ضحايا الإرهاب بالساحل الإفريقي زادوا عشر مرات.. استراتيجية خطيرة لداعش توسّع عدد المنضمين إليه قسراً

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2022/05/08 الساعة 18:08 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/05/08 الساعة 18:08 بتوقيت غرينتش
إفريقيا تتحول لبؤرة الإرهاب في العالم/رويترز

يعود الإرهاب ليطل برأسه من جديد بعد سنوات من الانحسار، إذ يؤدي الفقر والتهميش إلى توفير عوامل تؤدي إلى تأجيج الخطر الإرهابي، وهو ما يظهر في تحول إفريقيا جنوب الصحراء للبؤرة الجديدة للإرهاب في العالم. 

وعلى الرغم من انخفاض الوفيات وتصاعد الهجمات، تتجاوز السياسة مرتبة الدين في ترتيب الدوافع المتحركة للإرهاب (على الأقل في الغرب)، حيث توفر العوامل القديمة المتمثلة في الفقر والتهميش وضعف الحوكمة مزيجاً قابلاً للاشتعال يمكن أن يأذن بعودة الإرهاب في الوقت الذي تُخفَّف فيه قيود التنقُّل المرتبطة بالجائحة، حسبما ورد في تقرير لمجلة Foreign Policy الأمريكية. 

وتُعَد هذه بعض النتائج الرئيسية المُستخلَصة من أحدث إصدار لـ"مؤشر الإرهاب العالمي"، الذي يُعِدُّه "معهد الاقتصاد والسلام" ومقره أستراليا. 

الصورة المركبة تظهر تحول إفريقيا جنوب الصحراء لتصبح بؤرة الإرهاب العالمي، ويأتي هذا التحول مدفوعاً بالدرجة الأولى بتوسع تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) واستمرار وجود جماعة "بوكو حرام"، في الوقت الذي تظل فيه أفغانستان أكثر بلدان العالم دماراً من جرَّاء الإرهاب. ولا يعني هذا أنَّ البؤر الإرهابية في الشرق الأوسط وشرق إفريقيا قد انتهت.

التنظيمات الإرهابية تستغل الحرمان لتجنيد أعضاء جدد

أبرز التحولات: هجمات إرهابية أكثر ووفيات أقل. ففي عام 2021، قُتِلَ نحو 7142 شخصاً في هجمات إرهابية، بانخفاض بسيط عن العام السابق، لكنَّه رقم يقل بمقدار الثلث عن الذروة في عام 2015. الأمر المتسارع هو وتيرة الهجمات، التي قفزت بنسبة 17% لتصل إلى 5226 هجوماً العام الماضي، وهو أعلى رقم منذ عام 2007، العام الذي بدأ فيه إصدار المؤشر. وقال التقرير إنَّ ذلك يعود إلى حدٍّ كبير إلى العنف في منطقة الساحل الإفريقي وعدم الاستقرار في بلدان مثل أفغانستان وميانمار.

وكما هو الحال دوماً، يرتبط انتشار الإرهاب بالأوضاع الاقتصادية-الاجتماعية. إذ تستغل التنظيمات الإرهابية الحرمان والاغتراب لتجنيد الأعضاء، وقال التقرير إنَّ داعش، على سبيل المثال، يَعِدُ الشباب الأوروبي الساخط بـ"حياة جديدة وفرص جديدة"، في حين تقدم جماعة بوكو حرام رواتب ضخمة في منطقة الساحل.

وداعش يتبنى استراتيجية الوحشية المتطرفة

وتُستخدَم الوحشية المتطرفة، مثلما نرى من تنظيم داعش في العراق، للإبقاء على المجندين الذين يخشون تبعات محاولة المغادرة، ولاجتذاب الأشخاص العنيفين. وقال التقرير إنَّه يمكن للتنظيمات الإرهابية "توفير شعور قوي بالانتماء لدى الأفراد المحرومين".

ولهذا يمكن أن يمثل إنهاء القيود المرتبطة بالجائحة بعد ثلاث سنوات من الاضطرابات الاجتماعية والاقتصادية عامل تحفيز لمزيد من النشاط الإرهابي.

الإرهاب
جنود نيجيريون يحملون علم جماعة بوكو حرام/رويترز

وأشار التقرير إلى أنَّ تخفيف إجراءات الإغلاق والضوابط الطارئة على الحركة يمكن أن تؤدي إلى تصاعد كبير في الهجمات إذا لم تُعالَج الظروف الأساسية التي دفعت نحو التطرف. وقادت سنوات من التفاوتات والمصاعب الاجتماعية والاقتصادية إلى ارتفاع معدلات البطالة بين الشباب وتوسُّع القاعدة التي يُحتَمَل أن تلجأ إلى التطرف.

