تتنافس بريطانيا وفرنسا على تطوير مقاتلات الجيل السادس عبر مشروعين كبيرين يضمان عدداً من الشركاء الأوروبيين في كل مشروع، فما هي مواصفات الجيل السادس من المقاتلات ومن يتفوق، المشروع الذي تقوده فرنسا أم بريطانيا؟
أكثر المقاتلات تطوراً الموجودة حالياً هي مقاتلات الجيل الخامس، والتي يفترض أن أبرز السمات التي تميزها عن المقاتلات الجيل الرابع والرابع والنصف هي الشبحية أي أن لديها قدرة عالية على الاختفاء من على شاشات الرادارات، وكذلك انخفاض البصمة الحرارية والكهرومغانطيسية.
ويتطلب ذلك إلى جانب استخدام مواد إخفائية في تصنيع أبدان المقاتلات، أن تكون الطائرة مزودة بحاوية أو مخزن داخلي لتخزين الذخيرة؛ لأن الذخيرة تكشف من الرادارات لو علقت في هيكل الطائرة الخارجي، كما يتضمن ذلك استخدام تكنولوجيا لتقليل الانبعاثات الحرارية من الطائرة ولا سيما من المحرك.
ومن سمات مقاتلات الجيل الخامس الأخرى، التحليق بسرعة أسرع من الصوت دون استخدام الحارق اللاحق (Super cruze أو الطواف الخارق) وهو ما يمكن المقاتلات من الطيران بسرعة عالية دون استهلاك كميات كبيرة من الوقود وبالتالي لفترة أطول، كما أن عدم استخدام الحارق اللاحق يقلل فرص اكتشاف الطائرة.
كما أن مقاتلات الجيل الخامس تتميز بتقدم كبير في التكنولوجيا مثل استخدام رادارات من طراز أيسا، وقدرات على التخفي الإلكتروني واختراق أنظمة العدو وهي نقطة تشترك فيها مقاتلات الجيل الرابع والنصف.
ومن بين سمات مقاتلات الجيل الخامس القدرة العالية على المناورة أيضاً.
ولدى الولايات المتحدة مقاتلتان من الجيل الخامس هما الإف 22 التي توقف إنتاجها بسبب تكلفتها المرتفعة، والإف 35 والتي دخلت الخدمة بشكل جزئي، كما أنه لدى الصين طائرة جيل خامس هي المقاتلة J-20 التي بدأت تدخل الخدمة، ولدى روسيا المقاتلة سوخوي 57، التي تتحدث موسكو عن دخولها الخدمة، ولكن يعتقد أنها ما زالت لم تنضج وأن موسكو لم تنتج رادار إيسا لها وهي من النقاط الأساسية في مقاتلات الجيل الخامس وأحياناً الجيل الرابع والنصف.
أما الدول الأوروبية فلم تنتج مقاتلات جيل خامس، بل تريد أن تقفز من مقاتلات الجيل الرابع والنصف من طرازات رافال الفرنسية وغريبين السويدية واليوروفايتر الأوروبية إلى مقاتلات الجيل السادس مباشرة.
سمات مقاتلات الجيل السادس والفرق بينها وبين الجيل الخامس
لم يتم الاستقرار بعد على سمات مقاتلات الجيل السادس، ولكن يعتقد أنها ستكون مقاتلات نفاثة بتصميم أكثر تقدماً من مقاتلات الجيل الخامس النفاثة التي تعمل حالياً في الخدمة أو قيد التطوير.
– سوف تتسم القدرة على البقاء في سماء العدو ومتكيفة مع بيئة التهديد المستقبلية، ومزودة بقدرات عالية للحرب الإلكترونية وحتى قدرات الحرب الفضائية.
– يُعتقد أن واحدة من سمات مقاتلات الجيل السادس الرئيسية ستكون إمكانية أن تعمل بدون طيار، أو يتحكم الطيار أو الملاح الذي يقودها بطائرات مسيرة مرافقة.
– يُعتقد أن طائرات الجيل السادس سوف تركز على قدرات شبكية ذات حركة مرور عالية لتوفير القدرة الكاملة للحصول على البيانات واتخاذ القرار، ويعني ذلك قدرات رقمية متقدمة بما في ذلك الشبكات عالية السعة، وتوفر قدرات الذكاء الاصطناعي، ودمج البيانات.
