تقرع طبول الحرب في الولايات المتحدة وبريطانيا، بعدما زادت القوى الغربية من حدة تحذيراتها بشأن غزو روسي وشيك لأوكرانيا، لكن في المقابل ظهر موقف غريب من أوكرانيا لا يشارك الغرب جزمه الواضح بوقوع الاجتياح الروسي، حيث إن أوكرانيا تقلل من احتمالات الغزو الروسي بل يتحدث مسؤولوها عن عملية ابتلاع روسية جارية بالفعل لبلد آخر مجاور.
وانتقد الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، مؤخراً، الدول الغربية، بما في ذلك الولايات المتحدة، لطريقة تعاملها مع التعزيزات العسكرية الروسية على حدوده، وهاجم قرارات الولايات المتحدة وبريطانيا وأستراليا بسحب بعض موظفي السفارة، متهماً القادة الغربيين بالتحريض على "الذعر" بسبب تكرار تلميحات بأن الغزو الروسي لبلاده بات وشيكاً.
وفي معرض الحديث عن التوترات القائمة حالياً مع روسيا، قال الرئيس الأوكراني، فولوديمير زيلينسكي، يوم الجمعة 28 يناير/كانون الثاني، إن هذه التوترات ليست جديدة "نحن في هذا الوضع منذ ثماني سنوات"، على حد قوله.
وقالت صحيفة Washington Post الأمريكية إنه بينما تتلقى أوكرانيا مليارات الدولارات من المساعدات الاقتصادية والعسكرية من الغرب، فقد أعرب زيلينسكي عن إحباطه من التقييمات العامة التي أجرتها الولايات المتحدة وحلفاء آخرون يعتقدون أن التوغل محتمل بشكل متزايد، وبدا أنه ينتقد الرئيس الأمريكي جو بايدن مباشرة بسبب تصريحاته.
والشهر الماضي، أشار بايدن إلى أن القوات الروسية يمكن أن تتقدم نحو أوكرانيا في أقرب وقت في الشهر المقبل (في إشارة لشهر فبراير/شباط 2022).
واستغرب الرئيس الأوكراني هذا الذعر قائلاً: لقد جاءت هذه الإشارات حتى من قادة العالم المحترمين، الذين يتحدثون بصراحة وبلغة غير دبلوماسية، (في إشارة لبايدن على ما يبدو)، ويقولون ببساطة: "غداً ستندلع حرب. هذا هو الذعر في حدث ذاته".
واستدرك الرئيس الأوكراني قائلاً: "نحن ممتنون للولايات المتحدة لدعمها المستمر لسيادتنا وسلامتنا الإقليمية"، "لكن أنا الرئيس الأوكراني. أنا موجود هنا. أعرف تفاصيل أعمق من أي رئيس".
وتأتي هذه الانتقادات بينما يعتمد الرئيس الأوكراني على شركاء بلاده الغربيين في مواجهة احتمالات التحرك الروسي الذي لا يعرف مداه، ولكنه لم يكن الانتقاد الأول حيث سبق أن انتقد انفراد الولايات المتحدة بالتفاوض مع الروس حول مصير بلاده واستبعاد حكومته من المفاوضات.
كما انتقد زيلينسكي البالغ من العمر 44 عاماً الغرب على ما اعتبره تأخراً في فرض المزيد من العقوبات المؤثرة على موسكو.
أوكرانيا تقلل من احتمالات الغزو الروسي
ويختلف التحليل الأوكراني للتصعيد الروسي عن تقييم الغرب للأزمة على أنها عسكرية في الأساس، فالاعتقاد السائد في كييف هو أن غاية فلاديمير بوتين هي زعزعة استقرار أوكرانيا على المدى الطويل، وأن الزعيم الروسي قد تكون له أغراض أخرى من التصعيد الحالي غير الغزو العسكري.
على الجانب الآخر، حذرت ليز تراس، وزيرة الخارجية البريطانية، قبل ثمانية أيام من انقلاب عسكري يخطط له الكرملين في أوكرانيا، ربما بالتزامن مع هجوم عسكري، وبدعم من خمسة سياسيين أوكرانيين سابقين. ومع ذلك، فإن أربعة من هؤلاء يعيشون بالفعل في المنفى في موسكو، ما يعني أن صلاتهم بروسيا ليست سراً.
وعلى الرغم من أن أصداء التحذيرات البريطانية انتقلت إلى واشنطن، حتى إن الاستخبارات الأمريكية حذرت يوم الجمعة 28 يناير/كانون الثاني من أن روسيا تنقل إلى الحدود "إمدادات الدم الطبية" وغيرها من المعدات التي تشير إلى غزو عسكري محسوم، فإن نائب وزير الدفاع الأوكراني قال إن هذا كله جزء من "الحرب النفسية" الروسية.
