ماضٍ عريق وحاضر مليء بمذابح لا تصدق.. إليك أكبر الأقليات المسلمة في العالم، ومناطق انتشارها وأخطر مشاكلها

عربي بوست
تم النشر: 2022/06/06 الساعة 15:22 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/06/06 الساعة 15:23 بتوقيت غرينتش
المسلمون في الهند يشكون من الاضطهاد منذ تولي مودي السلطة/رويترز

جاءت إساءة مسؤولة بالحزب الحاكم في الهند للنبي محمد، لتبرز حجم معاناة العديد من الأقليات المسلمة في العالم، وتثير تساؤلات حول أعدادهم ومناطق انتشارهم، وأسباب المشكلات التي يتعرضون لها.

ويعيش أكثر من 300 مليون مسلم– أي خُمس مجموع المسلمين- في بلدان لا يمثل فيها الإسلام دين الأغلبية، فالصين على سبيل المثال لديها مسلمون أكثر من سوريا، وألمانيا أكثر من لبنان.

وتغطي الأقليات المسلمة رقعة جغرافية كبيرة؛ حيث تنتشر في معظم دول العـالم، وهي تعاني عاملاً مشتركاً واحداً، وهو تعرضهم لتحديات أو تهديدات، مبعثها الأساسي المجتمعات غـير المسلمة التي تعيش فيها، لكن حدة هذه المشاكل وحجم التهديدات يختلفان بالطبع من إقليم إلى آخر ومن دولة لأخرى.

أكبر الأقليات المسلمة في العالم توجد في آسيا

الهند.. اضطهاد الأقلية المسلمة يتحول إلى أداة للبقاء في السلطة

يبلغ تعداد المسلمين في الهند 172 مليون نسمة، أي يمثلون ثالث أكبر تجمُّع للمسلمين في العالم بعد إندونيسيا وباكستان، ويشكلون أكبر أقلية دينية في الهند، وأكبر الأقليات الإسلامية في العالم بلا منازع.

جاء الإسلام لأول مرة إلى شمال الهند من خلال الفتح العربي للسند في عام 712، فيما دخل الإسلام جنوب الهند من خلال التجار العرب، حيث أُسِّس أول مسجدٍ عام 629م. 

ترسخ الإسلام بقوة في شمال الهند، من خلال حكم أباطرة إمبراطورية المغول في القرن السادس عشر. وامتنع المغول عموماً عن تحويل السكان قسرياً إلى الإسلام، وقد منح الإمبراطور المغولي الأكبر "أكبر" قدراً كبيراً من التسامح والاستقلالية لغير المسلمين، والجزء الأكبر من السكان المسلمين ينحدرون من شعوب الهند الأصلية، خاصةً من أفراد الطبقات الدنيا الذين اعتنقوا الإسلام للهروب من الاضطهاد والقمع على أيدي الهندوس من الطبقة العليا، حسبما ورد في تقرير لموقع Minority Rights.

عمدت بريطانيا إلى تمكين الهندوس على حساب المسلمين الذين حكموا الهند قروناً متتالية منذ دخول الإسلام إلى البلاد، فيما نأى المسلمون بأنفسهم عن الثقافة البريطانية.

في شمال الهند، تتحدث معظم المجتمعات المسلمة باللغة الأوردية، وهي ليست لغة رسمية معترفاً بها في الهند رغم انتشارها الواسع، وعندما تم الاعتراف من قِبل ولاية أوتار براديش، الولاية التي تضم أكبر عدد من السكان باللغة الأوردية، كلغة رسمية عام 1989، وقعت هناك اشتباكات بين الطلاب الهندوس والمسلمين قُتل فيها ما لا يقل عن 23 شخصاً. 

بشكل عام، تمثيل المسلمين السياسي دوماً أقل من نسبتهم السكانية، وضمن ذلك تمثيلهم في البرلمان الوطني، حيث تراوحت نسبتهم في البرلمان تاريخياً بين 2 و10%، على الرغم من أنهم يشكلون 14.2% من السكان.

رسمياً؛ الهند دولة علمانية، والحرية التامة للدين مكفولة، ولكن المسلمين عانوا من التمييز بعد الاستقلال، وزاد من ذلك أن باكستان- خصم الهندي التقليدي- هي دولة تمثل مسلمي شبه القارة الهندية.

