رغم أنه تولى الرئاسة في ظروف اقتصادية وسياسية بالغة التعقيد، فإن الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون تمكَّن في أقل من ثلاثة أعوام من إعادة التوازن والاستقرار للبلاد، بل وتعزيز مواقفها والدفاع عن مصالحها على الصعيد الدولي، حتى في وجه قوى غربية مهيمنة.
وأبرز ما حققه الرئيس تبون، بعد فوزه برئاسيات 2019، استكمال تجديد مؤسسات الدولة السيادية، عبر الانتخابات، مما جنَّب البلاد السيناريو الليبي أو السوري أو المصري.
واقتصادياً، أوقف انهيار احتياطيات الصرف بالعملة الصعبة، وحقق في 2021 فائضاً في الميزان التجاري لأول مرة منذ 2014.
وخارجياً رفض تبون الانسياق وراء موجة التطبيع، وعزز دعم القضية الفلسطينية، وعمل على تقليص النفوذ الفرنسي في الجزائر.
وفرض الرئيس تبون عقوبات على فرنسا وباريس، عندما لم يحسبا ردة فعل الجزائر بخصوص تصريحات ومواقف تخص تاريخ البلاد وقضية الصحراء الغربية، ما دفع مدريد لتحذير الأوروبيين من أن هذه المرة الأولى التي تفرض فيها عقوبات على دولة أوروبية.
ولعب دور الجزائر كأحد أكبر الموردين للغاز الطبيعي إلى أوروبا، في إبراز أهميتها الاستراتيجية في ضمان الأمن الطاقوي للقارة العجوز، خاصة بعد فرض عقوبات على الغاز الروسي.
وكرّس الغاز الطبيعي إلى جانب النفط الجزائرَ كلاعب إقليمي ليس فقط في إفريقيا والعالم العربي، بل في حوض البحر الأبيض المتوسط.
في مواجهة الدولة العميقة
رغم أن تبون كان رئيساً للحكومة، وتولى عدة مناصب في الدولة على غرار وزير السكن، فإنه في آخر عهد نظام عبد العزيز بوتفليقة (1999-2019)، أصبح من الشخصيات المغضوب عليهم، عندما أقيل من رئاسة الحكومة بعد سعيه لتقليص نفوذ بعض رجال الأعمال المقربين من شقيق الرئيس سعيد بوتفليقة.
وحتى بعد ترشحه لرئاسات 12 ديسمبر/كانون الأول 2019، كان تبون في مواجهة الدولة العميقة، التي عملت على تشويهه والتهجم عليه إعلامياً وقضائياً، وتوجيه أحزاب السلطة لدعم غريمه عز الدين ميهوبي.
كما تعرض تبون لانتقادات لاذعة من أبرز وجوه الحراك الشعبي، باعتباره أحد أوجه النظام السابق.
وفي ظل هذه الأجواء العاصفة، تمكَّن تبون من الفوز بالرئاسة بنسبة 58 بالمئة، وهي أدنى نسبة حصل عليها رئيس جزائري منذ الاستقلال، ومع ذلك فهي تعكس شراسة المنافسة، وأنها الأكثر نزاهة، رغم أن نسبة المشاركة لم تتجاوز 40 بالمئة.
وبعد أن تولى تبون الرئاسة، تم توقيف مدير المخابرات الداخلية الأسبق واسيني بوعزة، ثم سجنه، بعد أن وجهت له تهمة "التزوير وإهانة هيئة نظامية" وحكم عليه بـ8 سنوات سجن لاحقاً، وكانت عدة أوساط تتهمه بمحاولة تزوير الانتخابات لصالح مرشح آخر.
كما أوقف تبون رئيسَ الحكومة ووزير الداخلية، وأبقى على جميع الوزراء الآخرين، في إشارة إلى عدم رضاه على حيادهما خلال إشرافهما على تنظيم الانتخابات.
ووصول تبون إلى الرئاسة، لم يوقف نشاط الدولة العميقة الذي اشتكى نفسه من ممارساتها ومحاولة عرقلة تنفيذ قراراته وتجسيدها على الميدان.
كما أن الحراك الشعبي لم يوقف مظاهرات واحتجاجاته، رغم انقسامه وتراجع أعداد حشوده بمرور الوقت منذ إجبار بوتفليقة على تقديم استقالته.
