مع تزايُد هزائم الجيش الأوكراني أمام القوات الروسية تصاعدت أصوات داخل الكونغرس الأمريكي، تدعو إلى تزويد أوكرانيا بطائرات أمريكية الصنع من طرازَي إف 15 وإف 16، كما أطلقت كييف حملة علاقات عامة جديدة لمحاولة التغلب على رفض إدارة بايدن لهذه الفكرة.
كانت كييف قد دعت سابقاً الولايات المتحدة إلى تزويدها بطائرات مقاتلة من طراز F-15 وF-16، لكن إدارة بايدن أوضحت من قبل أن مثل هذه الخطوة تمثل خطاً لن تتخطاه.
لكن في الأسبوع الماضي، في علامة نادرة على الشراكة بين الحزبين المتنافسين في أمريكا تجاه أزمة أوكرانيا، قدم اثنان من قدامى المحاربين في القوات الجوية الأمريكية في الكونغرس مشروع قانون يدعو إلى تدريب الطيارين والأطقم المقاتلة الأوكرانية على الأصول الجوية العسكرية الأمريكية، حسبما ورد في تقرير لموقع 1945 الأمريكي المتخصص في الشؤون العسكرية.
ففي رسالة مقدمة من النائب آدم كينزينجر (جمهوري من إلينوي)، والنائب كريسي هولاهان (ديمقراطي من بنسلفانيا)، جنباً إلى جنب مع النائب تيد دبليو ليو (ديمقراطي من كاليفورنيا)، قالوا: "بصفتنا قدامى المحاربين في القوات الجوية نعلم أنه في أي نزاع مع جيش فإن أحد الإجراءات الأولى هو فرض تفوق جوي، واستناداً إلى التقارير العامة لم يقم الأوكرانيون ولا الروس بفرض تفوق جوي حتى الآن، نعتقد أن الولايات المتحدة وحلفاءنا في الناتو يمكنهم مساعدة أوكرانيا على تغيير الوضع في المجال الجوي، ومنح القوات الأوكرانية ميزة حاسمة في الحرب".
روسيا لم تحقق الهيمنة الجوية بعد
إذا كان هناك فارق هائل بين القوة العسكرية والاقتصادية بين روسيا وأوكرانيا، فإن هذا الفارق يصل إلى أقصى اتساعه في المجالين الجوي والبحري.
سلاح الجو الأوكراني ضعيف حتى بمعايير العالم الثالث، فقوامه الأساسي 37 طائرة ميغ، معظمها من نسخ قديمة غير محدثة بمستوى يناهز النسخ الروسية، ولديها 17 مقاتلة متخصصة في القصف الجوي من طراز سوخوي 25، و12 قاذفة من طراز سوخوي 24، وأقوى ما في جعبتها 32 من الطائرة الشهيرة سوخوي 27 الشهيرة، التي تعود للثمانينيات، ويُعتقد أنها تعادل في قدراتها الـ"إف 15″ الأمريكية.
الفارق الهائل يُظهر من أن روسيا لديها (229 طائرة) من السوخوي 27، ولديها نسخ أحدث من عائلة سوخوي هذه لا تمتلكها كييف، منها 111 من طائرات سوخوي 30 الروسية الشهيرة، التي تقارَن بالـ"إف 15 سترايك إيجل" الأمريكية، وتمتلك موسكو 92 من النسخة الأحدث من هذه العائلة الطائرة الشهيرة، سوخوي 35، إضافة إلى 124 من المقاتلة القاذفة سوخوي 34 المطورة عن الأصل نفسه.
في واحدة من غرائب الحرب لم تحقق روسيا هيمنة جوية على سماء المعركة، رغم مرور نحو خمسة أشهر من الحرب.
وُصف إخفاق موسكو في تحقيق التفوق الجوي في أوكرانيا بأنه إحدى أهم الثغرات في الأداء الروسي في الحرب.
وكان يفترض أن تكون القوة الجوية واحدة من أهم مزايا روسيا على جارتها الأصغر، حيث كان من المتوقع أن يلعب سلاح الجو الروسي دوراً حيوياً في العمليات العسكرية، وهو دور كان من الممكن أن يسمح للقوات البرية الروسية بالتوغل في عمق أوكرانيا، والاستيلاء على العاصمة كييف، حسب موقع 1945 الأمريكي، المتخصص في الشؤون العسكرية.
