هل يستخدم ماسك الحسابات الوهمية “مبرراً” للانسحاب من صفقة تويتر دون أن يدفع مليار دولار؟

عربي بوست
تم النشر: 2022/05/18 الساعة 13:51 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/05/18 الساعة 15:24 بتوقيت غرينتش
إلى أين تتجه صفقة تويتر؟/ رويترز

منذ الإعلان عن شراء إيلون ماسك منصة تويتر، تتعرض الصفقة التي أصبحت حديث العالم لمطبات صعبة تهدد بإكمالها، فهل يبحث أغنى رجل في العالم عن وسيلة للتراجع دون أن يخسر مليار دولار؟

كان ماسك، صاحب ومدير شركة تسلا للسيارات الكهربائية وشركة سبيس إكس للفضاء، قد توصل الإثنين 25 أبريل/نيسان الماضي لاتفاق لشراء منصة التواصل الاجتماعي تويتر مقابل 44 مليار دولار، بعد أسبوعين من التكهنات والضغوط، التي أجبرت إدارة تويتر على الدخول في مفاوضات مع رجل الأعمال الأمريكي، الذي غازل مساهمي المنصة من خلال نشره للتفاصيل المالية لعرضه.

الإعلان عن الاتفاق يعتبر واحداً من أكثر الأخبار متابعة حول العالم، وذلك بسبب ما قد يعنيه تحوُّل المنصة، التي يستخدمها يومياً عشرات الملايين من الأشخاص ويعتمد عليها زعماء العالم السياسيون والاقتصاديون وغيرهم، من شركة مساهمة إلى ملكية فردية وما قد يعنيه ذلك من تغييرات جذرية على أداء تويتر.

قصة الحسابات الوهمية على تويتر

منذ توقيع الصفقة في 25 أبريل/نيسان الماضي، بدا وكأن ماسك يشكك في دقة التقارير العامة والإفصاحات الصادرة عن تويتر بشأن حسابات البريد الوهمية التي تمثل أقل من 5% من قاعدة مستخدمي منصة التواصل الاجتماعي، قائلاً إنها يجب أن تكون 20% على الأقل.

اللافت هنا هو أن تشكيك ماسك في تلك الإفصاحات تجاهل بشكل واضح حقيقة أن تويتر نفسها أقرت، في تلك الإفصاحات، بأن الأرقام الخاصة بالحسابات الوهمية قد تكون أعلى من التقديرات التي تحملها التقارير الخاصة بالشركة. وكان باحثون مستقلون قد توقعوا أن تسعة إلى 15% من ملايين الملفات الشخصية على تويتر ما هي إلا حسابات مزيفة.

ويوم الجمعة 13 مايو/أيار، أعلن ماسك عن تعليق صفقة شراء تويتر "بشكل مؤقت"، بعد أن نشرت منصة التواصل الاجتماعي تقريراً يربط بين عدد الحسابات المزيفة والعشوائية ومستخدميها النشطين المربحين. ونقل تقرير لرويترز وثائق رسمية قدمتها تويتر، ذكرت أن أقل من 5% من 226 مليون مستخدم نشط، يدرون المال على الشركة، هم من الحسابات المزيفة والعشوائية.

لكن قد يكون إفصاح ماسك، الإثنين 16 مايو/أيار، في مؤتمر بميامي أن الصفقة يمكن أن تتم بسعر أقل، دون أن يحدده، المؤشر الأبرز على أن رجل الأعمال يريد إما تخفيض قيمة الصفقة أو إيجاد مبررات قانونية للانسحاب منها بشكل نهائي، دون أن يضطر لخسارة مليار دولار تمثل قيمة الشرط الجزائي المنصوص عليه في اتفاق الشراء الموقع بين الطرفين.

تويتر إيلون ماسك
تويتر/رويترز

وتواصلت الحرب الباردة بين الطرفين، مع قول ماسك عبر تويتر، الثلاثاء 17 مايو/أيار، إن الرئيس التنفيذي باراغ أغراوال رفض تقديم دليل على تقدير شركته للحسابات الوهمية وأن الصفقة لا يمكن أن تمضي قدماً إلى أن يفعل ذلك.

