دعم كبير لإسرائيل وتعزيز لليونان أمام تركيا.. ما حصة الشرق الأوسط من ميزانية الدفاع الأمريكي لعام 2022؟

عربي بوست
تم النشر: 2022/01/01 الساعة 12:26 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2022/01/01 الساعة 12:26 بتوقيت غرينتش
ما موقع الشرق الأوسط من الميزانية الدفاعية الأمريكية لعام 2022 ، أرشيفية/ رويترز

وقَّع الرئيس الأمريكي جو بايدن مشروع قانون الإنفاق الدفاعي البالغ 770 مليار دولار، للعام 2022، يوم الاثنين 27 ديسمبر/كانون الأول 2021، ومَنَحَ موافقته على مبلغٍ إضافي قدره 24 مليار دولار على طلب إدارته الأصلي.  ويُوجَّه قانون إقرار الدفاع الوطني لعام 2022 إلى حدٍّ كبير نحو إعداد الولايات المتحدة للمنافسة الاستراتيجية مع الصين وروسيا. 

ويتضمن القانون أيضاً تدابير رئيسية بشأن الأمن السيبراني، وإصلاحات لنظام العدالة الجنائية بالجيش، وإنشاء لجنة للتحقيق في إخفاقات الحرب في أفغانستان.  لكنه يضع أيضاً إشرافاً جديداً على سياسة الولايات المتحدة في الشرق الأوسط، وهي إشارة إلى أن المشرِّعين لم ينسوا المنطقة حتى مع تركيز إدارة بايدن في أماكن أخرى. 

وإليكم مُلخَّصاً موجَزاً عن موقع الشرق الأوسط من هذه الميزانية الضخمة:

الشرق الأوسط والميزانية الدفاعية الأمريكية لعام 2022

1- المغرب 

يمنع أحد البنود أموال قانون إقرار الدفاع الوطني الأمريكي من دعم مشاركة المغرب في التدريبات العسكرية المشتركة حتى تُظهِر الرباط التزامها تجاه اتفاق سلامٍ مع الصحراء الغربية.

وقد يشكِّل التقييد الجديد مشكلة للقيادة الأمريكية في إفريقيا، التي تؤسِّس أكبر تدريبات عسكرية متعددة الجنسيات- الأسد الإفريقي- انطلاقاً من المغرب كلَّ عام. 

وقالت المتحدثة باسم البنتاغون، سينثيا كينغ، لموقع Al-Monitor الأمريكي إن المسؤولين العسكريين "سيتشاورون وينسِّقون عن كثبٍ مع وزارة الخارجية لضمان الامتثال الكامل للإجراء الجديد". 

يمثِّل إدراج المغرب فوزاً صغيراً لكبير الجمهوريين في لجنة القوات المسلَّحة بمجلس الشيوخ، جيم إنهوف (من ولاية أوكلاند)، الذي قاد حملةً من الحزبين في وقتٍ سابقٍ من هذا العام ضد تبني إدارة بايدن لسياسة عهد ترامب بالاعتراف بسيادة المغرب على الإقليم المتنازع عليه. 

وكان الاعتراف جزءاً من معاملةٍ مُتبادَلة لموافقة الرباط على الاعتراف بإسرائيل العام الماضي. ولم تُظهِر الإدارة الحالية أيَّ اهتمامٍ بعكس هذه الخطوة، ويبدو أنها تعتمد على الأمم المتحدة لرسم "مسار عادل" إلى الأمام. 

ويمكن لوزير الدفاع لويد أوستن تجاوز الحظر إذا أوضح للكونغرس أن الحظر سيعرِّض الأمن القومي للولايات المتحدة للخطر. ومن المُفتَرَض أن يُطلِع مسؤولو الإدارة المُشرِّعين على هذه القضية بحلول 1 مارس/آذار. 

2- سوريا والعراق 

حرصاً منها على تجنُّب أخطاء عهود ترامب وأوباما، تركت إدارة بايدن أكثر من 3 آلاف جندي أمريكي في سوريا والعراق لسدِّ الفراغ الأمني في أعقاب الحرب ضد تنظيم الدولة الإسلامية. 

لكن قلةً من المُشرِّعين نفد صبرهم مع الأفق اللامتناهي للصراع وانعدام الوضوح بشأن موقف واشنطن تجاه الجمود الجيوسياسي في سوريا. وقدَّمَ النائب جمال بومان (من الحزب الديمقراطي من ولاية نيويورك) تعديلاً في وقتٍ سابقٍ من هذا العام كان من شأنه أن يجبر الإدارة على سحب القوات من سوريا في غياب تفويضٍ صريحٍ من الكونغرس. 

لم ينضم هذا الإجراء إلى قانون إقرار الدفاع الوطني، لكنه قُدِّمَ بواسطة رئيس لجنة الشؤون الخارجية في مجلس النواب، النائب غريغوري ميكس (الديمقراطي من نيويورك). 

