بينيت المستفيد الأول من انهيار الائتلاف، لكن هل الانتخابات المبكرة الخيار الوحيد الآن في إسرائيل؟

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2022/05/21 الساعة 10:35 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/05/23 الساعة 05:15 بتوقيت غرينتش
رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت/رويترز

بعد أن أصبح الائتلاف الحاكم برئاسة نفتالي بينيت يمتلك 59 مقعداً فقط في الكنيست، هل أصبح إجراء انتخابات مبكرة في إسرائيل مسألة حتمية أم أن حكومة الأقلية يمكن أن تواصل عملها؟

وإذا كانت وزارة بينيت ستكمل عملها كحكومة أقلية فماذا يعني ذلك؟ صحيفة Haaretz الإسرائيلية نشرت تحليلاً عنوانه "هل إجراء الانتخابات الخامسة خلال ثلاث سنوات أمر حتمي؟"، كتبه أنشيل فيفر، الكاتب والمحلل في الشؤون الإسرائيلية والدولية لدى الصحيفة.

وبعد إعلان نائبة من الائتلاف الحاكم انسحابها، قال بينيت، الجمعة 20 مايو/أيار، إنّ مستقبل إسرائيل في خطر: "تحمُّلي مسؤولية تشكيل حكومة إنقاذ كان خياراً صعباً، لكن مستقبل البلاد في خطر، وعلينا أن نكافح للحفاظ على وحدة شعبنا، فليس لدينا دولة أخرى".

أحمد الطيبي
والنائب العربي في الكنيست أحمد الطيبي اتهم رئيس الوزراء في مقتل أبو عاقلة – Getty Images

وادَّعى بينيت في تغريداته عبر تويتر أنّ الحكومة الحالية "نجحت في عدة مجالات، من بينها مواجهة فيروس كورونا، والبطالة، والعنف، وشلل الحكومة"، وقال إن حكومته "عزَّزت الاقتصاد خلال العام الماضي إلى نمو بنسبة 8%، وانخفض عدد جرائم القتل في المجتمع العربي بنسبة 30%. جلبنا لسكان غلاف غزة وسديروت أطول فترة هدوء منذ سنوات، وقمنا بتمرير الميزانية العامة لدولة إسرائيل".

لماذا استقالت غيداء زعبي؟

وبحسب تحليل صحيفة هآرتس لم يكن سراً أنَّ النائبة غيداء ريناوي زعبي كانت غير مرتاحة داخل ائتلاف حاكم ذي أجندة يمينية بصفة عامة. وقد عرض عليها وزير الخارجية يائير لابيد مخرجاً: منصب القنصل العام لإسرائيل في شنغهاي. كان من المفترض أن يُسوِّي ذلك المسائل، لكنَّ أحداث الأسابيع الستة الأخيرة في القدس، والاشتباكات بين الشرطة والفلسطينيين في المسجد الأقصى، واعتداء شرطة الاحتلال على جنازة مراسلة الجزيرة شيرين أبو عاقلة كانت أكثر مما يُحتَمَل بالنسبة لها، وباتت لا ترغب في تمثيل إسرائيل في الصين، أو أن تدعم حكومتها في الكنيست.

وتترك استقالة غيداء زعبي من الائتلاف الحاكم، الخميس 19 مايو/أيار، نفتالي بينيت رئيساً لحكومة أقلية، وتملك المعارضة الآن، على الأقل على الورق، 61 مقعداً. سرعان ما قدم حزب الليكود مشروع قانون لحل الكنيست، من المقرر التصويت عليه الأربعاء 25 مايو/أيار. وفي حال تمرير مشروع القانون ستتجه إسرائيل إلى انتخابات أخرى في سبتمبر/أيلول، ستكون هي الانتخابات الخامسة خلال 40 شهراً.

شيرين أبو عاقلة فلسطين
تدنيس جنازة شيرين قد يطيح بالحكومة الإسرائيلية/ Getty Images

كان سيناريو التوجه لصناديق الاقتراع مبكراً في إسرائيل قد قفز إلى الواجهة منذ قدمت إيديت سليمان، نائبة الكنيست من حزب "يمينا" اليميني الذي يقوده بينيت، استقالتها، في أبريل/نيسان الماضي، ليصبح عدد النواب المؤيدين للحكومة 60 عضواً من إجمالي 120 عضواً يمثلون عدد الأعضاء.

يتشكل الائتلاف الحكومي من عدد من الأحزاب اليمينية والوسطية واليسارية، ويضم الائتلاف الحكومي 8 أحزاب: "هناك مستقبل" (وسط- 17 مقعداً من أصل 120 بالكنيست) و"يمينا" (يمين- 7 مقاعد) و"العمل" (يسار- 7 مقاعد) و"أمل جديد" (يمين- 6 مقاعد)، و"أزرق- أبيض" (وسط- 8 مقاعد)، و"ميرتس" (يسار- 6 مقاعد)، والقائمة العربية الموحدة (4 مقاعد)، و"إسرائيل بيتنا" (يمين- 7 مقاعد).

سيناريوهات الانتخابات المبكرة في إسرائيل

لكن ما زال من غير المؤكد على الإطلاق أنَّ كل الموجودين في المعارضة حالياً سيصوتون لصالح مشروع القانون الهادف إلى سحب الثقة من الحكومة، بدايةً من غيداء زعبي نفسها، إذ كتبت غيداء في خطاب استقالتها أنَّها لم تعد عضوة بالائتلاف. هل هذا نهائي، وهل يعني انضمامها تلقائياً إلى المعارضة في كل تصويت؟ لم توضح ذلك.

