الجيل الثاني من لقاحات كورونا.. مناعة أطول عمراً ومقاومة “عدوى الاختراق” والمتحوّرات حتى أوميكرون

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2021/12/27 الساعة 09:07 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/12/27 الساعة 09:22 بتوقيت غرينتش
لقاحات الجيل الثاني تهدف إلى توفير مناعة لفترات أطول/ رويترز

توصل العلماء إلى لقاحات كورونا في وقت قياسي، وقدمت تلك اللقاحات بارقة أمل في المعركة ضد الوباء، لكن تحور الفيروس إلى سلالات أكثر شراسة كدلتا وأوميكرون أطال أمد الحرب، فهل حان وقت الجيل الثاني من لقاحات كورونا؟

ومع نهاية العام الثاني من الوباء، واجه العالم متحور أوميكرون، النسخة الأكثر سرعة في نقل العدوى، مقارنة بسلالة دلتا بلاس؛ مما أدى إلى التوجه نحو سياسة اللقاح الإجباري للجميع، على أساس أن اللقاحات هي السلاح الأكثر نجاحاً في مواجهة الأزمة الصحية الأخطر منذ أكثر من قرن.

وكانت عودة وباء كورونا إلى أوروبا في موجة رابعة عنيفة خلال الشتاء الجاري قد تسببت في حالة من القلق الشديد حول العالم، خصوصاً أن القارة العجوز تعتبر من أكثر مناطق العالم نجاحاً في حملات التطعيم ضد الفيروس القاتل، لتبدأ الدول الغنية في توفير الجرعات التنشيطية لمواطنيها لإطالة أمد المناعة، التي يبدو أنها تتراجع في مواجهة المتحورات الجديدة.

ماذا يعني الجيل الثاني من لقاحات كورونا؟

الشركات التي توصلت إلى لقاحات كورونا، مثل فايزر/ بايونتيك وأسترازينيكا وموديرنا وجونسون وسينوفارم وسنوفاك وسبوتنيك وغيرها، تعمل طوال الوقت على محاولة تطوير تلك اللقاحات بغرض تحقيق مناعة أكبر ضد المتحورات الجديدة مثل أوميكرون.

لكن هناك شركات أخرى، أصغر وأقل قدرة على المنافسة، قررت العمل على تطوير الجيل الثاني من لقاحات كورونا، بحسب تقرير لهيئة الإذاعة البريطانية BBC، ألقى الضوء على بعض تلك اللقاحات وأين وصلت تجاربها وما يهدف إليه الخبراء الذين يعملون على تطويرها.

ففي نوفمبر/تشرين الثاني عام 2020، بدأت الأخبار، وللمرة الأولى، تنشر بعض الأمل في المعركة الدائرة ضد فيروس كورونا؛ إذ أشارت الأخبار إلى أن لقاح فيروس كورونا الذي طورته شركتا فايزر وبيونتيك أصبح على وشك الانتشار في جميع أنحاء العالم.

ولم يقتصر الأمر على تحالف فايزر-بيونتيك فقط، لكن موديرنا ثم أوكسفورد-أسترازينيكا، كشفتا عن نتائج المرحلة الثالثة من التجارب السريرية للقاحيهما بكفاءة تجاوزت توقعات أكثر العلماء تفاؤلاً. وتلا ذلك اندفاع لعقد صفقات سياسية فيما سمي بدبلوماسية اللقاحات؛ إذ سارع قادة العالم ليكونوا أول من يتصدر المشهد الإعلامي للكشف عن اللقاحات الجديدة.

متحور أوميكرون.. إلى أي مدى يجب أن نشعر بالقلق؟/ تعبيرية

وبينما كان تود زيون، رائد أعمال والرئيس التنفيذي لشركة ناشئة صغيرة تدعى "أكستون للعلوم البيولوجية "، يشعر شخصياً بالارتياح بسبب بداية الانتصار على الوباء العالمي، فقد واجه مهمة لا يُحسد عليها، تتمثل في محاولة إقناع موظفيه بأن جهودهم الكبيرة لإنتاج لقاح ضد الفيروس لم تذهب سدى.