يتطلَّب قانون الإنفاق الدفاعي لعام 2022 من وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن، تقديم تقرير عن رؤية الإدارة لنهاية اللعبة السياسية للصراع السوري وعن أي وسيلة دبلوماسية لتحقيق تلك الغايات، بما في ذلك المفاوضات مع روسيا وتركيا. 

ويريد المشرِّعون أن يشهدوا خططاً لتسليم المسؤوليات الأمنية المحلية إلى "قوات سوريا الديمقراطية" التي يقودها المسلحون الأكراد، والمعارضين السوريين من ميليشيا مغاوير الثورة في قاعدة التنف، وقوات الأمن العراقية عبر الحدود. 

ويفرض القانون كذلك الإبلاغ عن الجهود الدبلوماسية الأمريكية لمنع الدول العربية من تطبيع العلاقات مع نظام الرئيس السوري بشار الأسد، مثلما أفاد موقع Al-Monitor. 

وقال النائب ميكس: "مع استمرار نظام الأسد في إخضاع المدنيين لظروف شبيهة بالحصار، واستمرار القوات الجوية للنظام في قصف المناطق السكنية والمستشفيات والعيادات، نحتاج الآن أكثر من أيِّ وقتٍ مضى إلى توضيح أهداف الولايات المتحدة". 

وأضاف ميكس أنه "يدرك التضحيات التي قدَّمتها قوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الأكراد، وجماعات المعارضة السورية الأخرى المدعومة من القوات الأمريكية، في الحملة ضد تنظيم الدولة الإسلامية"- حسب تعبيره.

3- التمويل ضد "داعش"

ذكر موقع Middle East Eye البريطاني أنه على غرار العام 2021، تطلَّب قانون إقرار الدفاع الوطني لعام 2022 مئات الملايين من الدولارات للعمليات الأمنية الأمريكية في صندوق تدريب وتجهيز مكافحة تنظيم الدولة الإسلامية "داعش": 345 مليون دولار للعراق و177 مليون دولار أخرى لسوريا. 

وتأتي الأموال حتى بعد إعلان الولايات المتحدة رسمياً إنهاء مهمتها القتالية في العراق في وقت سابق من شهر ديسمبر/كانون الأول، على الرغم من بقاء القوات الأمريكية في البلاد في دور داعم للجيش العراقي. 

وكان تنظيم الدولة الإسلامية قد سيطر على مناطق واسعة من العراق في حملته عام 2014، قبل أن تتصدَّى له حملةٌ لمكافحة التمرُّد بدعم من التحالف العسكري بقيادة الولايات المتحدة. وتقود واشنطن تحالفاً مناهضاً لتنظيم الدولة الإسلامية مع عشرات الدول الأخرى منذ 2014. 

4- حرب اليمن 

ذكر موقع Middle East Eye أيضاً أن قانون إقرار الدفاع الوطني يدعو إدارة بايدن إلى تقديم تقرير حول ما إذا كانت المملكة السعودية قد شاركت في أيِّ ضرباتٍ جويةٍ هجومية داخل اليمن أسفرت عن سقوط ضحايا من المدنيين. 

ويفرض القانون حظراً على إعادة التزود بالوقود أثناء الطيران لأيِّ طائرةٍ غير أمريكية شاركت في الحرب هناك. 

وتأتي البنود وسط معارضة بعضٍ من أعضاء الكونغرس لموقف بايدن من الحرب في اليمن. وفي وقت سابق من هذا العام، أعلن الرئيس إنهاء الدعم الهجومي للتحالف الذي تقوده السعودية لمقاتلة حركة الحوثي المتحالفة مع إيران في اليمن، لكنه أكَّد أنه سيواصل تقديم الدعم للدفاع عن السعودية. 

ودعا العديد من الأعضاء البارزين في الكونغرس إلى المزيد من الإجراءات الملموسة لإنهاء الدعم الأمريكي للتحالف الذي تقوده السعودية بشكلٍ كامل، لكن هذه الجهود باءت بالفشل. 

وفي وقت سابق من هذا الشهر، وافق مجلس الشيوخ على بيع صواريخ جو-جو متوسطة المدى ومنصات إطلاق صواريخ وأسلحة أخرى بقيمة 650 مليون دولار للمملكة السعودية. 

بعد ست سنوات من الحرب، توصَف اليمن بأنها أسوأ أزمةٍ إنسانية في العالم؛ حيث يحتاج 20.7 مليون شخص (66% من السكان، بما في ذلك 11.3 مليون طفل) إلى المساعدة. 

5- إسرائيل وشرق البحر المتوسط 

ينشئ القانون صندوق منح وزارة الدفاع لدعم التعاون في مجال الأمن السيبراني بين الولايات المتحدة وإسرائيل. ويهدف إلى تعزيز الدعم الأمريكي لدور اليونان وقبرص وإسرائيل في شرق البحر المتوسط ​​بعد التدهور المشهود خلال السنوات الأخيرة في العلاقات مع تركيا بسبب نظام إس-400 الصاروخي. 

