هل يتكرر سيناريو 2017 ويفوز ماكرون على حساب لوبان أم تفعلها زعيمة اليمين هذه المرة؟

عربي بوست
تم النشر: 2022/04/12 الساعة 11:38 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/04/12 الساعة 11:47 بتوقيت غرينتش
ماكرون ولوبان إلى جولة الإعادة في تكرار لسيناريو 2017/ رويترز

في سيناريو مكرر للانتخابات الرئاسية الفرنسية عام 2017، تمكَّن الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، وزعيمة اليمين المتطرف مارين لوبان، الأحد، من الصعود للدور الثاني، للمرة الثانية على التوالي وبفارق 4 نقاط.

إذ حصل ماكرون على 28.6% من الأصوات، مقابل 24.4% للوبان، بحسب تقديرات مؤسسة "إفوب" لسبر الآراء، التي بثتها قناتا "تي آف 1″ و"آل سي يي" الفرنسيتان (رسميتان).

ولم يتمكن المرشح اليساري الراديكالي جان لوك ميلونشون، للمرة الثانية عن التوالي، من اللحاق بلوبان، والصعود إلى الدور الثاني، بعد أن حلّ ثالثاً بـ20.2% من الأصوات.

بينما سقط المرشح اليميني المتطرف إريك زمور سقوطاً مدوياً، بعد أن رشّحته استطلاعات رأي نهاية 2021، أن ينافس ماكرون في الدور الثاني، ويطيح بلوبان من زعامة أقصى اليمين، بفضل خطابه العنيف المعادي للمهاجرين والمسلمين، لكنه لم يحصل سوى على 6.4% من الأصوات، بعيداً بمسافة عن ميلونشون.

ملصق للحملة الانتخابية الخاصة بإعادة انتخاب الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، إبريل 2022، باريس، فرنسا/ Getty

المثير للاهتمام هو تواصل تراجع نسب المشاركة في الانتخابات الفرنسية بشكل عام، فبعد تسجيل 78% نسبة مشاركة في رئاسيات 2017، نزلت هذه النسبة بنحو 5 نقاط وبلغت 73.3%.

ويعكس تراجع نسبة المشاركة عدم اقتناع أكثر من ربع الناخبين الفرنسيين المسجلين (48.7 مليون مسجل) ببرامج المرشحين الـ12، ودخول السباق الرئاسي نفق الرتابة والتكرار.

 السيناريو المثالي لماكرون

ليس أفضل لماكرون من خوض الجولة الثانية من الرئاسيات ضد مرشحة اليمين المتطرف مارين لوبان، التي سبق أن فاز عليها في 2017، بـ66% من الأصوات مقابل أقل من 34%.

وعلى عكس رئاسيات 2017، التي شارك فيها ماكرون بثوب المرشح شبه المغمور، وتمكن من التفوق على مرشحي الحزبين الرئيسيين (الاشتراكي والجمهوريين) في الجولة الأولى، والصعود إلى الدور الثاني والفوز بفارق 2.22 نقطة عن مارين لوبان، لكنه اليوم يدخل بثوب رئيس فرنسا، ورئيس مجلس الاتحاد الأوروبي.

ولن يجد ماكرون أفضل من لوبان لتكون خصماً له في الجولة الثانية من الرئاسيات، لأنها ستضمن له، وبدون أن يقدم الكثير من التنازلات، أصوات اليسار وذوي الأصول المهاجرة، لتفادي الخيار الأكثر سوءاً.

منتدى الإسلام في فرنسا
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون (صفحة الرئيس على فيسبوك)

إذ تمكّن ماكرون من توسيع الفارق بينه وبين لوبان في رئاسيات 2022، إلى 4.2 نقطة مقارنة بانتخابات 2017.

وليس ذلك فقط، إذ ارتفعت نسبة الأصوات التي حصل عليها في هذه الانتخابات بـ5 نقاط مقارنة برئاسيات 2017، ما يعني أنه رفع شعبيته رغم الانتقادات التي وُجهت له بسبب تراجع القدرة الشرائية، ومظاهرات السترات الصفراء، وقراراته المناهضة للمهاجرين المسلمين.

واستفاد ماكرون من الدعم المسبق لمرشحي كل من حزب الخضر (يانيك جادوت/ 4.6%) والجمهوريين (فاليري بيكريس/ يمين/ 4.6%) والحزب الشيوعي (فابيان روسيل/ 2.5%) والاشتراكي (آن إيدالغو/ 1.9%).

