مع تصاعد التوترات على طول الحدود الروسية الأوكرانية بشكل مطرد، في ظل انتشار ما يصل إلى 130 ألف جندي روسي عبر منطقة دونباس المتنازع عليها في أوكرانيا، تستعد القوات المسلحة الأوكرانية للحرب بمساعدة خارجية وداخلية أيضاً، حيث يقوم الأوكرانيون بالتبرع عبر العملات المشفرة لدعم الجيش وتجهيزه أمام احتمالات الغزو الروسي.
تبرعات البيتكوين للجيش الأوكراني ترتفع 900% خلال عام 2021
يقول تقرير صادر عن شركة Elliptic لتحليلات البلوكتشين ومقرها لندن، إن عدداً من المنظمات غير الحكومية الأوكرانية المرتبطة بالجيش ومجموعات المتطوعين قد غمرتهم تبرعات البيتكوين من قبل الأوكرانيين خلال الأشهر الماضية.
وبحسب التقرير الذي نشر في 8 فبراير/شباط 2022، فقد قفزت التبرعات بالعملات المشفرة بنسبة 900% لتصل إلى أكثر من 570 ألف دولار في عام 2021 وحده، مقارنة بالعام السابق. استخدمت المنظمات غير الحكومية ومجموعات المتطوعين عدداً من محافظ العملات المشفرة للوصول إلى الأموال.
ووجهت التبرعات إلى حد كبير لتجهيز الجيش الأوكراني، وكذلك لشراء الإمدادات الطبية والطائرات العسكرية بدون طيار، وفقاً للتقرير. كما تم تخصيص بعض الأموال لتطوير تطبيقات أمنية للتعرف على الوجه، يمكنها التعرف على المرتزقة أو الجواسيس الروس.
وتعمل منظمة Myrotvotrets Center غير الحكومية التي تتخذ من كييف مقراً لها، والتي بدأت في قبول التبرعات بالعملات المشفرة منذ عام 2016، على تطبيق للتعرف على الوجه يستخدم الصور لتحديد "المسلحين والمرتزقة الروس ومجرمي الحرب". حتى الآن، تلقى Myrotvotrets Center ما يقرب من 267.000 ألف دولار من خلال تبرعات بيتكوين، بحسب تقرير Elliptic.
الأوكرانيون يتعلمون من الروس تمويل جيشهم بالعملات المشفرة
يحاكي الأوكرانيون في تبرعاتهم هذه عن طريق البيتكوين، عمليات جمع الأموال المشفرة التي استخدمها الروس منذ بداية الحرب الروسية الأوكرانية عام 2014. ففي شرق أوكرانيا، جمع الانفصاليون المؤيدون لروسيا الأموال عن طريق قبول التبرعات المشفرة من خلال سلسلة من الحملات عبر الإنترنت.
وتم توجيه هذه التبرعات من خلال البنوك الروسية والخارجية. تلقت إحدى هذه الحملات، المسماة "Save the Donbass"، ما لا يقل عن 68 تبرعاً من البيتكوين بين عامي 2014 و2016، كما يقول تقرير لشبكة CNBC الأمريكية.
ورغم أن الجيش الأوكراني لا يقبل التبرعات، فإنه يعتمد منذ فترة طويلة على الشراكات مع مجموعات المتطوعين الأوكرانية الممولة من التبرعات الشعبية الخاصة. كانت بعض هذه الشراكات مثيرة للجدل في الماضي؛ بسبب استخدام الجيش الأوكراني لميليشيات يمينية سيئة السمعة، خلال محاولاته لاحتواء الحركات الانفصالية المدعومة من روسيا في دونباس خلال عام 2014.
على مدى السنوات السبع الماضية، واصل الجيش الأوكراني العمل مع المنظمات غير الحكومية، بما في ذلك "Come Back Alive"، وهي منظمة خاصة تقدم معدات عسكرية للقوات الأوكرانية، والتي تلقت حوالي 200.000 دولار من تبرعات بيتكوين خلال الأشهر الأخيرة، ما يجعلها واحدة من أكبر المتلقين، وفقاً لتقرير شركة Elliptic.
وهناك مجموعات أخرى أوكرانية تعمل في مجال القرصة، مثل Cyber Alliance، تتلقى تبرعات كبيرة عبر العملات المشفرة، وتعمل مجموعة Cyber Alliance الإلكترونية ضد أهداف ومواقع روسية. في العام الماضي تلقت المجموعة تبرعات وصلت إلى 100 ألف دولار عبر العملات المشفرة.
إدراكاً لإمكانات العملات المشفرة وقوة انتشارها في أوكرانيا منذ سنوات، اتخذت الحكومة الأوكرانية خطوات نحو استخدامها على المستوى الوطني، حيث وافق الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي على تشريع في أواخر عام 2021 يسمح للبنك المركزي بإصدار عملة رقمية، ويناقش برلمان البلاد حالياً قانوناً من شأنه تقنين وتنظيم استخدام العملات المشفرة داخل البلاد.
العملات الإلكترونية تنتعش في مناطق النزاعات والحروب
تعتبر العملات المشفرة مثل البيتكوين مفيدة في تمويل النزاعات العسكرية بسبب طبيعتها اللامركزية وغير المنظمة. رغم أن العديد من المؤسسات المالية التقليدية لديها قيود صارمة على تمويل الحروب، وهي ملزمة باتباع العقوبات الدولية فإنه من المستحيل فعلياً تنظيم العملات المشفرة بهذه الطريقة.
لهذه الأسباب، تُستخدم بيتكوين أيضاً في مناطق أخرى تخضع لعقوبات شديدة، بما في ذلك إيران، التي لا تزال مركزاً لتعدين العملات المشفرة رغم الانقطاعات المتكررة للحظر الحكومي.
ويقول توم روبنسون، كبير الخبراء بالعملات المشفرة في شركة Elliptic، لقناة CNBC الأمريكية، إنه يتم استخدام العملة المشفرة بشكل متزايد في تمويل الحروب الجماعية، بموافقة ضمنية من الحكومات بشكل كبير، كما أن جمع الأموال في التشفير مفيد لأنه من الصعب مصادرة مثل هذه الأصول.
وخلال العقد الماضي، بدأت المنظمات الأوكرانية في تأمين الدعم المالي لزيادة عمل الجنود والمتطوعين وسط الفساد الحكومي، حيث كثفت جحافل المتطوعين جهودها لدعم المحتجين خلال ثورة الميدان عندما أُطيح بالرئيس الأوكراني الموالي لروسيا فيكتور يانوكوفيتش في عام 2014.
تتلقى هذه المنظمات غير الحكومية عموماً أموالاً من مانحين من القطاع الخاص من خلال التحويلات المصرفية أو تطبيقات الدفع. في السنوات الأخيرة، اتخذ المانحون طريق العملة المشفرة لتحويل الأموال لتجاوز البنوك والمؤسسات المالية التي قد تمنع المدفوعات إلى أوكرانيا.
لكن على الرغم من ارتفاع التبرعات بالعملة المشفرة لأوكرانيا، فإنها لا تزال تشكل جزءاً صغيراً من التمويل، إذ لا تزال غالبية الأموال تتدفق إلى أوكرانيا بالعملات الورقية من خلال أنظمة الدفع التقليدية حتى اللحظة.