ودخل الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب على خط الحرب الباردة، إذ أعلن تحديه لماسك بشأن إتمام صفقة تويتر بسعر 44 مليار دولار، ونشر بيان عن المنصة، التي كانت أولى المنصات الاجتماعية التي حظرت حساب ترامب نهائياً، قال فيه: "من المستحيل أن يشتري إيلون ماسك، تويتر، بهذا السعر الباهظ، خاصة بعد إدراكه أنها شركة تعتمد إلى حد كبير على حسابات وهمية".

ويعد تويتر، الذي أسسه جاك دورسي عام 2006، ضمن أكبر منصات التواصل الاجتماعي، ويستخدمه شهرياً أكثر من 217 مليون شخص بصورة فعالة. وعلى الرغم من أن تويتر أقل كثيراً من عملاق منصات التواصل فيسبوك، من حيث عدد المستخدمين والقيمة السوقية للشركة، إلا أن تطبيق دورسي هو المنصة المفضلة للسياسيين والمشاهير حول العالم.

هل تسرع ماسك في عرضه لشراء تويتر؟

رداً على تغريدات ماسك حول الحسابات الوهمية، نشرت تويتر روايتها بشأن مفاوضات اتفاق الاستحواذ مع إيلون ماسك، مما يظهر أن أغنى رجل في العالم لم يطرح أسئلة عن أعمال شركة وسائل التواصل الاجتماعي التي يستشهد بها حالياً في الإعلان عن "تعليق" الصفقة البالغ قيمتها 44 مليار دولار.

وترسم رواية تويتر صورة لماسك في عجلة من أمره لإبرام صفقة عبر عرضه "الأفضل والأخير"، إذ تظهر الرواية أن ماسك تفاوض على صفقة تويتر خلال عطلة نهاية الأسبوع في 23 و24 أبريل/نيسان دون إجراء أي فحص فني نافٍ للجهالة.

وقالت تويتر: "لم يطلب السيد ماسك الدخول في اتفاق سري أو طلب من تويتر أي معلومات غير معلنة تتعلق بالشركة"، بحسب تقرير لرويترز.

كان التداول في أسهم تويتر قد أغلق الإثنين عند انخفاض بنسبة تزيد عن 8% حيث بيع بسعر 37.39 دولار للسهم الواحد، وتواصل الانخفاض أكثر الثلاثاء، وهو ما زاد الشكوك حول الصفقة وما إذا كان ماسك سيمضي قدماً في عملية الاستحواذ على الشركة بالسعر المتفق عليه.

وقالت سوزانا ستريتر، كبيرة محللي الاستثمار والأسواق في شركة "هارغريفز لانسداون، لـ"بي بي سي" إنه "يبدو أمراً مرجحاً بشكل متزايد أن إيلون ماسك يستعد لإعادة التفاوض على سعر أقل بكثير في مقابل تويتر أو حتى محاولة الانسحاب من الصفقة".

وقالت إن تأكيد عدد المستخدمين الحقيقيين على تويتر يُعتبر "ضرورياً لاستمرار تدفق الإيرادات في المستقبل من خلال الإعلانات أو الاشتراكات المدفوعة على الموقع". وقالت ستريتر إن "التقلبات التي أصابت أسهم شركات التكنولوجيا وساهمت في انخفاض حاد في القيمة المقدرة لتويتر من المحتمل جداً أن تكون هي الأخرى جزءاً من المعادلة"، مضيفة أن ماسك "من الواضح أنه يندم على توقيت عرضه المتسرع بدفع 44 مليار دولار مقابل منصة التواصل الاجتماعي".

هل المشكلة في المليار دولار؟

حتى الآن لم يخبر إيلون ماسك تويتر بأنه يريد إعادة التفاوض على سعر الصفقة، لكن خبراء قانونيون قالوا إن رجل الأعمال الأمريكي سيخسر على الأرجح في المحكمة إذا حاول التخارج من الصفقة، بحسب تويتر.

لكن أي دعوى قضائية من المحتمل أن تطول وتثير حالة من عدم اليقين بشأن أعمال تويتر، وحتى الشركات التي انتصرت قضائياً على مشتريها انتهى بها الأمر إلى التفاوض على تسويات مالية، بحسب نفس الخبراء.

