هل يمكن أن تفوز لوبان بالرئاسة الفرنسية؟.. هذه حيل المرشحة اليمينية لطي صفحة الماضي

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2022/04/11 الساعة 13:53 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/04/11 الساعة 13:54 بتوقيت غرينتش
ترقب في فرنسا مع اقتراب الجولة الثانية للانتخابات الرئاسية - رويترز

بعد صعود كل من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمرشحة عن التيار اليميني مارين لوبان إلى الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية، يبحث كل طرف فيهما لكسب مزيد من الأصوات قبل الجولة الحاسمة.

وتحولت ساحة المعركة على الرئاسة الفرنسية إلى اليسار، حيث يتقاتل كل من ماكرون ولوبان لإقناع ملايين الناخبين أيهما أهون الشرَّين، فيما يحاول كل منهما الظفر بأصوات الناخبين الذين صوَّتوا للمرشحين السابقين.

لكن المرشحة اليمينية لوبان كانت قد أخفقت في الانتخابات الأخيرة أمام ماكرون قبل أن يحسم الجولة لصالحه ويصبح رئيساً للبلاد، لكنها حاولت خلال الأعوام الخمسة الماضية تحسين صورتها والبحث عن حيل جديدة تستقطب من خلالها الناخب الفرنسي الناقم عليها.

وحقق ماكرون نحو 27-28% في الجولة الأولى من التصويت، يوم الأحد 10 أبريل/نيسان، بسبب تصويت ناخبي يمين الوسط الذين تخلوا عن المرشح المحافظ، فاليري بيكريس، لتعزيز فرصه ضد لوبان القومية، التي سجلت 23-24%. واستفاد ماكرون أيضاً من دعم الناخبين اليساريين المعتدلين الذين تخلوا عن المرشح الاشتراكي آن هيدالغو. وهذا يعني أنه استنفد إلى حد كبير مخزونه من الدعم المحتمل من ناخبي الكتلتين الأساسيتين في اليسار واليمين، كما يذكر تقرير لصحيفة The Guardian البريطانية.

حيل لوبان لتحسين صورتها

وبما أنَّ لوبان متأكدة من حصولها على معظم أصوات منافسها اليميني المتشدد، إريك زمور، فإنَّ المعركة مستمرة الآن للفوز على 22% من الناخبين الذين دعموا جان لوك ميلينشون، 70 عاماً، الزعيم الكاريزمي لحزب اليسار الراديكالي "فرنسا الأبية".

سيتنافس كل من ماكرون ولوبان الآن على إقناع هؤلاء الناخبين اليساريين، وكثير منهم من الشباب والساخطين على "النظام"، بأنَّ كلاً منهما يقف إلى جانبهم أكثر من الآخر وأنهم لا يجب أن يخاطروا بمساعدة الخصم بالامتناع عن التصويت.

يمكن القول إن الجولة الأولى من انتخابات فرنسا لم تشهد مفاجآت حقيقية/ رويترز

كانت لوبان تستهدف اليسار الساخط، في العام الماضي، من خلال وضع الاهتمامات الاجتماعية- زيادة الأجور والمزايا- في أعلى بيانها الانتخابي. وإخفاء الجزء المعادي للمهاجرين والمناهض للإسلام في بيانها الذي يعتبره اليسار التقليدي بشعاً. ويشمل ذلك القيود المفروضة على وصول الأجانب، بمن في ذلك مواطنو الاتحاد الأوروبي، إلى السكن والوظائف والمزايا والرعاية الصحية. وتخطط كذلك لفرض حظر شامل على ارتداء الحجاب في الأماكن العامة.

وبحسب صحيفة The Times البريطانية ستعمل لوبان على تعزيز الشخصية المعتدلة والودية التي طورتها منذ خسارتها أمام ماكرون في عام 2017 لإقناع الناخبين المجهولين بأنها لا تمثل تهديداً، بينما تحاول في نفس الوقت إقناع فرنسا بأنَّ بيانها واقعي وجاد. إذ ترجع هزيمتها الفادحة أمام ماكرون في جولة الإعادة لعام 2017 جزئياً إلى الطريقة التي ظهر بها سوء فهمها للحقائق والأرقام في مناظرتهما التلفزيونية، وهي في موقف دفاعي مرة أخرى هذه المرة.

