تعتبر كلية العالم المتحد الأطلسية مكاناً استثنائياً لتعليم أبناء الأسر الملكية والثرية في أوروبا، ولكن طالباً أفغانياً، انضم مؤخراً لهذه الكلية وأصبح زميلاً لأمراء وأميرات أوروبا.
تقرير لصحيفة The Times البريطانية عرض لتجربة انضمام اللاجئ الأفغاني أبو بكر صديق مياخل، تعطلت دراسته في وطنه إلى أميرتي هولندا وإسبانيا في الكلية وغيرهما من أبناء النخب الغربية.
وتقع الكلية في قلعة سانت دونات، منزل وليام راندولف هيرست السابق، ويعود تاريخ القلعة، إلى القرن الثاني عشر، وتقع في جنوب ويلز.
عادة ما تضم القلعة التي يقع بها مقر الكلية أبناء الأثرياء والمشاهير داخل أسوارها، فكلية العالم المتحد الأطلسية التي يلتحق بها أبناء العائلات المالكة الأوروبية وعائلات قوية أخرى، تبدأ رسومها من 68 ألف جنيه إسترليني (حوالي 92 ألف دولار) للدورة الدراسية التي تستمر عامين.
كلية العالم المتحد الأطلسية.. تعليم بطريقة مختلفة
وكلية العالم المتحد الأطلسية هي مدرسة ثانوية توصف بأنها كلية مستقلة دولية، سكنية، إضافة إلى منهج دبلوم البكالوريا الدولية، الذي شاركت المدرسة في إنشائه في الستينيات، تضع الكلية مشاركة الطلاب في خدمة المجتمع في جوهرها. تأسست في عام 1962، وكانت من بين المؤسسات التعليمية الأولى في العالم التي تتبع منهجاً دولياً. وهي معروفة بتعليمها الليبرالي التقدمي، وروحها العالمية، وتركيزها القوي على الاستدامة المحلية والعالمية.
تأسست في عام 1962، على يد المربي الألماني كورت هان، للبحث عن حلول جديدة وسلمية في عالم ما بعد الحرب الذي تمزِّقه الانقسامات السياسية والعرقية والاقتصادية، وكمبادرة خلال الحرب الباردة لإشراك الشباب من جميع الدول في إيجاد وسائل سلمية لمعالجة مشكلات العالم.
يدرس فيها ما يقرب من 350 طالباً من أكثر من 90 دولة، ويتم اختيار غالبيتهم من خلال "اللجان الوطنية" التي تساعد في تمويل تعليمهم من خلال منح دراسية جزئية أو كاملة؛ حوالي 60% من الطلاب يتلقون شكلاً من أشكال المساعدة المالية.
نشاطات الكلية- تركّز على التحدّيات الجسدية، خدمة الآخرين، قيادة المبادرة والعمل الجماعي بالإضافة إلى البرنامج الأكاديمي الخاص بالكليّة.
ومن أجل تشجيعهم وتمكينهم، يعطى الطلاب مسؤوليات حقيقية لاتخاذ قراراتهم وأفعالهم الخاصة، مع وجود هيئة التدريس في محيطهم.
الطالب الأفغاني الذي التحق بالكلية يُبلغ من العمر (18 عاماً) هو واحد من عدة لاجئين أفغان يدرسون- مجاناً- في كلية العالم المتحد الأطلسية. والعام الماضي، تقدم 355 أفغانياً في سن المراهقة من مخيمات اللاجئين للفوز بمكان في إحدى كليات القلعة الـ18.
وكانت المؤسسة قد أطلقت بالفعل مبادرة لتوفير أماكن للشباب النازحين، لكنها وفرت 20 مكاناً إضافياً للشباب الأفغان.
وتقع كلية العالم المتحد الأطلسية على مساحة 122 فداناً من الأراضي الخضراء، على الساحل الغربي من كارديف، وتتميز القلعة بحدائقها ومروجها وأسقفها العتيقة ومدافئها وأسوارها وأبراجها الحصينة المقامة على الطراز التيودوري.
كيف التحق اللاجئ الأفغاني بهذه الكلية العريقة؟
وقد التحق أبو بكر بهذه الكلية في سبتمبر/أيلول عام 2020 بعد أن نجحت عائلته في الحصول على حق اللجوء في بلجيكا.
وكان قد تقدم إليها بمساعدة مؤسسة King Baudouin، وقال إنه منذ انضمامه إليها: "قابلت الكثير من الأشخاص الرائعين الذين لديهم نية حقيقية لتغيير هذا العالم للأفضل ويتخذون خطوات عملية في سبيل ذلك. ومن المدهش أن أكون بصحبة أشخاص من بيئات متنوعة".