إعادة تأسيس الجمهورية الثانية
بمجرد انتخابه شرع الرئيس تبون في إعادة تجديد شرعية المؤسسات الدستورية التي فقدت مصداقيتها بعد الحراك الشعبي، الذي انتفض ضد الفساد الذي استشرى في عهد بوتفليقة.
وأول خطوة قام بها تنظيم استفتاء على تعديل الدستور في الأول من نوفمبر/تشرين الثاني 2020، والذي حاز تأييد ثلثي المصوتين (66.88 بالمئة)، رغم أن نسبة المشاركة لم تتجاوز 23 بالمئة فقط.
الخطوة التالية تمثلت في التوجه نحو الانتخابات البرلمانية، التي جرت في 12 يونيو/حزيران 2021، وكانت هناك رغبة لدى الرئيس تبون والحكومة في تغيير الوجوه القديمة وإشراك أكبر للشباب في اتخاذ القرار بالبرلمان.
وأدى الدعم المادي والمعنوي الحكومي إلى صعود القوائم الحرة، لكن "أحزاب السلطة" وإن تراجعت بشكل كبير من حيث النتائج إلا أنها بقيت متصدرة للمشهد السياسي، بفضل المقاطعة الواسعة للانتخابات، التي بلغت 69.8 بالمئة.
وفي المحطة ما قبل الأخيرة، أجريت الانتخابات البلدية والولائية (المحلية) في 27 نوفمبر 2021، وكانت نسبة المشاركة أعلى لكنها تراوحت ما بين 36.58 بالمئة في الانتخابات البلدية و34.76 بالمئة.
وآخر محطة تمثلت في انتخابات التجديد النصفي لمجلس الأمة (الغرفة الثانية للبرلمان)، الذي هيمنت عليه أحزاب السلطة مع استمرار صعود المستقلين المحسوبين في معظمهم على السلطة أيضاً.
واستكمال تجديد جميع مؤسسات الدولة عبر انتخابات مسبقة جنَّب الدولة الجزائرية الدخول في متاهة المراحل الانتقالية، مثلما هو الحال في العديد من البلدان العربية مثل ليبيا والسودان واليمن.
كما أن وصول وباء كورونا إلى الجزائر في 2020 تسبَّب في منع التجمعات؛ مما أدى إلى توقف احتجاجات الحراك الشعبي، وإن تواصلت بشكل باهت عبر شبكات التواصل الاجتماعي.
وقف انهيار احتياطي الصرف
أحد أبرز إنجازات الرئيس تبون وحكومته، وقف انهيار احتياطيات الصرف التي تراجعت من 193 مليار دولار في 2013 إلى نحو 42 مليار دولار في الربع الأول من عام 2021.
ومع نهاية سبتمبر/أيلول 2021، عاد مؤشر احتياطي الصرف للارتفاع لأول مرة منذ نحو 8 سنوات، حيث بلغ 44.7 مليار دولار، بحسب البنك المركزي.
وليس ذلك فقط، إذ إن الميزان التجاري عاد ليسجل فائضاً لأول مرة منذ 2014، حيث بلغ 1.5 مليار دولار في 2021، بحسب تبون، مقابل عجز بـ10.6 مليار دولار في 2020.
ويعتبر فائض الميزان التجاري مؤشراً على تحسن الاقتصاد، والذي جاء ليس فقط بسبب ارتفاع أسعار النفط، بل أيضاً لتخفيض فاتورة الواردات من أكثر من 60 مليار دولار إلى 32 مليار دولار في 2021، بحسب الرئيس الجزائري، ما وفرّ للبلاد 28 مليار دولار.
والمؤشر الآخر الذي لا يقل أهمية عما سبق، يتمثل في ارتفاع الصادرات خارج المحروقات، والتي بلغت نحو 4.92 مليار دولار نهاية ديسمبر2021، وفق رئيس الجمعية الوطنية للمصدرين الجزائريين، علي باي ناصري.
ويعتبر هذا الرقم تاريخياً وغير مسبوق، منذ استقلال الجزائر في 1962، حيث بلغ في 2020 نحو 2.3 مليار دولار، بحسب ناصري.
وسبق لتبون أن وعد بأن يحقق حجم صادرات خارج المحروقات بـ5 مليارات دولار، ورفع الرهان خلال الأعوام المقبلة إلى 7 مليارات دولار.
