بدأت تركيا في اختبار الطائرة المسيَّرة شميك، التي تقول إنها "سوف تصبح أول طائرة مسيَّرة تطلَق من الطائرات المسيرة الأخرى، وستطير بأعلى من سرعة الصوت".
وأجرت شركة Tusas (شركة الصناعات الجوية التركية الحكومية)، بنجاح، أول رحلة للمركبة الجوية بدون طيار عالية السرعة "ŞİMŞEK" في نسخها الأكثر تطوراً.
وفي أول رحلة لها، تم بنجاحٍ الإقلاع بقاذفة هيدروليكية، والدوران حول المدرج والهبوط بنظام المظلة.
ولدى الطائرة التي يبلغ طولها 3 أمتار، محرك نفاث صغير يُفترض أن يساعدها على الطيران بسرعة 1 ماخ على الأقل إذا نجحت عمليات التطوير الجارية، وهي تستطيع الطيران لمدة 45 دقيقة.
وسيتم إطلاق الطائرة المسيَّرة شميك من الطائرات المقاتلة والطائرات المسيَّرة الأخرى، حسبما تخطط الشركة، على أن يتم التحكم فيها من قِبل محطات التحكم الأرضية في الطائرات التركية المسيَّرة Anka وAksungur.
وتنتج تركيا 100 طائرة بدون طيار من طراز شيميك سنوياً وذلك قبل التطوير الأخير، وتركز البلاد على تكنولوجيا الطائرات المسيرة التي حققت نجاحات كبيرة في ساحات العديد من المعارك آخرها أوكرانيا.
قصة الطائرة المسيَّرة شميك من التدريب لطائرة انتحارية صوتية
وُلد مشروع الطائرة المسيرة شميك كمخطط هندسي لمهندسي الطيران الأتراك في عام 2009، لتلبية متطلبات التدريب المتزايدة للجيش التركي، وقامت بأول رحلة لها بعد ثلاث سنوات، أي في عام 2012.
وكلمة Simsek "شميك" باللغة التركية تعني "البرق"، وفي الأصل بدأ مشروع هذه الطائرة كمركبة جوية مخصصة لمحاكاة المقاتلات والمسيرات والصواريخ، بغرض استخدامها كهدف في التدريبات على عمليات الاستهداف الجوي للأهداف الطائرة عالية السرعة.
أي إن الغرض الأساسي للطائرة هو أن تحاكي طائرات العدو وصواريخه، من أجل تدريبات إطلاق الصواريخ جو-جو، وسطح-جو، والمدفعية المضادة للطائرات وأنظمة الصواريخ.
ولكن تم تطوير المشروع بهدف تحويلها إلى طائرة مسيرة أسرع من الصوت انتحارية "كاميكازي" أو طائرة تُربك الرادارات (هدف وهمي لإشغال الرادارات)، وفقاً لنائب المدير العام للشركة يومر يلدز.
أي إنها ستصبح مثل الأفخاخ التكتيكية التي يتم إطلاقها من الجو والتي تُستخدم لإرباك الدفاعات الجوية للعدو، وتقليل تركيز هذه الدفاعات على الطائرات المقاتلة والمسيرة الأخرى.
الوصول لأسرع من الصوت سيغير طبيعة دورها
وقال يلدز: "لقد قمنا بزيادة سرعة الطائرة المسيَّرة شميك إلى 450 عقدة (833.4 كم/ساعة)، نحن نعدُّ أيضاً نسخة أسرع من الصوت".
يدَّعي يلدز أنه بعد زيادة سرعة الطائرة بدون طيار إلى الأسرع من الصوت، يمكن لمشغِّلها تحديد كيفية استخدامها. إذا تم تحميل الطائرة المسيرة شميك بالمتفجرات، فإنها ستصبح طائرة كاميكازي قادرة على تدمير الهدف بمجرد تصويبها عليه.
وسبق أن قال تميل كوتيل رئيس الشركة إن هذه الطائرة المسيرة، يمكن أن تحمل 5 كيلوغرامات من المتفجرات، ويمكن أن تطير حوالي 100-200 كيلومتر عند إطلاقها من طائرة بدون طيار.
النسخة الانتحارية (كاميكازي) من الطائرة المسيرة شميك ليست ذخيرة متسكعة مثل Harop الإسرائيلية، بل تم تصميمها الطائرة التركية لمحاكاة الطائرات النفاثة، ولذا سرعتها أكبر وخفة حركتها أفضل من ذخائر التسكع (ذخائر تحلق انتظاراً للتوقيت الأفضل لإصابة الهدف)، لكن Harop أكبر، ولها نطاق أطول ويمكنها حمل المزيد من المتفجرات. ومع ذلك ، فإن شميك أرخص وأسهل في الإنتاج.