لم يكن هذا القصور في أداء القوات الجوية الروسية بسبب نقص الخبرة أو القدرة، حيث تمتلك روسيا ما يقرب من 4000 طائرة مقاتلة وقاذفة لديها خبرة في قصف أهداف في سوريا وجورجيا والشيشان.
قد يكون السبب هو الأسلحة المضادة للطائرات المحمولة على الكتف، التي زود الغرب بها أوكرانيا بأعداد كثيفة، والتي حدت من قدرات الطيران الروسي من قصف الأهداف الأوكرانية من مسافات قريبة، إضافة لامتلاك أوكرانيا لنظام صواريخ إس 300 السوفييتي الصنع المضاد للطائرات بعيدة المدى.
وقد يرجع ذلك إلى نقص خبرة الروس في تنسيق الهجمات بين القوات البرية والجوية مقارنة بخبرات القوات الجوية للدول الغربية وإسرائيل في هذا النوع من العمليات، وهو النقص الذي كان يعتقد أن الروس قد تغلبوا عليه.
بايدن رفض طلب أوكرانيا بتزويدها بطائرات أمريكية
وطلب الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي مراراً تزويد بلاده بطائرات حربية على وجه السرعة؛ لمواجهة الهجوم الواسع الذي تشنه روسيا.
وفي مايو/أيار الماضي، زار مشرعون أوكرانيون واشنطن، حيث طلبوا حصول بلادهم على طائرات أمريكية، بما في ذلك F-16 وF-15 وأنظمة إطلاق الصواريخ المتعددة وغيرها من الدفاعات الجوية المتقدمة.
لم تستجب واشنطن، كما أن الفكرة البديلة والأسهل، التي تقضي بتقديم دول أوروبا الشرقية لبعض طائرات ميغ السوفييتية الصنع التي ورثتها عن العهد الشيوعي إلى كييف مقابل الحصول على بدائل أمريكية لم تمضِ قدماً.
كان واضحاً أن المسؤولين الأمريكيين متحفظون على فكرة تزويد أوكرانيا، سواء بطائرات أمريكية الصنع أو سوفييتية من مخزون دول أوروبا الشرقية، لعدة أسباب، أولها الخوف من استفزاز روسيا، وكذلك لأنهم يرون أنها قد لا تكون بلا جدوى كبيرة، بسبب التفوق الروسي الهائل في عدد الطائرات وقدراتها، والأهم أنهم يرون أن الحاجة لتدريب الطيارين الأوكرانيين على الطائرات الأمريكية تحديداً قد يستغرق وقتاً طويلاً.
ولكن يبدو أن هناك حملة ضغط منسقة جديدة تسعى للعمل على تزويد أوكرانيا بمقاتلات إف 15 وإف 16، فقد دعا عدد من المشرعين الأمريكيين إلى تدريب أطقم في الجيش الأوكراني وتعريفهم بطائرات F-15 وF-16، التي تعود إلى حقبة الحرب الباردة، والتي أكدوا أنها قد تمنح كييف ميزة في الأجواء المتنازع عليها.
في وقت سابق، قال السناتور الأمريكي جاكي روزن في لموقع Guildhall الأوكراني، إن الولايات المتحدة يجب أن تجد طريقة لتزويد أوكرانيا بطائرات مقاتلة وأنظمة دفاع جوي وأسلحة أخرى مطلوبة لمواجهة العدوان الروسي الوحشي.
كما دعا المسؤولون الأوكرانيون إلى تزويد بلادهم بطائرات عسكرية أمريكية، بعد زيادة عدد الضربات الصاروخية الروسية على المراكز السكانية في جميع أنحاء الدولة الواقعة في أوروبا الشرقية.
وسافر طيارون أوكرانيون مؤخراً إلى الولايات المتحدة، حيث التقوا بمسؤولين وإعلاميين، والأهم بأعضاء بالكونغرس، لحثهم على تزويد أوكرانيا بطائرات أمريكية مقاتلة.
كييف لديها طيارون أكثر من الطائرات
في الوقت الحاضر، أرسلت الدول الحليفة لأوكرانيا قطع غيار جديدة فقط للطائرات، نتيجة لقطع الغيار هذه، ورد أن القوات الجوية الأوكرانية أضافت ما يقرب من 20 طائرة أخرى قابلة للتشغيل إلى أسطولها.
