تتواصل الانتهاكات الإسرائيلية بحق الأقصى، وسط تحذيرات من حركات المقاومة الفلسطينية من أنها قد ترد على هذه الممارسات، فيما نفى منصور عباس رئيس القائمة العربية الموحدة بالكنيست الإسرائيلي، نيته الانسحاب من الحكومة الإسرائيلية على خلفية أزمة الأقصى.
ونفذت قوات الاحتلال الإسرائيلي عملية اقتحام للمسجد الأقصى فجر الجمعة، مما أسفر عن إصابة أكثر من 150 فلسطينياً واعتقال 400 آخرين.
والأحد بدأ مستوطنون إسرائيليون، اقتحامهم لساحات المسجد الأقصى، بمدينة القدس الشرقية، بحراسة مشددة من الشرطة.
فبينما العالم منشغل بأزمة أوكرانيا، والعديد من الدول العربية منهمكة في التطبيع، يواصل المقدسيون الدفاع عن المقدسات الإسلامية في القدس.
عشرات الإصابات جراء الانتهاكات الإسرائيلية بحق الأقصى
وأعلن الهلال الأحمر الفلسطيني، الأحد، أن طواقمه تتعامل مع عشر إصابات في الأحداث التي يشهدها المسجد الأقصى ومحيطه في مدينة القدس مع تجدد المواجهات بين المصلين وقوات الأمن الإسرائيلية.
واتهمت الرئاسة الفلسطينية إسرائيل بمحاولة تقسيم المسجد الأقصى "زمانياً ومكانياً" بين المسلمين واليهود.
ويعود جزء من أسباب تصاعد التوتر هذا العام لتزامن شهر رمضان مع الاحتفال بعيد الفصح لدى اليهود.
وشهد العام الماضي اشتباكات ليلية بين فلسطينيين والشرطة الإسرائيلية خلال شهر رمضان. وأدت تهديدات بطرد فلسطينيين من القدس الشرقية وغارات الشرطة على الأقصى إلى إشعال حرب بين إسرائيل وغزة استمرت 11 يوماً أسفرت عن مقتل أكثر من 250 فلسطينياً في غزة و13 شخصاً في إسرائيل.
وانتقل مركز ثقل الكفاح الفلسطيني هذا العام من القدس وغزة إلى الضفة الغربية، فمنذ مارس/آذار 2020، قتلت القوات الإسرائيلية 29 فلسطينياً أثناء مداهمات في الضفة الغربية بعد أن قتل مهاجمون فلسطينيون 14 إسرائيلياً في سلسلة من الهجمات بمدن إسرائيلية.
ونشطت بعض التحركات الرامية لوقف الاعتداءات الإسرائيلية على الأقصى، حيث دعا العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، أمس الأحد، إسرائيل إلى "وقف جميع الإجراءات اللاشرعية والاستفزازية" في المسجد الأقصى الذي يشهد منذ أيام مواجهات بين الفلسطينيين والشرطة الإسرائيلية.
كما أفادت تقارير بوجود وساطة مصرية لوقف الانتهاكات الإسرائيلية ومنع احتمالات تصعيد محتمل بين قوى المقاومة الفلسطينية في غزة والاحتلال الإسرائيلي.
وفي ظل تجاهل عربي ودولي تام لما يحدث، وضعف السلطة الفلسطينية التي تكتفي بالتنديد، باتت تهديدات المقاومة الفلسطينية إضافة إلى صمود المرابطين في الأقصى والمقاومة المتصاعدة في الضفة هي الأسلحة الوحيدة المتاحة للفلسطينيين في مواجهة الانتهاكات الإسرائيلية.
إسرائيل تتحسب لحرب في غزة
وزاد الجيش الإسرائيلي، نشر أنظمة الدفاع الجوي جنوبي البلاد، "خشية" من إطلاق الصواريخ من قطاع غزة، في ظل الأوضاع المتوترة بالضفة الغربية، بما فيها مدينة القدس.
وقالت قناة "كان" الإسرائيلية الرسمية، أمس الأحد، إن إسرائيل نشرت بطاريات القبة الحديدية حتى مسافة 100 كلم من قطاع غزة، خشية وصول الصواريخ في حال إطلاقها إلى تلك المناطق.
وفي وقت سابق الأحد، حمَّلت حركة "حماس"، التي تدير قطاع غزة، إسرائيل، المسؤولية عن تداعيات الأوضاع في المسجد الأقصى بالقدس، مؤكدة أن الأقصى خط أحمر.
وحذرت حركة حماس، إسرائيل والتنظيمات الاستيطانية من تنفيذ مخطط "ذبح القرابين" في ساحات المسجد الأقصى خلال عيد الفصح اليهودي، "وممارسة طقوسهم الاستفزازية في باحات المسجد الأقصى المبارك"، مشيرة إلى أن ذلك "يمثل تصعيداً خطيراً يتجاوز كل الخطوط الحمراء، ونحملهم مسؤولية تداعياته كافة".
وساطة مصرية بهدف التهدئة
ونقلت صحيفة العربي الجديد عن مسؤولين مصريين أن مسؤول ملف الاتصالات مع حكومة الاحتلال محمود السيسي نجل الرئيس المصري، توجه برفقة اثنين آخرين من المسؤولين المصريين، في زيارة خاطفة ظهر اليوم الجمعة إلى تل أبيب، بهدف قيادة وساطة مباشرة في ظل وصول التصعيد لمستوى خطر يهدد بانفجار الوضع مجدداً مع قطاع غزة.
