هل تُعطل هجمات الحوثيين ضد الإمارات الانفراجة الناشئة في توترات المنطقة؟

عربي بوست
تم النشر: 2022/01/23 الساعة 13:57 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/01/23 الساعة 13:57 بتوقيت غرينتش
ناقلة تابعة لشركة أدنوك النفطية الإماراتية التي تعرضت لقصف حوثي/ getty images

لا تزال تداعيات قصف جماعة الحوثي للعمق الإماراتي تكشف عن نفسها دون إمكانية الجزم باتجاه تلك التداعيات، فهل تتراجع الانفراجة الناشئة ويعود التوتر ليصبح سيد الموقف؟

كانت جماعة الحوثي قد استهدفت الإثنين، 17 يناير/كانون الثاني، بطائرات مسيرة، العاصمة أبوظبي، ما أدى إلى انفجار صهاريج نفطية، متسببة بمقتل 3 أشخاص (باكستاني وهنديين)، وإصابة 6 آخرين (بينهم مصريان)، وسط إدانات عربية ودولية.

وجاء رد التحالف العربي بقيادة السعودية والإمارات في اليمن سريعاً بتكثيف الغارات الجوية ضد أهداف الحوثيين، وقالت وكالات الإغاثة إن إحدى الغارات الجوية أسفرت عن قتل عشرات الأشخاص، عندما استهدفت مركز احتجاز في معقل الحوثيين في صعدة.

تحديات تواجه المنطقة

وكانت الضربات الحوثية بعيدة المدى قد سلّطت الضوء على التطورات الأوسع في منطقة الخليج والشرق الأوسط ككل، وخصوصاً جهود الإمارات لاتباع توجه دبلوماسي جديد، بما في ذلك تجاه إيران، فهل ستؤدي تلك الضربات إلى وقف التقارب بين أبوظبي وطهران؟

لا يبدو أن هناك إجابة حاسمة أو سهلة لهذا السؤال والأسئلة الأخرى التي فجرتها هجمات الحوثيين ضد الإمارات، وبحسب تحليل لهيئة الإذاعة البريطانية BBC فإن أبوظبي لا تريد أن تفقد أهم ما يميزها، وهو الاستقرار الذي تتمتع به في منطقة مشتعلة بالصراعات طوال الوقت.

فالاستقرار أمر حيوي لصورة الإمارات، وهي لا تُريد أن يُنظر إليها على أنها مكان يعاني حتى من هجمات متفرقة، إذ حافظت على حصتها في القتال اليمني رغم سحب قواتها، وقد يكون أحد الردود الواضحة هو زيادة دعم الإمارات لحلفائها على الأرض، والمقصود بحلفاء الإمارات على الأرض ألوية العمالقة.

وزير خارجية إيران يلتقي المستشار الإماراتي أنور قرقاش في نوفمبر 2021/رويترز

وأفادت تقارير إخبارية أن ألوية العمالقة، أوقفت السبت 22 يناير/كانون الثاني 2022، عملياتها العسكرية ضد ميليشيات الحوثي في شمالي اليمن، بعد أسابيع من مساعدتها للقوات الحكومية المدعومة من السعودية، في معركتها لاستعادة السيطرة على محافظة شبوة الجنوبية الشرقية من الحوثيين، والتقدم إلى مناطق سيطرة المتمردين الحوثيين في محافظة مأرب شمالي اليمن، بحسب تقرير لموقع Middle East Eye.

ونقل الموقع البريطاني عن مصادره أن ألوية العمالقة أوقفت تقدمها منذ 11 يناير/كانون الثاني، بالتزامن مع إعلان تركي المالكي، المتحدث باسم قوات التحالف التي تقودها السعودية، عن تحرير ثلاث مناطق في شبوة. وقال مقاتل من ألوية العمالقة في شبوة إن القوات أوقفت عملياتها في مأرب بعد وصولها إلى مناطق مأهولة بالسكان، لأنها لم تُرد استهداف تلك المناطق.

تحرك دبلوماسي إماراتي

وبعيداً عن التطورات الميدانية داخل اليمن، كشف أنور قرقاش، المستشار الدبلوماسي لرئيس الإمارات، عن وجود "إجماع عربي" على مشروع قرار مقدم بالجامعة العربية خلال اجتماعها على مستوى المندوبين، الأحد 23 يناير/كانون الثاني، "بتصنيف جماعة الحوثي تنظيماً إرهابياً"، بحسب وكالة الأناضول.

وفي تغريدة على حسابه بـ"تويتر" قال قرقاش: "إجماع عربي وبدون تحفظ أي دولة على مشروع القرار الإماراتي في الجامعة العربية، والذي يطالب بتصنيف الحوثي تنظيماً إرهابياً".

وأضاف: "هذا هو الموقف العربي الأصيل الذي يقف ضد العدوان على الإمارات، ويعرّي أصوات النشاز المدفوعة بأجندات خارجية، القرار يمثل إنجازاً إيجابياً للدبلوماسية الإماراتية".

وعقدت الجامعة العربية، الأحد، جلسة طارئة على مستوى المندوبين الدائمين؛ لمناقشة الهجمات الأخيرة التي شنّتها جماعة الحوثي اليمنية على العاصمة الإماراتية أبوظبي. وقال مندوب الإمارات لدى الجامعة حمد الشامسي، في كلمته خلال الجلسة إن "ميليشيات الحوثي تواصل التعنت وتتابع الاعتداءات على اليمن والإمارات والمملكة العربية السعودية".

