حثَّت منظمات حقوقية دولية وأمريكية أبرزها فريدوم فورورد، ومعهد كوينسي و"الديمقراطية الآن"، أعضاء الكونغرس الأمريكي على التعهد علناً بعدم التعاون أو اللقاء مع عضو الكونغرس الأمريكي السابق عن الحزب الجمهوري إد رويس، بسبب "أنشطته المسيئة"مع جماعات ضغط تعمل لصالح أنظمة استبدادية في الشرق الأوسط مثل السعودية ومصر".
وقالت هذه المنظمات في بيان يوم 9 فبراير/شباط 2022، إن جماعات الضغط التي يقودها مشرّعون حاليون أو سابقون مثل إد رويس "تقوم بتبييض جرائم الحكومات الاستبدادية في الشرق الأوسط واستخدام وصولها لإقناع حكومة الولايات المتحدة بدعمها، على الرغم من انتهاكاتها الهائلة والموثقة جيداً لحقوق الإنسان".
وأضاف البيان الذي حظي بدعم آلاف الموقعين على عريضة لمقاطعة رويس: "نحن بحاجة إلى محاسبة إد رويس وجماعات الضغط الأخرى المشابهة، ويجب على أعضاء الكونغرس رفض الالتقاء بهم للاستماع إلى دعايتهم أو التعاون معهم".
من هو "إد رويس" عضو الكونغرس المتهم بقيادة جماعات ضغط لصالح حكومات السعودية ومصر؟
إدوارد رويس أو "إد رويس"، هو عضو كونغرس سابق من كاليفورنيا منذ 1993 إلى 2019 ورئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب من 2013 إلى 2019، هو الآن مدير السياسات في شركة Brownstein Hyatt Farber Schreck للإستشارات وأعمال المحاماة، حيث يمثل وزارات الخارجية لحكومات استبدادية مثل مصر والسعودية، بحسب تقرير لموقع Responsible Statecraft الأمريكي.
وعلى مدار سنوات، استخدم رويس اتصالاته السياسية وعلاقاته ونفوذه لترتيب الاجتماعات، بما في ذلك الإحاطات والدعوات، لوزارات الخارجية المصرية والسعودية وسفرائهما لدى الولايات المتحدة الأمريكية مع أعضاء الكونغرس وموظفيهم لأجل دعم المواقف السياسية أو تمرير صفقات مع حكومات هذه الدول المتهمة بانتهاكات حقوق الإنسان.
في خطاب حماسي يوم 13 نوفمبر/تشرين الثاني 2017، قال النائب الجمهوري إد رويس، "إنَّ إيران تريد تحويل الحوثيين إلى نسخة يمنية من حزب الله، وبالتالي تحويل اليمن إلى لبنان ثانٍ، حيث تحتجز الميليشيا باستمرار الحكومة رهينة". كان رويس يتحدث أمام مجلس النواب اعتراضاً على دفعة من الحزبين في الكونغرس من شأنها أن تُفعِّل قرار سلطات الحرب لإنهاء تورط الولايات المتحدة في الحرب في اليمن.
وكرَّر رويس هذه الحجج وما شابهها لأكثر من 10 دقائق، لكن دون ذكر حقيقة رئيسية واحدة؛ وهي أنه كان يردد نقاط حديث أعضاء جماعات الضغط لصالح المملكة العربية السعودية، وفي بعض الأحيان حرفياً. ونقل موقع The Intercept حينها أن مكتب رويس والعديد من مكاتب أعضاء الكونغرس الآخرين تلقت في ذلك الصباح "حقائق عن الحوثيين وإيران" من جماعات الضغط التي تعمل نيابةً عن المملكة. ثم شكّلت نقاط حديث اللوبي السعودي الأساس للخطاب الذي ألقاه رويس، رئيس لجنة الشؤون الخارجية بمجلس النواب آنذاك، في وقت كانت العلاقات الأمريكية السعودية تمر فيه بمنعطف محوري.
واليوم، يتعرض رويس لانتقادات مرة أخرى بسبب صلاته بالنظام السعودي. وقد ألقت منظمة "الديمقراطية الآن في العالم العربي"، مؤخراً، الضوء على عضو الكونغرس السابق من خلال "قائمة العار للوبيات الشرق الأوسط" الخاصة بها؛ بسبب عمله في الضغط لصالح النظام السعودي والنظام القمعي في مصر.
وتقول هذه المنظمات إن رويس استخدم اتصالاته السياسية ونفوذه لمساعدة النظام المصري في أزمته الأخيرة مع واشنطن، بعدما قام بترتيب اجتماعات لأعضاء من وزارة الخارجية المصرية والسفير المصري لدى واشنطن معتز زهران مع أعضاء الكونغرس وموظفيهم.
جاءت هذه الاجتماعات في وقت كانت فيه مصر تضغط بشكل عاجل على الحكومة الأمريكية لتأمين استمرار المساعدة العسكرية البالغة 1.3 مليار دولار، والتي حجب الكونغرس 300 مليون دولار منها. نجحت الحكومة المصرية في تقليص المبلغ المحتجز من قِبَل إدارة بايدن إلى 130 مليون دولار. ورفض إد رويس الرد على طلبات الحصول على معلومات حول المضمون الدقيق للاجتماعات التي رتبوها للحكومة المصرية خلال هذا الوقت مع أعضاء الكونغرس الآخرين.