– تكامل محسّن للأنظمة البشرية، مع مقصورات قيادة افتراضية مقدمة عبر شاشات مثبتة على خوذة تسمح للطيار برؤية 360 درجة مع وعي محسّن بالذكاء الاصطناعي في ساحة المعركة.
– محركات قادرة على الانطلاق اقتصادياً ولكن لا تزال توفر قوة دفع عالية عند الحاجة.
– الاستخدام المحتمل لأسلحة الطاقة الموجهة مثل الليزر.
وجدوى بعض هذه الخصائص لا تزال غير مؤكدة. من المرجح أن يثبت وقت التطوير وتكلفته عوامل رئيسية في وضع خرائط طريق عملية. يتوقع بعض المراقبين أن تتبلور المتطلبات الخاصة بتطوير مقاتلات الجيل السادس بحلول عام 2025.
وأعلنت عدة دول عن تطوير برنامج مقاتلات من الجيل السادس، بما في ذلك الولايات المتحدة واليابان وروسيا والمملكة المتحدة والسويد وإيطاليا وفرنسا وألمانيا وإسبانيا والصين والهند. من المتوقع أن تدخل أول طائرات من الجيل السادس الخدمة في ثلاثينيات القرن الحالي.
ولكن اكتسب برنامجا مقاتلات الجيل السادس الأوروبية زخماً واهتماماً بالنظر إلى الشوط الذي قطعاه وكذلك لأن الدول الأوروبية ليس لديها أي برنامج مقاتلات جيل خامس، وتعتمد بشكل كبير على الانتقال لمرحلة طائرات الجيل السادس.
مشروعا مقاتلات الجيل السادس الأوروبيتان
في الوقت الحالي توجد ثلاث مقاتلات أوروبية الصنع، والثلاث من الجيل الرابع والنصف هي الرافال الفرنسية والغريبين السويدية واليوروفايتر والتي ينتجها تكتل أوروبي تقوده بريطانيا ويضم ألمانيا وإيطاليا وإسبانيا.
ولكن تطور فرنسا مقاتلة الجيل الجديد (NGF) جنباً إلى جنب مع ألمانيا وإسبانيا كجزء من نظام القتال الجوي المستقبلي ( Future Combat Air (FCAS.
في المقابل، هناك مشروع منافس هو Tempest الذي أطلقته بريطانيا ثم انضمت إليه كل من السويد وإيطاليا.
وبينما يتشارك المشروعان نفس الأساس المنطقي لاستعادة الاستقلال الأوروبي في التكنولوجيا العسكرية، يبدو أن مشروعي – FCAS و Tempest – يختلفان في الوقت الحالي في مناهجهما ومستويات الطموح.
ويرى تقرير لموقع Eurasian times أن "الاستقلالية الاستراتيجية" الفرنسية هي مأزق للجيل السادس من مقاتلات FCAS Jet & Boon مقارنة بالمشروع البريطاني المنافس Tempest.
ويُقال إن المشروع البريطاني الأخير يتمتع بآفاق أفضل، كما ينقل تقرير eurasiantimes عن بعض الخبراء.
إيطاليا غاضبة من المشروع الذي تقوده فرنسا؟
تجدر الإشارة إلى أن إيطاليا اُستبعدت من مشروع الطائرة الأوروبية الشبحية المستقبلية، الذي تقوده فرنسا ويضم ألمانيا وإسبانيا، وهاجم مسؤولو صناعة الدفاع الإيطالية الصفقة التي أطلقت المشروع الفرنسي الألماني الإسباني بعد استبعادها لروما، علماً بأن الأخيرة كانت شريكاً رئيسياً في مشروعات الطائرات الحربية الأوروبية السابقة مثل تورنادو ويوروفايتر.
وسبق أن قال رئيس اتحاد صناعة الدفاع الإيطالية غوديو كروسيتو إن الخطط التي وضعتها فرنسا وألمانيا للعمل على مقاتلة من الجيل التالي تعد إهانة لإيطاليا وستضعف الاتحاد الأوروبي.