وزير الخارجية الإسرائيلي يائير لبيد ووزير الدولة الإماراتي أحمد علي الصايغ خلال اجتماعهما في أبو ظبي /رويترز

وأعرب عن تطلع بلاده "لموقف عربي حازم ضد الأعمال الإرهابية للحوثيين"، مضيفاً أن "التصعيد الحوثي هو خطوة لنشر الإرهاب بالمنطقة". واعتبر الشامسي أن "عدم مبالاة المجتمع الدولي في اتخاذ موقف حاسم تجاه ميليشيا الحوثي يعد سبباً رئيسياً في عدم الوصول إلى حل سياسي للأزمة اليمنية حتى الآن".

بدوره، دعا المندوب السعودي لدى الجامعة عبدالرحمن بن سعيد، المجتمع الدولي إلى "اتخاذ موقف حاسم ضد ميليشيات الحوثي ومن يقف خلفها". وأبدى في كلمة له بالجلسة تضامن بلاده الكامل مع الإمارات في الجهود التي تقوم بها للحفاظ على أمنها، معتبراً أن "اعتداءات الحوثيين على المواقع المدنية تشكل جرائم حرب".

وبينما يقول الحوثيون إنهم هاجموا الإمارات في الماضي، فهذه هي المرة الأولى التي تعترف فيها السلطات الإماراتية بمثل هذه الهجمات، وهي كذلك المرة الأولى التي يُقتل فيها أشخاص.

ويُبرر الحوثيون هجماتهم بأنها تهدف إلى إقناع الإمارات بالتوقف عن دعم الميليشيات الموالية للحكومة اليمنية المعترف بها دولياً؛ إذ على الرغم من أن الإمارات سحبت قواتها من اليمن في عام 2019، فإنها استمرت منذ ذلك الحين في تسليح وتدريب الميليشيات المحلية المعارضة للحوثيين.

ولا يُنظر إلى ذلك كله على أنه مجرد صراع للسيطرة على اليمن، ولكن كجزء من حرب بالوكالة أوسع نطاقاً في المنطقة بين السعوديين وحلفائهم من جهة وإيران ومجموعات مختلفة تدعمها من جهة أخرى.

إلى أين يتجه التصعيد في حرب اليمن؟

بينما تظل إيران حليفاً واضحاً للحوثيين (وقد تكون الأسلحة المستخدمة في هذه الهجمات الأخيرة إيرانية)، تظل الحقيقة أن هذه ليست علاقة بسيطة تقوم على الحرب بالوكالة، حيث يتخذ الحوثيون قراراتهم الاستراتيجية الخاصة بهم، وليس من الواضح إلى أي مدى سيُنظر إلى هذا الهجوم بشكل إيجابي في طهران.

كما تمثل هجمات الحوثيين بالنسبة لحلفاء الإمارات أيضاً معضلات وفرصاً. فقد أكدت الولايات المتحدة دعمها "الثابت" لأمن الإمارات، رغم أن إدارة الرئيس الأمريكي، جو بايدن، ليست راضية عن دور الإمارات والسعودية في تأجيج القتال في اليمن. فهل يمكن للإمارات أن تسعى للحصول على أنظمة أمريكية مضادة للصواريخ؟ إذا كان الأمر كذلك فكيف ستستجيب إدارة بايدن؟

وقد يكون المصدر الأكثر احتمالاً للمساعدة العملية هو إسرائيل. فقد أبلغ رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت، الذي زار أبوظبي منتصف ديسمبر/كانون الأول الماضي، ولي عهد الإمارات الشيخ محمد بن زايد، أن إسرائيل مستعدة لتقديم الدعم الأمني والاستخباراتي لها.

لواء العمالقة في معركة شبوة، اليمن/ مواقع التواصل

وكانت هناك تقارير عن اهتمام الإمارات، على سبيل المثال، بأنظمة الدفاع الإسرائيلية المضادة للصواريخ مثل القبة الحديدية رغم أنه من غير الواضح على الإطلاق أن إسرائيل ستكون على استعداد لبيع مثل هذه التكنولوجيا الحساسة في هذه المرحلة، لكن قد يكون هناك دعم آخر وشيك، بحسب تحليل للبي بي سي.

وقد تكون إسرائيل مهتمة مثل الإمارات بمعرفة المزيد عن القدرات الهجومية بعيدة المدى للحوثيين. وهذا تذكير آخر بأنه في الوقت الذي تكافح فيه الولايات المتحدة لتوجيه جهودها العسكرية نحو التهديد الاستراتيجي من الصين، بدأ حلفاؤها في الشرق الأوسط في بناء علاقات أمنية خاصة بهم، في مواجهة التهديدات المشتركة.

ولا يمكن بطبيعة الحال تجاهل تأثيرات الملفات الأخرى، كمفاوضات الاتفاق النووي والعلاقات الإيرانية السعودية والملف اللبناني والعراقي، على مواقف الإمارات والسعودية وإيران في المرحلة المقبلة، إضافة بالطبع إلى سعي إسرائيل لتوظيف ما يحدث لخدمة أهدافها في محاصرة طهران. الخلاصة هنا هي أن هجوم الحوثيين على الإمارات قد تكون له تداعيات على المنطقة أكبر مما قد يكون الحوثيون أنفسهم قد حسبوا حسابه.

تحميل المزيد