تنكيل وسحْل وعقاب جماعي وسط تعتيم إعلامي.. ماذا يحدث للأسرى الفلسطينيين داخل سجون الاحتلال؟

تم النشر: 2021/12/30 الساعة 10:41 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/12/30 الساعة 10:45 بتوقيت غرينتش
قوات الاحتلال أمام أقسام سجون الأسرى الفلسطينيين أرشيفية/

وصلت التوترات داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي إلى درجة الغليان، وسط حديث من منظمات حقوقية محلية فلسطينية عن عقاب جماعي يتعرض له الأسرى الفلسطينيون خلال الأيام الأخيرة داخل عدة سجون، في ظل تعتيم إعلامي وظروف غير معروفة لحالتهم. فما الذي يحدث للأسرى؟ وما أسباب هذا التصعيد؟

من أين بدأ التصعيد بين الأسرى الفلسطينيين وقوات الاحتلال داخل السجون؟

بدأ التصعيد بين الأسرى الفلسطينيين وإدارات سجون الاحتلال في منتصف ديسمبر/كانون الأول 2021، وذلك بعد تسرب أنباء على وقوع اعتداءات وحملات قمع من قِبَل قوات الاحتلال تجاه أسيرات فلسطينيات في سجن الدامون شمال فلسطين المحتلة.

وقال نادي الأسير الفلسطيني في بيان يوم الأحد 19 ديسمبر/كانون الأول، إن إدارة سجن الدامون الإسرائيلي تمارس منذ أيام التنكيل الممنهج بالأسيرات الفلسطينيات، حيث تم الاعتداء عليهن بالضرب المبرح وسحلهن، وأصيب بعضهن بجروح طفيفة، كما تم عزل ممثلات الأسيرات وهن شروق دويات، ومرح باكير، ومنى قعدان.

وأفاد بيان نادي الأسير بأن ما يجري مع الأسيرات الأخطر منذ سنوات، حيث واجهن عمليات التنكيل بالطرق على الأبواب، وإرجاع وجبات الطعام، ورفض قوانين السجن. كما أوضح أيضاً أن عمليات قمع متكررة جرت بحق الأسيرات، حيث تم قطع الكهرباء عنهن، وخلال عمليات الاعتداء المتكررة تم نزع الحجاب عن رؤوس بعضهن، كما أن إحدى الأسيرات فقدت الوعي خلال عمليات القمع، مشيراً إلى أن إدارة السجن تواصل تهديدهن برش الغاز داخل الغرف.

الأسرى الفلسطينيين سجون الاحتلال
صورة من اقتحام قوات الاحتلال لأحد السجون والاعتداء على الأسرى – مواقع التواصل

لفت نادي الأسير إلى أن عملية التنكيل التي نفذتها إدارة السجن جرت بعد أن رفضت الأسيرات إجراءات جديدة أعلنت عنها الإدارة بحقهن، كما فرضت عقوبات جماعية بحقهن تمثلت بحرمانهن من "الكانتينا" (بقالة السجن الداخلية) والزيارات، وفرض غرامات مالية.

تنكيل وسحل للأسرى داخل السجون وإغلاق للأقسام

أثار الاعتداء على الأسيرات الفلسطينيات حالة من الغضب لدى الأسرى في سجون الاحتلال، وصل ذروته عندما أقدم الأسير الفلسطيني يوسف المبحوح من حركة حماس، على طعن ضابط إسرائيلي داخل سجن نفحة (جنوب فلسطين المحتلة) رداً على الاعتداء على الأسيرات يوم 21 من ديسمبر/كانون الأول، حيث أغلق الاحتلال على إثر ذلك كافة أقسام السجون خاصة سجن نفحة، وانقطعت أخبار الأسرى بالكامل منذ حينه.

وقالت حركة حماس في بيان، إن حادث طعن الضابط الإسرائيلي في سجن نفحة "رد طبيعي على التصعيد الذي تتعرض له الأسيرات الفلسطينيات". وقال مسؤول مكتب الشهداء والأسرى والجرحى في الحركة، زاهر جبارين، إن "الجريمة النكراء التي اقترفتها إدارة سجون الاحتلال بحق أسيراتنا الماجدات تمثل انتهاكا صارخا وتجاوزا لكل الخطوط الحمراء"، مؤكداً أن "هذه الانتهاكات لن تمر دون حساب عاجلاً أم آجلاً".

ومنذ ذلك الحين، قرر الأسرى في سجون الاحتلال التصعيد، واتخاذ خطوات احتجاجية تتمثل في العصيان ورفض قوانين إدارة السجن، فيما قاطع الأسرى الإداريون محاكم الاحتلال، في الوقت الذي حذّر فيه الأسرى من تصعيد خطواتهم بشكل أكبر في حال لم تستجب إدارة مصلحة السجون لمطالبهم وترد الاعتبار للأسيرات اللواتي تم الاعتداء عليهن.