وقال إن صفقة المقاتلة الأوروبية بين ألمانيا وفرنسا تترك كل الآخرين على الهامش. وبما أن إيطاليا هي الدولة الأخرى الوحيدة التي تتمتع بقدرات صناعية متساوية، فمن الواضح أن الصفقة ضدها.
وأضاف: هذا يخاطر بإضعاف الاتحاد الأوروبي، مع إعطاء المزيد من التبرير لأولئك الذين يحاولون إضعاف الاتحاد الأوروبي".
ولإظهار أن باريس وبرلين تريدان شركاء إضافيين، انضمت إسبانيا للمشروع، مشيرة إلى أنها ستصبح شريكاً على قدم المساواة في البرنامج، ولكن هذا لم يكن كافياً لإقناع إيطاليا بأن الصفقة لا تهمّشها، ولذا قررت روما الانضمام لمشروع الطائرة المستقبلية البريطانية المعروف باسم Tempest، والذي اكتسب زخماً بانضمام السويد له، واحتمال لحاق اليابان به.
متي تحلقان في السماء؟
في أواخر عام 2017، كشفت فرنسا وألمانيا عن نيتهما في تطوير وبناء طائرة مقاتلة مستقبلية بشكل مشترك لتحل محل رافال ويوروفايتر الأوروبية بالنسبة لألمانيا.
في فبراير/شباط 2020، وقعت فرنسا وألمانيا اتفاقية استثمار بقيمة 150 مليون يورو لتمويل عمل تطوير النماذج الأولية، انضمت إسبانيا رسمياً إلى البرنامج في ديسمبر/كانون الأول 2020، بصفتها المقاول الرئيسي للتكنولجيا الشبحية في الطائرة.
من المتوقع أن تبدأ الرحلة الأولى للنموذج الأولي للمقاتلة المستقبلية في عام 2030، ومن المقرر أن تدخل في الخدمة بين عامي 2040 و2045.
من ناحية أخرى، هناك مشروع Tempest من قبل بريطانيا وإيطاليا والسويد.
طرحت بريطانيا الفكرة لأول مرة في عام 2018، بدعم من شركاتها الصناعية الكبرى مثل BAE Systems و Leonardo UK و MBDA و Rolls-Royce.
وافقت إيطاليا والسويد على الانضمام إلى المملكة المتحدة في هذا المسعى في نفس العام. من المقرر أن يكون دخول المقاتلة إلى الخدمة في أوائل العقد الثالث من القرن الحالي.
من المتوقع أن تحل كلتا المقاتلتين المخطط لهما محل المقاتلات المقاتلة المستخدمة حالياً من قبل أربع خدمات عسكرية في ثلاث دول أوروبية – مقاتلات رافال الفرنسية متعددة المهام، بما في ذلك نسختها "M" القادرة على الانطلاق من حاملات المقاتلات؛ وهي مقاتلات تركز على عمليات القصف الأرضي، بينما اليوروفايتر تايفون تركز على المهمات الجوية.
كما تريد فرنسا أن تكون الطائرة قادرة على إيصال أسلحة نووية بمجموعة متميزة من روابط البيانات لضمان بنية قيادة وتحكم آمنة، لترث الرافال في هذا الدور، علماً بأن اليوروفايتر التي تشارك بريطانيا وألمانيا وإيطاليا وإسبانيا في تطويرها وتصنيعها ليست قادرة على حمل أسلحة نووية حالياً، حتى إن ألمانيا تفكر في شراء طائرات إف 18 الأمريكية للقيام بهذه المهمة.
ومن المتوقع أيضاً أن تفي الطائرتان بالطيف الكامل تقريباً من المهام الجوية القتالية الحديثة فوق البر والبحر.
نظام أسلحة متكامل وليس مجرد طائرة
البرنامجان لا يقتصران على المقاتلات المقاتلة المتقدمة وحدها، فنظراً للتطورات السريعة للمقاتلات المسيرة في السنوات الأخيرة، يتم تطوير مشروع مقاتلات الجيل السادس الأوروبية باعتبارها "نظام أنظمة أسلحة" (SoS) يتضمن إمكانية تحكمها في المقاتلات المسيرة بالإضافة إلى مجموعة متنوعة من أنظمة الذكاء الاصطناعي والأنظمة المستقلة.