وتباينت الرسائل السياسية الصادرة عقب مكالمة هاتفية جرت يوم الخميس الماضي 27 يناير/كانون الثاني بين جو بايدن وزيلينسكي. فقد زعم مسؤول أوكراني أن الرئيس الأمريكي قال في المكالمة إن روسيا ستبدأ غزوها العسكري بمجرد أن يستقر تماسك الجليد في فبراير/شباط، لكن التصريح الأوكراني أعقبه إنكار سريع من البيت الأبيض.
شدد المسؤولون الأمريكيون على أن ما قاله بايدن هو أن الغزو الروسي في فبراير/شباط "احتمال جلي"، وهو استنتاج ترى الولايات المتحدة أنه لا نزاع فيه، لأن روسيا حشدت بالفعل نحو 119 ألف جندي في معسكرات على تخوم الحدود الأوكرانية.
يرون أن قادة الغرب يثيرون الذعر لأسباب شخصية
ومع ذلك، يعتقد مسؤولون بارزون في كييف أن الإشارات الأخيرة من موسكو تُظهر أن الكرملين ربما يبتعد عن مسار المواجهة العسكرية الشهر المقبل.
وعلى النحو نفسه، استنكر نيكولاي باتروشيف، سكرتير مجلس الأمن الروسي، الحديث الغربي عن غزو روسي محتمل لأوكرانيا، وقال مهوِّنا من شأن الأمر في تصريحات يوم الأحد 30 يناير/كانون الثاني: "اليوم يقولون إن روسيا تهدد أوكرانيا. ما أسخف ذلك! لا يوجد تهديد ولا شيء".
وأضاف باتروشيف: "نحن لا نريد الحرب. ولا حاجة لنا بها على الإطلاق. هم من يدفعون باتجاه الحرب، خاصة أولئك القادمين من الغرب، فهم يلهثون وراء بعض الأغراض الزائفة لخدمة مصالحهم الشخصية".
وهذه أدلتهم على ضآلة التهديد العسكري الروسي
إلى جانب أن أوكرانيا تقلل من احتمالات الغزو الروسي، فإن قادتها يتطوعون لتقديم الأدلة للبرهنة على صحة وجهة نظرهم.
إذ يستشهد مسؤولون في كييف بأن الكرملين سبق أن أرسل 95 ألف جندي إلى حدود أوكرانيا في أبريل/نيسان الماضي، ومع أنه أضاف نحو 25 ألف جندي هذه المرة، فإنهم يقولون إن هذه الأعداد ليست كافية للاستيلاء على العاصمة الأوكرانية، وإن الأمر يقتضي جهوداً شاقة وإزهاقاً للكثير من الأرواح للسيطرة على مدينة يزيد عدد سكانها على 3 ملايين نسمة. كما أشار المسؤولون إلى أن عدوى كورونا اجتاحت بعض الكتائب الروسية، وهو ما نال من قواهم أيضاً.
في كلتا الحالتين، قد لا تتضح حقيقة الأمر حتى مارس/آذار، عندما يصبح الغزو صعباً من الناحية اللوجستية. ومع ذلك، يقول المسؤولون الأوكرانيون إن أزمة أخرى قد تقع هذا الخريف، بعد تعزيزين عسكريين سابقين، في ربيع وخريف 2021.
هل تستطيع روسيا غزو أوكرانيا بمئة ألف جندي؟
المئة ألف جندي الذين حشدتهم روسيا حسب تقديرات الغرب قد لا يكونون كافين، لغزو شامل، لبلد شاسع المساحة وعدد سكانه ليس بالقليل كأوكرانيا، فعدد البلاد من دون المناطق المحتلة والمنفصلة، يبلغ نحو 41 مليوناً ومساحتها 600 ألف كيلومتر، ما يجعلها ثاني أكبر بلد في أوروبا.
وحسب التقارير الغربية نفسها، فإن قوة كييف العسكرية رغم أنها لا تقارن بموسكو على أي مستوى من المستويات، ولكنها حالياً أقوى كثيراً مما كانت عليه خلال أزمة القرم والدونباس عام 2014، وقد يعني ذلك أن روسيا لكي تخضع أوكرانيا بدون خسائر بشرية كبيرة في صفوف جيشها تحتاج إلى قوة عسكرية أكبر.
فعقب أحداث عام 2014 التي تصفها كييف بـ"العدوان الروسي" على القرم وإقليم دونباس، أعادت كييف الاهتمام بقوات العسكرية ودعمتها، فزادت ميزانيتها المخصصة لهذا الغرض لتبلغ نحو 6% من ميزانية 2021، بقيمة تبلغ نحو 9.4 مليار دولار، بينما لم تتجاوز هذه الميزانية 1% قبل 2014.