الأقليات المسلمة في العالم

وزادت معاناة المسلمين بعد تولي حزب بهارتيا جاناتا الهندوسي المتطرف للحكم، وهو الحزب الذي اكتسب شعبيته قبل الوصول إلى الحكم، عبر التحريض على المسلمين، وبعض قادته متهمون بالتورط في مذابح ضد المسلمين.

وتعرض المسلمون لموجات اضطهاد عديدة، لعل أعنفها الأحداث التي شهدتها ولاية آسام في عام 1983، حيث قتل الهندوس أكثر من 2000 مسلم، أغلبهم من النساء والأطفال، بعد احتقانات كثيرة شهدتها المنطقة بسبب تدفق المهاجرين المسلمين إلى ولاية آسام.

ومن أسوأ المآسي التي تعرض لها مسلمو الهند، أحداث مسجد بابري في عام 1992، حيث هدمت عصبة من الهندوس المتعصبين المسجد، وهو ما أشعل أعمال شغب أسفرت عن قرابة ألفي قتيل، وبعد نزاع قضائي طويل الأمد، قضت محكمة هندية لمصلحة الهندوس ببناء معبد للإله راما في موقع المسجد.

ويعاني مسلمو كشمير تحديداً تمييزاً أكبر، في ظل نضالهم لتحقيق الاستقلال والانضمام إلى باكستان، وتوسَّع الاضطهاد الهندي في عهد رئيس الوزراء الحالي ناريندا مودي، ليشمل النخب المسلمة بالولاية التي كانت تؤمن ببقائها ضمن الهند، حيث تم اعتقال كثير منهم بالتزامن مع إلغاء الحكم الذاتي للولاية مؤخراً ضمن سلسلة من الإجراءات الأخرى التي تشمل السماح للهندوس من خارج الولاية بامتلاك الأرض تمهيداً لتوطينهم وتغيير الطابع الديموغرافي للولاية.

كما يعاني مسلمو ولاية آسام الشمالية الشرقية من موجة اضطهاد تدَّعي أنهم غير هنود بزعم أن أصولهم بنغلاديشية، وقد صدر قانون مثير للجدل يسهِّل إعطاء الجنسية للسكان من كل الطوائف في البلاد باستثناء المسلمين. وبصفة عامة أصبح التخويف من المسلمين والتحريض على الكراهية ضدهم جزءاً من أيديولوجية الحزب الحاكم وأداته المفضلة للبقاء بالحكم، في ظل ضعف المعارضة العلمانية.

قصة تحوُّل الصين من التسامح مع المسلمين إلى واحدة من أسوأ تجارب الاضطهاد 

لدى الصين ثاني أكبر أقلية مسلمة في آسيا بعد الهند، ولكن تحديد عددهم ونسبتهم أمر صعب، فبعض التقديرات تدور حول 22 مليوناً أو 30 مليوناً، وترفع بعض التقديرات الأخرى عددهم إلى نحو مئة مليون، أي أقل قليلاً من 10% من السكان.

يختلف مسلمو الصين في أصولهم العرقية، فمنهم تركي الأصل مثل جماعات (الإيغور، والكازاخ، والأوزبك، والتتار وغيرهم)، وأغلبهم يعيشون في تركستان الشرقية والمناطق المجاورة لها، ومنهم صينو الأصل مثل جماعة (هوي هوي)، أما بقية الجماعات المسلمة في الصين فتنتمي إلى أعراق متفرقة.

تمتد جذور معاناة المسلمين في الصين إلى القرن السابع عشر، خلال فترة حكم المنشوريين الذين اضطهدوا الأقليات المسلمة ومنعوهم من ممارسة شعائرهم الدينية.

تغيرت الأحوال حين قضى الثوار الوطنيون على حكم المنشوريين في العام 1910 بمساعدة الأقليات المسلمة، حيث استعاد المسلمون بعد ذلك جزءاً من حقوقهم السياسية وأصبحوا قادرين على ممارسة عباداتهم بِحرية.

في السنوات الأولى بعد إنشاء جمهورية الصين الشعبية، تمتع المسلمون بِحرية دينية نسبية. ومع ذلك، وخلال السنوات الفوضوية الأولى للثورة الثقافية بين عامي 1966 و1969، تم تشويه المساجد، وتدمير نسخ من القرآن، ومنع المسلمين من أداء فريضة الحج، وحظرَ الشيوعيون التعبير عن جميع المعتقدات الدينية. 