ويفترض أن مقاتلات الجيل السادس سيكون لها درجة عالية من اللامركزية؛ أي العمل بدون دعم القواعد أو طائرات الحرب الإلكترونية، ودرجة عالية من أتمتة الوظائف التكتيكية، مما يعني حدوث تحول إضافي من المفاهيم التي تتمحور حول الطائرة التي يتحكم فيها الإنسان إلى "أنظمة" ذكية، حتى إن البعض يدافع عن ضرورة أن يكون تزويد مقاتلات الجيل السادس بالطواقم البشرية أمراً اختيارياً، أي أن تكون الطائرة قابلة لأن تكون مسيرة أو مأهولة حسب الحاجة.
أسباب التوتر بين فرنسا وألمانيا بشأن مشروع FCAS
هناك بعض التقارير التي تشير إلى وجود توترات بين فرنسا وألمانيا بشأن بعض القضايا الأساسية مثل حقوق الملكية الفكرية، ومشاركة العمل الصناعي، والأولويات التشغيلية، وعلاقة مشروع FCAS بالمشروعات المشتركة الأخرى مثل برنامج ترقية طائرة الهليكوبتر Tiger حربية.
وتعتبر فرنسا نفسها أكثر تقدماً في مجال تكنولوجيا المقاتلات، حيث طورت الرافال وحدها مقابل مشاركة أربع دول أوروبية في تطوير اليوروفايتر، ولا تريد أن تشارك كل تقنيات الطائرة مع برلين.
ولكن هناك مشاكل أخرى، يُنظر إلى فرنسا، التي تمثلها شركة داسو، على أنها حساسة بشكل خاص بشأن الوصول إلى سلسلة التوريد ذات القدرة النووية.
ألمانيا، التي تمثل إيرباص مصالحها في المشروع، تريد حصة صناعية عادلة.
وعلى عكس ألمانيا، فإن فرنسا قوة نووية ولديها رادع نووي خاص بها. إلى جانب ذلك، تتمتع باريس مع بقائها في حلف الناتو بقيادة الولايات المتحدة، باستقلالها الاستراتيجي الخاص وتريد أن تلعب دوراً دولياً أكبر بكثير من خلال إبراز قوتها.
من ناحية أخرى، تعتبر ألمانيا عادة "قوة دفاعية" تفضل العمل مع قوى أخرى في الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي. ومن ثم فهي لا تشارك حساسيات فرنسا تجاه بعض التكنولوجيات مثل مهمة توصيل الأسلحة النووية؛ وقدرات إسقاط الأسلحة النووية بعيد المدى (الضربة)؛ وطائرة قتالية قادرة على الانطلاق من حاملات الطائرات.
الأسلحة النووية
وتعارض ألمانيا على وجه التحديد أي بُعد نووي في الطائرة.
فبالنسبة لبرلين، يكفي أن تكون الطائرة المقاتلة جيدة بما يكفي للقيام بمهمة دفاعية مضادة للمقاتلات ضد التهديدات المحتملة لألمانيا وحلفاء الناتو في أوروبا.
في ظل وجود شركات مثل Dassault (تكامل الأنظمة في الفضاء) و Safran (المحركات النفاثة)، حافظت فرنسا على قاعدة صناعية وطنية قادرة على تطوير وتصنيع الأنظمة بشكل مستقل عبر مجموعة واسعة من التطبيقات العسكرية.
على النقيض من ذلك، فإن ألمانيا (إسبانيا أيضاً) قد حولت منذ فترة طويلة معظم طموحاتها بالتصنيع العسكري في مجال المقاتلات من المستوى الوطني إلى المستوى الأوروبي.
الخلاف المحتمل حول التصدير
أحد مصادر المشاكل المحتملة بين البلدين هو ترتيبات تقاسم العمل الصناعي.
تحتفظ الحكومة الفرنسية بالسيطرة الوطنية على القدرات الصناعية الاستراتيجية، فلدى باريس تقليد راسخ مؤسسياً للتفاعل بين الدولة والصناعة خاصة العسكرية، والتوجيه النشط، والملكية المباشرة.
