فلاديمير لينين كان قائداً للثورة البلشفية في روسيا، ويوجد للزعيم نحو ألفي تمثال على الأراضي الروسية حتى اليوم. أما في أوكرانيا فكان يوجد للينين أكثر من 5 آلاف تمثال!
نعم، الرقم صحيح كما قرأتموه! فقصة تماثيل لينين على الأراضي الروسية والأوكرانية تجسيد للعلاقة بين البلدين، وهي علاقة الإخوة الذين أصبحوا أعداء بفعل الزمن وبفعل عوامل أخرى متعددة.
قصة أوكرانيا التي تشغل بال الجميع حول العالم هي قصة الصراع بين روسيا والغرب بقيادة أمريكا، بعدما وقع المحظور وتوغلت القوات الروسية في الأراضي الأوكرانية في الوقت الذي تصارع العاصمة الأوكرانية كييف على البقاء مما يعني أن رقعة الحرب قد تتسع بصورة تشبه ما حدث في الحرب العالمية الثانية، وهذه ليست مبالغة.
العلاقة العضوية بين روسيا وأوكرانيا تمثل أصل الصراع الحالي من جهة، بينما يمثل طموح الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والأوضاع الداخلية الصعبة لنظيره
الأمريكي جو بايدن جوهر هذه الجولة من الصراع المشتعل على نار هادئة منذ عام 2013 على الأقل، والآن ندخل إلى تفاصيل تلك الأجزاء المتناثرة من القصة حتى تتضح الصورة الكاملة.
كيف تحولت أوكرانيا من أخ إلى عدو؟
تاريخياً وقبل عام 1991، لم تكن أوكرانيا دولة مستقلة كما هو الحال
اليوم، إذ كانت تلك المنطقة من أوروبا الشرقية والمتاخمة لروسيا، اليوم، عرضة
للتقسيم بين الإمبراطوريات المختلفة، سواء المجرية أو السلوفاكية أو روسيا
القيصرية، وفي عام 1917 تم إعلان جمهورية الشعب الأوكراني للمرة الأولى تاريخياً، لكنها كانت تضم فقط الأقاليم الشرقية من أوكرانيا الحالية.
وبعد نهاية الحرب العالمية الثانية، تم دمج الأقاليم الغربية من أوكرانيا إلى جمهورية الشعب الأوكراني وانضمت أوكرانيا- وكان اسمها جمهورية أوكرانيا السوفييتية الاشتراكية- إلى روسيا وروسيا البيضاء وشكَّلا معاً نواة اتحاد الجمهوريات السوفييتية الاشتراكية، أو الاتحاد السوفييتي كما بات معروفاً إعلامياً.
تبلغ مساحة أوكرانيا نحو 604 كم مربع، وهي ثاني أكبر دول القارة الأوروبية مساحة بعد روسيا، كما يبلغ عدد سكانها أكثر من 41 مليون نسمة وتأتي في المركز الثامن أوروبياً من حيث عدد السكان، وعاصمتها كييف. وتعد أوكرانيا من الدول النامية، وهي أفقر دول أوروبا على الإطلاق وتعاني من الفساد المستشري فيها بصورة ضخمة.
لكن توجد في أوكرانيا بعض الأمور التي تجعل لأزمتها الحالية تأثيراً مباشراً على بعض الشعوب العربية، مثل مصر ولبنان والسودان، والتي تعتمد بشكل كبير على القمح الأوكراني، إذ تعتبر أكبر مصدر للقمح في العالم.
عندما تفكك الاتحاد السوفييتي عام 1991، اختار الأوكرانيون الاستقلال وفضَّلوا عدم الانضمام لروسيا وروسيا البيضاء في اتحاد فيدرالي تم اقتراحه وقتها.
وهكذا تم إعلان الاستقلال وأصبح اسمها أوكرانيا، وقررت تبني سياسة الحياد، فقد وقَّعت اتفاقية شراكة مع روسيا، لكنها أيضاً وقعت عام 1994 اتفاقية شراكة مع حلف شمال الأطلسي (حلف الناتو)، وهنا بدأت قصة الصراع في الاختمار شيئاً فشيئاً، فالأخوة بين روسيا وأوكرانيا باتت على وشك التحول إلى علاقة جافة.
ومنذ عام 2014 عندما ضمت روسيا شبه جزير القرم ودعمت تمرداً انفصالياً في شرق أوكرانيا، بدأ العداء بين الإخوة يأخذ منحنى تصاعدياً.
إذ كانت لروسيا والغرب تفسيرات مختلفة جداً للتطورات في أوكرانيا. فقد اعتبرت الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي أن ما يحدث هناك انتصار للديمقراطية، بينما نظرت روسيا إلى الإطاحة بالرئيس الأوكراني يانكوفيتش على أنها انقلاب غير شرعي مدعوم من الغرب- خاصةً الولايات المتحدة- في محاولة لتوسيع نفوذها شرقاً.
وأعلنت الأقاليم الشرقية في أوكرانيا عدم اعترافها بالحكومة المركزية في كييف، ومن تلك الأقاليم شبه جزيرة القرم ودونباس وغيرهما. واشتد القتال في تلك الأقاليم بين القوات الحكومية الأوكرانية من جهة والقوات الانفصالية من جهة أخرى. وأعلنت حكومة إقليم القرم الانفصال عن أوكرانيا وإعلان جمهورية القرم المستقلة.