قلّصت أوكرانيا عملياتها الجوية إلى 20 إلى 30 طلعة جوية في اليوم، على عكس المراحل الأولى من الصراع. قال طيار أوكراني يُدعى مونفيش لوسائل إعلام أمريكية: "في الوقت الحالي لدينا طيارون أكثر بكثير من الطائرات النفاثة".
وأشار الخبراء إلى أن المقاتلات الأوكرانية تقوم بدوريات دفاعية فوق الأجزاء الشمالية والغربية. الطائرات المقاتلة تهرب من العمليات الهجومية في ساحات القتال الحاسمة في الشرق والجنوب.
في مقابلة حديثة مع قناة فوكس نيوز، وصف طيار أوكراني المواجهة الجوية المباشرة مع المقاتلات الروسية بأنها "مهمة انتحارية"، قائلاً لا أستطيع إيجاد الطيارين الروس على شاشات الرادار، وبينما أبحث عنهم يُطلقون عليّ الصواريخ.
في 26 أبريل/نيسان، طلب الكولونيل يوري بولافكا، الذي يقود مقاتلة من طراز Su-27 السوفييتية الصنع تزويد أوكرانيا بطائرات أمريكية من طرازات F-15 أو F-16 أو F-18، وذلك في مقطع فيديو تم تداوله على وسائل التواصل الاجتماعي من قبل القوات الجوية للبلاد.
كانت الحجة التي كان يشير إليها هي أنها ستساعد زملاءه الطيارين في التنافس مع أحدث طائرات Su-30 وSu-35 الروسية.
قال بولافكا: "تمتلك هذه الطائرات رادارات قوية محمولة جواً، ومعدات تكنولوجية، والأهم من ذلك صواريخ ذات رؤوس توجيه نشطة".
وبالمثل، كتب القائد السابق للقوات الجوية الأوكرانية، سيرهي دروزدوف، في مقال بتاريخ 19 أبريل/نيسان 2022 "لحماية أراضينا بشكل فعال تريد أوكرانيا سرباً واحداً على الأقل من الطائرات المقاتلة الحديثة، مثل طائرات إف -16 الأمريكية الصنع أو إف -15".
وأضاف: "وفقاً لتقديراتنا يمكن للطيارين لدينا تعلُّم قيادة مثل هذه الطائرات بوتيرة متسارعة، تتراوح بين أسبوعين إلى ثلاثة أسابيع". ومع ذلك يشير الخبراء إلى أن الجدول الزمني الذي يتحدث عنه سريع للغاية، ويبدو مبالغاً فيه، ما يطرح العديد من المشاكل.
تستمر الدورة الأساسية في قاعدة لوك الجوية الأمريكية، بولاية أريزونا، حوالي تسعة أشهر وتشمل الأكاديميين، والتدريب على المحاكاة، والطلعات الجوية.
مشرعون أمريكيون يطالبون بضرورة تزويد أوكرانيا بطائرات أمريكية
التقى الطيارون الأوكرانيون مع المشرعين الأمريكيين خلف أبواب مغلقة، لمناقشة ما هو مطلوب على المدى القصير والطويل، حسبما أفادت تقارير.
وتحدث طيار أوكراني يدعى جوس، الذي احتل سربه عناوين الصحف في الأيام الأولى من الحرب، لأنه حلّق في السماء للدفاع عن كييف، تحدث عن أن الدفاع الجوي هو الأولوية القصوى لأوكرانيا.
وقال الطيارون الأوكرانيون إنه لمواجهة وكشف وابل الصواريخ الروسية تحتاج المقاتلات الأوكرانية على الأرض وفي الجو إلى أنظمة مراقبة واستجابة أكثر تطوراً.
زعم جوس أنه بينما زودت الولايات المتحدة أوكرانيا بمدفعية ثقيلة مختلفة، بما في ذلك صواريخ هاوتزر وجافلين وستينغر، للمساعدة في صد التقدم الروسي، إلا أنها لا تزال غير كافية لمحاربة موسكو.
