رسالة وزير خارجية إيران في بيروت.. خطة طهران لتوسيع نفوذها بلبنان تنتظر رفع العقوبات الأمريكية

عربي بوست
تم النشر: 2022/03/28 الساعة 11:39 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/03/28 الساعة 11:41 بتوقيت غرينتش
وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان

في لحظة دولية وإقليمية تبدو مواتية لطهران، جاءت زيارة وزير خارجية إيران للبنان الأسبوع الماضي، في وقت تتحدث فيه تقارير عن قرب إحياء الاتفاق النووي، وبالتالي رفع العقوبات الأمريكية عن طهران، وهو من شأنه تعزيز النفوذ الإيراني في المنطقة، وعلى رأسها لبنان.

كما تتزامن زيارة وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان إلى لبنان مع الحديث عن انفراجات في العلاقات بين لبنان ودول الخليج بعد أشهر من التأزم.

وهذه هي الزيارة الثانية لأمير عبد اللهيان للبنان بعد توليه حقيبة الخارجية في إيران، بحيث زار بيروت في 6 أكتوبر/ تشرين الأول 2021.

زيارة وزير خارجية إيران للبنان جاءت بعد ذهابه لدمشق

ووصل حسين أمير عبد اللهيان إلى بيروت، الخميس، قادماً من دمشق، ليعلن في أول تصريح له من العاصمة اللبنانية أن "التوصل إلى اتفاق نووي بين طهران والدول الكبرى سينعكس إيجاباً على سائر المنطقة".

المحلل والكاتب السياسي منير الربيع رأى أن زيارة وزير خارجية إيران للبنان هي تأكيد على الحضور الإيراني في لبنان وسوريا، وأن طهران لا تزال تحافظ على علاقات ممتازة مع بشار الأسد رغم زيارة الأخير إلى الإمارات الأسبوع الماضي.

كما تأتي زيارة وزير خارجية إيران للبنان قُبيل نحو شهر ونصف من الانتخابات البرلمانية اللبنانية، وتزامناً مع بروز حلحلة للخلافات اللبنانية- الخليجية، إضافة إلى التقدم بالمفاوضات النووية.

طمأنة لحزب الله وتعزيز لاحتمال فوزه بالانتخابات

بحسب مراقبين، فإن زيارة وزير خارجية إيران للبنان تأتي في إطار جهود إيران إلى تعزيز نفوذها في لبنان، سواء من خلال الدخول بمشاريع حيوية كقطاع الطاقة أم من خلال حلفائها الذين يتطلعون إلى حصد أكثرية برلمانية في الانتخابات المقرر إقامتها في 15 مايو/أيار المقبل.

وقال الربيع في حديثه للأناضول إن زيارة وزير خارجية إيران للبنان تحمل ثلاث رسائل؛ الأولى هي طمأنة حلفاء طهران بأن أي اتفاق نووي مع الولايات المتحدة لن يؤدي إلى تغيير في موقف إيران الداعم لحلفائها في المنطقة.

زيارة وزير خارجية إيران للبنان
وزير الخارحية الإيراني زار سوريا قبل توجهه لبيروت/أرشيفية ،رويترز

من بين التطمينات هي عدم المساومة على "حزب الله"، خصوصاً أن طهران في المفاوضات مع واشنطن تطلب رفع "حزب الله" عن لائحة "الإرهاب" الأمريكية، وكذلك "الحرس الثوري" الإيراني، بحسب الربيع.

الرسالة الثانية، بحسب قول الربيع، هي فرض تهدئة سياسية في محاولة لاستدراج السعودية الى لبنان، كي تتعاطى الرياض بواقعية مع النفوذ الإيراني بلبنان، وبأن "حزب الله" سيحقق فوزاً بالانتخابات يتكرس في المرحلة المقبلة.

وتقول عواصم خليجية، بينها الرياض، إن إيران تسيطر على مؤسسات الدولة اللبنانية، عبر حليفتها جماعة "حزب الله"، وهو ما تنفي طهران والجماعة صحته.

إيران تلوح للبنان بورقة النفط والكهرباء

أما الرسالة الثالثة التي حملتها زيارة وزير خارجية إيران للبنان، فهي القول للحكومة اللبنانية، إن إيران جاهزة للتواصل والتعامل معها والدخول في مشاريع واستثمارات تتعلق بالنفط والكهرباء، وفق المتحدث ذاته.

وأشار الربيع إلى أنه من خلال ذلك تسعى إيران لتثبيت نفوذها السياسي وتحوله إلى جزء من العلاقات الاستراتيجية من خلال حضورها في قطاعات أساسية بالمرحلة المقبلة مثل قطاع الطاقة.

وكان الوزير الإيراني كشف فور وصوله إلى لبنان في تصريحات صحفية أنه طرح على رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي، عندما التقى به في منتدى ميونيخ قبل نحو شهر، استعداد إيران للمساهمة في بناء محطتين لتوليد الطاقة في لبنان، والتعاون بمجالات أخرى.