 لوبان تبحث عن المفاجأة

تسعى مارين لوبان لقلب رتابة المشهد السياسي وتحقيق مفاجأة في الجول الثانية للرئاسيات، خاصة أنها تمكنت من رفع رصيدها بـ3 نقاط، حيث حصلت على 24.4% في هذه الانتخابات، مقارنة بـ21.5% في انتخابات 2017.

فاستطلاعات الرأي الأخيرة تظهر أن لوبان قلّصت الفجوة بينها وبين ماكرون إلى 3 نقاط فقط (48.5 مقابل 51.5%).

حيث طوّرت لوبان من خطابها السياسي المعادي للمهاجرين والمسلمين، وأصبحت تولي أهمية أكبر للقدرة الشرائية، التي أصبحت تؤرّق المواطن الفرنسي أكثر من موضوع الهجرة والأمن.

وكشفت استطلاعات الرأي أن 53% من الفرنسيين يضعون تحسين القدرة الشرائية على رأس أولوياتهم، بينما تدحرج ملف الهجرة إلى المرتبة الرابعة بعد الحرب الأوكرانية والبيئة بنسبة 24%.

تكيُّف مارين لوبان مع تطور اهتمامات الفرنسيين، وانفتاحها على ملفات أخرى من شأنه أن يستقطب إليها الغاضبين من سياسات ماكرون، وقد تستفيد من التصويت العقابي، بما في ذلك اليسار والمسلمون.

لوبان
مرشحة اليمين المتطرف في فرنسا مارين لوبان – Getty Images

ويمثل تغيير اسم الحزب من "الجبهة الوطنية" إلى "التجمع الوطني"، ليس فقط محاولة من لوبان القطيعة مع إرث والدها السياسي جون ماري لوبان، الزعيم السابق لليمين المتطرف، بل محاولة لتجديد الخطاب السياسي للحزب، ومحاولة الانفتاح على نطاق ضيق على فئات أخرى.

والجولة الثانية للرئاسيات تتميز عن الجولة الأولى بكونها تركز على لعبة التحالفات، ومدى قدرة لوبان على إقناع منافسيها السابقين، على غرار زمور وميلونشون، بالتحالف معها.

وإن كان زمور سارع لدعم لوبان، فإن ميلونشون تعهد بألا يمنح لها ولو صوتاً واحداً، فإن المرشح اليميني نيكولا دوبون إينيون (نائب عن حزب الجمهوريين) أعلن دعمه للوبان لقطع الطريق أمام ماكرون.

 ميلونشون يقطع الأمل عن لوبان

منذ انهيار الحزب الاشتراكي، الذي كان يتزعمه الرئيس السابق فرانسوا أولاند، في رئاسيات 2017، تتسابق عدة أطراف لاقتسام تركته الشعبية، وعلى رأس هؤلاء جون لوك ميلونشون.

ورغم أن ماكرون فاز بحصة الأسد، باعتباره خرج من عباءة الحزب الاشتراكي، فإن ميلونشون أصبح يمثل أكثر من يجمع شتات اليسار بمختلف أطيافه، بعد أن تبنّى الرئيس المنتهية ولايته سياسات أكثر يمينية، خاصة تجاه الطبقة العمالية.

مارين لوبين
زعيمة اليمين المتطرف في فرنسا، مارين لوبان – رويترز

ودفاع ميلونشون عن المهاجرين والمسلمين أكسبه تأييد شريحة هامة من هذه الفئة، حتى وإن لم تتبنّ بعض أفكاره الشيوعية الراديكالية، وهذا ما يفسر حصوله على المرتبة الثانية بـ20.2% من الأصوات، متفوقاً على مرشحة الحزب الاشتراكي آن إيدالغو بفارق شاسع (1.9%).

ورغم أن ميلونشون خسر فرصة الصعود للجولة الثانية فإنه حصل على نحو 7 ملايين صوت، وبإمكانه أن يلعب دور شعرة الميزان بين ماكرون ولوبان، إلا أنه أعلن بعد فترة قصيرة من ظهور النتائج الأولية للانتخابات أنه لن يدعم لوبان، ما يرجح إما دعمه لماكرون أو عدم دعم أي منهما.

وبالنظر إلى أن أربعة مرشحين خاسرين أعلنوا دعمهم لماكرون، مقابل اثنين قررا مساندة لوبان، التي فقدت أي أمل في دعم أكبر المرشحين الخاسرين، فإن الرئيس الفرنسي الأقرب إلى خلافة نفسه.

تحميل المزيد