الأقليات المسلمة في العالم
الشرطة الصينية تحرس مسجداً في مدينة كاشغر الإيغورية/رويترز

وبعد وفاة مؤسس الصين الشعبية ماو تسي تونغ عام 1976، تبنى الشيوعيون سياساتٍ أكثر مرونة تجاه المجتمعات الإسلامية، حسبما ورد في تقرير لموقع The Conversation.

ولكن مع تولي الرئيس الصيني الحالي، شي جين بينغ، دخلت البلاد مرحلة قمعية وسط تقارير عن مخاوف تسيطر على الرجل، من تفكُّك الصين مثلما حدث مع الاتحاد السوفييتي، وكان للمسلمين نصيب كبير من هذا القمع.

ولعل أكثر الأقاليم التي عانت الاضطهاد، إقليم تركستان الشرقية الغني بالنفط والذي كان إقليماً شبه مستقل لقرون قبل أن تعيده الصين لسيطرتها آخر مرة في عام 1949، وتطلق عليه اسم إقليم شينغيانغ أو إقليم إيغور.

 منذ ذلك الحين، قام مسلمو الإقليم بعدة ثورات للاستقلال عن الحكومة الصينية، كان آخرها ثورة عام 1966 التي قمعتها الحكومة الصينية بعنف، وأسفرت عن هجرة نحو 250 ألفاً إلى البلدان المجاورة مثل أوزبكستان وأفغانستان.

التوترات في إقليم الإيغور تصاعدت منذ 11 سبتمبر/أيلول 2001، ووصلت إلى نقطة الغليان في عام 2009 عندما اندلعت أعمال شغب عرقية بين الإيغور والمهاجرين الصينيين في جميع أنحاء مقاطعة شينجيانغ. منذ ذلك الحين، زادت الدولة الصينية من القيود المفروضة على حركة وثقافة الإيغور والأقليات المسلمة الأخرى.

حالياً تفيد تقارير متعددة، من بينها وكالات أممية ومنظمات حقوقية مستقلة، بأن الصين تمنع الإيغور من ممارسة حريتهم الدينية وشعائرهم من صلاة وصيام، كما تمنع الرجال من إطلاق اللحى والنساء من ارتداء الحجاب، وتضيّق الخناق عليهم، لدرجة أنهم يحتاجون تصريحات أمنية للتنقل بين القرى.

 إضافة إلى ذلك تم احتجاز أكثر من مليون من الإيغور وأقليات أخرى في ما يسمى معسكرات إعادة التأهيل بمقاطعة شينجيانغ شمال غربي الصين (التي لم تنكر الصين وجودها)، حيث يتعرضون للتلقين السياسي والتعذيب والضرب والحرمان من الطعام، بينما تفيد شهادات الناشطين الإيغور بأن السكان غير المسجونين يخضعون لرقابة حادة تصل إلى إجبارهم على استضافة مسؤولين شيوعيين في منازلهم لمراقبتهم، ووصل الأمر إلى تشجيع الأطفال على الوشاية بآبائهم إذا خالفوا التعليمات الحكومية، واستخدام برمجيات لاكتشاف ارتداء النساء فساتين طويلة.

وتوصف عملية اضطهاد الصين للإيغور، حسب المنظمات الحقوقية، بأنها جريمة إبادة ثقافية.

مسلمو الروهينغا.. الأقلية المسلمة الأكثر اضطهاداً في العالم

وصفت الأمم المتحدة أقلية الروهينغا في ميانمار بالطائفة الأكثر اضطهاداً في العالم، وهي أقلية مسلمة تعيش بإقليم أراكان الواقع على الحدود مع بنغلاديش، وتصل نسبة المسلمين في هذا الإقليم الذي غزته ميانمار عام  1784، إلى أكثر من 70%، والباقون من البوذيين الماغ وطوائف أخرى.

وتزعم السلطات في ميانمار أن بريطانيا شجعت هجرة المسلمين إلى إقليم أراكان؛ وذلك بسبب قلة سكان الإقليم.

وبحسب وكالة أراكان للأنباء، فقد تعرض مسلمو الروهينغا للتهجير الجماعي القسري عدة مرات، منها ما حدث في عام 1978 عندما طُرد نحو نصف مليون مسلم؛ في محاولة لتغيير المنطقة ديموغرافياً وتوطين البوذيين مكان المسلمين بعد بناء قرى نموذجية لهم.

كما تم إصدار قانون بحق الروهينغا في عام 1983م، ينص على حرمان كل من لا يستطيع أن يُثبت أن أسرته عاشت في ميانمار قبل عام 1844 من الجنسية البورمية، مخلِّفين مئات الآلاف من المسلمين بلا جنسية أو حقوق سياسية أو اجتماعية.

