اعترف الشخص الذي أطلق النار على رئيس الوزراء الياباني السابق، شينزو آبي، الذي لقي حتفه الأسبوع الماضي، بأن أحد الأسباب التي تقف وراء قيامه بهذه العملية هو علاقة آبي بحركة دينية مسيحية يطلق عليها "المونيون" أو "المونيز".
وسلَّطت عملية الاغتيال الضوءَ على الكنيسة التوحيدية وعلاقاتها بالسياسيين الدوليين بمن فيهم الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب الذي يدعم هذه الحركة، بحسب تقرير لصحيفة The Guardian البريطانية.
واعترف تيتسويا ياماغامي بقتل رئيس الوزراء الياباني السابق، خلال إلقائه خطاباً بالحملة الانتخابية الجمعة الماضي، 8 يوليو/تموز. وحمَّل الحركة الدينية العالمية -التي كثيراً ما تتم الإشارة إلى أفرادها باسم "المونيون" أو "المونيز"- مسؤوليةَ إفلاس عائلته، وكان يعتقد أنَّ آبي يؤيد أنشطتها في اليابان.
أكَّد الفرع الياباني للكنيسة أنَّ والدة ياماغامي عضوة به، لكنَّه رفض التعليق على ادعاءات المشتبه بأنَّها قدَّمت "تبرعاً ضخماً" قبل أكثر من 20 عاماً جعل الأسرة تعاني مالياً.
وصرَّح رئيس الفرع، توميهيرو تاناكا، في مؤتمر صحفي، بأنَّ والدة ياماغامي أصبحت عضوة بالكنيسة في أواخر التسعينيات، مضيفاً أنَّ الأسرة عانت من الانهيار المالي في حوالي عام 2002.
ما قصة هذه المنظمة؟
اسم المنظمة الرسمي هو "اتحاد الأسرة من أجل السلام العالمي والتوحيد"، ولو أنَّها تشتهر أكثر باسم "كنيسة التوحيد". تأسست الكنيسة في كوريا الجنوبية عام 1954 على يد سون ميونغ مون، الذي ستقوده معاداته الشديدة للشيوعية إلى إقامة علاقات مع الساسة المحافظين حول العالم، بما في ذلك اليابان.
وقال مون، الذي توفي عام 2012، إنَّه رأى رؤية وهو بعمر 15 عاماً أخبره المسيح فيها بأن يكمل مهمته التي لم ينجزها لإعادة البشرية إلى حالة نقاء "بلا خطيئة".
كان أتباع الكنيسة الأوائل مُجنِّدين فاعلين، وازدادت عضوية الكنيسة من مجموعة أولية تبلع 100 مُبشِّر إلى نحو 10 آلاف خلال سنوات قليلة.
أصبحت الكنيسة، التي كثيراً ما تُوصَف بأنَّها طائفة دينية غريبة يُحرِّكها الكسب المالي، مشهورة بإجرائها حفلات الزفاف الجماعية في الاستادات الرياضية الكبرى -بما في ذلك آلاف الأزواج الذين كانوا يلتقون للمرة الأولى- وادَّعت ذات مرة أنَّ لديها 3 ملايين تابع حول العالم.
لكن وفقاً لبعض الخبراء، تراجعت عضوية الكنيسة، التي تتألَّف تعاليمها من تفسيرات جديدة للكتاب المقدس (الإنجيل)، بقوة لتصل إلى بضع مئات الآلاف بعدما بلغت أوجها في الثمانينيات.
ولا ينفصل ارتباطها باليابان عن عدم الاستقرار في سنوات ما بعد الحرب، حين سعى الساسة المحافظون لبناء تحالفات اعتقدوا أنَّها ستمنع البلاد من تبنّي الشيوعية.
ومن هؤلاء جد آبي، نوبوسوكه كيشي، الذي أفادت تقارير بأنَّه أنشأ منظمة ذات علاقات مع الكنيسة. وتفيد التقارير بأنَّ قرار كيشي بالتودد إلى مون وأتباعه في اليابان كان هو ما دفع ياماغامي لاستهداف حفيده.
محاولة فاشلة
وبحسب التحقيقات، فإن ياماغامي قال للمحققين إنَّه أطلق طلقة من سلاح يدوي الصنع في منشأة تابعة للكنيسة التوحيدية قرب منزله في اليوم السابق قبل استهدافه لآبي. ونقلت صحيفة Asahi Shimbun اليابانية عن السكان قولهم إنَّهم سمعوا دوياً قوياً في الساعات الأولى من يوم 7 يوليو/تموز.
تأسس الفرع الياباني عام 1959 -العام قبل الأخير من ولاية كيشي التي امتدت 3 سنوات في رئاسة الوزراء- إذ بعثت الكنيسة مبشرين إلى اليابان والولايات المتحدة لإقامة علاقات مع الساسة وقادة الأعمال النافذين.
وفي سبتمبر/أيلول الماضي، ألقى آبي خطاب تهنئة عبر الفيديو في فعالية نظَّمتها جهة تابعة للكنيسة، هي اتحاد السلام العالمي. ويُعَد الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب من بين الساسة المحافظين الآخرين الذين ربطوا أنفسهم علناً بالكنيسة.
تعرَّض آبي لانتقادات لتحدُّثه في الفعاليات التي تنظمها جهات تابعة للكنيسة؛ إذ تقدَّم العام الماضي محامون يمثِّلون أشخاصاً يقولون إنَّهم خسروا أموالهم بسبب الكنيسة، بخطاب احتجاج بعدما ألقى آبي بخطابه عبر الفيديو. واحتجوا أيضاً حين بعث آبي ببرقية لحفل زفاف جماعي عام 2006.
تمتَّع مون، الذي انتقل إلى الولايات المتحدة في مطلع السبعينيات، بعلاقات قديمة مع اليابان؛ إذ درس الهندسة في إحدى المدارس العليا بطوكيو. وقد اتُّهِمَ بالتهرُّب الضريبي في الولايات المتحدة عام 1981 وقضى 11 شهراً في السجن.
نقل مون في عام 2008 قيادة الكنيسة إلى نجله الأصغر، هيونغ جين مون، الذي شكَّل لاحقاً منظمة منشقة، هي "كنيسة الملاذ"، بعد خلاف مع والدته، هاك جا هان. وهي تقود الآن الكنيسة التوحيدية.
لم تكشف الشرطة علناً عن هوية المجموعة التي يلومها ياماغامي على مشكلات عائلته المالية، وامتنعت معظم وسائل الإعلام اليابانية عن تسميتها حتى المؤتمر الصحفي يوم أمس، الإثنين 11 يوليو/تموز.