1934 انسحبت واشنطن من هايتي، تاركة جيشاً مخلصاً لها.
وبعد 60 عاماً، أعادت احتلالها، بزعم "الحفاظ على الديمقراطية"، بعد الإطاحة بنظام جان برتران أريستيد، عبر انقلاب.
انتهى هذا التدخل بمغادرة الجنرال راؤول سيدراس، الذي كان يقف خلف الانقلاب، لهايتي، وظل فيها جنود أمريكيون وآخرون من الأمم المتحدة.
غواتيمالا: انقلاب أدى إلى مقتل 200 ألف شخص
عبر عملية لوكالة المخابرات المركزية الأمريكية، أطاحت واشنطن، عام 1954، برئيس غواتيمالا المنتخب ديمقراطياً، خاكوبو آربنز.
ونصّبت هذه العملية الديكتاتورية العسكرية، بقيادة كارلوس كاستيو أرماس، وهو الأول في سلسلة حكام مستبدين مدعومين أمريكياً.
واستعادت واشنطن مصالحها العسكرية والاقتصادية في غواتيمالا، التي شهدت، بسبب هذا الانقلاب، حرباً أهلية دامت 36 عاماً، وأسقطت أكثر من 200 ألف قتيل.
جمهورية الدومينيكان: الإطاحة بالحكومة المنتخبة ديمقراطياً
يعتبر رافائيل ليونيداس تروخيو مولينا، ديكتاتور جمهورية الدومينيكان المدعوم أمريكياً، مسؤولاً عن مقتل بين 20 ألفا و30 ألف شخص في بلده.
استمر في الحكم من 1930 حتى اغتيل عام 1961، ثم جرى انتخاب حكومة جديدة ديمقراطياً بقيادة اليساري خوان بوش، عام 1962.
لكن تمت الإطاحة ببوش، في العام التالي، في ظل اتهامات أمريكية له بالضعف في مواجهة الشيوعية.
وفي 1965، تدخلت واشنطن خلال تمرد، لإعادة بوش للحكم، عبر جنرالات موالين لها، لكنها فشلت، فاحتلت هذا البلد بما يزيد على 40 ألف جندي.
وأُجريت في العام التالي انتخابات فاز بها موالون لواشنطن.
لكن وثائق سرية، تم الكشف عنها عام 1980، أظهرت أن تلك الانتخابات لم تكن نزيهة.
إيران: الانقلاب الذي غرس العداء لواشنطن
يمثل الانقلاب الذي أطاح، في 1953، بمحمد مصدق، رئيس وزراء إيران بدعم أمريكي، نموذجاً فجاً، لشراسة الإنقلابات الأمريكية وتداعياتها الخطيرة بعيدة المدى.
كان مصدق رئيس وزراء منتخب ديمقراطياً، ولم يكن شيوعياً، بل كان وطنياً بنزعة للعدالة الاجتماعية وكان حليفاً لرجال الدين، ويريد تأميم النفط الإيراني التي كانت تستولي الشركات الأجنبية على معظم إيراداته.
دبرت لهذا الانقلاب المخابرات البريطانية والأمريكية، وبعد إنكار دام سنوات، أقرت واشنطن بمسؤوليتها عنه.
كان هذا الانقلاب سبباً لترسيخ العداء لأمريكا في إيران، وميل القوى الثورية اللاحقة للتشدد والقسوة مع خصومها خوفاً من تكرار مثل هذا الانقلاب.
وخلال ثورة 1979 في إيران، ندد المحتجون بتدخل الغرب في شؤونهم عبر ذلك الانقلاب، ويعتقد أن أحد أسباب اقتحام الطلاب الإيرانيين للسفارة الأمريكية بطهران بعد الثورة هو توجسهم من تكرار أمريكا له، كما كان الخوف من الانقلاب مبرراً لصعود التيار الأكثر تشدداً في الثورة الإيرانية، الذي كان قاسياً في إقصاء الخصوم بما فيهم حلفاء سابقين في الثورة، مما أنتج النموذج الإيراني الحالي الذي يقوم على انتخابات داخل النظام مع توجس كبير من المعارضة.
