شعرت إمبراطورية وسائل التواصل الاجتماعي لـ مارك زوكربيرغ بالقوة الكاملة والخطيرة لمخاوف المستثمرين بشأن آفاق نموها الخميس، 3 فبراير/شباط، حيث ساعَدَ الكشف عن أول انخفاض على الإطلاق في عدد المستخدمين اليوميين لـ فيسبوك في إطلاق عمليات بيع، مع انخفاض الأسهم بمقدار الربع.
وخسر زوكربيرغ 29 مليار دولار من صافي ثروته الخميس 3 فبراير/شباط 2022، مع تسجيل سهم "ميتا بلاتفورم" انخفاضاً قياسياً في يوم واحد، بعد توقعات بأرباح مخيبة للآمال هزت قطاع التكنولوجيا في العالم.
فيما يلي بعض النقاط الرئيسية للمساعدة في تفسير عمليات البيع، التي قضت على حوالي 220 مليار دولار لشركة ميتا، التي تملك فيسبوك.
لماذا تدهور عدد المستخدمين على فيسبوك؟
يُعَدُّ فيسبوك أكبر تطبيقٍ لشركة ميتا، وقد سجَّل أول انخفاض في عدد المستخدمين النشطين يوميا- وهو مقياس نمو رئيسي- منذ تأسيس الشركة في عام 2004. وانخفض عدد المستخدمين اليوميين العالميين من 1.93 مليار في الربع الثالث من عام 2021 إلى 1.929 مليار.
وبحسب تقرير لصحيفة The Guardian البريطانية، كان في صدارة ذلك انخفاضٌ في عدد المستخدمين في إفريقيا وأمريكا اللاتينية، وهو أمر مقلق لشركة ميتا لأنها بحاجة إلى النمو خارج سوقها الرئيسي في الولايات المتحدة، حيث انخفض النمو أيضاً، وإن لم يكن ذلك للمرة الأولى.
في العام الماضي، صدرت وثائق داخلية تحذِّر من أن فيسبوك يفقد المستخدمين الشباب. وكشفت إحدى الوثائق أن "المشاركة آخذة في الانخفاض بالنسبة للمراهقين في معظم البلدان الغربية، والعديد من البلدان غير الغربية".
كيف يمثل تيك توك مشكلةً لشركة ميتا؟
حدَّدَ زوكربيرغ، مؤسِّس ميتا ورئيسها التنفيذي، تطبيق مشاركة الفيديو تيك توك كمساهمٍ رئيسي في مشكلة نمو عدد المستخدمين. وقال الأربعاء 2 فبراير/شباط: "لدى الناس الكثير من الخيارات بشأن الطريقة التي يريدون بها قضاء وقتهم، وتنمو تطبيقات مثل تيك توك بسرعة كبيرة". تمتلك تيك توك الصينية مليار مستخدم في جميع أنحاء العالم وهي أحد الأسباب التي تجعل ميتا تكافح في المنافسة في السوق للمستهلكين الشباب.
وقال زوكربيرغ إنه يأمل أن تساعد الـReels على فيسبوك في استعادة المستخدمين الشباب من تيك توك. وقال: "هذا هو السبب في أن تركيزنا على Reels مهم جداً على المدى الطويل، وكذلك عملنا للتأكد من أن تطبيقاتنا هي أفضل الخدمات المتاحة للشباب". وأقرَّ في غضون ذلك، بأن ذلك يعني تباطؤ نمو الإيرادات.
كيف وجهت شركة آبل أيضاً ضربة لإيرادات فيسبوك؟
تحقِّق شركة ميتا 97% من إيراداتها من الإعلانات، من خلال إنشاء ملفات تعريف لمستخدميها يمكن بعد ذلك مطابقتها مع احتياجات المعلنين. لذلك إذا كان المعلن يبحث عن مستهلك في موقع معين، أو من فئة ديموغرافية معينة ولديه هوايات معينة، فيمكن للشركة توجيه هذه الإعلانات نحو مجموعات معينة بفضل البيانات التي جمعتها عنهم.
