أدلة على جرائم الحرب بأوكرانيا يجري جمعها من قبل جهات عدة على مستوى العالم، آخرها مذبحة بوتشا التي جرى التعرف على عدد من العسكريين الروس الذين قد يكونون قد تورطوا بها.
فعندما ظهر الناجون من مذبحة بوتشا في الأسبوع الماضي لدفن الموتى، كان أرتيم ستاروسيك يتعقَّب الجناة من مدينة دنيبرو التي تبعد حوالي 418 كيلومتراً عن مكان المذبحة.
يبلغ ستاروسيك من العمر 30 عاماً ويعمل مسؤولاً تنفيذياً كبيراً في شركة Molfar المتخصصة في تقييم المخاطر وتحليلها، وكان يتعامل عادةً مع عملاء من الشركات.
ولكن منذ الغزو، شكَّل فريقاً مع آلاف الباحثين من أنحاء العالم للمساعدة في التحقيقات حول جرائم الحرب الروسية، حسبما ورد في تقرير لصحيفة The Times البريطانية.
هكذا تمت معرفة هويات الجنود الذين كانوا في بوتشا
وقال: "إننا نستخدم وسائل التواصل الاجتماعي لتعقب الجنود الذين نعرف أنهم كانوا في بوتشا. لقد حددنا هويات 80 من أصل 1060 من القوات الروسية حتى الآن، ونعمل عن كثب مع الشرطة السيبرانية في أوكرانيا. نستطيع معرفة أرقام هواتفهم وعناوينهم وأسرهم، بل حتى سجلاتهم الجنائية".
يصعب للغاية التحقيق حول جرائم الحرب، مثلما يصعب ملاحقة مرتكبيها قضائياً. لم يُدَن علناً إلا 46 شخصاً فقط عن طريق المحكمة الجنائية الدولية منذ تأسيسها في 2002، ويقضي شخصان فقط عقوبتهما، بينما أنهى ستة أشخاص آخرين عقوبتهم. وقد استغرق الأمر عقدين من الزمان حتى مثول الجناة في حرب البوسنة والهرسك أمام العدالة.
ولكن لم يكن هناك هواتف ذكية في البوسنة.
أما في حرب أوكرانيا، فتُصوَّر الفظائع على الأرض وتُعرض عبر التسجيلات والفيديوهات المسربة ويجري تحليل التسجيلات على الإنترنت. فهذه الشبكة من استخبارات المصادر المفتوحة -التي تعني جمع المعلومات من المصادر المتاحة للجمهور- قد تسرع العملية.
بعد مرور أيام قليلة منذ بداية الهجوم، صوتت 38 دولة على بدء تحقيق لدى المحكمة الجنائية الدولية في جرائم الحرب بأوكرانيا التي ارتكبتها روسيا، وهي أكبر إحالة في تاريخ المحكمة.
اتهم قادة العالم صراحةً روسيا بارتكاب جرائم حرب، ولكن للمرة الأولى يتعاون المواطنون العاديون من حول العالم للمساعدة على مثول الجناة أمام العدالة.
جرائم الحرب مدانة قانونياً، منذ قرن ولكن
يصعب إدراك المبدأ والإحاطة به؛ على الأقل نظراً إلى أن الحروب توجد في عالم قضائي غريب يقبل حدوث العنف.
صحيحٌ أن بعض الممارسات حُظِرت على مدى قرون، لكن كثيراً من أحكام الحروب المعاصرة لم تؤسس قبل القرن التاسع عشر. إذ إن اتفاقية لاهاي حول الحروب البرية لعام 1899 -التي وافق عليها 50 بلداً- حظرت النهب والهجوم على البلدات غير المحمية وتدمير الممتلكات إلا إذا كان ذلك "ضرورياً بصورة حتمية بموجب مقتضيات الحرب".
الفظائع المشهودة في القرن التالي توضح مدى قلة الالتزام بهذه الأحكام.