حملة التطهير ضد الشيوعيين في إندونيسيا أدت إلى مقتل مليون شخص
تكشف مجموعة من البرقيات الدبلوماسية التي رفعت عنها السرية حديثاً عن درجة مدهشة من التورط الأمريكي في حملة تطهير وحشية مناهضة للشيوعية في إندونيسيا قبل نصف قرن، حسبما ورد في تقرير لمجلة the Atlantic الأمريكية.
كانت بعض العناصر داخل الحكومة الأمريكية تحاول تقويض أو الإطاحة بسوكارنو، زعيم استقلال إندونيسيا المناهض للاستعمار وأول رئيس للبلاد وأحد مؤسسي حركة عدم الانحياز والذي خلق نظاماً فيه توازن بين اليسار والإسلام السياسي والقوميين الإندونيسيين، ولكن هذا النظام لم يرض أمريكا، التي رأته أقرب مما ينبغي للاتحاد السوفييتي رغم حرصه على تبني سياسة عدم الانحياز.
في الستينيات تم القبض على عميل للأمريكيين أثناء قيامه بعمليات قصف أسفرت عن مقتل جنود ومدنيين إندونيسيين. وبحسب ما ورد ذهب العملاء الأمريكيون إلى حد إنتاج فيلم إباحي من بطولة رجل يرتدي قناع سوكارنو، وكانوا يأملون في توظيفه لتشويه سمعته.
في عام 1964، عزز سوكارنو تحالفاته مع الدول الشيوعية واستخدم خطاباً مناهضاً لواشنطن، رداً على الممارسات الأمريكية.
ولكن أمريكا كانت تنسج علاقات قوية مع الجيش الإندونيسي خلسة.
في أكتوبر/تشرين الأول 1965، اتهم سوهارتو، القائد العسكري الإندونيسي القوي، الحزب الشيوعي الإندونيسي (PKI) بتنظيم محاولة انقلاب، بعد اختطاف وقتل ستة من كبار ضباط الجيش.
خلال الأشهر التي تلت ذلك، أشرف سوهارتو على الإبادة المنهجية لما يصل إلى مليون إندونيسي بسبب انتمائهم للحزب الشيوعي، أو لمجرد اتهامهم بإيواء المتعاطفين مع اليسار. ثم تولى السلطة وأطاح برئيس البلاد سوكارنو، وظل يحكم بدعم من الولايات المتحدة حتى عام 1998، عندما أطيح به في ثورة شعبية نشبت إثر إفلاس البلاد.
أظهرت وثائق، رفع عنها السرية خلال السنوات الماضية، فظاعة عمليات القتل الجماعي في إندونيسيا عام 1965، كما أكدت أيضاً أن السلطات الأمريكية دعمت عملية التطهير، التي قام بها سوهارتو، حتى أن مسؤولي السفارة الأمريكية تلقوا تحديثات بشأن عمليات الإعدام وعرضوا المساعدة في قمع التغطية الإعلامية.
ربما الأمر الأكثر إثارة للدهشة: كما تظهر الوثائق الأمريكية، أن المسؤولين الأمريكيين يعرفون أن معظم ضحايا هذه المذبحة أبرياء تماماً.
واعتبرت مؤسسة السياسة الخارجية الأمريكية المذبحة وما تبعها من الإطاحة بسوكارنو انتصاراً عظيماً تمكنوا فيه من جذب إندونيسيا لصف أمريكا بسرعة كبيرة، وإندونيسيا هي أكبر دولة إسلامية، ورابع أكبر دولة في العالم من حيث عدد السكان، وكان حزبها الشيوعي ثالث أكبر حزب في العالم، بعد الحزبين الشيوعيين في الصين والاتحاد السوفييتي.
في عام 1965، عندما ألقى الجنرال سوهارتو باللوم مؤامرة انقلاب الحزب الشيوعي لتبرير عملية التطهير العسكري، زودته وكالة المخابرات المركزية بمعدات اتصالات لمساعدته في نشر تقاريره الكاذبة قبل الانتقال إلى السلطة والإشراف على المذبحة على نطاق واسع.