وقالت الشركة، التي تمتلك أيضاً واتساب وإنستغرام، إن التغييرات الأخيرة في برنامج Apple iOS لأجهزة آيفون قد أضرت بالعمل. تطلب شركة آبل الآن من المستخدمين منح الإذن لشركات مثل ميتا لجمع البيانات المتعلقة بهم أثناء تصفحُّهم عبر الويب. ومِمَّا لا يثير الدهشة أن ذلك جعل استهداف الإعلانات أقل فاعلية.
قالت شيريل ساندبرغ، كبيرة مسؤولي التشغيل في شركة ميتا ومهندسة استراتيجية الإعلان على فيسبوك، خلال مكالمة مع المستثمرين، إن الشركة لديها طرق لاستهداف المستخدمين ببيانات أقل. وأضافت للغارديان: "هناك أيضاً الكثير من الأشياء التي يمكن للشركات الصغيرة والشركات الكبيرة القيام بها للاستفادة من العديد من أدوات الاستهداف والقياس التي نمتلكها".
تجدر الإشارة إلى أن إجمالي الإيرادات نمت بالفعل في الأشهر الثلاثة حتى ديسمبر/كانون الأول، لتصل إلى 33.7 مليار دولار مقارنة بـ28.1 مليار دولار في الفترة نفسها من العام الماضي. وبلغ صافي الدخل- وهو مقياس للأرباح في الولايات المتحدة- 10.3 مليار دولار للربع، بانخفاض يقارب 1 مليار دولار عن العام الماضي. ومع ذلك، تظل ميتا شركة غنية جداً ومربحة.
الصبر والمال ضروريان للميتافيرس التي يعول عليها زوكربيرغ
الميتافيرس هو مصطلحٌ شامل لدمج العالمين المادي والرقمي، حيث يمارس الناس حياتهم المهنية والاجتماعية عبر مزيج من الواقع الافتراضي والواقع المُعزَّز.
ويقتنع زوكربيرغ تماماً بأن هذه هي الخطوة الكبيرة التالية في التكنولوجيا إلى درجة أنه أعاد تسمية الشركة من فيسبوك إلى ميتا. ولكن لا يزال أمامنا سنوات قبل أن تكون جزءاً مكتملاً من حياة الناس. لذا أظهرت نتائج وحدة الواقع الافتراضي التابعة لشركة Meta – Reality Labs، والتي تتضمَّن سماعات الرأس Oculus VR الأكثر مبيعاً، خسارةً قدرها 3.3 مليار دولار في إيرادات أقل من مليار دولار. هذا هو مستقبل أعمال شركة ميتا، لذا توقَّعوا نمو الإيرادات بالإضافة إلى التكاليف.
يشار إلى أن زوكربيرغ يملك نحو 12.8% من عملاق التكنولوجيا المعروف سابقاً باسم فيسبوك ويُعد انخفاض ثروته في يوم واحد من بين أكبر الانخفاضات على الإطلاق، ويأتي بعد الخسارة الضخمة التي مُنيَ بها رئيس تسلا إيلون ماسك، والبالغة 35 مليار دولار في يوم واحد في نوفمبر/تشرين الثاني.
وبعد الخسارة تلك، أجرى ماسك، أغنى شخص في العالم، استطلاع رأي لمستخدمي تويتر إذا كان يجب عليه بيع 10% من حصته في شركة صناعة السيارات الكهربائية. ولم تتعافَ أسهم تسلا بعد من عمليات البيع الناتجة عن ذلك.
كما احتل زوكربيرغ بعد المركز الثاني عشر في قائمة فوربس للمليارديرات، خلف قطبي الأعمال الهنديين موكيش أمباني وجوتام أداني، وذلك بعد محو 29 مليار دولار من ثروته.
ومن المؤكد أن يظل التداول في أسهم التكنولوجيا متقلباً في ظل ارتفاع التضخم، والارتفاع المتوقع في أسعار الفائدة، ويمكن أن تتعافى أسهم ميتا بشدة عاجلاً وليس آجلاً، مع بقاء التراجع في ثروة زوكربيرغ على الورق.
يُشار إلى أن زوكربيرغ باع ما قيمته 4.47 مليار دولار من أسهم ميتا العام الماضي، قبل خسائر أسهم التكنولوجيا في 2021.