وقبل تسعة أشهر، انضمت شركة "أكستون للعلوم البيولوجية" إلى السباق العالمي لإنتاج لقاحات ضد الفيروس، كواحدة من أكثر من 40 فريقاً يتنافسون على تطوير أول لقاح لفيروس كورونا في العالم. والآن، وكما هو الحال مع العشرات من الفرق العلمية الأخرى، تعرضت هذه الشركة لضربة قوية وشاملة بسبب السرعة الكبيرة والفعالية الهائلة لتقنيات الشركات المنافسة، التي أكملت التجارب السريرية بينما كانت منتجات شركة أكستون لا تزال قيد التطوير.

لقاحات تهدف إلى سد الثغرات

لكن زيون لا يزال يشعر أن السباق لم ينته بعد، وقال لبي بي سي: "لقد ساعدت هذه اللقاحات في مواجهة الفيروس بشكل كبير، لكن إذا كنت مبتكراً، فأنت تعلم أن المنتجات التي تأتي أولاً تواجه في الأغلب الكثير من المشكلات غير المستدامة. ولهذا السبب ما زلت متحمساً. لكن كان من الصعب بعض الشيء علينا كشركة صغيرة أن نستمر في تطوير لقاحنا بينما كان معظم العالم يعتقد أن المشكلة قد حُلَّت".

وبعد اثني عشر شهراً، أصبحت "أكستون للعلوم البيولوجية" من بين عدد كبير من الشركات التي تأمل في إنتاج الجيل الثاني من لقاحات فيروس كورونا خلال العام ونصف العام المقبل.

لكن هناك العديد من التحديات، فالعديد من المواد الخام الحيوية للقاحات تعاني الآن من نقص شديد في الإمدادات، كما أنه بعد مرور أكثر من عامين على انتشار الوباء، يتعين على هذه الشركات أن تعمل جاهدة لإقناع الجهات المسؤولة بأنه لا تزال هناك حاجة لمنتجات جديدة.

أوميكرون فرنسا إيطاليا إسبانيا أوروبا
حصيلة اصابات قياسية لكورونا في فرنسا/رويترز

والجهات المسؤولة هنا المقصود بها الهيئات الصحية الرسمية المنوط بها منح التراخيص لإنتاج اللقاحات وتسويقها تجارياً، سواء كانت موافقة طارئة– كتلك التي تمنحها هيئة الغذاء والدواء الأمريكية لكنها غير متاحة في أوروبا- أو الموافقة الدائمة وتلك تتطلب وقتاً طويلاً وتجارب مكثفة.

لكن هناك مجموعة من الابتكارات الجديدة، فشركة "فالنيفا" الفرنسية للتكنولوجيا الحيوية تعمل على إنتاج لقاح يحتوي على مادة كيميائية مساعدة يمكن إضافتها إلى الجرعة لتعزيز الاستجابة المناعية، تهدف إلى الحصول على استجابة مناعية أفضل لدى كبار السن.

كما تعمل شركة "فاكسارت"، التي تتخذ من كاليفورنيا مقراً لها، على تطوير لقاح في شكل حبوب لمن يخافون من تناول اللقاح عبر الإبر. وبالتالي، فكل لقاح من الجيل الثاني يستهدف بعض الأسواق الخاصة به.

لقاحات الجيل الثاني أسهل في الحفظ

أدى ظهور سلالات متحورة من فيروس كورونا خلال عام 2021، مثل دلتا والآن أوميكرون، إلى ظهور مطلب محتمل لتقنيات مختلفة قد تكون قادرة على توفير استجابة مناعية أكثر قوة وانتشاراً.

وقال أندرو أوستيانوفسكي، المسؤول الإكلينيكي في برنامج أبحاث لقاحات فيروس كورونا التابع لمعهد البحوث الصحية بالمملكة المتحدة، لي بي سي: "لدينا بعض البيانات التي تفيد بأن استجابة جهازك المناعي للعدوى الطبيعية، وأيضاً للتطعيم، تتضاءل بمرور الوقت".

وأضاف: "يمكننا أن نرى أن استجابات الأجسام المضادة، وإلى حد ما استجابات الخلايا التائية، تتناقص بمرور الوقت؛ لذا، فإن أحد الآمال بالنسبة للقاحات الجيل الثاني هو أنها يمكنها أن توفر لنا الحماية لفترة أطول من تلك التي تقدمها اللقاحات الأولى".