قال الطيار لشبكة فوكس نيوز الأمريكية: "الدفاع الجوي فوري للغاية، لكنه يعتمد على مستوى متبادل للدفاع الجوي"، لقد تلقينا بالفعل صواريخ ستينغر. إنه أدنى مستوى للدفاع الجوي، إنها فعالة للغاية بالنسبة لدورها، لكننا بحاجة إلى مستوى دفاع جوي بسيط من المستوى التالي".
وعلى عكس البيت الأبيض فإن الكونغرس يضم أعضاء أكثر حماساً لتزويد أوكرانيا بمقاتلات أمريكية، وفقاً للسناتور الجمهوري عن ألاسكا دان سوليفان، الذي ترأس الاجتماع مع مجموعة من حوالي عشرة مشرعين من الحزبين.
وقال السناتور سوليفان لشبكة فوكس نيوز: "أعتقد أنه يجب أن يكون لديهم أنظمة الأسلحة التي يعتقدون أنهم بحاجة إليها للفوز".
وأشار السناتور إلى أن الطيارين الأوكرانيين سيحتاجون إلى الخضوع لتدريب طائرات حربية من الجيل الرابع، ويعتقد الطيارون الأوكرانيون أن هذا يمكن أن يتم بسرعة خلال ثلاثة إلى ستة أشهر.
الصواريخ والرادارات تمثل مشكلة للأوكرانيين
تم تجهيز المقاتلات الروسية بصواريخ "أطلق وانس" المتطورة، بينما تستخدم الطائرات الأوكرانية صواريخ شبه نشطة تحتاج إلى توجيه رادار مستمر من قبل الطيار إلى أن تصيب أهدافها، نتيجة لذلك يزداد الخطر على الطيارين المقاتلين بشكل كبير.
فعلى عكس الطيارين الروس، الذين يمكنهم إطلاق صاروخ ثم التراجع إلى نطاق آمن، يجب على الطيارين الأوكرانيين التحليق بجانب الصاروخ لتوجيهه إلى هدفه، ما يعرضهم لخطر كبير.
قال الطيار الأوكراني جوس أثبت دفاعنا الجوي الأرضي قدرته وفاعليته ضدهم، لهذا السبب تكبد الروس خسائر فادحة منذ بداية هذه الحرب، لكن دفاعنا الأرضي لا يمكن أن يحمي البلاد بأكملها، وهو ليس متحركاً مثل الطائرات المقاتلة. أنت بحاجة إلى كل الطائرات والصواريخ أرض-جو.
لا يستطيعون التصدي لصواريخ كروز الروسية
أحد العوامل التي تدفع أوكرانيا مؤخراً للإلحاح في طلب طائرات مقاتلات، ولاسيما الإف 15، هو تزايد استخدام روسيا لصواريخ كروز ضد البنية التحتية العسكرية والمدنية الأوكرانية، لأنها فعالة، نظراً لأنها تطير على ارتفاعات منخفضة، وغير مرئية لنظام الدفاع الجوي الأوكراني.
تستطيع الدفاعات الجوية الأوكرانية أن تتعامل نسبياً مع الصواريخ الباليستية ذات المدار شبه الدائري، ولكن الأمر مختلف مع صواريخ كروز، التي تطير على مسار منخفض موازٍ لسطح الأرض، ولديها قدرة على المناورة.
يمكن أن تُسهم المقاتلات، ولاسيما الإف 15، في عملية اعتراض صواريخ كروز، فهذه الطائرة تتميز بمداها البعيد ورادارها القوي، وحمولتها الكبيرة، وسرعتها الفائقة البالغة 2.5 ماخ، حيث تعد أسرع طائرة مقاتلة عاملة حالياً بعد المقاتلة الاعتراضية الروسية ميغ 31.
ومع ذلك يبدو من غير المحتمل أنه حتى لو تمكن المشرعون الأمريكيون من الاتفاق على تزويد أوكرانيا بطائرات أمريكية أن يكون البيت الأبيض على استعداد لتقبل هذه الخطة.
أشار الرئيس جو بايدن مراراً وتكراراً إلى أنه لا يريد إثارة حنق الكرملين، من خلال إرسال أسلحة يمكن استخدامها بشكل عدواني ضد القوات الروسية. بالإضافة إلى ذلك، قال مسؤولو القوات الجوية الأمريكية إنه حتى لو كان تزويد أوكرانيا بطائرات أمريكية ممكناً، فإن الأوكرانيين سيحتاجون إلى تدريب يستمر لفترة طويلة.
