صقور حول بوتين.. من هم أبرز الشخصيات التي يستعين بها الرئيس الروسي في موقفه من أوكرانيا؟

عربي بوست
تم النشر: 2022/02/07 الساعة 13:58 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/02/07 الساعة 14:07 بتوقيت غرينتش
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين - رويترز

مع تصاعد حدة التوتر الحالي بين أوكرانيا وروسيا برزت عدة أسماء كبيرة بجوار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يرى عدد كبير من الخبراء أنهم وراء الموقف المتشدد لبوتين في الوقت الراهن.

الفريق الذي يساعد بوتين لا يظهر كثيراً لكنه يقف وراء ما يقوم به الرئيس الروسي الذي دوماً ما ينصت لآرائهم/ حتى ظهر في الآونة الأخيرة أنهم يتحدثون في الأزمة الأوكرانية أكثر من بوتين نفسه.

فمن هم وماذا يقولون؟ ظل هذا السؤال المسيطر على عدد كبير من المتابعين للشأن الروسي، فيما وصل بعضهم إلى هُوية هؤلاء الصقور الذين يشاركون بوتين قراراته ومنهم وزير دفاعه  سيرجي شويغو، ومستشار بوتين للأمن القومي نيكولاي باتروشيف، بحسب تقرير لصحيفة The New York Times الأمريكية.

ماذا يقولون؟

"يقنن الغرب الزواج بين البشر والحيوانات".. "الزعماء الأوكرانيون سيئون مثل هتلر".. "القوميون هناك ليسوا بشراً".

تمثل هذه العبارات الرؤى التي تنتشر بين الدائرة الداخلية للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، من كبار المسؤولين الأمنيين الروس الذين سيجلسون على الأرجح أمام الطاولة بينما يتخذ زعيمهم قراراً بشأن شن حرب مفتوحة ضد أوكرانيا إذا ما قرر ذلك.

في تصريحات نشرتها وسائل الإعلام الروسية في العام الماضي، أبدى هؤلاء الرجال النافذون -الذين وُلدوا في الغالب في خمسينيات القرن الماضي خلال وجود الاتحاد السوفييتي، مثل بوتين- مواقف أكثر قوة مما فعل رئيسهم، وهو ما يقدم إشارة إلى التحول المتشدد الذي يتخذه الكرملين مع تصعيد مواجهته ضد أعدائه المتصورين داخل البلاد وخارجها.

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ووزير الدفاع/ رويترز

يتتبع صعود المسؤولين الأمنيين داخل دائرة الرئيس، تطورَ بوتين نفسه من زعيمٍ أصغر سناً كان يُظهر وجهاً ودوداً مع الغرب في مطلع القرن الحالي -وفي الوقت ذاته أحاط نفسه آنذاك بمستشارين ضموا رموزاً ليبرالية في روسيا- وصولاً إلى الرجل الذين يهدد ضمنياً في الوقت الراهن بإطلاق حرب كبرى في أوروبا.

ويروي كذلك قصة كفاح الكرملين المستمر منذ سنوات من أجل صياغة أيديولوجية ترسخ حكم بوتين: وهي أيديولوجية تعتمد اعتماداً متزايداً على صورة تُظهر الغرب عدواً، وتُظهر أوكرانيا تهديداً، وتجعل من روسيا حصناً لـ "القيم التقليدية"، كما تقول الصحيفة الأمريكية.

من هم المقربون من بوتين؟

لا يعلم أحد حقاً كيف يتخذ بوتين قراراته، أو من الذين ينصت إليهم كثيراً عندما يفكر في خطواته القادمة.

ويحرص بوتين على الحفاظ على صمته، وقد تجنب التعليق علناً على الأزمة مع أوكرانيا منذ ديسمبر/كانون الأول، برغم ظهوره أمام الكاميرات بصفة شبه يومية، ويترك ذلك للصقور من حوله لعرض الدلائل حول ما يدور في خلد الزعيم الروسي. 

التقى بعض من هؤلاء ببوتين لأول مرة أثناء عملهم معه في الاستخبارات السوفييتية (كيه جي بي)، ووُجِّهت إليهم اتهامات من المسؤولين الغربيين بالإشراف على الاغتيالات، وعمليات التأثير، والجاسوسية السيبرانية، والحرب الدموية التي ساعدت في إبعاد الكرملين عن أوروبا والولايات المتحدة.

يُعرف عن بوتين تعبيراته المعادية للغرب، لكن مستشار الأمن القومي الرئيسي بالنسبة له، نيكولاي باتروشيف، يُعرف عنه الحماسة التي تتجاوز حتى حماسة رئيسه. يصور بوتين أعداءه بأنهم عازمون على تزييف عظمة ماضي روسيا العظيم، لكن  مدير هيئة الاستخبارات الخارجية الروسية، سيرغي ناريشكين، اتخذ أولويةً خاصةً متمثلةً في القتال من أجل هذا التاريخ. 

الصواريخ الكورية تعتمد على تكنولوجيا نظام إس 400 الروسي/رويترز

تبنّى بوتين نهجاً متزايداً من انخراط الدولة في الاقتصاد، لكن وزير دفاعه، سيرجي شويغو، وصل بهذا الاتجاه إلى أقصى مدى من خلال قيادة جهود حكومية ضخمة لبناء مدن جديدة في سيبيريا. 

قال ناريشكين عن أوكرانيا هذا الشهر: "آلةُ زمنٍ من نوعٍ ما تعود بنا إلى أسوأ سنوات احتلال هتلر"، ووصف الحكومة الأوكرانية المؤيدة للغرب بأنها "ديكتاتورية حقيقية". وقد افتتح عرضاً في موسكو بعنوان "انتهاكات حقوق الإنسان في أوكرانيا".

