ماذا يحدث في الصومال؟ تفاصيل الخلاف بين الرئيس فرماجو ورئيس وزرائه الذي قد يشعل حرباً أهلية جديدة

عربي بوست
تم النشر: 2021/12/28 الساعة 09:45 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/12/28 الساعة 09:52 بتوقيت غرينتش
قوات عسكرية تتحرك في أحد شوارع العاصمة الصومالية مقديشو يوم الاثنين 27 ديسمبر 2021/ رويترز

يتصاعد صراع سياسي حاد بين رئيس الصومال محمد عبد الله فرماجو ورئيس وزرائه محمد حسين روبلي، ما ينذر بتعطيل الانتخابات الرئاسية والبرلمانية ويهدد بانهيار استقرار نسبي تنعم به البلاد منذ سنوات، بعد حرب أهلية أعقبت انهيار الحكومة المركزية عام 1991.

هذا الصراع يهدد إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية لتسليم السلطة، إذ انتهت ولاية البرلمان في 27 ديسمبر/كانون الأول 2020، وانتهت ولاية فرماجو (4 سنوات) في 8 فبراير/شباط 2021، لكنه استمر في الرئاسة في ظل خلافات آنذاك بين حكومته والولايات الفيدرالية بشأن إجراءات تنظيم الانتخابات.

وقرر الرئيس الصومالي فرماجو، الإثنين 27 ديسمبر/كانون الأول 2021، وقف رئيس الحكومة محمد حسين روبلي، وقائد القوات البحرية عبد الحميد محمد درير، عن العمل، بعد اتهامهما بـ"الاعتداء على أملاك الدولة".

وبحسب بيان رئاسي، فقد صدر هذا القرار "بعد أن تأكد فرماجو بأن روبلي متهم بالاعتداء على أرض تابعة للقوات المسلحة الصومالية، وفتح القيادة العامة للقوات المسلحة تحقيقات حول هذا الملف".

أشار البيان أيضاً إلى أن رئيس الوزراء أقدم كذلك على إجراء تعديل وزاري (شمل حقيبتي الدفاع والعدالة)، قبل انتهاء التحقيقات حول اعتدائه على أملاك الدولة، وأضاف أن الرئيس الصومالي أمر أعضاء الحكومة بممارسة واجباتهم وفق القوانين واللوائح المعمول بها، دون تفاصيل أكثر.

رئيس الصومال محمد عبد الله فرماجو/ رويترز

الصومال.. 10 محطات في الخلاف بين فرماجو وروبلي

ومرت العلاقة بين "فرماجو" و"روبلي" بمنعطفات عديدة منذ تعيين الأخير وحتى تعليق مهامه، ضمن 15 شهراً في السلطة اتسمت ستة منها بصراع معلن بين رئيس البلاد ورئيس وزرائه.

1- في 17 سبتمبر/أيلول 2020، عين الرئيس فرماجو محمد حسين روبلي، وهو وافد جديد على السياسة، رئيساً للوزراء محل حسن علي خيري، الذي أُقيل في يوليو/تموز 2020 بعد صراع على السلطة مع الرئيس، وفق وسائل إعلام محلية.

2- وفي 1 مايو/أيار 2021، كلف فرماجو روبلي بقيادة مهمة إجراء الانتخابات، إثر خلافات بين الحكومة المركزية في العاصمة مقديشو ورؤساء الولايات الفيدرالية الخمس بشأن الإجراءات المرتبطة بالانتخابات، وإلغاء البرلمان قرار فرماجو (في أبريل/نيسان الماضي) تمديد ولايته لمدة عامين.

3- ظهرت خلافات سياسية بين فرماجو وروبلي في 26 يونيو/حزيران 2021

حول تحقيق بشأن ملابسات اختفاء موظفة في وكالة المخابرات والأمن القومي الصومالية. بعد شهرين أعلنت وكالة أنها اغتيلت على أيدي حركة "الشباب" المتمردة (مرتبطة بتنظيم القاعدة).

4- وفي 7 أغسطس/آب 2021 أصدر فرماجو مرسوماً رئاسياً يحظر على المؤسسات الحكومية توقيع أي اتفاقيات أو مذكرات تفاهم تؤثر سلباً على السياسة والاقتصاد والأمن في البلاد.

جاء المرسوم قبيل زيارة رسمية لوزيرة الخارجية الكينية، راشيل إمامو، إلى مقديشو، لبحث سبل تعزيز العلاقات بين البلدين اللذين شهدت علاقتهما توتراً شديداً بسبب خلافات حول قضايا، أبرزها نزاع حدودي بحري، واتهام كينيا بالتدخل في شؤون الصومال الداخلية.

5- عقب ذلك المرسوم، إعلان روبلي اعتراضه على المرسوم الرئاسي بشأن توقيع الاتفاقيات ومذكرات التفاهم مع جهات دولية يوم 8 أغسطس/آب 2021.

6- تبع ذلك في الشهر الذي يليه، إقالة روبلي لمدير وكالة المخابرات والأمن القومي، فهد ياسين حاج طاهر، في 6 سبتمبر/أيلول 2021 بدعوى أنه انخرط في الشؤون السياسية، لا سيما الأمور الانتخابية، ولعدم كشفه عن مصير موظفة في الوكالة بعد اختفائها. وقام روبلي بتعيين العقيد بشير محمد جامع خلفاً للمدير المُقال.