سبق أن قال قائد القوات الجوية الأمريكية في أوروبا، الجنرال جين جيفري "أنت لا ترمي شخصاً ما بطائرة F-16 وتتمنى له حظاً سعيداً، فهذه ليست وصفة للنجاح".
لماذا تمثل الإف 15 الخيار المرجح؟
أضاعت الولايات المتحدة الكثير من الوقت في الحديث عن الحاجة للوقت لتدريب الطيارين الأوكرانيين على الطائرات الأمريكية.
قبل الغزو الروسي بفترة ليست بالقليلة، طالب عضو في الكونغرس الأمريكي قبل سنوات بتزويد كييف بطائرات إف 15، التي يقترب موعد إحالتها للتقاعد لدى سلاح الجو الأمريكي.
تمتلك الولايات المتحدة نحو 240 طائرة من النسخة الأولى من إف 15 "إيغيل"، وهو طراز قديم يفتقد لقدرات القصف الأرضي، ويفترض أنه سيخرج قريباً من الخدمة، كان يمكن لوشنطن أن تمنح هذه النسخة لكييف قبل سنوات.
كما تمتلك القوات الجوية الأمريكية نحو 1200 طائرة أمريكية من طراز إف 16، منها نسخ قديمة لم تعد ملائمة لمتطلب سلاح الجو الأمريكي.
الإف 15 كانت مطروحة أكثر من غيرها في الطائرات الأمريكية في هذه المعادلة، لأنه يعتقد أنها يمكن أن توفر كمقاتلة ثقيلة قوة ردع لطائرات سوخوي 27 و30 و35، التي تمثل عماد القوة الجوية الروسية، في حين أن الإف 16 تقارن بالميغ 29 التي تراجع دورها في القوات الجوية الروسية نسبياً.
ويحيل الأمريكيون طائراتهم للتقاعد وهي في حالة أفضل كثيراً من نظرائها لدى القوات الجوية الروسية والأوكرانية، كما أن أوكرانيا لديها كوادر فنية، ما يجعل من السهل تدريبهم على صيانة الطائرات الأمريكية.
وستكون أي طائرات يقدمها الأمريكيون من مخزونهم، حتى المتقادم أفضل من النسخ القديمة المتوفرة لدى أوكرانيا من طائرات ميغ 29 وسوخوي 27 السوفييتية الصنع، والتي عانت من صيانة سيئة وغياب الترقيات وسمعة الطائرات السوفييتية السلبية بشأن الجودة وقصر عمر هيكلها، بل ستكون هذه الطائرات الأمريكية حتى غالباً أفضل من جزء كبير من طائرات السلاح الجو الروسية.
حتى لو كانت واشنطن لا تريد التصعيد مع موسكو، ولم تتوقع أن تطول الحرب، كان يمكنها توفير تدريب للطيارين والفنيين الأوكرانيين على هذه الطائرات دون وعود بتقديمها لكييف، بحيث إذا تغيرت الظروف وأصبحت هناك حاجة لمثل هذا القرار يتخذ بسرعة.
ولكن قد يكون أحد اسباب امتناع إدارة بايدن عن تزويد أوكرانيا بطائرات أمريكا أن مسؤوليها يعلمون أن الطائرات المقاتلة لكي تكون مؤثرة، يجب أن تكون بأعداد كبيرة، وهذا قد يعني تكلفة إضافية على واشنطن.
وهكذا، واصلت واشنطن تشجيع أوكرانيا على استفزاز روسيا، دون أن تزودها برادع يذكر، وكأنها تريد من الأوكرانيين أن يخاطروا بحياتهم واستقلال بلادهم لتدمير روسيا، بينما هي لا تريد أي مخاطرة، في ظل قلقها من احتمال قيام أوكرانيا بضرب العمق الروسي بهذه الطائرات، ما قد يحرج الرئيس الروسي أمام شعبه فيصعد مع دول الناتو.
يظهر رفض الولايات المتحدة لتزويد أوكرانيا بطائرات إف 15 أو إف 16، كيف تلقي بهذا البلد إلى مصير مجهول، فهي تشجع كييف على محاربة ثاني أقوى جيش في العالم، بأسلحة خفيفة أو قديمة لا تصلح لحروب العالم الثالث.