وسبق أن استورد حزب الله نفطاً من إيران، ولكن هذه الخطوة قوبلت بانتقادات داخلية، ونأت الحكومة اللبنانية بنفسها عنها، لأن صادرات النفط الإيرانية تنتهك الحظر الأمريكي المفروض على طهران، وتخاطر الناقلات التي تحمل نفطاً إيرانياً باحتمال إيقافها ومصادرتها من قبل القوات الأمريكية، ومعاقبة البلاد المتجهة إليها.

التقارب اللبناني – الخليجي لا يقلق طهران

المحلل السياسي قاسم قصير رأى أن زيارة وزير خارجية إيران للبنان غير مرتبطة بالتقارب اللبناني – الخليجي الأخير، إنما تتعلق بالتطورات الإقليمية وملف المفاوضات النووية.

وبعكس ما يعتقد البعض، فإن إيران ليس لديها مشكلة بالتقارب العربي – اللبناني؛ لأن هذا التقارب يدعم القوى اللبنانية الموجودة في السلطة ومن ضمنها حلفاء طهران "حزب الله" و"التيار الوطني الحر"، بحسب ما قال قصير للأناضول.

وبعد نحو 6 أشهر من التأزم الدبلوماسي على خلفية تصريحات لوزير الإعلام اللبناني السابق جورج قرداحي حول حرب اليمن، بدأت الأسبوع الماضي تظهر بوادر حلحلة من خلال بيانات متبادلة بين بيروت والرياض.

والأربعاء الماضي، قال ميقاتي إن "الغيمة" التي خيّمت على علاقات لبنان بدول الخليج إلى "زوال قريباً"، على إثر مبادرة قدمتها الكويت أواخر 2021، تتضمن مطالب خليجية من بيروت بينها عدم التدخل في الشؤون الخليجية والعربية عامة.

التعاون الإيراني مع بيروت قد ينطلق إذا أُزيلت العقوبات النووية

وقال قصير إنه في حال أُبرم الاتفاق النووي من جديد وأزيلت العقوبات عن إيران، لن يعد هناك مبررات لبنانية لعدم قبول مساعدات من إيران أو التعاون معها، خشية العقوبات.

وبذلك تكون هذه الزيارة ممهدة لمرحلة ما بعد الاتفاق النووي، مع تأكيد طهران على أنها لا تزال مستعدة للتعاون مع لبنان ودعمه، وهذا ما أعلنه صراحة الوزير الإيراني، وفق قصير.

أما المحلل السياسي توفيق شومان، فاعتبر أن زيارة وزير خارجية إيران للبنان تصب في خانة العروض التي تقدم إلى لبنان للاستثمار في قطاعات أساسية كقطاع الطاقة، من ضمن التزاحم الدولي للاستثمار في لبنان في ظل أزمته السياسية والاقتصادية.

وقال شومان إن العروض الإيرانية في هذه المجالات لا تختلف عن تلك التي قدمتها دول إقليمية وأجنبية، ومعظمها مرتبط في قطاع الطاقة.

والإيرانيون يقولون إنه بما أن هناك مجموعة من العروض الإقليمية والأجنبية للبنان، فإن إيران مستعدة بدورها للدخول في تلك المشاريع، بحسب شومان.

والرد اللبناني ينتظر ضوء أخضر أمريكياً

ولفت شومان إلى أن الرد اللبناني تجاه ذلك معروف، وهو ما سربته أوساط قريبة من ميقاتي مؤخراً من أن هذه العروض يمكن دراستها بعد رفع العقوبات عن طهران.

وبذلك تسعى طهران لتكريس وجودها الاقتصادي والتجاري في لبنان على مختلف المستويات، كما تحاول قوى أجنبية أخرى غيرها ذلك، من خلال عقود تجارية ومشاريع استثمارية، وفق شومان.

وعلى إثر أزمة اقتصادية طاحنة منذ أكثر من عامين، يعاني لبنان نقصاً حاداً في الوقود والطاقة؛ ما يؤدي إلى انقطاع التيار الكهربائي عن المنشآت لساعات طويلة في اليوم، بينما تتطلع البلاد إلى التنقيب عن النفط والغاز مقابل سواحلها.

أما على الصعيد الإقليمي، فقد لفت شومان إلى أن زيارة وزير خارجية إيران للبنان تمهد أيضاً لعلاقة انفتاحية بين طهران والدول العربية، في ظل المحادثات بين السعودية وإيران.

وكان عبد اللهيان أشار في تصريحات من بيروت إلى الحوار الإيراني- السعودي الذي يحصل في بغداد، قائلاً: "نحن نرحب بعودة العلاقات الطبيعية مع المملكة العربية السعودية".

تحميل المزيد