وقال إنه رغم احتكاكه بأمراء وأبناء قادة العالم، فمعظم الطلاب يتحدثون عن خططهم المستقبلية وليس عن عائلاتهم.
وأبو بكر يدرس طرق ابتكار تكنولوجيا مستدامة عن طريق استخراج الهيدروجين من مياه البحر ويهوى لعب الكريكت.
يصنع تطبيقاً يساعد اللاجئين على التأقلم
وقال الطالب الأفغاني: "أصدقائي من كل بلدان العالم تقريباً، اليمن والعراق ومصر والمغرب والهند وهونغ كونغ والصين وكندا وهولندا وفرنسا والولايات المتحدة والمكسيك وبيرو والأرجنتين وإسبانيا والمملكة المتحدة. وأنا أقود فريقاً يعمل على ابتكار تطبيق للاجئين، والفريق يضم أشخاصاً ينتمون لعائلات ملكية وعائلات لاجئين".
وهذا التطبيق، الذي يعمل عليه مع زملائه الجدد، مستلهم من تجربة عيشه في بلد جديد بعد أن انضم إلى والده، الصيدلاني الذي حصل على حق اللجوء السياسي في بلجيكا. وهو يساعد طالبي اللجوء على الاندماج والاستقرار في البلد المضيف؛ عن طريق تعليمهم لغات جديدة من خلال القصص وتقديم الدعم والمساعدة الثقافية والعملية.
وقال أبو بكر: "لم يعلمني أحد الفرنسية حين ذهبت إلى بلجيكا. وإنما اشتريت مجموعة من القواميس وكتب القواعد. وكان التعلم والتكيف غاية في الصعوبة. ولم أتمكن من العثور على لاجئين أو أفغان آخرين".
وقال: "التطبيق الذي ابتكرناه يعلم اللاجئين لغة البلد المضيف ولكننا ننتهج نهجاً جديداً لتعليم اللغات يعتمد على سرد قصص اللاجئين الذين يلتقون أصدقاء في البلد المضيف ويتعرفون على بعضهم ويتشاركون قصص حياتهم".
وأضاف: "على سبيل المثال، التطبيق يعلّم اللغة الفرنسية في بلجيكا. وهو أيضاً يوفر خيارات محددة تساعد المستخدمين على العثور على أماكن ترحب باللاجئين مثل المطاعم أو تساعدهم في ملء الوثائق أو العثور على منزل".
ويُتوقع أن ينطلق التطبيق هذا الشهر بعد أن أنهى أبو بكر برمجته خلال إجازة عيد الميلاد.
وقال عن جلال آباد، مسقط رأسه: "كانت الظروف عصيبة، ونرى الكثير من القتلى. ولم نكن نتمكن من الذهاب إلى المدرسة على الدوام؛ لأنه في بعض الأحيان تحدث انفجارات ولا نتمكن من عبور الجسر أو تحدث انفجارات في الشارع الذي يضم مدرستنا، وجميع النوافذ تحطمت حين كنا في الصف".
وأضاف: "الخوف كان يملؤنا. وأظن أن الوضع سيزداد سوءاً تحت حكم نظام طالبان الجديد، زاعماً أن بنات عمه لا يمكنهن الذهاب إلى المدرسة بعد الآن، وكانت إحداهن تدرس الطب، ولكن لم يعُد بإمكانها الاستمرار في الدراسة".
ولأبو بكر شقيقان وشقيقتان. وقد اضطر والده إلى مغادرة أفغانستان بعد أن تعرض للتهديد لأنه كان يعمل مع منظمة أمريكية غير حكومية.
ويرغب أبو بكر في دراسة الفيزياء في الجامعة ويتقدم لمؤسسات أمريكية؛ لأنه يرى أنه من الصعب الحصول على منحة دراسية في المملكة المتحدة. وهو يخطط أيضاً لفتح أكاديمية عبر الإنترنت تتيح للناس إمكانية الوصول إلى المحتوى التفاعلي بالسرعة التي تناسبهم، وخاصة الفتيات الأفغانيات المحرومات من المدرسة.
وقال أبو بكر: "ملايين الفتيات لا يمكنهن الذهاب إلى المدرسة الآن، وهذا يبعث على الحزن. أريد أن أبذل قصارى جهدي لتغيير هذا العالم للأفضل".