وعلاوة على ذلك، فإن متطلبات التبريد الصارمة للعديد من لقاحات الجيل الأول خلقت مشكلات كبيرة في الوصول إلى العديد من أفقر مجتمعات العالم. على سبيل المثال، لم يحصل سوى 28% فقط من سكان الهند على التطعيم الكامل حتى الآن.

كورونا
كورونا يضرب أحد أهم محركات الاقتصاد في الصين – رويترز

وحصلت شركة "أكستون للعلوم البيولوجية" مؤخراً على موافقة لإجراء المرحلتين الثانية والثالثة من التجارب السريرية في الهند خلال العام المقبل. ومن المأمول أن تساعد طبيعة لقاحها- الذي يمكن الاحتفاظ به في درجة حرارة الغرفة لمدة ستة أشهر على الأقل- في الوصول إلى المناطق ذات البنية التحتية المحدودة اللازمة لتخزين ونقل اللقاحات الأقل استقراراً.

وعلى الرغم من أن هذا اللقاح قد لا يصبح متاحاً على نطاق واسع حتى عام 2023، فإن زيون واثق من أنه لا يزال مهماً للغاية في مكافحة فيروس كورونا. وقال لبي بي سي: "لقد وقعناً للتو اتفاقية ترخيص وتطوير تصنيع مع شركة هندية لديها حوالي 100 دولة في القائمة التي تستهدفها، ومعظمها في جنوب شرق آسيا والشرق الأوسط وإفريقيا جنوب الصحراء. إننا نرى اللقاحات الأولية على أنها لا تزال فرصة في بعض المناطق الأقل خدمة".

أول لقاح من الجيل الثاني

في بداية عام 2020، كان فيليب دوبوفسكي يعمل لدى شركة "أسترازينيكا" عندما سمع عن شركة أدوية أخرى تسمى "نوفافاكس"، والتي كانت تطور طريقة مبتكرة بشكل خاص لإنتاج لقاح الأنفلونزا.

واكتشف علماء الشركة مادة مساعدة قوية تسمى "ماتريكس إم"، والتي تأتي من اللحاء الداخلي لشجرة الصابون في تشيلي. وفي تجربة المرحلة الثالثة- عادة ما تكون المرحلة الأخيرة من الاختبار الأولي، والتي تشمل أعدادًا كبيرة من الأشخاص- لم يسفر الأمر عن استجابة مناعية أقوى من الأجسام المضادة مقارنة بلقاحات الأنفلونزا الحالية فحسب، لكنه وفر أيضاً حماية ضد سلالات متعددة من الأنفلونزا.

كان دوبوفسكي مفتوناً للغاية بهذا الأمر؛ لدرجة أنه بحلول يونيو/حزيران 2020 انضم إلى شركة "نوفافاكس" في منصب كبير المسؤولين الطبيين بالشركة للعمل على إنتاج لقاح جديد لفيروس كورونا. وأصبح هذا اللقاح مؤخراً أول لقاح من الجيل الثاني يصل للأسواق؛ إذ سمح باستخدامه بشكل طارئ في إندونيسيا والفلبين.

وشعر دوبوفسكي بأن هذه التقنية- التي تجمع بين مادة "ماتريكس إم" المساعدة ومادة تقليدية تعتمد على البروتين- ستستغرق دائماً وقتاً أطول للتطوير بالمقارنة بلقاحات الحمض النووي الريبوزي المرسال (الرنا المرسال) وأساليب الفيروسات الغدية، التي شكلت الموجة الأولى من لقاحات فيروس كورونا.

استخدام أول لقاح من الجيل الثاني في إندونيسيا

ومع ذلك، يرى دوبوفسكي أن التأخر قليلاً في إنتاج اللقاح قد أعطى شركة "نوفافاكس" بعض المزايا. فبينما كانت التجارب السريرية لشركة "نوفافاكس" جارية، بدأت سلالات جديدة من فيروس كورونا في الظهور، وهو ما مكن الشركة من إثبات أن لقاحها لا يزال فعالاً ضد مجموعة من السلالات المختلفة.