يقول واين جوردش، المحامي الحقوقي في مجموعة دوتي ستريت تشامبر لغرف المحامين في لندن، الذي يعمل في أوكرانيا لصالح منظمة غير ربحية تسمى Global Rights Compliance: "أحكام الحرب تعد تشجيعاً على تحسين السلوك. لكن جودتها مرهونة بالتطبيق أو عدم التطبيق. إنها مهمة، لكن من المؤسف أنه يجري تجاهلها في كثير من الأحيان".
تصف اتفاقيات جنيف- التي حُدِّثت في 1949 بعد الحرب العالمية الثانية واتفقت عليها جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة- غالبية الأحكام التي يُفترض أنها تحكم الصراعات المشروعة. وتضم حماية أسرى الحرب والمدنيين، وحظر استخدام أسلحة محددة وحظر التعذيب.
أُنشئت المحكمة الجنائية الدولية بهدف مثول مجرمي الحرب أمام العدالة. لم توقع كل الدول على الانضمام إليها أو الاعتراف بها، بما في ذلك روسيا والولايات المتحدة وأوكرانيا، مع أن أوكرانيا وافقت على قبول الأحكام الصادرة عنها.
يولي النظام الأساسي في المحكمة اهتماماً خاصاً إلى حقوق المواطنين العاديين.. إذ تتضمن الانتهاكات الخطيرة "شن الهجمات عمداً ضد السكان المدنيين" الذين لا يشاركون في الصراع.
حديث عن وجود تسجيلات لجنرالات روس يصدرون أوامر بالقتل
منذ بداية الهجوم على أوكرانيا، دمرت الهجمات الروسية البنية التحتية المدنية في أوكرانيا. سجلت ﻣﺠﻤﻮﻋﺔ اﻟﺒﻴﺎﻧﺎت ﻋﻦ ﻣﻮاﻗﻊ اﻟﻨﺰاﻋﺎت واﻷﺣﺪاث اﻟﻤﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﻬﺎ (ACLED) ما لا يقل عن 21 هجوماً ضد المستشفيات، و18 هجوماً ضد المدارس، وأربعة ضد مبانٍ دينية.
لكن الفظائع التي أُبلغ عنها في الأسبوع الماضي- بما في ذلك مجزرة بوتشا والمقابر الجماعية في تشرنيغوف والهجوم على محطة كراماتورسك يوم الجمعة 8 أبريل/نيسان- تبدو مختلفة.
حتى إن هناك تسجيلات ظهرت وتعود إلى جنرالات روس يصدرون أوامر بالقتل، حسبما ورد في تقرير لصحيفة The Times البريطانية.
وقال أليكس وايتينغ، الأستاذ الزائر في كلية هارفارد للحقوق، الذي كان أحد المدعين العامين الرئيسيين في محاكمات جرائم الحرب ضد الشخصيات الرئيسية في حرب البوسنة والهرسك: "هؤلاء مدنيون يُعدمون في الشارع.. وهؤلاء، على الجانب الآخر، يبدو واضحاً أنهم مجرمو حرب".
وذكر تقرير لمنظمة هيومن رايتس ووتش نشر الأحد 3 أبريل/نيسان 2022 بعد وقت قليل من إعلان الأوكرانيين عن مذبحة بوتشا أن المنظمة وثَّقت عدة حالات لارتكاب القوات العسكرية الروسية انتهاكات لقوانين الحرب ضد المدنيين في المناطق المحتلة في مناطق تشيرنيهيف وخاركيف وكييف في أوكرانيا.
وتشمل هذه حالات الاغتصاب المتكرر؛ قضيتين للإعدام بإجراءات موجزة، واحدة لستة رجال والأخرى لرجل؛ وحالات أخرى من العنف غير القانوني والتهديدات ضد المدنيين بين 27 فبراير/شباط و14 مارس/آذار 2022.
كما تورط الجنود الروس في نهب ممتلكات المدنيين، بما في ذلك الطعام والملابس والحطب، وقال: أولئك الذين ارتكبوا هذه الانتهاكات مسؤولون عن جرائم حرب.
وأشار تقرير المنظمة إلى وقوع جرائم بمدينة بوتشي وغيرها من ضواحي كييف، ولكن التقرير لم يشِر إلى حجم المذابح التي تتحدث عنها السلطات الأوكرانية.