ويفرض القانون على قيادة مجلس الشيوخ تعيين مجموعة من ستة مشرِّعين كحدٍّ أقصى للتنسيق مع نظرائهم البرلمانيين من تلك البلدان في اجتماعاتٍ سنوية حول قضايا الأمن والطاقة الإقليمية. 

ويتضمَّن قانون إقرار الدفاع الوطني 108 مليون دولار ستذهب إلى إسرائيل لشراء أجزاءٍ من نظام القبة الحديدية المضاد للصواريخ قصير المدى، الذي تشترك الولايات المتحدة وإسرائيل في إنتاجه. 

وسوف يُخصَّص 62 مليون دولار أخرى لإسرائيل من أجل نظام الصواريخ المضادة للصواريخ الباليستية حيتس 3، و30 مليون دولار لنظام "مقلاع داوود" للدفاع الجوي. 

تتضمن الميزانية أيضاً برنامج منح بقيمة 6 ملايين دولار لـ"البحث والتطوير في مجال الأمن السيبراني". وقد تضمَّن القانون العام الماضي بنداً يضيف 3.3 مليار دولار كمساعدةٍ سنوية لإسرائيل حتى عام 2026. 

وبينما قوبِلَت مساعدة واشنطن العسكرية لإسرائيل بمزيدٍ من التدقيق من المشرِّعين التقدُّميين، الذين كانوا يطالبون بحدودٍ وقيود، فإن إسرائيل لا تزال تتلقى دعماً واسع النطاق من الحزبين في الكونغرس. 

وسُلِّطَ الضوء على التمويل الأمريكي لنظام القبة الحديدية الإسرائيلية بشكل خاص في سبتمبر/أيلول، وأكتوبر/تشرين الأول، عندما تحرك الديمقراطيون في مجلس النواب لحذف مليار دولار من التمويل لنظام الدفاع الجوي من فاتورة الإنفاق المؤقتة. ومع ذلك، جرت الموافقة على التمويل في وقتٍ لاحقٍ في مشروع قانونٍ مُنفصِل مُرِّرَ بأغلبية ساحقة: 420 صوتاً مقابل تسعة أصوات. 

ما الذي فوَّته قانون الإنفاق الدفاعي الأمريكي؟ 

أشاد جو بايدن بصدور قانون الدفاع الوطني الدفاعي، لكنه اعترض على عدد قليل من الإجراءات المتبقية، بما في ذلك استمرار حظر التمويل الأمريكي لنقل معتقلي غوانتانامو إلى الأراضي الأمريكية وإلى الصومال واليمن وسوريا وليبيا. وحثَّ بايدن، الذي سعى إلى إغلاق مركز الاحتجاز، المشرِّعين على رفع القيود "في أقرب وقتٍ ممكن". 

وأعرب البيت الأبيض عن أسفه للإجراءات التي تتطلَّب إبلاغ الكونغرس بما أسماه "معلوماتٍ سرية شديدة الحساسية"، وتحديداً المعلومات المتعلقة بالمخابرات العسكرية الأمريكية المشتركة مع حركة طالبان الأفغانية والأوصاف التفصيلية للتقدُّم الذي أحرزه الجيش الإيراني والميليشيات الوكيلة له في المنطقة. 

وقال بيان بايدن إن مثل هذه المعلومات "قد تكشف عن مصادر استخباراتية مهمة أو خطط عمليات عسكرية"، فيما أشار البيت الأبيض إلى أن إدارته قد لا تكشف بالكامل عن المعلومات المطلوبة، لكنها مستعدة للعمل مع المشرِّعين لتقديم إجاباتٍ مرضية على أسئلتهم. 

ماذا بعد؟ 

قانون الدفاع الوطني الأمريكي هو مشروع قانونٍ خاص بالسياسة، فهو لا يصرِّح بالإنفاق؛ لذا، سيكون الكونغرس بحاجةٍ إلى تمرير مشروع قانون بالمُخصَّصات. 

وحذَّرَ وزير الدفاع لويد أوستن في وقتٍ سابق من هذا الشهر من توقف قانون الدفاع الوطني في مجلس الشيوخ، قائلاً إن إجراء تمويل مؤقَّت سيمنع البنتاغون من التنفيذ الكامل لأولويات الأمن القومي. 

وحثَّ رئيس المخصَّصات في مجلس الشيوخ بات ليهي (ديمقراطي من ولاية فيرمونت) المشرِّعين على الارتقاء إلى مستوى دعمهم الصريح لتمويل الجيش في بيان صدر في وقت سابق من هذا الأسبوع. وقال: "حتى نضع أموالنا في مكانها الصحيح ونوفِّر التمويل الذي نقول إننا ندعمه، فإن هذه الكلمات تبدو جوفاء". 

تحميل المزيد