تسعى الولايات المتحدة الأمريكية لبناء وتحديث جيل جديد من الأسلحة والصواريخ والغواصات المسلحة نووياً لردع خصومها وأعدائها الذين تتعاظم قواهم العسكرية، حيث تعمل البحرية الأمريكية على تطوير غواصة الصواريخ الباليستية كولومبيا كلاس (SSBN)، التي تقول إنها ستكون الأكثر قوة في العالم، والأغلى في التاريخ، لتحل محل الغواصات الباليستية من فئة "أوهايو" التي تعمل في الخدمة منذ أكثر من 40 عاماً. فما هي غواصة كولومبيا التي باتت الحاجة لامتلاكها "الأولوية رقم واحد" لدى البحرية الأمريكية؟
ما هي غواصة كولومبيا النووية "الأغلى في التاريخ"؟
ستحل الغواصات الأمريكية الجديدة من فئة كولومبيا محل غواصات أوهايو، التي تعمل منذ عصر الحرب الباردة، حيث ستكون هذه الغواصات "الأكثر شبحية ودموية في الوجود"، كما يصفها الخبراء الأمريكيون.
وهي في الوقت نفسه، تعد الغواصة الأغلى في التاريخ، إذ ستشهد "كولومبيا كلاس"، التي بناها مصنع "جنرال ديناميكس إلكتريك بوت" (GDEB)، نمو ميزانيتها المقترحة للسنة المالية 2023 من 5 مليارات دولار إلى 6.2 مليار دولار.
واحتفلت البحرية الأمريكية في 4 يونيو/حزيران 2022، في بناء أول غواصة من فئة كولومبيا في ميناء رود آيلاند، التي تتميز بضجيج منخفض وذخيرة مميتة، ومن المتوقع أن تدخل الخدمة في عام 2027.
وقال كيفين جراني، رئيس شركة "جنرال ديناميكس إلكتريك بوت": "من خلال برنامج غواصات كولومبيا عهدت البحرية الأمريكية لشركة إليكتريك بوت بتقديم الردع النووي على مدى الستين عاماً القادمة لأمتنا، واستمراراً لإرث الشركة المتمثل في تقديم أفضل الغواصات وأكثرها تقدماً تقنياً في العالم".
مضيفاً أن "غواصات كولومبيا الاثنتي عشرة ستمثل في المجمل ما يقرب من 70% من الترسانة النووية للولايات المتحدة الأمريكية".
وتبلغ قيمة هذا المشروع الضخم 110 مليارات دولار، بهدف بناء 12 غواصة جديدة من فئة كولومبيا التي من المفترض أن تحل هذه محل غواصات "أوهايو" التي دخلت الخدمة بين عامي 1980 و1997.
ومن المتوقع أن تخدم غواصات كولومبيا ما بين 50 إلى 60 عاماً في الأسطول الأمريكي، بهدف توفير جانب كبير من احتياجات البحرية الأمريكية حتى ثمانينيات القرن الحالي.
ما مواصفات غواصة كولومبيا الشبحية؟
صُممت الغواصة الشبحية للغاية التي تستخدم الصواريخ عابرة القارات عالية الكثافة، للرد على أي هجوم مفاجئ بضربة نووية حرارية مدمرة، وذلك لضمان أمن الولايات المتحدة في مواجهة تهديدات القوى المتنافسة مثل الصين وروسيا، وكذلك القدرة على الضرب بالقوة والمفاجأة.
وستحتوي كل غواصة من غواصات كولومبيا، على 16 قاذفة لصواريخ Trident D-5 الصلبة، كل منها يحمل حتى 14 رأساً نووياً من طراز W-76-1 يزن بين 300 إلى 475 كيلوطناً، ويصل مدى هذه الصواريخ من 7500 إلى 13000كم، أي قوة تدميرية أكبر بست مرات من القنبلة أسقطت على هيروشيما.
ومن المقرر أن تحمل كل غواصة من فئة كولومبيا ما يبلغ أكثر من 6 ميغا طن من القوة النارية النووية، أي ما يعادل 6310.000 طن من مادة تي إن تي.
خلال الأعوام المقبلة، ستنضم الغواصات كولومبيا إلى المحطة البحرية للثالوث النووي الأميركي، الذي يتكون حاليًا من حوالي 76 قاذفة من طراز B-52H Stratofortress و20 قاذفة مأهولة من طراز B-2 Spirit، و400 صاروخ باليستي عابر للقارات من طراز Minuteman III، و14 غواصة مسلحة بصواريخ باليستية من فئة أوهايو.
وترجع الميزة الرئيسية للرادع البحري في الثالوث النووي إلى القدرة على إخفاء الغواصات المسلحة بصواريخ نووية في محيطات العالم، بحيث يمكن لكل منها، إذا اقتضت الحاجة، تدمير موطن العدو وإصابة عشرات الأهداف كرد على أي هجوم مفاجئ. من الناحية النظرية، فإن هذا التدمير المؤكد للعدو في زمن الحرب يردع الخصوم المحتملين حتى من التفكير في هجوم نووي على الولايات المتحدة.
أين ومتى سيتم نشر هذه الغواصات "الأقوى على الإطلاق"؟
وفقاً لموقع U.S. Naval Institute News، من المرجح أنه سيتم تقسيم غواصات كولومبيا الاثنتي عشرة بين المحيطين الهادئ والأطلسي، مع تطبيق روتين للإبحار في دوريات ردع تستمر أسابيع من قواعد في واشنطن وفلوريدا. يتم تخصيص طاقمين لكل غواصة صواريخ باليستية، يطلق عليهما طاقم "الذهب" و"الأزرق"، يتناوب كل منهما على تسيير الدوريات لزيادة فترة بقائها في أعماق البحار والمحيطات.
تم تصميم غواصات الفئة كولومبيا الهجومية بمواصفات مستقبلية وقياسات تسمح بمساحات إضافية لحمل مزيد من الأسلحة والصواريخ، فضلاً عن أصوات محركات أكثر هدوءاً، بما يؤهلها لتكون العمود الفقري للأسطول الأمريكي المستقبلي.
وخلال حفل بناء أول غواصة من كولومبيا، أوضحت شركة جنرال إلكتريك أن التصميمات الأولية لغواصات كولومبيا "بدأت في عام 2007 معتمدة في التصميم المبدئي على فئة أوهايو من الغواصات.
وأضافت أن "غواصات كولومبيا هي الأكثر تخفياً والأكثر قابلية للبقاء على قيد الحياة من بين الثالوث النووي لأمريكا، المتمثل في الأسلحة النووية البرية والجوية والبحرية".
وأشارت الشركة إلى أنه "بالإضافة إلى تكملة صواريخها، ستكون الغواصة مسلحة بطوربيدات Mk 48 وستتميز بأداء صوتي متفوق وأحدث المستشعرات لجعلها الغواصة الأكثر قدرة وهدوءاً على الإطلاق".
وتقول مجلة national interest الأمريكية، إنه على الرغم من أنه من المقرر تسليم غواصات كولومبيا في عام 2027، فقد يبدأ نشرها في المحيطات والبحار في عام 2030، وبمجرد دخولها الخدمة، ستكون غواصات كولومبيا "أكثر فئة غواصات شبحية وقوة يشهدها العالم على الإطلاق".