من جانبها، قالت وزارة الخارجية الروسية إن صور القتلى المدنيين في بلدة بوتشا الأوكرانية كانت "بأوامر" من الولايات المتحدة في إطار مؤامرة لتوجيه اللوم لموسكو.
وقالت المتحدثة باسم الوزارة ماريا زاخاروفا: "من هم أساتذة الاستفزاز؟ بالطبع الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي".
وقالت زاخاروفا إن التنديد الغربي الذي صدر على الفور يشير إلى أن الرواية جزء من خطة لتشويه سمعة روسيا.
وقال المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف للصحفيين في مؤتمر عبر الهاتف إن الحقائق والتسلسل الزمني للأحداث في بوتشا لا يدعمان الرواية الأوكرانية للأحداث وحث القادة الدوليين على عدم التسرع في إصدار الأحكام.
جرائم الحرب بأوكرانيا، هل ينطبق عليها مفهوم جريمة الإبادة الجماعية؟
اتهم الرئيس الأوكراني زيلينسكي روسيا في الأسبوع الماضي بتنفيذ إبادة جماعية، وهي جريمة تُعرِّفها الأمم المتحدة بأنها "النية لتدمير، كلياً أو جزئياً، مجموعة دينية أو عرقية أو إثنية أو قومية". من أجل مقاضاة الأشخاص لارتكابهم إبادة جماعية بموجب القانون الدولي، يجب على المدعين العامين أن يظهروا أن هذه العتبة المذكورة في تعريف الأمم المتحدة جرى تجاوزها، وهو ما يقول بعض المحامون إن روسيا لم تتجاوزها بعد.
ولم يشِر تقرير منظمة هيومن رايتس ووتش الذي نشر الأحد 3 أبريل/نيسان 2022 إلى كلمة الإبادة الجماعية.
لكن جوردش يعتقد أن الرئيس الأوكراني لديه وجهة نظر حول هذا الأمر. إذ قال: "على الأرض، هناك عناصر تدمير متزايدة، مما قد ينطوي على محاولة تدمير جزء من الشعب الأوكراني، مقترنة بالخطاب الصادر عن الكرملين بشأن سيادة أوكرانيا".
ولكن ماذا عن الجرائم التي ارتكبها الأوكرانيون؟
وعلى أقل تقدير، يعتقد الخبراء أن روسيا مذنبة في "جرائم العدوان"، وهي قاعدة جديدة للمحكمة الجنائية الدولية تشمل "استخدام القوة المسلحة عن طريق دولة ضد سيادة وسلامة أراضي دولة أخرى أو استقلالها السياسي".
بيد أن أوكرانيا نفسها ليست بلا جرائم. فقد ظهرت فيديوهات لقوات أوكرانية تقتل أسرى الحرب الروس، وهو ما يمثل انتهاكاً مباشراً لاتفاقية جنيف، ويمثل جريمة حرب إذا ثبتت صحة هذه الفيديوهات. فتحت روسيا قضية جنائية حول الفيديوهات.
وانتشرت لقطات فيديو ظهر فيها جنود أوكرانيون يطلقون النار على جندي روسي أسير ويقتلونه.
وصُوِّر الفيديو على طريق غرب العاصمة كييف، بينما كانت القوات الروسية تنسحب.
وقال وزير الخارجية الأوكراني دميترو كوليبا الخميس إنه علم بأمر الفيديو وإنه سيجري التحقيق فيه.
تم تحديد الموقع على الطريق الرئيسي خارج بلدة دميتريفكا غربي مدينة كييف.
وتتطابق المناظر في الفيديو مع مناظر طبيعية عثر عليها عن طريق تطبيق غوغل ستريت فيو في المنطقة المذكورة.
في منتصف الفيديو تقريباً يمكن رؤية وجه أحد الجنود الذي قد يكون ضمن المتورطين في الجريمة بوضوح، وهو ملتح. ويمكن رؤية ملامح جنديين آخرين بوضوح في نقاط أخرى في الفيديو.
وقد قارن موقع هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي" الصور بالتقنية البيومترية مع عدد هائل من الوجوه، فاتضح أن الملامح تطابق ملامح شخص رجل من جورجيا على صلة وثيقة مع أوكرانيا.