وخلال السنوات الماضية، قُتل عشرات الآلاف من المسلمين في ميانمار على يد الجيش والميليشيات البوذية التي يقودها رهبان متطرفون، كما أُحرقت منازلهم ومساجدهم ومُنعوا من ممارسة حريتهم الدينية.

وبحسب شهاداتٍ سجلتها المفوضية السامية لحقوق الإنسان، فقد تم توثيق عديد من حالات القتل العشوائي والاختفاء القسري والاغتصاب وقتل الأطفال ونهب وتدمير الممتلكات والاعتقالات التعسفية

المسلمون في أوروبا

عدد المسلمين في أوروبا يناهز 44 مليوناً، وفي الولايات المتحدة 5 ملايين، حسب تقرير أعدته جامعة العلوم الاجتماعية بأنقرة، عام 2016.

وأشار التقرير إلى أهم المشاكل التي تعترض المسلمين في دول الغرب، والتي تتمثل بالعنصرية، والإسلاموفوبيا، وسياسات التمييز التي تتبعها الحكومات والمجتمعات الغربية، ولكن الإسلام في أوروبا قديم ولا يقتصر على المهاجرين إلى غرب أوروبا فحسب، بل إن الإسلام في بعض البلدان الأوروبية أقدم من المسيحية.

الروس لا ينسون أن التتار سيطروا على موسكو

يمثل المسلمون في روسيا ما بين 7% و15% من السكان الروس البالغ عددهم 144 مليون نسمة، ويشكل الإسلام ثاني أكبر ديانة في روسيا بعد المسيحية.

تتنوع جذور الإسلام في روسيا، ولكن أول وجود للإسلام في المناطق التي تسمى روسيا حالياً، يعود لبلغار الفولغا، وهي دولة أسسها شعب تركي منذ القرن التاسع، واعتنقت الإسلام في القرن التالي قبل نحو 60 عاماً من اعتناق الروس للمسيحية.

ثم غزا المغول هذه الدولة وكذلك المناطق المشكِّلة لروسيا وأوكرانيا حالياً، إضافة إلى أجزاء واسعة من شرق أوروبا، وكانت دولةُ خانية القبيلة الذهبية التي سيطرت على هذه المناطق، أول دولة مغولية تعتنق الإسلام.

رغم أن قيادة القبيلة الذهبية كانت مغولية فإن أغلب جنودها كانوا من التتر (شعب تركي حليف للمغول)، وكانت لغتها الرسمية إحدى اللغات التركية، وكانت عاصمتها ساراي من أكبر مدن العالم، واشتهرت بدورها في تعزيز التجارة، وتسامُحها الديني مع غير المسلمين، خاصةً المسيحيين.

وكانت موسكو تخضع لها عسكرياً وسياسياً دون حكم مباشر، بل كانت تدفع لها الجزية، وكلفت إمبراطورية خانية القبيلة الذهبية موسكو بجمع الجزية من الإمارات الروسية الوسطى والشمالية لصالحها، وهذا التكليف هو الذي جعل موسكو تتحول لأكبر الإمارات الروسية.

وكان التزاوج شائعاً بين التتار والروس بما في ذلك الأسر المالكة، كما سمحت خانية القبيلة الذهبية للروس بإقامة الكنائس في العاصمة ساراي.

ولكن تفككت خانية القبيلة الذهبية إلى عدد من الخانيات التي كانت قوية في البداية. 

وظلت موسكو تابعة رسمية لخانية القبيلة الذهبية والخانيات الوريثة لها، إلى عام 1480.

الأقليات المسلمة في العالم
خانية القبيلة الذهبية كانت تحكم أجزاء كبيرة من روسيا/ويكيبيديا

وفي عام 1552، وقع حدث مفصلي في تاريخ روسيا والتتار، عندما استولى قيصر روسيا الأول إيفان الرهيب، على خانية قازان الشهيرة، وبدأت حملة اضطهاد هائلة للمسلمين من سكان هذه الخانية، تشبه ما جرى بالأندلس، وأجبر الروس قطاعاً من التتار على التحول للمسيحية، ولكن أغلب السكان ظلوا محافظين على هويتهم الدينية والعرقية، وقام تتار قازان بمحاولات على مدار الحكم الروسي لتأسيس نهضة إسلامية تركية، حضارية، وأن يشجعوا بقية السكان التركستانيين والتتار المسلمين الخاضعين لروسيا على التوحد في مواجهة الطغيان الروسي، وما زالت قازان عاصمة جمهورية تتارستان أهم مدينة إسلامية بروسيا وواحدة من أهم المدن الروسية.