وحتى الآن، تُظهر بيانات الشركة أن لقاحها فعال بنسبة 93% ضد متغيرات ألفا وبيتا، على الرغم من عدم نشر بيانات الفعالية الخاصة بمتحور دلتا، ولا يزال من السابق لأوانه القول ما إذا سيصبح فعالاً ضد أوميكرون أم لا.

وقال دوبوفسكي لبي بي سي إنه كما كان الحال مع لقاح نوفافاكس للأنفلونزا، فإن استخدام المادة المساعدة يعني أن اللقاح يحفز إنتاج الأجسام المضادة المعادلة ذات الجودة الأعلى.

وأضاف: "لا يتعلق الأمر فقط بمدى زيادة الأجسام المضادة لديك، لكنه يتعلق أيضاً بمدى جودتها. لدينا بيانات من الدراسات الإكلينيكية المبكرة تُظهر أن لقاحنا كان قادراً على إنتاج أجسام مضادة مُعادلة ذات مستوى عالٍ جداً. لذا فهذه ليست مجرد أجسام مضادة يمكنها التعرف على البروتين، لكنها في الواقع قادرة على إيقاف انتشار الفيروس".

ماذا تعني عدوى الاختراق؟

ويأمل دوبوفسكي في أن تساعد هذه المادة المساعدة الجديدة في منع ما يسمى بـ"عدوى الاختراق"، وهي حالة يُصاب فيها الشخص المتلقي للقاح بنفس المرض الذي يهدف اللقاح إلى الوقاية منه.

ولا تزال "عدوى الاختراق" تمثل مشكلة كبيرة وبشكل مستمر، لا سيما في أعقاب ظهور متحور دلتا ثم أوميكرون؛ إذ تقدر الدراسات أن معدلات الإصابة بعدوى الاختراق يمكن أن تتراوح من واحد في المئة إلى واحد من كل 5,000 شخص، اعتماداً على عدد السكان.

ويُعد إنتاج المزيد من الأجسام المضادة ذات الجودة الأفضل إحدى الطرق الرئيسية التي تأمل لقاحات الجيل الثاني في إبرازها، سواء كخيار معزز محتمل في الولايات المتحدة وأوروبا، أو كلقاح أساسي في أجزاء كثيرة من العالم.

هل يكون متحور أوميكرون هو بداية نهاية وباء كورونا/رويترز

قال بريان وارد، المسؤول الطبي في شركة ميديكاغو الكندية للتكنولوجيا الحيوية، لبي بي سي، إن الشركة تستعد لنشر البيانات من المرحلة الثالثة من التجارب السريرية، وإنها تعتزم التقدم للحصول على موافقة الجهات التنظيمية على لقاحها في غضون أسابيع. وتزعم شركة "ميديكاغو" أن بإمكانها إنتاج عدد أعلى بكثير من الأجسام المضادة.

يقول وارد: "لقاحات الرنا المرسال تنتج أجساماً مضادة أعلى بما يتراوح بين مرتين ونصف وأربع مرات من عدد اللقاحات التي ينتجها جسم شخص تعافى من فيروس كورونا. أما نوفافاكس ولقاحنا فينتج عدداً من الأجسام المضادة أعلى بما يتراوح بين 10 و15 مرة".

ملحوظة مهمة حول المعلومات الطبية الواردة في المقالة

يؤكد فريق “عربي بوست” على أهمّية مراجعة الطبيب أو المستشفى فيما يتعلّق بتناول أي عقاقير أو أدوية أو مُكمِّلات غذائية أو فيتامينات، أو بعض أنواع الأطعمة في حال كنت تعاني من حالة صحية خاصة.

إذ إنّ الاختلافات الجسدية والصحيّة بين الأشخاص عامل حاسم في التشخيصات الطبية، كما أن الدراسات المُعتَمَدَة في التقارير تركز أحياناً على جوانب معينة من الأعراض وطرق علاجها، دون الأخذ في الاعتبار بقية الجوانب والعوامل، وقد أُجريت الدراسات في ظروف معملية صارمة لا تراعي أحياناً كثيراً من الاختلافات، لذلك ننصح دائماً بالمراجعة الدقيقة من الطبيب المختص.

تحميل المزيد