كما نشر موقع هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، في 23 مارس/آذار 2022، تقريراً حول فرار "العشرات" من المقاتلين الأجانب من ساحات الحرب في أوكرانيا ضد القوات الروسية، تضمن شهادات بعضٍ منهم التقتهم "بي بي سي" في بولندا، أوضحوا أنهم تلقوا "أوامر من القوات الأوكرانية بقتل الأسرى الروس"، فضلاً عن إجبارهم على توقيع عقد يتضمن بنوداً عدة من ضمنها تسليم جواز السفر وعدم مغادرة أوكرانيا إلى حين انتهاء الحرب.
ولكن من الواضح أنه في الغرب يجري تجاهل جرائم الحرب الأوكرانية المحتملة، والتركيز فقط على الجرائم الروسية المحتملة.
كيف ترفع قضية جريمة حرب؟
تتمثل الخطوة الأولى في جمع الأدلة. تقول نادية فولكوفا، مديرة المجموعة الاستشارية القانونية الأوكرانية (ULAG) التي تجمع رسائل البريد الإلكتروني والصور والفيديوهات حول الجرائم في أوكرانيا منذ 2015: "إننا نفعل هذا منذ البداية".
وتضيف: "طورنا نموذجاً خاصاً من أجل الأشخاص الذين يريدون الحديث إلينا".
وبعد ستة أسابيع منذ بداية الهجوم، صُنف 5000 حادث بأنه جريمة حرب، بواسطة النائبة العامة الأوكرانية إيرينا فينيديكتوفا، ويجري التحقيق حولها الآن. بحسب وايتينغ، فإن استخبارات المصادر المفتوحة- التي تتألف من مشاركة المعلومات والصور والبيانات عبر الإنترنت- تغير قواعد اللعبة.
أطلقت المحكمة الجنائية الدولية بوابة على الإنترنت من أجل الأشخاص، كي يرفعوا عليها أدلة جرائم الحرب. وهناك منظمات على شاكلة منظمة Bellingcat -التي تقارن استخبارات المصادر المفتوحة بالتقارير حول الصراع- تشارك البيانات حول الهجمات ضد المدنيين.
يكمن عنصر الحسم في إثبات الربط بين الفعل ومرتكبه. قال جوردش: "غالبية الجرائم في أي سياق مسلح يكون لديها أكثر من شخص مسؤول".
كذلك يكون لدى المدعين العامين الكثير من الأمور التي يحتاجون إلى إثباتها. يوضح براين روت، المحلل لدى منظمة هيومن رايتس ووتش: "كيف نثبت من الحكايات أن جرائم الحرب هي النمط والممارسة؟ إننا نحاول إثبات أن هذه ليست حوادث عرضية، بل إنها منهجية، وأن هناك سلسلة من القيادة المسؤولة".
بعد التحقيقات وتحديد المشتبه بهم، تكون المرحلة التالية هي عملية الاعتقال. يمكن للمحكمة الجنائية الدولية إما أن تصدر استدعاءً للمشتبه بهم للمثول أمامها، أو قد تصدر مذكرة اعتقال (برغم أن تنفيذ الاعتقال يتوقف على الدول نفسها).
من يستطيع محاكمة الضباط الروس؟
صحيحٌ أن المحكمة الجنائية الدولية تحقق في أفعال روسيا، لكن أي دولة تستطيع أن تستقبل محاكمها بصورة مستقلة أي قضايا متعلقة بارتكاب جرائم حرب.
يطالب النشطاء الأوكرانيون بإجراء محاكمات "هجينة" عبر المحاكم المحلية ولكن بدعم من المحكمة الجنائية الدولية، أو مجلس أوروبا، أو الأمم المتحدة.
يوضح وايتينغ أنه عند إجراء محاكمات جرائم الحرب، تركز المحكمة الجنائية الدولية عادة على القادة العسكريين والسياسيين البارزين، ولكن يمكن كذلك رفع قضايا ضد "الأطراف ذوي الرتب الأدنى" لارتكابهم جرائم سيئة السمعة.