بعد سقوط قازان توسعت روسيا، وتوالي ابتلاعها للخانيات التتارية، ولكت ظلت خانية تتار القرم التي تحالفت مع الدولة العثمانية دولة قوية مهابة الجانب في أوروبا خلال القرنين السادس عشر والسابع  عشر، وأحرق مقاتلوها موسكو في ذروة قوة روسيا.

ومع صعود الإمبراطورة كاثرين الثانية في العام 1762، استولت روسيا على خانية القرم، ثم غزت روسيا القوقاز بدءاً ببلاد الشركس المسلمين الغنية، حيث أبادت أعداداً هائلة منهم وطردت آخرين للدولة العثمانية، مما أنهى الوجود القومي الشركسي في المنطقة، وتبع ذلك غزو روسيا لجبال القوقاز حيث جوبهت بمقاومة شرسة خلال القرن التاسع عشر.

واستبشر بعض المسلمين بالحكم الشيوعي، خاصة مثقفي تتار القرم لأنه أكد في البداية على حقوق الأقليات، لكن سرعان ما ساءت أحوال المسلمين خاصة في عهد الزعيم الشيوعي جوزيف ستالين بسبب تعارض الفكر الإسلامي مع المبادئ الماركسية، وجرت محاولات للقضاء على مظاهر الدين، واستمر ذلك الوضع بدرجات متفاوتة ما بين عامي 1922 حتى 1991.

وخلال الحرب العالمية الثانية، نفى  جوزيف ستالين أفراد الشعب الشيشاني بأكمله بدعوى تعاونهم مع النازية ثم أعيدوا بعد وفاته، كذلك تم نفي تتار القرم الذين أعيدوا بعد نهاية الاتحاد السوفييتي.

ومع نشوء جمهورية روسيا الحديثة، جدد الشيشانيون مقاومتهم بهدف نيل الاستقلال، حيث هزموا الجيش الروسي في حرب الشيشان الأولى التي أفضت لاتفاق مع موسكو أعطى الشيشان استقلالاً ذاتياً ضمنياً، ولكن بعد القلاقل التي أثارها بعض المقاتلين المتشددين ضد روسيا، اندلعت حرب الشيشان الثانية، التي استعد لها الجيش الروسي بشكل أفضل بعد تولي فلاديمير بوتين رئاسة الوزراء، حيث سحق المقاومة الشيشانية بشكل بشع، ونصب أحمد قديروف مفتي الشيشان السابق الذي كان قد انشق عن المقاتلين رئيساً للبلاد تابعاً لموسكو ثم خلفه ابنه رمضان قديروف بعد اغتياله.

كيف تعامل روسيا المسلمين حالياً؟

روسيا الاتحادية حالياً، تضم خمس جمهوريات إسلامية هي داغستان وباشكير وتتاريا وأجاريا والشيشان.

تتعامل الحكومة الروسية مع المسلمين كأقلية حرة في ممارسة شعائرها الدينية، وبالرغم من عدم اضطهادهم كما في السابق، إلا أن علاقات الحكومة بالأقلية المسلمة لا تزال تشوبها الريبة ،إذ لا يتم التعامل معهم بنفس الطريقة التي يعامل بها المسيحيون الأرثوذوكس من ناحية التمثيل السياسي في الحكومة والمشاركة في إدارة البلاد.

وبالرغم من أن الحكومة الروسية تعترف بالإسلام كثاني أكبر ديانة في الدولة إلا أنها تخشى تنامي الإسلام السياسي في المنطقة وتعمل على كبحه باستمرار.

 بلغاريا التي كانت يوماً دولة شبه إسلامية

كانت بلغاريا في يوم من الأيام دولة شبه إسلامية، حيث كانت نسبة المسلمين في البلاد حول الثلث في نهاية العهد العثماني، ولكن أدت عمليات الإبادة والتهجير وتغيير الدين القسري إلى تخفيض عدد المسلمين بشكل كبير، ويعتقد أنهم يمثلون حالياً نسبة تتراوح بين 10 إلى 15% من السكان، أغلبهم من العرقية التركية ثم البلغار المسلمين.

واستمر الاضطهاد للمسلمين البلغار حتى العهد الشيوعي؛ حيث كان يتم طرد المسلمين وإجبارهم على تغيير حتى أسمائهم حتى نهاية الثمانينات.