وأهمية هذا الرقم على تواضعه تتمثل في أن ما بين 92 و98 بالمئة من صادرات البلاد كانت عبارة عن بترول وغاز، ما يجعل اقتصادها رهينة لتقلبات أسعار برميل النفط، لذلك يسعى تبون لتحرير البلاد من عبودية النفط، وزيادة نسبة الصادرات خارج المحروقات.
ومع ارتفاع أسعار النفط إلى مستويات عالية، تتوقع مجموعة سوناطراك للمحروقات (عملاق النفط الجزائري) أن تبلغ مداخيلها نهاية 2022 نحو 50 مليار دولار.
وهذا الرقم من شأنه أن يعيد للبلاد البحبوحة المالية التي عاشتها ما بين 2010 و2013، ويرفع من حجم الفائض التجاري، ومن احتياطيات الصرف من النقد الأجنبي إلى مستويات ما قبل الأزمة الاقتصادية (2015-2020).
مقاوم للتطبيع
منذ مرض الرئيس الراحل بوتفليقة، في 2013، واجهت الدبلوماسية الجزائرية صعوبة في التحرك والمبادرة، وبوصول الرئيس تبون إلى الحكم نهاية 2019، أعاد تنشيط دور الخارجية في مختلف الملفات والقضايا الدولية.
وبرز هذا التغير عندما حاولت ألمانيا استبعاد الجزائر من قمة برلين1، حول ليبيا، التي عقدت في يناير/كانون الثاني 2020، وردّ عليها تبون، في خطاب تنصيبه، قائلاً إن بلاده "ترفض أن يتم إقصاؤها من أي مسار للحل في ليبيا".
ولم يكتفِ تبون بهذا التصريح، بل حرك الجيش نحو الحدود الليبية للقيام بمناورات عسكرية، وإرسال قافلة مساعدات إلى ليبيا، وكان نتيجة هذا التحرك أن وجهت المستشارة الألمانية أنجيلا ميركل دعوة له لحضور مؤتمر برلين الأول.
ورفض تبون الانسياق وراء موجة التطبيع مع إسرائيل، التي جرت عدة دول عربية إليها، بل سعى إلى دعم الفلسطينيين والمبادرة إلى المصالحة بين مختلف فصائلهم، آخرها جمعه لكل من الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس حركة حماس إسماعيل هنية، بالجزائر، والمصافحة ذات الدلالة الرمزية بينهما، في يوليو/تموز 2022.
كما منح الرئيس تبون لفلسطين 100 مليون دولار، خلال زيارة عباس للجزائر في ديسمبر 2021.
وعلى غرار فلسطين، لم يتخلَّ تبون عن القضية الصحراوية، رغم تغير الموقف الإسباني (المحتل السابق للصحراء الغربية)، عن حياده وانحيازه للرؤية المغربية للحل والمتمثلة في الحكم الذاتي بدل الاستفتاء على تقرير المصير، الذي تطالب به جبهة البوليساريو وترعاه المينورسو (البعثة الأممية للاستفتاء في الصحراء الغربية).
وإصرار الحكومة الإسبانية على موقفها دفع الجزائر إلى فرض عقوبات على مدريد، على غرار تعليق معاهدة الصداقة بين البلدين.
كما وجهت الجمعية المهنية للبنوك والمؤسسات المالية في الجزائر تعليماتها لكل مديري البنوك تمنع بموجبها أي عملية توطين بنكي لإجراء عمليات الاستيراد والتصدير من وإلى إسبانيا.
لكن صادرات الغاز الجزائرية نحو إسبانيا عبر أنبوب ميدغاز لم تتوقف، وفضلت الجزائر احترام عقودها، مقابل التفاوض على رفع الأسعار بما يتماشى مع الأسعار الحالية للغاز.
الأمر الذي دفع إسبانيا إلى الشكوى للاتحاد الأوروبي رافضة فكرة أن تفرض دولة عربية عقوبات على دولة أوروبية، بعدما اعتاد الغرب على رفع عصا العقوبات على الدول التي تخالف مصالحه.
وهذا الموقف يعكس مدى قوة الدبلوماسية الجزائرية في عهد تبون، وتعاملها "الند للند" مع الدول الأوروبية، بل وتملك الجرأة لفرض عقوبات على الدول التي تهدد مصالحها وأمنها القومي.