ليس مفاجئاً أن تتسامح واشنطن مع مقتل هذا العدد الكبير من المدنيين لتحقيق أهداف الحرب الباردة. في فيتنام، فلقد قتل الجيش الأمريكي ما يصل إلى مليوني مدني.
لكن حالة إندونيسيا كانت مختلفة، حيث كان الحزب الشيوعي حزباً قانونياً غير مسلح، ويعمل علانية في النظام السياسي في إندونيسيا. واكتسب نفوذه من خلال الانتخابات والدعاية في المجتمع، لكنها عومل مع ذلك كتمرد.
فأحداث إندونيسيا، تبدو مختلفة عن كثير من الانقلابات، فالإبادة الجماعية التي نفذت ضد الشيوعيين، حيث كانت وسيلة للإطاحة بالرئيس سوكارنو لأنه كان مستقلاً عن الغرب، وإيصال سوهارتو الموالي للأمريكيين للسلطة.
يتفق المؤرخون على نطاق واسع على أن المناهضين للشيوعية في الجيش لم يكن بإمكانهم الاستيلاء على السلطة دون سحق الحزب الشيوعي بطريقة ما.
ربما تكون الأساليب التي استخدمها سوهارتو قد ألهمت انقلابات يمينية أخرى مدعومة من واشنطن حول العالم. فوفقًا لعدة روايات عن سانتياغو عاصمة تشيلي، فإنه في الأيام التي سبقت الانقلاب المدعوم من الولايات المتحدة والذي أطاح بسلفادور أليندي ، ظهرت رسومات غامضة على الجدران في جميع أنحاء المدينة. في إشارة إلى عاصمة إندونيسيا، قرأوا، "جاكرتا قادمة".
تشيلي: أمريكا تعترف بدورها في انقلاب بينوشيه الدموي
في 1973، انقلب الجيش والشرطة في تشيلي على الرئيس اليساري المنتخب، سلفادور أليندي، وخلفه الجنرال أوغستو بينوشيه.
تحت حكم بينوشيه، الذي دام 27 عاماً، اختفى ثلاثة آلاف سياسي في ظروف غامضة، واعتُقل أكثر من ثلاثين ألفاً آخرين تعرَّضوا للتعذيب في السجون.
وكشفت المخابرات الأمريكية، عام 2000، عن وثائق تظهر أنها هي التي هيأت، بالتعاون مع جيش تشيلي، انقلاب بينوشيه.
تركيا: أمريكا تنتظر نتيجة الانقلاب لتحديد موقفها
بعد ساعات من المحاولة الانقلابية التي جرت في 15 يوليو/تموز 2016 في تركيا، وفور تأكده من فشلها، اتصل وزير الخارجية الأمريكي آنذاك، جون كيري، هاتفياً بنظيره التركي، مولود تشاووش أوغلو، وأبلغه دعم واشنطن الكامل للمؤسسات الديمقراطية وللحكومة المدنية المنتخبة ديمقراطياً في تركيا.
فلم تعلن واشنطن موقفاً من المحاولة الانقلابية إلا عندما تأكدت من فشل محاولة "فتح الله غولن"، المقيم في الولايات المتحدة، حسبما ورد في تقرير لوكالة الأناضول.
وعقب انقلاب 12 سبتمبر/أيلول 1980 في تركيا، أبلغ مدير المخابرات المركزية الأمريكية حينها، بول هينز، الرئيس الأمريكي آنذاك، جيمي كارتر، بالانقلاب، قائلاً: "لقد نجح رجالنا"، في إشارة للانقلاب.
واتسم انقلاب 1980 بالقسوة والدموية المفرطة، فقد حكم بالإعدام على 517 شخصاً نفذ منها 50، ومات تحت التعذيب 171 شخصاً، واعتقل 650 ألف مواطن، وتم وضع مليون و683 ألف مواطن تحت المراقبة.