على النقيض من ذلك، في السياسة والإدارة الألمانية – وعلى قدم المساواة الإسبانية- فإن الرغبة والقدرة على التأثير البناء في صناعة الدفاع المحلية تبدو أقل.
العلاقة بين الدولة الفرنسية وقطاع الطيران العسكري، وخاصة شركة داسو، علاقة وثيقة. إذ تضع فرنسا بشكل روتيني نفوذاً دبلوماسياً كبيراً وراء حملات تصدير داسو وتنظر إلى الحفاظ على قاعدة صناعية جوية قتالية ذات سيادة باعتباره هدفاً مهماً للسياسة طويلة الأجل.
بالنسبة لألمانيا أيضاً، يعد الحفاظ على قاعدة صناعية قوية ووظائف تتطلب مهارة من الاعتبارات السياسية الرئيسية.
ومع ذلك، من المرجح أن تثبت ضوابط التصدير أنها نقطة شائكة رئيسية، بالنظر إلى إحجام ألمانيا السياسي عن بيع المعدات العسكرية لحكومات ذات سجلات سيئة في مجال حقوق الإنسان وعدم الانتشار.
بالنظر إلى هذه الخلفية، هناك توترات فرنسية ألمانية حول كيفية اتفاق الشركاء على آفاق تصدير الطائرة المقاتلة الجديدة.
تعتبر فرنسا من دعاة قواعد التصدير البراغماتية ولن تحب أبداً حق النقض الألماني على مبيعات الطائرة. خاصة أن فرنسا، كما قيل، هي الشريك الرئيسي في المشروع بسبب خبرتها المتفوقة.
الطائرة البريطانية لا تعاني نفس المشاكل
في المقابل، هناك درجة عالية نسبياً من التوافق في برنامج Tempest. يبدو أن بريطانيا وإيطاليا والسويد تبحث عن أنظمة أسلحة ذات خصائص تشغيلية مماثلة.
كما تتشابه مناهجها تجاه التعاون الصناعي الدفاعي أيضاً في البراغماتية الأساسية. تُظهر القدرات التصنيعية التي يمكنها المساهمة بها في جهود التطوير والإنتاج المشتركة درجة ملحوظة من التكامل المحتمل.
يبدو أن التعاون الأمني بين هذه البلدان غير مقيد إلى حد كبير بالرمزية السياسية وتأثيرات الانغلاق الفرنسية.
تتشابه بريطانيا وإيطاليا والسويد في مفاهيمها "الانتقائية" عن الاستقلال الذاتي للصناعة الدفاعية وكذلك في مقارباتها الرصينة القائمة على التعاون لتحقيق هذه الغاية، حسب وصف Eurasian times.
كما أن هناك علاقات وثيقة بين أطراف المشروع، حيث تعمل شركة BAE Systems المتعددة الجنسيات ومقرها المملكة المتحدة كمقاول رئيسي للمشروع.
وتعاونت شركة BAE Systems على مستوى عالٍ لسنوات عديدة مع شركة SAAB السويدية كجزء من مشروع الطائرة Gripen.
وبالمثل، تشارك BAE System مع تكتل ليوناردو الإيطالي ليس فقط فيما يتعلق بالتطوير الإضافي لأساطيل يوروفايتر تايفون لكلا البلدين ولكن أيضاً في برنامج F-35 الأمريكي الذي تشارك فيه إيطاليا وبريطانيا.
ومن المحتمل أن يكون هذا الأخير قد أدى إلى نقل معرفة قيمة في تكنولوجيا مقاتلات الجيل الخامس خاصة تكنولوجيا الإخفاء للإيطاليين والبريطانيين، بينما ألمانيا وفرنسا ليست أي منهما عضواً في مشروع الإف 35؛ وهذا يعني أن مشروعهما سينتقل من الجيل الرابع والنصف إلى الجيل السادس مباشرة.
يعني ذلك أيضاً أن فرنسا وألمانيا تعتمدان كلياً على نجاح برنامج FCAS لأنه يتعين عليهما إيجاد بديل لطائرتي رافال تايفون التي ستتخلفان تقنياً خلال عقد من الزمن، أما بريطانيا وإيطاليا فهما شريكان في مشروع الطائرة الشبحية الإف 35 والتي يمكن أن تكون بديلاً لليورو فايتر ذات الجيل الرابع والنصف.