رئيس وزراء الصومال محمد حسين روبلي/ رويترز

7- وفي 9 سبتمبر/أيلول 2021 عين الرئيس فرماجو العقيد ياسين عبد الله محمد مديراً مؤقتاً لوكالة المخابرات، فيما عارض روبلي هذا التعيين، معتبراً إياه "محاولة يائسة لعرقلة كشف مصير الموظفة بقسم الأمن السيبراني في جهاز المخابرات، التي اختفت منذ يونيو/حزيران الماضي"، وفق بيان لمكتب رئيس الوزراء.

8- وفي 16 سبتمبر/أيلول 2021 قرر فرماجو تقليص صلاحيات رئيس الحكومة في التعيين والإقالة لحين انتهاء الانتخابات. إلا أن روبلي رفض ذلك، وقرر عزل 7 من أعضاء لجنة حل خلافات الانتخابات؛ بتهمة خرق لوائح اللجنة واختلاطهم بالعملية السياسية، بعد إعلانهم صحة فوز مدير وكالة المخابرات بالإنابة ياسين عبد الله (مقرب من فرماجو) بمقعد برلماني في ظل شكوك حول نزاهة انتخابه.

9- ظلت الأزمة كذلك حتى يوم 20 ديسمبر/كانون الأول 2021، حيث اتهم قائد القوات البحرية الصومالية، عبد الحميد محمد، يتهم روبلي بنهب أراضٍ تابعة للبحرية. فيما قال فرماجو إن روبلي فشل في قيادة مهمة إجراء الانتخابات على أساس اتفاق 17 سبتمبر/أيلول 2020 (بين الحكومة والولايات)، ليدعو إلى مؤتمر تشاوري لاختيار خلف له في قيادة هذه المهمة.

لكن روبلي نفى فشله في مهمة إجراء الانتخابات، واتهم بدلاً من ذلك فرماجو بعرقلة الانتخابات الرئاسية والبرلمانية، ليجري بعد ذلك تعديلاً وزارياً بتبادل وزيري العدالة والدفاع لمنصبيهما بعد فتح الأخير تحقيقات حول تهم فساد.

10- وفي رد على ذلك، قررت فرماجو يوم 27 ديسمبر/كانون الأول 2021 تعليق صلاحيات روبلي، لحين انتهاء تحقيقات بشأن اتهامه بالاستحواذ على أملاك للدولة. وقد اتهم روبلي فرماجو بمحاولة السيطرة على مكتبه بالقوة، إثر انتشار قوات تابعة لقصر الرئاسة في محيط مكتب رئيس الحكومة، معتبراً أن قرارات الرئيس "محاولة للانقلاب على نظام الدولة والدستور".

تحذيرات دولية مع عودة الحرب الأهلية

في ظل تحذيرات دولية من اندلاع حرب أهلية جديدة، دعت كل من الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا قادة الصومال إلى اتخاذ خطوات فورية لنزع فتيل التوترات في مقديشو.

ومنذ شهر نيسان/أبريل الماضي، تصاعدت التحذيرات من العنف والعودة إلى سيناريو الحرب الأهلية الطاحنة، حيث شهدت العاصمة الصومالية حالة من التوتر بعد سيطرة مسلحين موالين للمعارضة للرئيس على عدد من الأحياء، ما أدى إلى نشوب معارك مع قوات الأمن.

وحينها سيطر مقاتلون موالون للمعارضة المنافذ إلى بعض الأحياء غداة مواجهات مع الجيش الصومالي على خلفية الأزمة بشأن تمديد ولاية الرئيس فرماجو. وتم تقييد الحركة على المحاور الرئيسية للعاصمة ونصب حواجز ليلاً على الطرق المؤدية إلى معاقل المعارضة، بينما انتشر مسلحون وعربات مزودة بأسلحة رشاشة.

على إثر ذلك، أعلن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريس أنه يشعر "بقلق عميق" من اشتباكات مقديشو. وأضاف أنه "يحض جميع الأطراف الصومالية المعنية على استئناف المفاوضات على الفور" للخروج من الأزمة.

كما أعربت وزارة الخارجية الأمريكية عن قلقها، قائلة إنها "مستعدة للنظر في جميع الأدوات المتاحة، بما في ذلك العقوبات والقيود على التأشيرات"، من أجل الرد على عدم استقرار الوضع في الصومال.

ترتبط الصومال التي تحظى بموقع استراتيجي في القرن الإفريقي بعلاقات مع العديد من القوى الدولية التي تدعم الحكومة الحالية، وتملك العديد من هذه الدول نفوذاً سياسياً واقتصادياً وحتى عسكرياً داخل البلد الذي يمتلك أطول حدود بحرية في القارة الإفريقية، وعانى طويلاً من الحرب الأهلية، وبالتالي فإن أي أزمة داخلية قد تهدد استقرار البلاد، ستؤثر على مصالح هذه الدول، وتستدعي على الفور موقفاً منها.

تحميل المزيد