عام 2021 كان قاسياً بالنسبة للكثيرين في القارة الإفريقية، التي شهدت استمراراً للحروب الأهلية وحوادث الإرهاب وانتشار وباء فيروس كورونا، والتي تسببت جميعها في إزهاق آلاف الأرواح.
إفريقيا، التي كانت تسعى جاهدة للمضي قُدماً في طريق الانتقال إلى الديمقراطية في العديد من البلدان، شهدت انتكاسة بعد وقوع 4 انقلابات عسكرية في غينيا والسودان ومالي وتشاد.
كما استمر القتال العنيف أيضاً في إقليم تيغراي شمالي إثيوبيا، وامتدت المعارك إلى إقليمي الأمهرة والعفر المجاورين، واقتربت من العاصمة أديس أبابا، قبل أن يتراجع المتمردون إلى ما وراء حدود إقليمهم.
واندلعت المعارك بالإقليم الشمالي في نوفمبر/تشرين الثاني 2020، بين قوات رئيس الوزراء آبي أحمد، وقوات "الجبهة الشعبية لتحرير تيغراي"، أسفرت عن مقتل الآلاف، ونزوح 2.2 مليون شخص، وفق مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين.
4 انقلابات عسكرية في إفريقيا خلال 2021
في أكتوبر/تشرين الأول، سيطر الجيش السوداني بقيادة الجنرال عبد الفتاح البرهان، على الحكومة، في انقلاب عسكري أدى إلى احتجاجات حاشدة مؤيدة للديمقراطية. وقال مسعفون سودانيون إن العشرات قتلوا وجرح المئات على أيدي قوات الأمن أثناء قمعها للمتظاهرين.
أثار استيلاء الجيش السوداني على السلطة إدانة دولية، بما في ذلك إجراءات عقابية كتخفيض المساعدات، حيث طالبت القوى الدولية بعودة سريعة للحكم المدني.
وزعمت أحدث التقارير الواردة من العاصمة السودانية الخرطوم، أن قوات الأمن تستخدم العنف والتحرش الجنسي، بما في ذلك ادعاءات بالاغتصاب، بهدف ثني النساء عن حضور المسيرات، خاصة أنهن شكلن ركيزة أساسية للاحتجاجات المستمرة المؤيدة للديمقراطية.
في سبتمبر/أيلول، نفّذت القوات المسلحة الغينية أيضاً انقلاباً أطاح بالرئيس ألفا كوندي (2010-2021)، ليتم استبداله بزعيم الانقلاب مامادي دومبويا، قائد القوات الخاصة الغينية، وضابط سابق في فيلق اللفيف الأجنبي بالجيش الفرنسي.
في مايو/أيار 2021، قام الجنود الماليون بانقلابهم الثاني في غضون 10 أشهر. إذ وقَّع الانقلابون العسكريون على خلفية الاحتجاجات الشعبية التي شهدتها البلاد ضد الرئيس السابق إبراهيم بوبكر كيتا، الذي اتُهمت حكومته بالفساد والمحسوبية والفشل في معالجة الأزمة الأمنية المتفاقمة في البلاد.
قبل انقلاب مالي بأسابيع، استولى الجنرال محمد إدريس ديبي على السلطة فوراً في تشاد من خلال تعليق الدستور وحل البرلمان بعد وفاة والده في ساحة المعركة.
وعلق الاتحاد الإفريقي والهيئات الإقليمية مثل المجموعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا أو إيكواس في غرب إفريقيا الدول التي وقعت فيها الانقلابات في محاولة لإجبار الحكام العسكريين على التفاوض مع القادة المدنيين، لكن مثل هذه التحركات كان لها تأثير محدود.
هجمات إرهابية لا تتوقف
استمرت حوادث الإرهاب في حصد الأرواح في إفريقيا، ولا سيما في الصومال وموزمبيق ونيجيريا وأوغندا ومنطقة الساحل. ففي 2021، أشارت تقارير شبه يومية عن تفجيرات انتحارية في الصومال نفذتها "حركة الشباب" التابعة لتنظيم "القاعدة" في الصومال، والتي تقاتل منذ سنوات للإطاحة بالحكومة.