وتقول إنَّ الأموال الإضافية لدفع تكاليف التخفيضات الضريبية وزيادات الأجور ستأتي من خفض تكاليف المزايا للمهاجرين والأجانب ومن قمع الاحتيال. وستكون مواجهتها التلفزيونية مع ماكرون، في الأيام التي تسبق جولة الإعادة في 24 أبريل/نيسان، حاسمة لمصداقيتها.

التقطت مارين لوبان، التي وصفت الحجاب بأنه "زي أيديولوجي شامل"، صورة سيلفي وهي تبتسم مع مراهقة ترتدي حجاباً في دونكيرك على الساحل الشمالي، وكانت نقطة التحول في حملة لوبان الرئاسية، وهي تحاول أن تخفي ما تريد.

استراتيجيتها الجديدة

وصف أحد المحللين تكتيك لوبان في الظهور بشكل شخصي أكثر ليونة من مقترحات سياستها بأنه "درس متقن". وقد سعت أيضاً إلى تقديم نفسها على أنها أقل خطورة من المتطرفين الذين سيتدفقون إلى المشهد السياسي الفرنسي المتوتر والممزق لو فاز زمور. وفي منتصف مارس/آذار، ارتفعت تقييمات تأييدها في استطلاعات الرأي واستمرت في الارتفاع.

إنَّ نجاحها في الوصول إلى جولة الإعادة ضد ماكرون، يوم الأحد 10 أبريل/نيسان، لا يقتصر فقط على سعيها الطويل لتطهير صورة حزبها وإبعادها عن الصور المعادية للسامية في الماضي. إن كون لوبان الآن أقرب إلى السلطة أكثر من أي وقت مضى هو جزئياً نتيجة لإعادة تفكيرها في استراتيجيتها السياسية.

لوبان
مرشحة اليمين المتطرف في فرنسا مارين لوبان – Getty Images

في النهاية، عرفت لوبان أنها لتحظى بأية فرصة للفوز بالجولة النهائية، يجب عليها تحييد خوف الأمة منها. كان أنصار الأحزاب التقليدية من اليسار واليمين قد أجروا تصويتاً تكتيكياً في الماضي لإبعادها، لأنه كان يُنظر إليها على أنها خطرة ومثيرة للانقسام وغير قادرة على حكم البلاد أو إدارة الاقتصاد. لكن لوبان استنتجت أنَّ تلك الأحزاب، الاشتراكيين والجمهوريين، آخذة في الانكماش على المسرح الوطني.

ومن خلال التركيز على المخاوف بشأن تكلفة المعيشة، بدأت لوبان في قلب الرأي العام. في سبتمبر/أيلول 2021، وصلت لوبان إلى المرتبة الـ11 بين أكثر الشخصيات السياسية شعبية في فرنسا- وهي بالفعل مكانة عالية. وارتقت هذا الشهر لتصبح الشخصية السياسية المفضلة الثانية في البلاد، بعد رئيس الوزراء السابق إدوارد فيليب.

وترى الصحيفة البريطانية أنه يجب على ماكرون، من أجل تعزيز تقدمه الضئيل على لوبان، إحباط جاذبيتها من خلال إعطاء إحساس إيجابي عن حملته الباهتة وإجراء اتصالات متأخرة مع "الأشخاص أدناه"، كما يسميهم علماء الاجتماع الفرنسيون. وفي الوقت نفسه، سيسلط ماكرون الضوء على ما يسميه البيان الخطير والثابت لليمين المتطرف الذي تقدمه لفرنسا. ويقول إنَّ رئاستها ستجعل فرنسا منبوذة في أوروبا وحليفة لروسيا. وقال مستهدفاً لوبان في خطابه في الجولة الأولى، ليلة الأحد 10 أبريل/نيسان: "فرنسا الشعبوية التي تكره الأجانب، ليست نحن".

تحميل المزيد