الفوارق المتوقعة بين الطائرتين
ونتيجة لما سبق فإن مجموعة المتطلبات التشغيلية الخاصة بإيطاليا وبريطانيا أضيق، ويرجع ذلك أساساً إلى أن كلاً من المقاتلات البريطانية والإيطالية من طراز F-35 تغطي بالفعل العديد من المهام.
فعلى عكس فرنسا وألمانيا، فإن بريطانيا وإيطاليا لم تضع كل بيضها في سلة مشروع طيران عسكري واحد شامل. هذا يعني أن احتمال فشل Tempest سيكون أقل إشكالية بالنسبة لهما، لأنهما سوف يمتلكان أساطيل ضخمة من طراز F-35 بحلول عام 2030.
فالمشروع "أكبر من أن يفشل" بالنسبة لفرنسا وألمانيا، ولكن الأمر ليس كذلك بالنسبة لبريطانيا. وهذه المرونة تمنح شركاء Tempest مستوى راحة أفضل بكثير.
ولن يكون فشل مشروع الطائرة الفرنسية الألمانية فشلاً لفرنسا فقط، بل إنه سيكون ضربة لألمانيا التي تحاول تعزيز القدرات الدفاعية "الأوروبية" وإحياء "القوة الأوروبية"، تحسباً لتحول المصالح الأمريكية بشكل أساسي نحو المحيطين الهندي والهادئ.
من المتوقع أن تكون الطائرة الأوروبية يورو فايتر تايفون أساس تطوير مقاتلة الجيل السادس Tempest بينما الرافال ستكون أساساً للمشروع الذي تقوده فرنسا، مع بعض التأثيرات من التايفون بفضل مشاركة ألمانيا وإسبانيا به.
وهذا قد يعني تميز (NGF) في القصف والحرب الإلكترونية مثل الرافال، كما أنها ستكون قادرة على حمل الأسلحة النووية، والإقلاع والهبوط من حاملات الطائرات، بينما Tempest ستكون أسرع وأكثر قدرة في المناورات السريعة وعلى ارتفاعات عالية وتركز على القتال الجوي مثل اليورو فايتر تايفون، وفي مجال الشبحية قد تتفوق التايفون بفضل مشاركة بريطانيا وإيطاليا في برنامج الطائرة الشبحية الأمريكية إف 35.
والدليل على الآفاق الإيجابية لمشروع الطائرة البريطانية أن برنامج Tempest أغرى اليابان التي لديها مشروع لإنتاج طائرة من الجيل الخامس بالتفكير في الانضمام إليه.
وهذا الإطار، أُعلن في 22 ديسمبر/كانون الأول 2021 ، أن المملكة المتحدة واليابان ستطوران معًا اختباراً لمحرك الطائرة.
من الناحية الفنية ما زال من المبكر الحكم على من يتفوق من المشروعين، لكن يمكن تقييم قدرات كل مشروع من المقاتلات العاملة الحالية رافال ويورو فايتر وهما طائرتان متشابهتان لحد كبير، ولكن الفارق الأساسي في نقطتين، الأولى لصالح الرافال، وهي القدرات الهجومية، إذ تتمتع الرافال بقدرات معترف بها في الهجوم الأرضي مع مدى فعال، وحمولة كبيرة، جعل لها سمعة ممتازة كطائرة متعددة المهام، في المقابل، تأخرت اليورو فايتر كثيراً في إدخال القدرات الهجومية في نسخها إضافة إلى أنها تظل أقل من الرافال.
كما أن هناك شكوكاً حول اعتمادية اليورو فايتر وشكوى من تكلفة الصيانة الخاصة بها وهذا سبب رئيسي لتفضيل الهند للرافال على اليوروفايتر.
في المقابل، فإن نقطة تفوق اليورورفايتر، وضعف الرافال في الوقت نفسه هي المحرك؛ حيث إن محرك الرافال أضعف كثيراً من محرك اليورو فايتر البريطاني الصنع، وهذا جعل الرافال أبطأ وأقل قدرة على المناورة في السرعات العالية، كما أنه أدى لجعل حجم الرافال صغيراً، وخاصة أنفها؛ مما جعل الرادار صغيراً، وقلص من مداه رغم إمكانياته الكبيرة.