كما أن الطائرة المسيرة شميك ستُستخدم في الهجوم الإلكتروني والدعم الإلكتروني ومهام الشِّراك.
لماذا سيتم إطلاقها من الطائرات المسيرة الأخرى؟
واحد من المميزات المفترضة في التطوير الجاري للطائرة شميك هو دمجها على الطائرات المسيرة.
حتى عام 2020 ، شاركت شميك في التدريبات العسكرية عبر إطلاقها بنظام المنجنيق، ولكن في 2021، قامت الشركة المنتجة بدمجها في طائرة Anka بدون طيار التي أثبتت كفاءتها في القتال.
وسيؤدي إطلاق الطائرة "شميك" من على متن الطائرات المسيرة القتالية الأكبر حجماً، مثل Anka وAksungur التركيتين، إلى توفير نطاق وسرعة أكبر.
لكن 5 كيلوغرامات من المتفجرات لن تفعل الكثير لتحييد وحدة مدرعة معادية.
كيف ستحاكي الـ"إف 35″؟
بهذه السرعة العالية المخطط لها، يمكن أن تبدو الطائرة المسيرة شميك كأنها مُقاتلة حقيقية على شاشات الرادارات، فإذا وُضعت على متن الطائرة "شميك" أجهزة خداع، فستظهر على شاشات الرادار مثل المقاتلات F-4 أو F-16 أو ربما F-35.
هذا دور مُهم لهذه الطائرة، لأنها إذا نجحت في خداع الدفاعات الجوية المعادية، بحيث تظن أنها طائرة إف 16 أو إف 35 حقيقية، فإن "شميك" قد تتلقى الصاروخ بدلاً من الطائرة المقاتلة، مما يتيح للأخيرة فرصة لضرب القوى المعادية أو على الأقل الهرب منها.
وقال يلدز: "نحن نطلق على هذه الأنواع من الطائرات المسيرة طائرات مزيفة".
ولخداع الرادارات، تحاكي "شميك" الطائرات المقاتلة عبر مُضخِّم موجات الرادار، ومؤشر المسافة، ومولِّد دخان التتبُّع، ولديها توقيع الأشعة تحت الحمراء السلبية [IR] الذي يحاكي البصمة الحرارية للطائرات المقاتلة.
بديل لصواريخ كروز
تحدثت الشركة عن فكرة تحويل الطائرة المسيرة "شميك" إلى صاروخ كروز أو طائرة بدون طيار "كاميكازي" العام الماضي، عندما اختبرت تركيا تطوير الطائرة بواسطة تقنية (Human-in-the-Loop)، وهي تقنية تركز على دور البشر في توجيه المقذوفات، وتسعى الشركة عبر هذه التقنية لاستخدام الطائرة المسيَّرة "شميك" ضد الأهداف الثابتة والمتحركة.
الميزة في الطائرة بهذه الحالة عن صواريخ كروز أن توجيهها من قِبل البشر في المحطات الأرضية سيعطيها قدرة أكبر على المناورة ومحاولة التهرب من العمليات الدفاعية التي تهدف إلى إسقاطها، وحتى إمكانية تغيير الهدف أو تتبُّع الأهداف المتحركة.
ستستطيع الإقلاع والهبوط آلياً
الطائرة المسيَّرة شميك ستكون لديها القدرة على الإقلاع والتحكم من المنصات البحرية، إضافة إلى وضع طيران آلي مستقل بالكامل، وضمن ذلك الإقلاعُ والهبوط باستخدام "نظام التحكم في الطيران GCS" و"نظام الطيار الآلي".
وسيكون لديها قدرة طيران مبرمجة مسبقاً لتعيين نقاط الطريق مع إمكانية تغيير المسار في أثناء أو قبل الرحلة، وقدرة على برمجة الوضع الآمن في حال الفشل في الاسترداد التلقائي إلى نقطة العودة المحددة مسبقاً.
كما طورت شركة TAI أيضاً خوارزميات وحمولات مناسبة لهذه الطائرة.
وقال نائب المدير العام للشركة: "في الأغلب لا يتوقع مُشغِّل الطائرات بدون طيار تحقيق أهداف كبيرة جداً"، ومع ذلك يرى أن احتمال قيام الطائرة المسيَّرة شميك بأداء مهام حرجة في اللحظات الحرجة مرجح بشكل كبير.