وتبقى غيداء، في الوقت الراهن على الأقل، عضوة بحزب ميرتس، ولا يزال زملاؤها بالحزب يضغطون عليها إمَّا للعودة إلى الائتلاف أو للموافقة على تفاهم ما تستمر بموجبه على الأقل في دعم الائتلاف في التصويتات الحاسمة. 

وحتى لو لم ينجح ذلك ورفضت غيداء زعبي التعهُّد بأنَّها ستصوت ضد مشروع قانون حل الكنيست أو تمتنع عن التصويت، لا يريد كل أعضاء المعارضة الحاليين انتخابات في الوقت الراهن.

ففي استطلاعات الرأي، فقط حزبا الليكود والصهيونية الدينية هما مَن يُتوقَّع أن يحصلا على مقاعد إضافية، في حين أنَّ أحزاب شاس ويهودية التوراة المتحدة والقائمة المشتركة كلها مُهدَّدة بالتراجع. ولا يميل أيٌّ من هذه الأحزاب للتصويت لصالح الائتلاف، لكن كل ما يتطلَّبه الأمر هو أن يتغيَّب أحدها عن التصويت. ولا يمكن لمشروع قانون حل الكنيست أن يمر إلى قراءته النهائية إلا بحد أدنى 61 صوتاً.

بنيامين نتنياهو يحلم بالعودة إلى رئاسة الوزارة/ رويترز

وقال أحد قيادات حزب يهودية التوراة المتحدة، موشيه غافني، بالفعل إنَّه يجب استنفاد كل الخيارات لتشكيل حكومة أخرى في الكنيست قبل إجراء انتخابات أخرى. ومن المستبعد للغاية أن تكون تلك الخيارات قائمة، لأنَّ بنيامين نتنياهو لا يزال ينقصه سبع من أعضاء الكنيست للحصول على الأغلبية.

ورئيس الوزراء الآخر الوحيد المحتمل في هذا الكنيست هو بيني غانتس، لكن من المستبعد بنفس القدر، إن لم يكن مستحيلاً، أن تلتف أغلبية حوله.

وغيداء زعبي ليست مشكلة الائتلاف الوحيدة، وسيكون لقرارها القيام بوقفة مبدئية والاستقالة أثر ارتدادي على الأعضاء العرب الإسرائيليين واليساريين الآخرين. فلدى نائبي حزب ميرتس غابي لاسكي وموسي راز اعتراضات قوية بنفس القدر على سياسات الحكومة بشأن القضية الفلسطينية، في حين سيجد نواب القائمة العربية الموحدة من الصعب مواصلة التصويت للحكومة، بعدما استقالت زميلتهم بالائتلاف لهذه الأسباب.

هل ينجح لابيد في إنقاذ الائتلاف الهشّ؟

لم يكن لابيد مهندس الائتلاف وحسب، بل هو أيضاً المسؤول عن الإبقاء على عناصره الوسطية واليسارية. وقد نجح حتى الآن في ظل ظروف شديدة الإرهاق أن يُبقي عليهم داخل الحظيرة، لكن مع أول انشقاق يساري من الائتلاف فإنَّ الأمر على وشك أن يصبح أصعب بكثير، بل وعلى الأرجح مستحيلاً.

ولمنع نواب القائمة العربية الموحدة والمزيد من نواب ميرتس من المغادرة يحتاج لابيد لمنحهم ضمانةً من نوع ما بأنَّ ميول الحكومة الأكثر يمينية ستُكبَح بعض الشيء، لكن هل يمكنه الوفاء بوعده في هذا الصدد؟

أدَّى انشقاق إيديت سليمان من حزب يمينا، الشهر الماضي، إلى انحراف الحكومة نحو اليمين، في محاولة لمنع المزيد من الانشقاقات من حزب رئيس الوزراء. ويبدو أنَّ بينيت قد ثبَّت سفينته المثقوبة، لكنَّ تحولاً آخر نحو اليسار قد يجعلها تنقلب، ويقفز المزيد من المنشقين من جانبها.

إسرائيل
وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لابيد – Getty Images

ثُمَّ هنالك مسألة ما إن كان بينيت أصلاً يرغب في مساعدة لابيد. فغيداء زعبي عضوة بـ"كتلة لابيد" ضمن أحزاب الائتلاف، وإذا ما كان صوتها هو الذي سيُسقِط الحكومة، سيصبح بينيت رئيساً للوزراء بحكومة تصريف الأعمال خلال الحملة الانتخابية وحتى تشكيل حكومة جديدة. وقد يستغرق هذا -حرفياً- سنوات وعدداً لا يُحصى من الانتخابات الأخرى.

ولدى لابيد، بصفته رئيس الوزراء البديل، طريقان فقط ليصبح رئيس وزراء في ظل هذا الكنيست: إما أن يُسقِط أعضاء التحالف اليمينيون في "كتلة بينيت" الحكومة، ويصبح تلقائياً رئيس وزراء لحكومة تصريف الأعمال، أو أن تستمر الحكومة إلى أغسطس/آب 2023. ويبدو الاحتمالان بعيدين بشكل متزايد في الوقت الراهن.

إذ إن اتفاق تشكيل الحكومة ينص على أن يتولى نفتالي بينيت رئيس حزب "يمينا" رئاسة الوزراء أولاً لمدة عامين، تنتهي بنهاية شهر أغسطس/آب العام المقبل، ثم يخلفه "لابيد" حتى نوفمبر/تشرين الثاني 2025.

ويعني هذا أنه أمام لابيد أيام قليلة إلى حين التصويت المقرر على حل الكنيست، كي يحاول الإبقاء على تماسك الائتلاف، على الأقل حتى الذكرى السنوية الأولى لتأسيسه بعد أربعة أسابيع من الآن.

تحميل المزيد