الأزمة في السودان.. هل تنجح مبادرة الحوار الأممية في اختراق جدار الأزمة بين الفرقاء؟

عربي بوست
تم النشر: 2022/01/11 الساعة 14:42 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/01/11 الساعة 14:43 بتوقيت غرينتش
رئيس المجلس العسكري السوداني عبدالفتاح البرهان ورئيس الوزراء المستقيل عبدالله حمدوك/ الأناضول

تنقسم مواقف القوى السياسية في السودان بين ترحيب مشروط ورفض قاطع لمبادرة الأمم المتحدة لتسهيل الحوار بين الأطراف كافة، على أمل إيجاد حل جذري للأزمة المعقدة في البلاد.

ويشهد السودان منذ 25 أكتوبر/تشرين الأول 2021، احتجاجات تطالب بـ"حكم مدني كامل" رداً على إجراءات اتخذها قائد الجيش عبد الفتاح البرهان، منها فرض حالة الطوارئ وحل مجلسي السيادة والوزراء الانتقاليين، ما اعتبره الرافضون "انقلاباً عسكرياً" مقابل نفي من الجيش.

وأعلن رئيس البعثة الأممية المتكاملة لدعم الانتقال في السودان "يونيتامس"، فولكر بيرتس، بدء مشاورات "أولية" منفردة مع الأطراف السودانية كافة، تمهيداً لمشاورات (لم يحدد موعدها) يشارك فيها أصحاب المصلحة الرئيسيون من المدنيين والعسكريين، بحسب تصريحات له الأحد والإثنين.

وبينما لاقت المبادرة الأممية ترحيباً من دول بينها الولايات المتحدة الأمريكية والسعودية ومصر وقطر، بالإضافة إلى جامعة الدول العربية، انقسمت حولها القوى السودانية الرئيسية.

مبادرة الحوار الأممية بمشاركة الاتحاد الإفريقي

الإثنين 10 يناير/كانون الثاني 2022، قال مجلس السيادة الانتقالي برئاسة البرهان، إنه يرحب بمبادرة الأمم المتحدة لـ"تسهيل الحوار بين الشركاء السودانيين". ودعا المجلس، عبر بيان، إلى إشراك الاتحاد الإفريقي لـ"إسناد المبادرة والمساهمة في إنجاح جهود الحوار السوداني".

كما رحب رئيس حركة "تحرير السودان"، حاكم إقليم دارفور (غرب)، مني أركو مناوي، بالمبادرة، داعياً الاتحاد الإفريقي إلى الانضمام إليها، وفق بيان الأحد. وبعدها بيوم، أعلن مناوي تلقيه دعوة من الأمم المتحدة للمشاركة في الحوار.

من جهته، غرَّد جبريل إبراهيم، رئيس حركة "العدل والمساواة"، وزير المالية، معلناً ترحيب حركته بمبادرة بيرتس لتسيير الحوار بين السودانيين "شريطة أن يكون الحوار سودانياً خالصاً".

فيما اعتبر رئيس حزب الأمة الفيدرالي بولاية شمال دارفور، أنور إسحاق، أن المبادرة الأممية خطوة في الاتجاه الصحيح لبحث الحلول التي تُجنب البلاد الانزلاق إلى سيناريوهات تهدد الأمن والاستقرار، في ظل استفحال الأزمة السياسية ووصول البلاد لمرحلة انسداد الأفق، بحسب وكالة الأنباء الرسمية.

وقال الأمين السياسي لحزب المؤتمر الشعبي، كمال عمر عبد السلام: "لدينا مشكلة مع التدخل الأجنبي الذي يؤثر على الإرادة الوطنية، ولا مشكلة لنا مع المجتمع الدولي المُساعد على الوفاق السوداني".

واستطرد عبد السلام في بيان صحفي: "ندعم أي مبادرة يمكن أن تقود إلى وفاق أو اتفاق سياسي بين كل القوى السياسية وشباب الثورة والقوى الاجتماعية".

الحرية والتغيير: متمسكون بإسقاط "الانقلاب"

وبينما رحب حزب الأمة القومي، أكبر مكونات قوى إعلان "الحرية والتغيير" (الائتلاف الحاكم سابقاً) بمبادرة الحوار الأممية بين مكونات العملية السلمية، أكد على "تمسك الحزب بخيارات الشعب لإسقاط انقلاب 25 أكتوبر"، وفق بيان.

