نتنياهو يصبح آخر ضحايا برنامج بيغاسوس للتجسس، فهل يؤدي إلى إدانته أم نجاته من المحاكمة؟

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2022/02/08 الساعة 21:21 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/02/08 الساعة 21:25 بتوقيت غرينتش
مخاوف أردنية من عودة نتنياهو للسلطة في إسرائيل

يبدو أن نتنياهو قد أصبح آخر ضحايا برنامج تجسس "بيغاسوس" بعد أن استخدمه ضد خصومه المحليين وضد حلفاء بلاده، وكأداة لتوسيع نفوذ بلاده وتعزيز علاقتها بالدول العربية. 

بدأت القصة عندما كان نتنياه رئيساً للوزراء، حيث ساعد على ترويج  برنامج بيغاسوس الذي تطوره مجموعة NSO الإسرائيلية، مِمَّا مهد الطريق للمبيعات في الخليج العربي والاستمتاع بثمار هذه التقنية على الجبهتين السياسية والدفاعية، بما في ذلك أقوى العلاقات مع المملكة السعودية والإمارات والبحرين، حسبما ورد في تقرير لصحيفة Haaretz الإسرائيلية.  

ولكن الآن تحول نتنياهو إلى آخر ضحايا برنامج بيغاسوس، ولكن المفارقة أنه يتطلع إلى أن يكون هذا البرنامج أيضاً وسيلة نجاته من المحاكمة.

سحر بيغاسوس ينقلب على نتنياهو

استخدم نتنياهو بيغاسوس طوال الوقت كأداة في السياسة الخارجية، بما في ذلك التطبيع العربي مع إسرائيل الذي تمخض عن اتفاقات أبراهام التي يفاخر بأنها، أهم إسهاماته في السياسة الخارجية الإسرائيلية.

ولكن سرعان ما تبين تورط شركة NSO الإسرائيلية الصيف الماضي في خضم فضيحة تجسّس عالمية بعد تحقيق نشرته 17 وسيلة إعلاميّة دوليّة اعتباراً من 18 يوليو/تمّوز كشف أنّ برنامج بيغاسوس للتجسّس سمح بالتنصت على ما لا يقلّ عن 180 صحافياً و600 شخصيّة سياسيّة و85 ناشطاً حقوقياً و65 صاحب شركة في دول عدّة. 

وبعد ذلك تكشفت فضيحة تجسس الشرطة الإسرائيلية على مواطنيها باستخدام برنامج بيغاسوس، وهي الفضيحة التي شوهت صورتها إسرائيل المزعومة كواحة للديمقراطية بالشرق الأوسط، خاصة بعد أن تبين أن التجسس استهدف خصوماً لرئيس الوزراء السابق بنيامين نتنياهو وسياسيين كبار في البلاد.

وتورطت في هذه الفضيحة شرطة إسرائيل "لاهاف 433" -التي يُطلَق عليها أحياناً اسم "مكتب التحقيقات الفدرالي الإسرائيلي"- ووحدة استخبارات الإشارات التابعة لها.

وفي حين أظهرت التقارير في البداية إساءة استخدام بيغاسوس، بسبب بيعه لحكومات أجنبية واستخدامه في التجسس على شخصيات مثل الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون من قبل المغرب، فإن الادعاءات الأخيرة تمثل تحولاً كبيراً يشير إلى أن الإسرائيليين كانوا مستهدفين أيضاً بالتجسس، رغم أن الشركة قالت إن برنامجها مصمم لعدم التجسس على الهواتف الأمريكية والإسرائيلية، حسبما ورد في تقرير لصحيفة the Guardian البريطانية.

كيف تحول نتنياهو إلى هدف للشرطة الإسرائيلية؟

ففي عهد نتنياهو، اكتسبت الشرطة الإسرائيلية، بقيادة القائد آنذاك روني الشيخ، قدرات تجسُّس متقدمة.

في رواية نتنياهو، فقد حدَّدَه الشيخ كهدف- حتى لو لم تكن الدوافع واضحة- وأُرسِلَت وحدات النخبة في الشرطة في رحلة مطاردة من أجل الإيقاع به في القضية رقم 4000. 