طرد النفوذ الفرنسي
أحد المطالب الرئيسية للحراك الشعبي كان التخلص من أي نفوذ فرنسي في الجزائر، والرئيس تبون تبنى هذه السياسة، من خلال تقليص واردات القمح من فرنسا، وإنهاء عقود شركات فرنسية لتسيير مؤسسات جزائرية في قطاعات استراتيجية مثل المياه والمترو.
هذا الموقف دفع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون للتهجم على الجزائر والتشكيك في تاريخها، وتقليص منح التأشيرات لمسؤوليها ومواطنيها.
وردت الجزائر بعقوبات أشد على غرار استدعاء السفير الفرنسي لدى باريس، ومنع الطيران العسكري الفرنسي من عبور الأجواء الجزائرية نحو دول الساحل، أو التزود بالوقود في الجنوب الجزائري، كما لوحت الجزائر بورقة جاليتها الكبيرة في فرنسا وقدرتها على التأثير في الانتخابات الرئاسية.
وأجبر ذلك الرئيس الفرنسي على التهدئة من خلال التعبير عن "أسفه"، ومحاولة وزير خارجيته السابق جون إيف لودريان تهدئة الأجواء من خلال زيارته للجزائر.
وعلى الأغلب وقعت تفاهمات بين تبون وماكرون، أدت إلى إلغاء الجزائر قرار حظر الطيران العسكري الفرنسي في الأجواء الجزائرية، وتوجيه الرئيس الجزائري دعوة لماكرون لزيارة الجزائر بعد فوزه بولاية رئاسية ثانية.
لكن تحسن العلاقات الجزائرية- الفرنسية لم يمنع من اتخاذ قرارات إضافية لتقليص النفوذ الفرنسي في الجزائر على غرار اعتماد تعليم اللغة الإنجليزية في الابتدائي.
فخلال عامين ونصف تمكن الرئيس تبون من استعادة الاستقرار السياسي للبلاد والتوازن الاقتصادي، دون اللجوء إلى الاستدانة الخارجية، كما عمل على الحفاظ على الطبقات الاجتماعية الهشة من خلال إقرار منحة البطالة.
وعلى الصعيد العسكري، شكَّل الاستعراض العسكري الأول من نوعه منذ 1989 رسالة تأكيد على الاستقرار الأمني الذي تشهده البلاد، وانتهاء مرحلة الحرب على الإرهاب، بعدما كانت مختلف وحدات الجيش متفرغة.
ونجاح الجزائر في تنظيم دورة الألعاب المتوسطية بمنشآت جديدة وحديثة وباستقبال حار للوفود الرياضية رسالة أخرى بقدرتها على استضافة مناسبات رياضية أكبر، على غرار كأس إفريقيا للمحليين التي ستحتضنها في 2023.
كما أن عدة ملاعب جديدة وبمعايير دولية قاربت الأشغال بها على الانتهاء مثل ملعبي الدويرة وبراقي بالعاصمة، وملعب تيزي وزو (شمال)، ناهيك عن ملعب وهران الذي احتضن الألعاب المتوسطية.
فخلال عامين ونصف من عهد الرئيس تبون تم تحقيق عدة إنجازات على مختلف الأصعدة السياسية والدبلوماسية والاقتصادية والأمنية، رغم استلامه الحكم في ظل استمرار ضغوط الحراك الشعبي والأزمة الاقتصادية وانتشار وباء كورونا.
ومع ذلك تمكن تبون وحكومته من تحقيق الاستقرار في 2021، ومن المرتقب أن يصبح 2022 عام تعزيز الاستقرار للجزائريين، مع ارتفاع أسعار النفط والغاز وزيادة الصادرات خارج المحروقات.
مشاكل تنتظر الحل
بالمقابل ما زالت الجزائر في عهد تبون لم تتمكن من معالجة العديد من الملفات الاقتصادية والسياسية.
فالحراك الشعبي الذي كان يطالب برحيل النظام بجميع وجوهه، لم يحقق أهدافه، إذ إن الكثير من الوجوه السياسية التي تتصدر المشهد حالياً كانت جزءاً من نظام بوتفليقة، حتى وإن تم استقطاب وجوه شابة وأخرى كانت ضمن الحراك.
بل إن الكثير من رموز الحراك الشعبي يعتبرون تبون أحد وجوه النظام حتى وإن كانت له خلافاته المعروفة مع بوتفليقة.