ويضيف: "إذا تأكدت الجرائم الجلية في بوتشا وحُددت هوية الجناة، فربما تقرر المحكمة الجنائية الدولية أو النيابة العامة الأوكرانية التحرك بسرعة لاتهام الجناة المباشرين".
إليك بعض المتهمين المحتمَلين في جرائم الحرب الروسية
قادت الاستخبارات السريعة فعلياً إلى تحديد هوية المتهمين بارتكاب جرائم الحرب الأشد وحشية. أحد هؤلاء هو الجنرال ميخائيل ميزينتسيف، رئيس مركز مراقبة الدفاع الوطني الروسي، الملقب بـ"جزار ماريوبول" لقيادة حصار تسبب في دمار حوالي 90% من المدينة.
كان ميزينتسيف مسؤولاً من قبل عن القصف الروسي لحلب في سوريا، وقد صار الآن خاضعاً لعقوبات فرضتها عليه بريطانيا.
أما الجنرال ألكسندر دفورنيكوف، قائد المنطقة العسكرية الجنوبية في روسيا، الذي ولاه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قيادة الهجوم ضد أوكرانيا مؤخراً، فسوف يكون في الصورة هو الآخر. وقد أشرف كذلك على دمار واسع في سوريا، ويعتقد المسؤولون الغربيون أن الرجل صاحب الـ60 عاماً كان وراء الهجوم على محطة القطار في كراماتورسك، الذي تسبب في قتل ما لا يقل عن 52 شخصاً.
ثمة رجل آخر اتُّهم بارتكاب جرائم، وهو المقدم عزتبيك أوموربيكوف، قائد لواء البندقية الآلية المنفصلة رقم 64، وهي الوحدة العسكرية المتورطة في الهجوم على بوتشا.
حُددت هوية الرجل المُلقب بـ"جزار بوتشا" بفضل عمل المتطوعين في مجموعة InformNapalm -وهي مجموعة تأسست للإبلاغ عن أنشطة القوات الروسية والتحقيق حولها- وذلك باستخدام بيانات مفتوحة المصدر.
لكن رفع القضايا ضد الشخصيات الروسية الأبرز سيكون أصعب.
هل يمكن محاكمة بوتين؟
في الأسبوع الماضي، طالب الرئيس الألماني فرانك فالتر شتاينماير، بعقد محكمة جرائم حرب ضد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ووزير خارجيته سيرغي لافروف.
ومع ذلك، يقول جوردش إن إثبات مسؤولية الشخصيات البارزة عن ارتكاب الفظائع على الأرض يتطلب في كثير من الأحيان شهادات من الدوائر الداخلية. وتابع: "هذا هو السر القذر للمحاكمات الدولية- إنها تعتمد على المتواطئين أنفسهم".
يقول جوردش إن دخول بوتين قاعة المحكمة ليس "احتمالاً آنياً". لكن القانون الدولي "صبور جداً"، حسبما يضيف. فعلى سبيل المثال، لم يُدَن رادوفان كاراديتش، سفاح البوسنة، من الجنائية الدولية لارتكابه الإبادة الجماعية إلا في 2016، أي بعد 20 عاماً من نهاية الحرب.
وحشية ليس لها مبرر عسكري
ويوضح جوردش: "الجرائم التي يُسلَّط عليها الضوء تذكرني كثيراً بالشهادات التي شهدتها خلال الإبادة الجماعية في رواندا، أو الحرب الأهلية في سيراليون. لدينا مستوى من الوحشية، بينما يبدو أن الهدف العسكري من ورائها منعدم".
يبدو وايتينغ متفائلاً بأن القضايا المرفوعة ضد بعض الشخصيات يمكن أن تتحرك بسرعة، ربما "خلال الشهور القليلة القادمة"، برغم أن فرص عقد المحاكمات تبدو ضئيلة.
حتى إذا لم يكن من الممكن عملياً إحالة الشخصيات البارزة أمام المحكمة، فإن بناء القضية لا يزال مهماً. يقول جوردش: "إنها مهمة للضحايا والعائلات. أحياناً يريدون أحكاماً بالسجن، وأحياناً يريدون أن يُعثر على ذويهم. وأحياناً لا يريدون برغم ذلك إلا الحقيقة".