"هل نطعمهم بدلاً من أن نعدمهم؟"، هذه الجملة لا تزال محفورةً في الأذهان، إذا نطق بها رئيس الأركان آنذاك الجنرال الانقلابي كنعان أفرن، عند إعدام المراهق"أردال أرن" البالغ من العمر آنذاك 17 عاماً، بتهمة قتل جندى في الشرطة العسكرية قبل وقوع الانقلاب.
وعلى الرغم من إلغاء حكم الإعدام الصادر بحقه مرتين من قبل محكمة النقض، فقد أُعدم "أرن" في السجن في 13 ديسمبر/ كانون الأول 1980 بعد التلاعب في عمره الحقيقي، بموجب قرار وافق عليه مجلس الأمن القومي الذي يسيطر عليه الانقلابيون.
إعدام الرجل الذي أطلق مشروع القنبلة النووية الباكستانية
كانت عملية اللعب النظيف هي الاسم الرمزي للانقلاب الذي نُفذ في منتصف ليل 4 يوليو/تموز 1977 من قِبَل الجيش الباكستاني بقيادة قائد الجيش الجنرال ضياء الحق ضد حكومة رئيس الوزراء الباكستاني آنذاك، ذو الفقار علي بوتو، الذي كان يتمتع بشعبية كبيرة وسيطرة على البرلمان.
بسبب الأزمة السياسية مع المعارضة، في منتصف ليل 4 يوليو/تموز 1977، أمر قائد الجيش الجنرال ضياء الحق باعتقال بوتو ووزرائه وغيرهم من قادة كل من حزب الشعب الباكستاني والتحالف الوطني الباكستاني.
كان الهدف من الاسم الرمزي للانقلاب اللعب النظيف (Fair Play) هو تصوير الانقلاب على أنه تدخل حميد يهدف لحكم محايد لدعم احترام القواعد وضمان انتخابات حرة ونزيهة بعد فشل حزب الشعب الباكستاني برئاسة بوتو في الاتفاق مع المعارضة على حل الأزمة السياسية في البلاد.
في عام 1977، أدانت المحكمة العليا أن بوتو بتهمة القتل العمد، وحكمت عليه بالإعدام. على الرغم من طلبات الرأفة التي أرسلتها العديد من الدول، ولكن تم شنق بوتو عام 1979.
اتهم الكثيرون الولايات المتحدة بأنه تم فرض الأحكام العرفية بإرادة وموافقة "ضمنية" منها.
في عام 1998، قالت رئيس بينظير بوتو ابنة ذو الفقار علي بوتو (التي تولت رئاسة الحكومة أيضاً)، إن والدها "أُرسل إلى المشنقة من قبل قوة عظمى ليكون أمثولة لسعيه إلى حيازة باكستان للقدرة النووية".
فنزويلا: انقلاب فاشل ينتهي بحصار
أضرت التدخلات الأمريكية كثيراً بفنزويلا، وهو ما يتضح من موقف واشنطن من الخلاف بين الرئيس الحالي نيكولاس مادورو والمعارضة، حيث لم تعد تعترف واشنطن بنظام مادورو، إضافة إلى فرضها حصاراً على تصدير النفط الفنزويلي بعد فشل تمرد المعارضة المدعوم من الولايات المتحدة، الذي تحدث عنه بولتون.
وسبق أن لوح ترامب، في فبراير/شباط 2019، بأن إرسال قوات أمريكية إلى فنزويلا "يبقى خياراً مطروحاً".
ويذهب محللون سياسيون إلى أن واشنطن لعبت دوراً في محاولات انقلابية فاشلة شهدتها فنزويلا، خلال حكم رئيسها الراحل، هوغو تشافيز (1999: 2013).
من بين هذه المحاولات ما تم في 11 أبريل/ نيسان 2002، حين ألقى عسكريون القبض على تشافيز، واقتادوه إلى قاعدة عسكرية، لكنه عاد إلى قصر الرئاسة بعد 47 ساعة فقط.
وحالياً، تدعم واشنطن بشكل مباشر محاولات إبعاد الرئيس مادورو عن الحكم، عبر دعمها للمعارضة.