أما شويغو فقد وصف القوميين الأوكرانيين بأنهم "ليسوا بشراً". فيما وصف باتروشيف "الروسوفوبيا" أو "الرهاب من روسيا" في أوكرانيا بأنها ثمرة الحملة الدعائية الغربية التي يعود تاريخها إلى الكتبة الأوروبيين الغيورين الذي لطخوا سمعة القيصر الروسي إيفان الرهيب.

والآن بينما يفكر بوتين في رهانه حول أوكرانيا وإلى أي مدى يمكنه رفع هذا الرهان، تتعلق المسألة بمدى تبنيه العقلية التآمرية التي لدى الصقور في إدارته. 

وتشير كثير من العلامات إلى أن "الراديكاليين" يكسبون مزيداً من النفوذ. وشوهد التغير الأوضح داخل روسيا، حيث أعقبت تسميم قائد المعارضة أليكسي نافالني في 2020، حملةٌ قمعيةٌ واسعة المدى في العام الماضي ضد النشطاء ووسائل الإعلام، بل وحتى ضد الأكاديميين.

وبينما يركزون جهودهم على سحق المعارضة، يأتي المسؤولون الأمنيون المتشددون كذلك في طليعة تبنّي "القيم التقليدية"، معتبرين روسيا البديل الأسمى للغرب المتفسخ أخلاقياً.

قال باتروشيف في مقابلة خلال شهر سبتمبر/أيلول أثناء وصف القيم الغربية: "في بعض الأماكن، وصلوا إلى درجة تقنين الزواج من الحيوانات".

العودة إلى الماضي السوفييتي

وبينما تحتشد القوات الروسية بالقرب من أوكرانيا، يلوح في الأفق عنصر آخر من عناصر الإيديولوجية التي يعتنقها المسؤولون الأمنيون: تمجيد الماضي السوفيتي. قال باتروشيف إن انهيار الاتحاد السوفييتي "وحّد تماماً أيادي النخبة الغربية النيوليبرالية"، ما سمح لهم بفرض قيمهم غير التقليدية على العالم، ويصور باتروشيف وزملاؤه روسيا بأنها أمةٌ قُدِّر لها بأن تستعيد ذلك الوضع السابق بوصفها حصناً ضد الغرب، مع التأكيد على أن أوكرانيا ودول ما بعد الاتحاد السوفييتي الأخرى تنتمي إلى محيط نفوذ موسكو الشرعي.

قال أندريه كوليسنيكوف، الباحث الكبير لدى مركز كارنيغي موسكو الفكري: "هذه واحدة من تيارات القومية الروسية الأشد ظلمة، وتضاعفها الإمبريالية". وأوضح أن هدف النخبة الأمنية الروسية يرمي إلى "استعادة الإمبراطورية".

حتى أن بوتين نفسه وصف انهيار الاتحاد السوفييتي بـ "الكارثة الجيوسياسية". لكنه اعتاد كذلك على طلب النصيحة من عدد من المسؤولين، ومن بينهم الأشخاص ذوي وجهات النظر الليبرالية. والآن، استُبعدت هذه النوعية من المسؤولين من الحكومة بدرجةٍ كبيرة، وفي المقابل فإن التكنوقراط، من أمثال ميشوستين، لا يتحدثون على الإطلاق تقريباً حول المسائل التي تتجاوز مجال مسؤوليتهم المباشرة.

مندوب روسيا الدائم لدى المنظمات الدولية في فيينا وقائد فريق التفاوض الروسي في المحادثات النووية الإيرانية ميخائيل أوليانوف/ رويترز

وذلك يترك المجال أمام نخبة المسؤولين الأمنيين الذين يُعرفون بـ "السيلوفيكي" -وهم المسؤولون السياسيون ذوو الخلفيات العسكرية والأمنية والاستخباراتية- الذين عملوا في  الاستخبارات السوفdيتية (كيه جي بي) مع الرئيس بوتين.

ويقول المحللون إن تصاعد التوتر مع الغرب يمثل شيئاً جيداً بالنسبة لهؤلاء المسؤولين، لأنه يزيد من نفوذهم بين النخبة الحاكمة.

في مقال نُشر هذا الشهر، كتبت تاتيانا ستانوفايا، مؤسسة شركة التحليلات السياسية R. Politik: "تصاعد المواجهات والعقوبات لا تخيف السيلوفيكي، بل على النقيض تتيح أمامهم مزيداً من الفرص".

والآن يقف المحللون الروس في حيرة من أمرهم ولا يعرفون إن كان بوتين قد اكتفى من المسحة البراغماتية المتبقية التي تُجنِّبه حرباً مفتوحة مع أوكرانيا. إذ إن إغلاق جمعية ميموريال -وهي جمعية حقوقية أغضبت المؤسسة الأمنية الروسية كثيراً لكشفها عن جرائم الشرطة السرية السوفيتية- يعطي إشارةً أخرى على توجه أشرعة بوتين ناحية رؤى السيلوفيكي.

لكن العقوبات الغربية ضد روسيا حال توغلها في أوكرانيا قد يحمل آثاراً واسعة، وهو ما اتضح في تراجع البورصة الروسية في خضم مخاوف الحرب التي انتشرت في الأسابيع الأخيرة. فضلاً عن أن الخسائر العسكرية يمكنها أن تجلب عواقب غير متوقعة في السياسات الداخلية، وأن تلطخ إرث بوتين.

قال رمشوكوف: "إذا خضنا حرباً مع أوكرانيا وقتل الأخ أخيه، فإن ذلك إذاً هو كل ما سوف يُذكر عنه. لا يمكنه عدم استيعاب الإثم الذي يمكن ارتكابه".

تحميل المزيد