وما زال المسلمون في بلغاريا يواجهون سياسات عنصرية من مخلفات النظام الشيوعي السابق، حسبما قال مصطفى قراضايي، زعيم حزب الحقوق والحريات البلغاري، العام الماضي في كلمة خلال مراسم إحياء  ذكرى استشهاد مسلمين وأتراك على يد قوات النظام الشيوعي. 

 الأقليات المسلمة في إفريقيا

يمكن وصف إفريقيا بأنها قارة ذات غالبية مسلمة، حيث يمثل المسلمون أغلبية كبيرة في كل دول شمال القارة العربية، وكذلك يمثلون أغلبية بنسب كبيرة في معظم دول غرب القارة، فيما يمثلون أقليات كبيرة أو متوسطة في معظم دول شرق القارة، بينما يقل وجودهم في جنوب ووسط القارة.

إثيوبيا.. هل هي دولة إسلامية؟

هناك جدل حول نسبة المسلمين في إثيوبيا، حيث يعتقد أن نسب المسلمين أكبر من نسبة الثلث المعلنة رسمياً، وأنها تقارب النصف، أو أكثر.

 ولكن إثيوبيا كانت دوماً دولة تقودها الإثنيات الشمالية تحديداً الأمهريين والتيغراي، وهما أقليتان مسيحيتان أرثوذكسيتان هما اللتين أسستا  البلاد وثقافتها، وهيمنت عليها على مدار قرون، حيث توسعت بلاد الحبشة على حساب عدوها التقليدي ممثلاً في الصوماليين المسلمين والأورموا الذين كانوا وثنيين وتحولوا تدريجياً للإسلام والمسيحية.

ولكن توسع الإمبراطورية الحبشية خلقا لها واقعاً معقداً، إذ إن أكبر قومية هي قومية الأورومو وتمثل 34.4% من السكان، وهي قومية مهمشة تاريخياً، وأغلبهم من المسلمين، كما أن بهم نسبة كبيرة من المسيحيين، كما ضمت إثيوبيا على مدار القرون الماضية، شعوباً مسلمة ذات هوية إثنية مختلفة تماماً عن الأحباش مثل العفار والصوماليين في الولاية الصومالية وكذلك إريتريا التي استقلت قبل نحو ثلاثة عقود.

ويعني ذلك أن المسلمين يمثلون أغلبية القوميات المهمشة تاريخياً في البلاد، ولكن الخلافات السياسية الحالية في إثيوبيا تأخذ طابعاً إثنيا أكثر منه دينياً، رغم استمرار وجود تأثير للمتغير الديني.

إفريقيا الوسطى.. مغامرة فاشلة لميليشيات مسلمة تؤدي لمذابح مروعة

يبلغ عدد السكان في إفريقيا الوسطى 4.4 مليون نسمة يشكل المسيحيون غالبيتهم، بينما تبلغ نسبة المسلمين حوالي 15% منهم حتى عام 2012، إذ هُجر بعد هذا التاريخ غالبية مسلمي إفريقيا الوسطى هرباً من الحرب والاضطهاد.

بدأت أزمة المسلمين في إفريقيا الوسطى خلال انقلاب 2013، حينما تحالفت أربع ميليشيات مسلمة لإسقاط الحكومة، وتمكنت من خلع الرئيس فرانسوا بوزيزي، ثم أعلنت قائدها مايكل دجوتوديا رئيساً للبلاد، في ظل إدانات دولية.

إلا أن بوزيزي ودائرته الخاصة والجيش المنحل ما لبثوا أن تمكنوا من تجنيد ميليشيات مضادة مسيحية لاستعادة الحكم، وكان المدنيون المسلمون هم من دفع الثمن.

واتسمت عمليات القتل التي استهدفت المسلمين بوحشيتها الشديدة، إذ جرى ذبح المسلمين وتقطيعهم وحرقهم أمام عدسات الكاميرات، وتصعد الأمر ليصل حد الإبادة الجماعية للمسلمين.

أما الناجون فقد فر معظمهم خارج البلاد، وكما تفيد التقارير فقد نزح 99% من مسلمي العاصمة بانغي، في حين أن 80% من مجموع مسلمي إفريقيا الوسطى قد غادروها خوفاً من الموت إلى الكاميرون أو التشاد، كما تم تدمير 417 مسجداً من أصل 436.

تحميل المزيد