وفي ما يتعلَّق بالجماعات الإرهابية، اعتبر مؤشر الإرهاب العالمي أنَّ تنظيم داعش هو الأكثر فتكاً، وأكَّد على تمدُّده من خلال الأفرع التابعة له في منطقة الساحل الإفريقي، وهو ما جعل تلك المنطقة تمثل مركز العودة الإرهابية. 

الوفيات الناجمة عن الإرهاب تضاعفت 1000% في منطقة الساحل الإفريقي

وقال التقرير إنَّ منطقة الساحل– التي تتألف من بوركينا فاسو والكاميرون وتشاد وغامبيا وغينيا وموريتانيا ومالي والنيجر ونيجيريا والسنغال- "تمثل مبعث قلق خطير". وقد تزايدت الوفيات الناجمة عن الإرهاب هناك بأكثر من 1000% (عشر مرات) منذ عام 2007، ووقعت نحو نصف الوفيات الناجمة عن الإرهاب عالمياً العام الماضي في إفريقيا جنوب الصحراء، وخصوصاً منطقة الساحل.

ويقف توسُّع أفرع داعش خلف تصاعد الإرهاب في الكثير من بلدان الساحل. إذ زادت الوفيات الناجمة عن الإرهاب في النيجر بأكثر من الضعف في عام 2020 لتصل إلى 588 وفاة. وحوَّل انتشار أفرع داعش والجماعات المرتبطة بتنظيم القاعدة إفريقيا إلى ملاذ للإرهاب.

قال تقرير مؤشر الإرهاب العالمي: "سُجِّلَت وفيات منسوبة إلى الجماعات الإسلامية المتطرفة مثل تنظيم داعش في غرب إفريقيا وجماعة أنصار الإسلام والمسلمين وجماعة بوكو حرام وحركة الشباب، وصولاً حتى موزمبيق جنوباً، ووقعت 43% منها في الساحل".

حركة شباب المجاهدين تملأ الفراغ في الصومال

وتجرَّأت حركة الشباب، التابعة لتنظيم القاعدة والتي تقف خلف الجزء الأكبر من الهجمات الإرهابية التي شهدها الصومال عام 2021 والبالغ عددها 308، من جرَّاء انسحاب القوات الأمريكية والقوات الأمنية وقوات حفظ السلام التابعة للاتحاد الإفريقي العام الماضي، كما ساهمت في ذلك حالة عدم الاستقرار السياسي عقب قرار البرلمان الاتحادي الصومالي مد ولاية الحكومة إلى أجل غير مسمى. ومثلما هو الحال مع حركة طالبان وأفرعها في أفغانستان وباكستان، تشغل حركة الشباب أي فراغ، وهي تملأ الآن المجال الذي تركته قوات مكافحة الإرهاب التي غادرت.

وقالت الحركة إنَّها شنَّت هجوماً على بعثة تابعة للاتحاد الإفريقي كانت تتمركز فيها قوات من بوروندي، ما أسفر عن عدة وفيات. وبلغ إجمالي الوفيات الناجمة عن الإرهاب في الصومال منذ عام 2007 عدد 6166 وفاة، وتستهدف معظم الهجمات الشرطة والجيش. 

وبالنسبة للبلدان المتضررة من الإرهاب، هنالك الكثير من الأوجه المعتادة؛ إذ تتصدر أفغانستان القائمة منذ عام 2019. ويُكمِل العراق والصومال المركزين الثاني والثالث. وتراجعت باكستان من المركز الثامن إلى العاشر، لكنَّ ذلك قد يتغير بالنظر إلى تصاعد النشاط الإرهابي داخل باكستان عقب سيطرة طالبان على الجارة أفغانستان الصيف الماضي.

وتمثَّلت إحدى المفاجآت في حلول ميانمار بالقائمة. ويتصاعد الإرهاب– بمعناه الضيق- في البلد الواقع جنوب شرقي آسيا منذ أعاد الجيش السيطرة على السلطة عقب الانتخابات في فبراير/شباط 2021 وزج بالقادة الديمقراطيين، بما في ذلك الحائزة على جائزة نوبل أونغ سان سو تشي، في السجن. وتزايدت الهجمات من 25 في عام 2020 إلى 750 العام الماضي، ما أسفر عن سقوط أكثر من 500 قتيل. ويُعَد ذلك مؤشراً على الاستياء واسع النطاق من قيادة المجلس العسكري في ميانمار، لأنَّ معظم الهجمات تستهدف أفراد الحكومة وقوات الأمن.

وتسبب أسوأ هجوم، الذي شنَّته جماعة تُدعى "قوة الدفاع الشعبي في يساغيو"، بمقتل 30 جندياً في أغسطس/آب الماضي حين قُصِفَت قافلتهم. وقال تقرير مؤشر الإرهاب العالمي إنَّ التوترات بين الجيش والمجموعات المناهضة للمجلس العسكري يُرجَّح أن تؤدي إلى مزيد من العنف في ظل عدم استعداد أيٍ من الطرفين لتقديم تنازلات.

تحميل المزيد