وأعطى محرك اليورو فايتر القوي مع وزنها المتوسط هذه الطائرة الأوروبية قدرات حركية هائلة تظهر ميزاتها في التحليق المرتفع والمناورات السريعة جعل ذلك الكثيرين يقولون إنها قد تكون أفضل طائرة جيل رابع ونصف، بل تكاد تكون هي الوحيدة التي توضع في الاعتبار عند الحديث عن الطائرات الأمريكية الشبحية من الجيل الخامس.
يمثل المحرك مشكلة تقليدية لصناعة المقاتلات الفرنسية التي لم تستطع أن تضاهي إطلاقاً المقاتلات الأمريكية والبريطانية ولا حتى الروسية، والآن الصينية، في مجال القوة.
فرنسا تتحدث عن تطوير محرك أقوى
وقد يكون هذا نقطة ضعف رئيسية في المشروع الفرنسي الألماني، لاعتماده بشكل كبير على تقنيات المحركات الفرنسية مقابل تقدم تقنيات المحركات البريطانية.
ولكن فرنسا تقول إنها اختبرت محركاً لمقاتلة الجيل الجديد (NGF) في نهاية عام 2021، وهو نموذج أولي مشتق من محرك الطائرة المقاتلة Rafale.
تقول باريس إن المحرك الجديد أقوى من رافاليس الموجود في الرافال حالياً ومحرك يورو جيت الموجود في يوروفايتر تايفون.
ويشارك في إنتاج محرك الطائرة NGF، كل من شركة Safran الفرنسية و MTU Aero الألمانية وITP Aero الإسبانية.
ما مدى اختلاف هذا المحرك؟
هذه التجربة للمحرك اختبرت تقنية تسمى Thermocolor، والتي تتطلب طلاءً حساساً للحرارة على ريش شفرات التوربينات عالية الضغط لجعلها تتحمل الحرارة الناتجة عن زيادة قوة المحرك.
وبحسب ما ورد استغرق التحضير لهذه التجربة خمس سنوات، وبعد فحص نتائج الاختبار الأولي، سينتقل المشروع إلى اختبار "المتانة" الذي من المفترض أن يستغرق عدة أشهر.
كانت شركة Safran الفرنسية، قد سلطت الضوء في السابق على التطورات المطلوبة لإنتاج محرك محسن لمقاتلة FCAS.
وقد قالت في بيان صحفي "يجب أن تكون هذه الطائرة المقاتلة من الجيل الجديد قادرة على إنتاج قوة دفع أسرع من الصوت ولديها قدرة الطواف البحرية بسرعة منخفضة على مدى فترات طويلة. لذلك يجب أن يكون محركها متعدد الاستخدامات. كما يجب أن يكون أخف، ودفعه – أقوى بكثير من قوة رافال، وكل ذلك سيجعل من الممكن لـ [FCAS] حمل المزيد من الأسلحة".
من الواضح أن الفرنسيين لو استطاعوا مع الألمان تطوير محرك قوي فإن هذا سيعالج أكبر مشكلات الرافال الحالية، وكذلك مشكلة مقاتلاتهما المستقبلية، ولكن في الوقت ذاته فإنه من المتوقع أن صناعة المحركات البريطانية العريقة وخاصة عبر علاقتها بالولايات المتحدة، قد تستطيع بدورها تطوير محرك يقدم مزيداً من القوة، وفي الأغلب، فإن الفرنسيين في أحسن الأحوال قد يستطيعون تقليل الفجوة بينهم وبين البريطانيين في المحركات، ولكن احتمال أن يتفوقوا في هذا المجال يبدو صعباً.
في المقابل، فإن المجالات التي تتأخر فيها اليورو فايتر عن الرافال مثل القصور في القيام بالمهام الأرضية وارتفاع أسعار الصيانة ونقص الاعتمادية أقل صعوبة؛ مما يجعل احتمالاً كبيراً أن يعالجها المشروع البريطاني الإيطالي السويدي، وفي هذه الحالة قد يتفوق المشروع البريطاني على الفرنسي.