إسرائيل الأسرى الفلسطينيين إضراب عن الطعام الأسرى الفلسطينيون فيلم أميرة
الأسرى الفلسطينيون في سجون الاحتلال الإسرائيلي، تعبيرية/ تويتر

وتقول الجماعات الحقوقية إن سلطات الاحتلال تحتجز عدداً من الأسرى منذ عدة أيام، بينهم عدة جرحى، في ظروف غير معروفة، إذ تقول مؤسسة الضمير، وهي منظمة لحقوق السجناء مقرها رام الله، إن الوضع في السجون حرج وخطير للغاية، مستشهدة بإغلاق أقسام أسرى حماس حتى هذه اللحظة، وسط إجراءات من العقاب الجماعي.

وتقول المنظمة إن القوات الخاصة الإسرائيلية داهمت قبل عدة أيام أقسام سجن نفحة وأخذت 80 سجيناً من غرفهم، وقيدت أيديهم لساعات في البرد القارس، وضربت بعضهم بقسوة، وقالت "الضمير" إن الأسير المبحوح الذي نفذ عملية طعن الضابط، تعرض لاعتداء شديد، تم نقله على إثره إلى المستشفى بطائرة مروحية.

وتشير المنظمة إلى أن العديد من الأسرى أصيبوا بجروح خطيرة خلال مداهمات القوات الخاصة للسجون التي استخدمت الكلاب البوليسية خلال التنكيل بالأسرى، ولم يتلقَّ أي من المصابين بجروح خطيرة العلاجَ الطبي.

الاعتداء على الأسيرات ما زال مستمراً والأسرى معزولون عن العالم

في غضون ذلك، مُنعت جميع الأسيرات الفلسطينيات في سجن الدامون من الزيارات العائلية والوصول إلى المقصف خلال الأسبوعين الماضيين، كما يواجه بعضهن غرامات مالية.

وقالت مؤسسة الضمير إن السجناء المحتجزين في الحبس الانفرادي معزولون تماماً عن العالم، وهم محتجزون في زنزانة فارغة لا تحتوي إلا على بطانية. وبخلاف ملابسهم، لا يُسمح لهم بأخذ أي شيء معهم في الحبس الانفرادي، بما في ذلك مواد القراءة أو جهاز تلفزيون أو راديو، مشيرة إلى أن الغرف لا تحتوي على أي دورات مياه.

وتتهم المنظمات الحقوقية الفلسطينية المعنية بقضية الأسرى، سلطات الاحتلال الإسرائيلي بالتعتيم المتعمد على حالة الأسرى في أعقاب أحداث هذا الشهر، إذ لا يعرف حتى اللحظة الحالة الطبية للسجناء الذين تم الاعتداء عليهم أو تفاصيل ما حدث لهم، حتى إن المحامين ممنوعون من الوصول الأسرى. 

في غضون ذلك، دعت الجمعيات المحلية اللجنةَ الدوليةَ للصليب الأحمر إلى زيارة السجناء والاطلاع على أوضاعهم، وطالبت مؤسسة الضمير الصليب الأحمر، والجهات الدولية بتحمل مسؤولياتها والتدخل العاجل لوقف العقوبات الجماعية بحق الأسرى، خاصة مع استقدام السجون لقوات كبيرة من وحدات القمع الخاصة، وعدم توفر معلومات عن مصير الأسرى في سجن نفحة على وجه الخصوص.

هشام أبو هواش.. أسير فلسطيني على "وشك الموت"

بالتزامن مع هذه الأحداث، تم نقل الأسير الفلسطيني المضرب عن الطعام هشام أبو هواش، المحتج على اعتقاله الإداري، إلى مستشفى إسرائيلي وهو على وشك الموت، غير قادر على الكلام أو الحركة بعد 136 يوماً من الإضراب عن الطعام وانخفض وزنه من 89 إلى 37 كغم.

وقال الصليب الأحمر الاسبوع الماضي إن صحة أبو هواش في حالة حرجة وتتطلب مراقبة سريرية حثيثة. واعتقل جنود إسرائيليون الشاب البالغ من العمر 40 عاماً، وهو من بلدة دورا بالقرب من الخليل جنوبي الضفة الغربية المحتلة، في أكتوبر/تشرين الأول 2020، ووضعوه قيد الاعتقال الإداري، وهو إجراء يستخدمه الجيش الإسرائيلي لاعتقال الفلسطينيين على أساس "معلومات سرية"، دون توجيه الاتهام إليهم أو السماح بمحاكمتهم.

ومنذ ذلك الحين، تم تجديد أمر الاعتقال الإداري لمدة ستة أشهر بشكل تعسفي مرتين، كان آخرهما في 25 أكتوبر/تشرين الأول الماضي. وفي وقت سابق من هذا الشهر، رفضت محكمة عوفر العسكرية استئنافاً قدمه محامي أبو هواش وقامت بدلاً من ذلك بتجديد الأمر لمدة أربعة أشهر أخرى.

ومع استمرار تصاعد التوترات في السجون الإسرائيلية، هددت قيادة حركة حماس بالإضراب عن الطعام من قِبَل الأسرى كخطوة أولى للاحتجاج على معاملة إسرائيل للسجناء، مع اتباع المزيد من الخطوات، مؤكدة أنها "لن تسمح بالاستفراد بالأسرى والأسيرات، وأنهم لن يكونوا وحدهم في معركتهم ضد بطش السجان".

تحميل المزيد