كيف تحوَّل رويس من مُشرّع في الكونغرس إلى قطب بجماعات الضغط في واشنطن؟
يقول تقرير موقع Responsible Statecraft إن طريق رويس كان ليصبح عضواً بارزاً في جماعة ضغط لصالح الزعماء الاستبداديين ممهداً عندما كان لا يزال في الكونغرس، وكان هدفاً رئيسياً لجماعات الضغط السعودية. وتُظهِر ملفات قانون تسجيل الوكلاء الأجانب، التي حلّلها في تقريرين سابقين مركز "السياسة الدولية" بواشنطن، نمطاً في اجتماعات جماعات الضغط السعودية مع رويس وموظفيه خلال السنوات الأخيرة من ولايته الطويلة في الكونغرس. وشمل ذلك اجتماعات متعددة بين رويس وجماعات ضغط سعودية تعمل لصالح Hogan Lovells، الشركة التي وزعت نقاط الحوار التي تلاها رويس.
وخلال عضوية رويس في الكونغرس، التقى أيضاً، في مناسبات متعددة، بأعضاء جماعات الضغط السعوديين العاملين في McKeon Group، التي أسسها النائب السابق هوارد باك ماكيون، الجمهوري من كاليفورنيا، الذي كان قد شغل منصب رئيس لجنة القوات المسلحة بمجلس النواب. وفي غضون أسبوعين من اجتماع واحد بين مجموعة ماكيون ورويس، تلقت حملة عضو الكونغرس 2000 دولار من أصدقاء باك ماكيون، التي كانت مليئة بالأموال المتبقية من حملات ترشُّح ماكيون الخاصة.
كان هذا مؤشراً على نمط أكبر وضعه رويس أثناء وجوده في الكونغرس، وهو تلقي مساهمات من جماعات الضغط السعودية. وفي العامين السابقين لإعلان رويس في عام 2018 أنه لن يسعى إلى إعادة انتخابه، تلقت لجنة حملته ما لا يقل عن 16000 دولار من الشركات المُسجّلة بموجب قانون تسجيل الوكلاء الأجانب، التي تعمل نيابةً عن المملكة العربية السعودية. وشمل ذلك 3500 دولار من شركة Brownstein Hyatt Farber Schreck للمحاماة وجماعات الضغط، التي ستدفع قريباً لرويس أكثر من ذلك بكثير.
المستهدفون بالضغط يصبحون هم جماعات الضغط لصالح الأنظمة الاستبدادية في الشرق الأوسط
عندما غادر رويس الكونغرس في أوائل عام 2019، فعل ما فعله معظم الأعضاء السابقين؛ أصبح عضواً في جماعة ضغط. وفي غضون شهرين من ترك الخدمة الحكومية، عُيِّن رويس مديراً للسياسات في شركة Brownstein Hyatt Farber Schreck للاستشارات القانونية وأعمال المحاماة.
وعلى الرغم من أنَّ رويس يمكنه تقديم المشورة و"التشاور"، لكنه من الناحية الفنية لم يكن عضواً في جماعة ضغط، إذ تشترط قواعد الكونغرس "فترة تهدئة" مدتها عام واحد يُمنَع خلالها أعضاء الكونغرس السابقون من الضغط على زملائهم السابقين. وبعد انتهاء فترة رويس التي امتدت لعام واحد، لم يُهدِر أي وقت لأنه سجل للعمل أولاً في ليبيريا، ثم من أجل مصالح أجنبية أخرى، لا سيما حكومة مصر، وبالطبع السعودية.
وانقلب السيناريو؛ وصار رويس يؤدي الآن دور جماعة الضغط. وتواصل مع زملائه السابقين مئات المرات نيابةً عن هذه الأنظمة الاستبدادية وقدّم شخصياً أكثر من 10.000 دولار من المكافآت، أكثرها إلى لجنة العمل السياسي التابعة لشركة Brownstein Hyatt Farber Schreck، التي بدورها قدّمت سابقاً، وفي مناسبات متعددة، مساهمات لأعضاء الكونغرس في نفس اليوم بالضبط الذين اجتمعوا هم أو موظفوهم مع جماعات الضغط في الشركة التي تمثل السعودية.
ظاهرة تحول أعضاء سابقين في الكونغرس إلى العمل مع جماعات الضغط أصبحت شائعة
من جانبها، تدعو "منظمة الديمقراطية الآن في العالم العربي"، العديد من المنظمات الأخرى، بما في ذلك معهد كوينسي، وأكثر من 5000 موقع على عريضة، أعضاء الكونغرس إلى التوقف عن الاجتماع مع رويس وجماعات الضغط الأخرى في شركته حتى يقطعوا علاقاتهم مع نظامَي الدولتين.
وقد يُقيد رفض مكاتب الكونغرس لمقابلة رويس من عمله في 27 شركة محلية ودولية التي كان يمارس جهود الضغط نيابة عنها في عام 2021، بما في ذلك مقاول الدفاع BAE Systems ومُورِّد اللقاح المضاد لفيروس كورونا المستجد، Moderna وعملاق التكنولوجيا الصيني Tencent Holdings و SalesForce، على سبيل المثال لا الحصر.
وللتأكيد، فإنَّ مهنة رويس في كسب التأييد، بعد عمله في الكونغرس، ليست استثناءً، بل لقد أصبح ذلك القاعدة؛ إذ من الشائع الآن على نطاق غير عادي أن يعمل أعضاء سابقون في الكونغرس في جماعات الضغط نيابةً عن الحكومات الأجنبية. وعلى الرغم من أنَّ هذه الظاهرة قد تكون مقلقة عامةً، إلا أنها مقلقة بالأخص عندما يكون الضغط لصالح الأنظمة الاستبدادية المسيئة؛ مما يعمق المشاركة الأمريكية في الحرب الكارثية في اليمن، ويُرسِّخ سياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط التي تبدو مستندة بازدياد إلى مبيعات أسلحة بعدة مليارات الدولارات إلى زعماء مستبدين، كما يصف ذلك موقع Responsible Statecraft الأمريكي.