والانتخابات التي أجريت سواء الرئاسية أو البرلمانية أو المحلية لم تأتِ بالتغيير المنشود، فأحزاب السلطة ما زالت تتصدر المشهد السياسي، مستفيدة من العزوف الواسع عن المشاركة في الانتخابات.
فتبون لم يتمكن لحد الآن من استقطاب الجزء الأكبر من الحراكيين، وأخفق في دفع الجزائريين بشكل أكبر للمشاركة في الحياة السياسية، إذ ما زالت فئات واسعة غير مقتنعة بإمكانية التغيير والتداول على السلطة عبر الانتخابات.
وهذا ما تعكسه نسبة المشاركة التي نزلت إلى أقل من ربع الناخبين المسجلين في الاستفتاء على الدستور، وأعلى نسبة سجلتها الانتخابات الرئاسية بـ40 بالمئة، أي إن نحو ثلثي الناخبين المسجلين يعزفون عن الانتخابات في المتوسط.
وما عمّق الخلاف بين تبون وفئات من الحراكيين، الاعتقالات التي طالت عدداً منهم، وإن تقلصت في الأشهر الأخيرة خاصة بعد الإغلاقات ومنع التجمعات التي فرضها وباء كورونا.
تبون، من جهته، أدرك هذه الثغرة، وحاول سد الفجوة بينه وبين الحراكيين، من خلال دعواته للحوار، وعفوه عن نحو 15 ألف شخص، بينهم معتقلون سياسيون، في سابقة لم تسجلها البلاد منذ استقلالها في 1962 من حيث ضخامة العدد.
أزمات اقتصادية تنتظر الحل
بالرغم من تحسن أرقام الاقتصاد الكلي في الجزائر منذ 2021، فإن أزمة السكن ما زالت تراوح مكانها، خاصة برنامج سكنات عدل 3، الذي أطلق في 2013، ومع ذلك لم يتسلم أغلب المستفيدين سكنهم، ناهيك عن برامج السكن التساهمية الموجهة للطبقة المتوسطة.
والنظام البنكي ما زال متخلفاً عن دول كثيرة أوروبية وحتى العربية منها بسبب البيروقراطية وعدم المضي سريعاً في تحديثه وعصرنته، رغم بعض الخطوات المحتشمة، بدليل صعوبة تحويل العملة الصعبة من الداخل إلى الخارج والعكس، سواء بالنسبة للجالية الجزائرية في الخارج أو الأجانب.
المنظومة الصحية، بدورها، من النقاط السوداء التي لم تجد لها حكومة تبون حلاً جذرياً، وما هجرة 1200 طبيب جزائري نحو فرنسا إلا دليل آخر على أن بيئة العمل في المستشفيات الجزائرية أصبحت طاردة، خاصة فيما يتعلق بسلم الرواتب.
وتوجه عدد كبير من الجزائريين للعلاج في الخارج صورة أخرى على حاجة هذا القطاع لإعادة إصلاح جذري تشمل ليس فقط بناء مستشفيات جديدة وتجهيزها بأحدث الوسائل بل أيضاً الاهتمام بالموارد البشرية المحلية ولمَ لا استقطاب الكفاءات الأجنبية في مختلف التخصصات الطبية؟!
ويمثل ارتفاع الأسعار أحد التحديات التي تواجه البلاد، رغم أن التضخم والركود أصبح قضية عالمية، وتعاني منها حتى كبريات الاقتصادات في أوروبا والولايات المتحدة.
إذ بلغ معدل التضخم بالجزائر في أبريل/نيسان 2022 نحو 10 بالمئة، بحسب موقع "تراندينغ إكونوميكس"، وهي نسبة غير معتادة، وتؤثر بشكل مباشر على معيشة الناس.
وتقليص حجم الواردات كان له أثر إيجابي على الميزان التجاري، لكنه أثر سلباً على أسعار بعض المنتجات التي تعتبرها الحكومة من الكماليات على غرار الأجبان والمكسرات والشكولاتة.. ما تسبب في تضاعف أسعار المستوردة منها.
فالرئيس تبون، وإن تمكن خلال النصف الأول من ولايته الرئاسية من تحقيق عدة منجزات سياسية واقتصادية، إلا أن ملفات ثقيلة ما زالت في انتظار حلول جذرية.