كما زادت أوكرانيا قواتها إلى نحو 204 آلاف جندي، أكثر من نصفهم متعاقدون، مع 46 ألف موظف عسكري إداري، بالإضافة إلى قوات داعمة أخرى، كحرس الحدود (نحو 53 ألفاً)، والحرس الوطني (60 ألفاً).
ويبلغ تعداد قوات أوكرانيا البرية نحو 145 ألف جندي، وتمتلك 11.435 مركبة مدرعة، و2430 دبابة، و2815 مدفعاً، و550 راجمة صواريخ.
ولدى أوكرانيا قوات هجوم (محمولة جواً)، وقوات خاصة، لا تُعرف أعدادها. واستحدثت أوكرانيا في 2016 "القوات الموحدة"، التي تشارك فيها عدة وحدات عسكرية وأمنية، لقتال المسلحين الروس والانفصاليين في شرق البلاد.
أما قوات أوكرانيا الجوية فيبلغ تعدادها نحو 45 ألفاً، ولديها 285 طائرة، منها 42 مقاتلة، و111 طائرة مروحية متعددة الأغراض، و34 طائرة مروحية هجومية، والقوات الجوية من نقاط ضعف الجيش الأوكراني.
كما تعتبر القوات البحرية من أبرز نقاط ضعف أوكرانيا العسكرية، وأكبر الفروق التي تميز روسيا عنها، فقواتها البحرية تضم 25 قطعة بحرية، منها فرقاطة واحدة فقط، والباقي عبارة عن سفن مراقبة واستطلاع.
ويمكن القول إن حجم الجيش الأوكراني والقوات المساعدة له في الوقت الحالي قد زاد بما يقرب من الضعف منذ عام 2013 حينما كان يبلغ عدده نحو 120 ألفاً، منخفضاً عن عن نحو 455 ألف جندي في عام الاستقلال 1991.
بالطبع لا يقارن كل ذلك بالقوة العسكرية الروسية الجبارة، التي تبدأ بترسانة نووية هي الأضخم في العالم مع الولايات المتحدة.
ويقارب عدد القوات الجوية الروسية وحدها البالغة حوالي 170 ألفاً، إجمالي عدد الجيش الأوكراني والوحدات المساعدة.
ويمتلك سلاح الجو الروسي نحو 4500 طائرة، بينها 789 مقاتلة، و742 طائرة هجومية، و429 طائرة للشحن العسكري، و520 طائرة تدريب، و130 طائرة مهام خاصة، و1540 مروحية، من بينها 538 مروحية هجومية.
أما القوات البرية الروسية، فتضم 13 ألف دبابة ونحو 27 ألف مدرعة، و6540 مدفعاً ذاتي الحركة، و4465 مدفعاً ميدانياً، و3860 راجمة صواريخ، و450 كاسحة ألغام، ويبلغ تعداد أفرادها 350 ألفاً.
وتحتل روسيا المرتبة الثالثة في قائمة الدول الأكثر إنفاقاً على التسليح، بعد أمريكا والصين، بميزانية سنوية بلغت نحو 64 مليار دولار.
ولكن يجب ملاحظة أن إحدى قواعد الحروب أن المهاجم يجب أن تكون قوته أكبر من المُدافع عدة مرات، وخاصة أنه في حال توغل الجيش الروسي داخل المدن الأوكرانية غير الموالية لموسكو، (كما تتوقع بعض السيناريوهات الغربية) ستفقد روسيا بعض ميزات التفوق العددي والنوعي، حيث إنه من المعروف أن المدن تحارب مع سكانها وكذلك تحابي الجيوش الخفيفة أكثر من الثقيلة المعتمدة على المدرعات، علماً بأن الجيش الروسي ركز اهتمامه خلال العقود الماضية على تطوير عقيدة عسكرية ومعدات مخصصة لحروب المدن بعد خسائره الفادحة في معركة غروزني عاصمة الشيشان خلال عامي 1994 و1995.
كما أن اللافت أنه ليس هناك تقارير عن استدعاء واسع النطاق من قبل روسيا لاحتياطي جيشها وهي سمة رئيسية لأي أعداد عملية عسكرية واسعة النطاق.
ماذا يريد بوتين حسب وجهة نظر أوكرانيا؟
تعتقد كييف أن التصعيد الروسي كان "تحذيراً"، وأن دبلوماسيته العدوانية آتت أُكلها بالفعل، فقد أجبر الولايات المتحدة وموسكو على أخذ مطالب موسكو الأمنية في أوروبا الشرقية مأخذ الجد.
وتشمل هذه المطالب حق النقض الدائم على عضوية أوكرانيا وجورجيا في الناتو، وتراجع الناتو إلى مستويات انتشاره في عام 1997، عندما لم تكن رومانيا وبلغاريا ودول البلطيق قد انضمت إلى عضوية الناتو بعد. ومع ذلك، فقد رفض البيت الأبيض هذه المطالب ووصفها بأنها "تقطع الطريق على أي محاولة لبدء التفاوض".