وفي هذه القضية يواجه الرجل الذي جلس على مقعد رئيس الوزراء في إسرائيل أطول من أي شخص آخر الاتهام بأنه قدم مجاملات عبر قنوات تنظيمية في حدود 1.8 مليار شيكل (حوالي 500 مليون دولار) لشركة بيزك الإسرائيلية للاتصالات.

ويقول المدعون في هذه القضية إن نتنياهو طلب في مقابل تلك الخدمات تغطية إيجابية لنفسه وزوجته سارة على موقع إلكتروني إخباري يسيطر عليه شاؤول إلوفيتش الرئيس السابق للشركة، بحسب تقرير لوكالة رويترز.

ويواجه نتنياهو في هذه القضية تهمة الرشوة والاحتيال وخيانة الأمانة، بينما يواجه إلوفيتش وزوجته إيريس تهمتي الرشوة وعرقلة العدالة. وينفي المتهمون الثلاثة التهم الموجهة إليهم.

واعترفت الشرطة الإسرائيلية بتفعيل برامج التجسُّس (لم تذكر برنامجاً على وجه التحديد) على هاتف شاهد الدولة شلومو فيلبر، وكما في رواية نتنياهو فقد استُخدِمَ برنامج بيغاسوس أو آخر مشابه له لاختراق هواتف شاهد الدولة نير حيفتز، ويائير نتنياهو (نجل نتنياهو)، والمتَّهمَين في القضية رقم 4000 شاؤول وإيريس إلوفيتش ومحاميهم. 

وإلا فكيف كان المحققون يعرفون أن يائير زار شقة رجل الأعمال الملياردير الأسترالي ومؤيد نتنياهو جيمس باكر، أو التقلبات والمنعطفات في حياة هيفتز الشخصية؟ 

تقول صحيفة Haaretz "هذه ادعاءاتٌ خطيرة تستدعي التحقيق، والتغييرات المُتكرِّرة في استجابة الشرطة الإسرائيلية للتقارير المتعلِّقة بالقضية لا تزيد الثقة في الشرطة. يبدو كلُّ ذلك أشبه بمحاولاتٍ قذرة لتبييض وجه المجرمين". 

بيغاسوس
الشرطة الإسرائيلية تجسست على نجل نتنهياهو/رويترز

وأشارت تقارير صحيفة Calcalist الإسرائيلية التي كشفت فضيحة التجسس على المواطنين الإسرائيليين إلى أن قادة الحركة الاحتجاجية ضد نتنياهو آنذاك كانوا أهدافاً لرقابة الشرطة. 

وبعد أن دعا المعسكر المناهض لنتنياهو إلى إجراء تحقيقٍ شامل في تجسُّس الشرطة، تحوَّلَت القصة لتدور حول مراقبة حلفاء نتنياهو. ويتوقَّع نتنياهو الآن أن يدعم خصومه التحقيق حول التجسس على حلفائه بنفس الحماس، حتى لو كانت نتائجه قد تساعد في قضاياه القانونية، على الأقل في الساحة العامة. 

تقول الصحيفة الإسرائيلية: "يسير سيناريو نتنياهو على نغمات ترامب. وقد قرَّرَت رموز حزب الليكود أن التحقيقات ضد نتنياهو وقرار اتِّهامه قبل الانتخابات بفترةٍ وجيزة كلَّفتهم مقعدين في الكنيست رغم أنه ليس من الواضح كيف فقدوا هذين المقعدين". 

إنها مفارقةٌ كبيرة، إذ يعتقد الرجل الذين استخدم بيغاسوس لتحقيق مكاسب في السياسة الخارجية وضد خصومه المحليين، أنه فَقَدَ سلطته المحلية بسبب برامج التجسُّس.

وفي أحدث تطوُّرٍ، يأمل نتنياهو أن يؤدي كشف المؤامرة إلى تحويل المسار القانوني لصالحه، وتحويل محقِّقيه ليصبحوا مرتكبين لجريمة المراقبة غير القانونية- التي يُعاقَب عليها بالسجن لمدة خمس سنوات- وبناء على ذلك يأمل نتنياهو أن يخرج من القضية برمتها دون مساس. 

تحميل المزيد