أما "تجمع المهنيين السودانيين"، قائد الحراك الاحتجاجي، فقال في بيان الأحد: "نؤكد رفضنا التام لهذه الدعوة (الأممية للحوار)، التي تسعى للدفع تجاه التطبيع مع المجلس العسكري وسلطته".

وأردف: "فشعبنا الأبيّ أعلن بوضوح أن الطريق لحل الأزمة يبدأ بإسقاط المجلس العسكري بشكل تام، وتقديم عضويته (أعضائه) للعدالة الناجزة".

وفي 21 نوفمبر/تشرين الثاني 2021، وقَّع البرهان وعبد الله حمدوك اتفاقاً سياسياً تضمّن عودة الأخير لرئاسة الحكومة الانتقالية، وتشكيل حكومة كفاءات، وإطلاق سراح المعتقلين السياسيين، لكن الاتفاق لاقي معارضة داخلية شديدة دفعت حمدوك إلى الاستقالة.

الشيوعيون: "النزاعات لا تُحل بمبادرات الميديا"

اعتبر عضو اللجنة المركزية للحزب الشيوعي، صدقي كبلو، في تصريح صحفي، أنه "لا يمكن أن يُعلن عن حل القضايا السودانية عن طريق مبادرات الميديا (الإعلام) دون أن تتم دعوة مسبقة لحضور اجتماعاتها".

وأردف: "النزاعات لا تُحل بمبادرات الميديا، يكفينا ما حدث من قِبَل المبعوث الإفريقي (محمد الحسن ود لباد) الذي ورطنا في وثيقة دستورية لم تُحل مشكلة البلاد".

وفي أغسطس/آب 2019، وقَّع كل من المجلس العسكري (الذي تم حله) وقوى "إعلان الحرية والتغيير" وثيقتي "الإعلان الدستوري" و"الإعلان السياسي" بشأن هياكل وتقاسم السلطة الانتقالية.

وبدأت في ذلك الشهر فترة انتقالية تنتهي بإجراء انتخابات مطلع 2024، ويتقاسم خلالها السلطة كل من الجيش وقوى مدنية وحركات مسلحة وقَّعت مع الحكومة في 2020 اتفاقاً لإحلال السلام.

وتابع "كبلو": "إذا كان المبعوث جاداً ويريد أن يتوسط لحل النزاع بين الفرقاء السودانيين، فعليه الاتصال بالجهات التي يريد أن يجري معها الحوار للتعرف على وجهة نظرها، بدلاً من أن تتم مخاطبتهم عبر السوشيال ميديا".

وأوضح أن "الحزب ليس طرفاً في المبادرة ولم تصله حتى الآن، وسيعلن موقفه للرأي العام عندما يتسلم المبادرة".

"جيوش شركاء السلام"

​​​​​​​أما القيادي في حزب البعث، محمد وداعة، فرأى أنه كان على المبعوث الأممي أن يدعم مبادرة عبد الله حمدوك، التي طرحها لحل الأزمة قبل أن يستقيل من رئاسة الحكومة.

وفي 22 يونيو/حزيران الماضي، طرح حمدوك مبادرة تتضمن: إصلاح القطاع الأمني والعسكري، وتحقيق العدالة، والاقتصاد، والسلام، وتفكيك نظام الثلاثين من يونيو/حزيران (نظام عمر البشير) ومحاربة الفساد، والسياسة الخارجية والسيادة الوطنية، وتشكيل المجلس التشريعي الانتقالي.

وتابع "وداعة" في بيان: "وكان يمكنه (فولكر) أن يعمل على توسيعها (مبادرة حمدوك) لتشمل المجموعات التي ذكرها الآن، ولكن فولكر كأي مبعوث دولي أصبح تابعاً لمجموعات داخلية وخارجية تشير عليه ما يفعل".

وتوجه إلى فولكر قائلاً: "فلتكن البداية بالمساعدة على تنفيذ اتفاق السلام، والعمل على دمج جيوش شركاء السلام، وقوات الدعم السريع في القوات المسلحة، وعلى الأقل تحديد جدول زمني لإنهاء عملية الدمج، وإصلاح المؤسسات العسكرية، وصولاً إلى جيش مهني واحد".

وفي 2 يناير/كانون الثاني الجاري، استقال حمدوك من منصبه، بعد ساعات من سقوط ثلاثة قتلى خلال مظاهرات مستمرة بلغ إجمالي عدد القتلى فيها، حتى الإثنين، 63 منذ بدء الاحتجاجات في 25 أكتوبر، وفق "لجنة أطباء السودان" (غير حكومية).

تحميل المزيد