وبحسب مصادر فإن تعليمات مصرية صدرت للشركة العاملة في عمليات إعادة الإعمار في غزة بوقف العمل مؤقتاً، في ظل استنفار مقاتلي الفصائل في القطاع تحسباً لموجة تصعيد جديدة حال فشل جهود الوساطة التي تقوم بها مصر وأطراف أخرى.
وتوصلت المخابرات العامة المصرية، وفقاً لهيئة البث الإسرائيلي "كان"، في اتصالاتها مع حركة "حماس" والحكومة الإسرائيلية، إلى اتفاق بشأن الفلسطينيين المعتقلين لدى الشرطة الفلسطينية خلال المواجهات الأخيرة في الحرم القدسي (ويتجاوز عددهم 400 شخص).
وذكر موقع i24 الإسرائيلي أن مصادر مصرية، قالت الجمعة، إن هناك مؤشرات إيجابية تشير إلى اتجاه الأوضاع نحو الهدوء بين إسرائيل والفصائل الفلسطينية، بعد المواجهات التي وقعت في محيط الحرم القدسي الشريف، وذلك بفضل جهود الوساطة التي تقوم بها القاهرة بين الطرفين.
وبحسب المصادر، فقد طالبت القاهرة قيادة "حماس" بضبط الأوضاع في قطاع غزة، مؤكدة مخاوفها بشأن حدوث أي خطأ قد يؤدي لعمليات إطلاق صواريخ من القطاع بشكل يدفع الأوضاع إلى نقطة لا يمكن الرجوع عنها.
ولكن حركة حماس كذبت التقارير عن الاتفاق على تهدئة، حيث نفى محمود مرداوي، القيادي في الحركة، الأنباء التي تتحدث حول وجود تهدئة مع الاحتلال بعد حادثة اقتحام المسجد الأقصى، مؤكداً في الوقت ذاته أن "قيادة حركة حماس بالتعاون مع الفصائل، تجري حواراً مع الوسطاء لنزع فتيل الأزمة التي فرضها الاحتلال بانتهاك حرمة المسجد الأقصى".
القائمة العربية تلوح بالانسحاب من الحكومة ولكن رئيسها ينفي
وفي الداخل الإسرائيلي، أعلنت القائمة العربية الموحدة، أحد مكونات الائتلاف الحكومي في إسرائيل، الأحد، تجميد عضويتها في التحالف والكنيست (البرلمان)، بشكل مؤقت، بسبب الأحداث الدائرة في المسجد الأقصى،
كما هدد عضو الكنيست عن القائمة الموحدة مازن غنايم، يوم الجمعة الماضي، بالاستقالة من الائتلاف الحاكم، على خلفية أعمال العنف التي شهدتها باحات المسجد الأقصى.
وحسب وسائل إعلام عبرية؛ من بينها قناة (كان) الرسمية، فإنّ انسحاب القائمة العربية الموحدة من الائتلاف الحكومي لن يؤثر على الفور على الحكومة، إذ إن الكنيست في عطلة حتى 5 أيار/مايو.
لكن في حال استمرار انسحاب القائمة العربية الموحدة، أو أحد نوابها، بعد انتهاء العطلة، يمكن للكنيست إجراء تصويت بحجب الثقة، وبالتالي إعادة الإسرائيليين إلى الانتخابات.
ولكن رئيس "القائمة العربية الموحدة"، منصور عباس، نفى نية قائمته إسقاط حكومة التغيير الإسرائيلية التي يقودها نفتالي بينيت على خلفية الأحداث التي وقعت بالمسجد الأقصى، وفق ما أوردت القناة 12 العبرية.
وفيما يتعلق بالتوتر الأمني في إسرائيل والأراضي الفلسطينية، قال عباس، إنه "يأمل أن تؤدي أجواء الأعياد لعودة الهدوء، وتعيد الجميع للتفكير في التسامح والقيم وقدسية الحياة".
ومن الواضح أن مصلحة معظم الأطراف في التهدئة، لأنه حتى لو أصر منصور عباس على البقاء في حكومة بينيت في حال استمرارها في الانتهاكات بحق الأقصى، فإن الأمر قد يكون غير مضمون بالنسبة لأعضاء الكتلة ذاتها، فقد ينسحب أحدهم من تأييد حكومة بينيت التي يمكن أن تسقط إذا فقدت صوتاً واحداً في الكنيست.
والأهم أن استمرار الانتهاكات بحق الأقصى، قد ينتهي بإطلاق فصائل المقاومة الفلسطينية صواريخ ضد إسرائيل، وهو ما قد يشعل حرباً قد تؤدي إلى سفك دماء الفلسطينيين في غزة، ولكن أيضاً إلى تعرض إسرائيل لهجمات الصواريخ الفلسطينية مثلما حدث العام الماضي، وهو أمر قد يحرج حكومة بينيت والأهم قد يشغل إسرائيل عن هدفها الأساسي في الوقت الحالي بمنع الاتفاق النووي الإيراني.
ولكن على الجانب الآخر، فإن حكومة بينيت لا تريد وقف انتهاكات المستوطنين بالقدس، حتى لا تظهر بموقف الضعيفة أمام تهديدات المقاومة الفلسطينية خاصة بعد الهجمات المنفردة للمقاومين التي نفذت من قبل فلسطينيين غير حركيين في الضفة الغربية.
وكعادة الحكومات الإسرائيلية فإنها تحاول إخفاء إخفاقاتها على حساب المقدسات الإسلامية في القدس والدماء الفلسطينية في الضفة وغزة.
ولكن اليوم في ظل وجود معادلة صواريخ المقاومة، فإن الفلسطينيين لم يعودوا وحدهم الذين يدفعون الثمن إذا استمرت الأزمة.