في خريف 2016 فاجأت إسرائيل العالم بخطبة قصيرة لرئيس حكومتها السابق بنيامين نتنياهو، يتهم فيها الفلسطينيين بممارسة الإبادة الجماعية ضده وضد بلده الضعيف!
نعم، قال إن المطالبة الفلسطينية بتفكيك المستوطنات الإسرائيلية غير القانونية في الأرض الفلسطينية المحتلة تمثِّل عملاً من أعمال "التطهير العرقي" ضد اليهود.
فيديو دقيقتان: نتينياهو يتهم الفلسطينيين بالتطهير العرقي
حظي فيديو نتنياهو بمئات الآلاف من المشاهدات، وتداوله ملايين عبر منصات وسائل التواصل الاجتماعي.
وتسبب الفيديو بصدمة لدى محللين كثيرين.
وأثار جدلًا مشحونًا في وسائل الإعلام الدولية، وإدانات من شخصيات من قبيل الأمين العام للأمم المتحدة آنذاك بان كي مون، الذي وصفه بأنه "غير مقبول وشائن".
وحدنا، نحن العرب، لم تصلنا صدمة هذا الخطاب، لأننا معتادون على خطاب يهودي يخترع الاتهامات ضد الفلسطينيين منذ تأسيس الدولة العبرية.
هذا الخطاب، وإنْ كان يثير السخط أكثر من المعتاد، ما هو إلا أحدث الشواهد على استراتيجية إسرائيل: الاستيلاء على رواية الضحية من أجل حشد الدعم العام.
ومواصلة الصراخ باسم المظلومية التاريخية لليهود، مظلومية بدأت خارج حدود العالم العربي، لكن كل العرب يدفعون ثمن وجود إسرائيل وسطهم.
بسياساتها الوحشية ضد أبناء فلسطين وغيرهم.
وأكاذيبها عن المظلومية.
تحتاج إسرائيل إلى شرطين للبقاء على قيد الحياة:
تأكيد مظلومية الشعب اليهودي منذ فجر التاريخ حتى الآن.
وإشعال فتيل للحروب الدائمة التي تؤكد إحساس المظلومية والمطاردة، ولا تمنح العالم فرصة التقاط الأنفاس، ومن ثَم التساؤل عن حقوق الطرف الآخر.
حقوق الفلسطينيين، وكل الشعوب التي أجرمت دولة إسرائيل في حقها.
الحروب تساعد إسرائيل على التوسع الجغرافي ورفع وتيرة الاستيطان اليهودي، وحماية مستوطنيها اليهود من المقاومة العربية.
وفي حالة استمرار الحروب مع الجيران، ومع الفلسطينيين بصورة خاصة، يمكن للدولة يهودية الهوية إضفاء الشرعية على حالة الحرب الدائمة، وتصوير أنفسهم على أنهم ضحايا حقيقيون أو محتملون للحروب والاضطهاد الذي تمارسه المقاومة الفلسطينية والدول العربية.
هذا ما لكن معروفا على نطاق واسع للرأي العام العالمي قبل سنوات.
لكن المشهد يتغير كثيرا الآن بعد أن اقترب خطاب المظلومية من تاريخ نهاية الاستخدام.