يذهب المسؤولون الأوكرانيون إلى أن المطالب البديلة التي قد يريدها بوتين هي اعتراف قانوني بالأراضي الانفصالية في إقليمي دونيتسك ولوهانسك الأوكرانيين، وإرسال القوات الروسية النظامية رسمياً إلى هذه المناطق تحت ستار حفظ السلام.
يرون أن هناك بلداً أوروبياً يجرى ابتلاعه بينما العالم منشغل بأزمتهم
ويزعم الأوكرانيون أيضاً أن القوات الروسية ستبقى في بيلاروسيا بعد انتهاء المناورات في 20 فبراير/شباط، بالقرب من الجناح الشمالي الشرقي لحلف الناتو، وبولندا ودول البلطيق.
وقالوا إنه في الوقت الذي ينشغل فيه العالم بأوكرانيا، فإن استيلاء روسيا الفعلي على بيلاروسيا يجري بوتيرة سريعة.
رغم أن المسؤولين الأوكرانيين كانوا يشاركون في حملة التحذير من الغزو الروسي الوشيك، ولكن من الواضح أنه بعد انتقادات الرئيس الأوكراني الأخيرة، أنهم وجدوا أن الأمر قد يكون له تأثير سلبي على اقتصاد البلاد، ومعنويات السكان، وفي الوقت ذاته فإن حجم الدعم الغربي والعسكري لكييف لم يستحق الخسائر الناجمة من الترويج لهذا السيناريو.
واللافت في الأزمة الحالية أن روسيا لم تعلن بشكل مباشر عن نيتها تنفيذ غزو عسكري لأوكرانيا، وفي أسوأ الأحوال كما هدد بوتين، بأنه سيكون هناك إجراء تقني عسكري من قبل موسكو تجاه كييف، وهو ما قد يشير إلى عمليات هجينة بين التدخل العسكري غير الصريح والقرصنة الإلكترونية.
بل في كثير من الأحيان، تنفي موسكو نيتها غزو أوكرانيا، مؤكدة أن هذا الحشد العسكري يتم على أراضيها، علماً بأن وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف قال في وقت سابق إن موسكو "سترد" إذا لم تتم تلبية مطالبها بوقف توسع الناتو. وأضاف أن القرار في هذا الشأن سيتخذه بوتين، دون أن يوضح ماهية القرار.
ويعترف المسؤولون الغربيون أنهم لا يعلمون نية الرئيس بوتين، وأن الاستخبارات الأمريكية فشلت في اختراق الدائرة المقربة له للوصول لمعلومات حول خططه، وأحياناً يقولون إنه لم يتخذ قراراً.
وبالتالي قيامهم بإجلاء رعاياهم في أوكرانيا وتحذيراتهم المتصاعدة من الغزو الروسي الوشيك نابعة من حجم القوات الروسية واستعداداتها مثل الحديث عن تجهيزها لأكياس الدم للمصابين، وغير ذلك من الإجراءات.
ولكن اللافت هنا أن أمريكا (ومعها بريطانيا) تحديداً، هي من تتوقع غزواً روسيا لأوكرانيا وليس الدول الأوروبية الرئيسية، وأحياناً يبدو أن واشنطن تشجع روسيا على تنفيذ مثل هذا الغزو على أن يكون محدوداً، وتحديداً عندما قال الرئيس جو بايدن قال إن "توغلاً بسيطاً" من جانب روسيا في أوكرانيا قد لا يكون ثمنه باهظاً عكس الموقف الذي ستتخذه أمريكا من الغزو الشامل، الأمر الذي أثار تساؤلاً هل كان هذا التصريح زلة لسان من الرئيس المسن أم ضوءاً أخضر لبوتين لتحرك محدود؟.
سواء كان بوتين ينوي غزو أوكرانيا أم لا، فإن خسائر أمريكا من الأزمة الأوكرانية ستكون محدودة في الأغلب، حتى لو وصلت الأزمة لأسوأ سيناريوهاتها، لأنه لو لم يحدث الغزو الروسي، سينسب الفضل لإدارة بايدن لأنها هددت روسيا بعقوبات إذا فعلت.
ولو حدث أسوأ سيناريو ممكن وهو اجتياح روسي شامل، فإن إدارة بايدن لن تبدو أنها فوجئت، كما أكدت منذ بداية الأزمة أنها لن ترد على الغزو عسكرياً، وقد تفرض عقوبات شديدة الضرر لروسيا.
الأهم أن الأزمة الأوكرانية، كان لها تأثير كبير على أوروبا والناتو، فبصرف النظر عن احتمال حل الأزمة أو تفاقمهما ستخرج أوروبا من هذه الأزمة أقرب وأحوج لأمريكا وأبعد عن روسيا من أي وقت مضى.