وتوقع محللون بأن ماسك ربما يبحث عن طرق لإعادة التفاوض على سعر الصفقة أو الانسحاب منها، بحسب تقرير لهيئة الإذاعة البريطانية BBC.

زوي كلاينمان، محررة شؤون التكنولوجيا في "بي بي سي"، تقول إنها يئست منذ زمن بعيد من محاولة قراءة تفكير إيلون ماسك، ولكنها تتكهن بأن أغنى رجل في العالم يثير زوبعة كبيرة حول الحسابات الوهمية، فيما قد تكون محاولة هدفها إعادة التفاوض، بعد أن بات واضحاً للجميع أن عرضه الأوَّلي لشراء الشركة مقابل 44 مليار دولار أعلى بكثير مما توحي به الأسعار الحالية لأسهمها.

وتضيف كلاينمان أن ماسك تحرك بسرعة وبقوة وربما حتى باندفاع، فمن أجل تمويل الصفقة، اضطر إلى بيع مجموعة كبيرة من الأسهم في إحدى شركاته الأخرى، وهي شركة تسلا المصنعة للسيارات الكهربائية، وهذا بدوره ولّد انخفاضاً في قيمة تلك الشركة حيث جعل المستثمرين الآخرين قلقين.

وإذا انسحب أي من طرفي الصفقة الآن، فإن عليه أن يدفع رسوم إلغاء تبلغ مليار دولار. وقد يبدو ذلك المبلغ وكأنه مبلغ تافه بالنسبة لشخص يملك المليارات- مع أن ماسك يؤكد دائماً أنه غني بالأصول التي يملكها وليس بالمبالغ النقدية- لكن ذلك يمنحه ربما قدرة على خصم بضع مليارات بنجاح من سعر العرض، لأن مبلغ المليار دولار لا يعد مبلغاً تافهاً بالنسبة لتويتر ومساهميها.

وفي الوقت نفسه، لا يزال ماسك ملزم تعاقدياً بدفع رسوم قدرها مليار دولار إذا لم يكمل الصفقة، لكن بإمكان تويتر رفع دعوى لإجبار ماسك على إتمامها والحصول على تسوية منه نتيجة لذلك.

تويتر أول تغريدة بتويتر
جاك دورسي، المدير التنفيذي السابق لتويتر/ رويترز

وقالت تويتر الثلاثاء إنها ما زالت ملتزمة بالصفقة بالسعر المتفق عليه وتتوقع استكمالها في 2022، ولم يرد ممثلو ماسك على طلبات التعليق من جانب رويترز.

وقد يكون ماسك محقاً في التشكيك بقيمة تويتر السوقية، وإذا لم تكن منتفخة حقاً بالحسابات الوهمية، حينها قد يكون لديها فرصة أقل لجعلها عظيمة من جديد، فماسك وأغراوال يناقشان على الملاً أرقام الحسابات الوهمية على تويتر، لكن العلاقات بينهما يبدو أنها قد توترت.

وبعد أن علّق عرض الشراء الذي تقدم به، قال ماسك في مؤتمر ميامي إنه "لا يمكنك أن تدفع السعر نفسه مقابل شيء هو أسوأ بكثير مما يزعمون". وقال إن الصفقة "ليست غير واردة" بسعر مختلف، لكنه أضاف: "كلما زاد عدد الأسئلة التي أوجهها، زادت مخاوفي".

ويطالب ماسك بإجراء اختبارات لعينات عشوائية من مستخدمي تويتر لتحديد المستخدمين الوهميين. وقال إن "هناك احتمالاً بأنها قد تكون أكثر من 90٪ من المستخدمين النشطين يومياً".

الخلاصة هنا هي أنه على الرغم من أن أحداً لا يمكنه تخمين ما قد يكون أغنى رجل في العالم يفكر فيه بشأن صفقة تويتر بشكل قاطع، إلا أن احتمال أن تتم الصفقة بمبلغ 44 مليار دولار فعلاً ربما يكون أقرب للمستحيل الآن، فهل يختار ماسك سداد الشرط الجزائي والانسحاب أم يوافق تويتر على تخفيض مبلغ الصفقة؟

تحميل المزيد