في غضون ذلك، سجلت أوغندا، بين أكتوبر ونوفمبر، عدة هجمات بالقنابل، بما في ذلك تفجيرات انتحارية. نفذت الهجمات من قِبَل "القوات الديمقراطية المتحالفة"، وهي جماعة متمردة أوغندية تنتمي إلى تنظيم "داعش" الإرهابي، ومقرها في جمهورية الكونغو الديمقراطية المجاورة لأوغندا.
وفي موزمبيق، استمرت القوات الإقليمية من جنوب إفريقيا في تأدية مهمتها لتهدئة الأوضاع في شمال موزمبيق، بعد سيطرة عناصر "داعش" على منطقة "بالما"، في مقاطعة "كابو ديلغادو"، مما أسفر عن مقتل وإصابة العشرات في 2020.
سجن رئيس جنوب إفريقيا السابق
في يوليو/تموز، دخل الرئيس السابق لجنوب إفريقيا جاكوب زوما (79 عاماً)، سجن "إستكورت"، في مقاطعة كوازولو ناتال (شرق) لقضاء عقوبة بالسجن لـ 15 شهراً، بتهمة ازدراء المحكمة لرفضه المثول أمام لجنة قضائية تحقق في اتهامه بالفساد خلال فترة رئاسته، التي استمرت قرابة عقد من الزمان (2009-2018).
أدى سجن زوما إلى احتجاجات عنيفة أودت بحياة أكثر من 300 شخص، وخسائر بمليارات الدولارات للشركات التي نهبها أو خربها أنصاره، حيث تعد هذه المرة الأولى التي يتم فيها اعتقال واحتجاز رئيس جنوب إفريقي سابق.
لكن زوما حصل لاحقاً على إفراج طبي مشروط في 5 سبتمبر/أيلول، بعد أن أمضى شهرين فقط في السجن.
وفي ديسمبر/كانون الأول، أمرت محكمة في العاصمة بريتوريا بإعادته إلى السجن، لأن الإفراج الطبي مُنح له بشكل غير قانوني، لكن زوما قدم طلباً باستئناف القرار.
إفريقيا تحت وطأة الوباء.. وظهور أوميكرون يفاقم معاناتها
بينما استمرت إفريقيا في تحمل وطأة وباء فيروس كورونا، رغم حصولها على بضعة ملايين من جرعات اللقاح التي بالكاد تكفي لسكانها، في حين واجهت جنوب إفريقيا حظراً للسفر على مواطنيها من عدة دول بعد اكتشاف متحور أوميكرون بها.
وأعلن علماء من جنوب إفريقيا، في نوفمبر، اكتشافهم متحوراً جديداً من فيروس كورونا يحمل اسم "أوميكرون"، ويتميز بعدد كبير من الطفرات مقارنة بالمتحورات السابقة.
ونتيجة لذلك، سرعان ما فرضت الدول الغربية حظر سفر على دول جنوب إفريقيا، ودول إفريقية أخرى، خوفاً من تعرضها للمتحور الجديد، مما أثار موجة من الغضب على مستوى القارة الإفريقية.
ووصف الرئيس الملاوي لازاروس تشاكويرا، الرئيس الحالي للكتلة الإقليمية لـ"مجموعة التنمية للجنوب الإفريقي"، المكونة من 16 دولة، الحظر بأنه "رهاب الأفارقة، ولا يستند إلى العلم".
وقال رئيس جنوب إفريقيا سيريل رامافوزا، خلال اجتماع لـ"منتدى التعاون الصيني الإفريقي" في العاصمة السنغالية داكار، "يجب أن نقاوم قيود السفر غير المبررة وغير العلمية التي لا تؤدي إلا إلى الإضرار بالاقتصادات النامية".
وبينما كان القادة الأفارقة يكافحون من أجل الحصول على لقاحات لشعوبهم، أصيب العديد منهم بفيروس كورونا، بما في ذلك رؤساء دول ووزراء. وجاءت نتائج فحص الرئيس الناميبي حاج جينجوب، والسيدة الأولى مونيكا جينجوس، إيجابية في مايو/أيار، بينما أصيب رئيس جنوب إفريقيا بالفيروس في ديسمبر. كما أصيب العديد من الوزراء والسياسيين المعارضين في جنوب إفريقيا بالفيروس، لكنهم استعادوا عافيتهم.