يمكن قياس انهيار حظوظ رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون السياسية بعدة طرق. وأمام مكافحته لاحتواء فيروس "كوفيد-19" وتداعيات سلسلة من الفضائح، تراجعت معدلات القبول الجماهيري لرئيس الوزراء البريطاني إلى مستوى قياسي يعادل سالب 42 هذا الشهر، وفقاً لاستطلاعات الرأي YouGov.
ووفقاً لمسح مؤثر نُشِر على مدونة ConservativeHome، تراجعت شعبية جونسون بين النشطاء المحافظين. ويضعه المسح عند 17 % تحت الصفر، مقارنة بنسبة موجب 82% لوزيرة الخارجية ليز تروس.
ويخوض جونسون مؤخراً كابوساً سياسياً يصعب حتى وصفه بمفرداته المشبعة بالمبالغة، كما تقول شبكة CNN الأمريكية، في وقت مبكر من الوباء، غالباً ما كانت تُنقَل حكايات عن السياسيين الذين يُضبَطون وهم يخالفون القواعد ذاتها التي فرضوها على الآخرين -من خلال الخروج لتناول العشاء أو قص الشعر أثناء الإغلاق، على سبيل المثال. وأخذ رئيس الوزراء البريطاني هذا النوع من الحكايات إلى شكل فني: المرات المتعددة التي شوهد فيها جونسون مؤخراً بدون قناع في المناسبات العامة حيث يوصى بارتدائها تؤكد الانطباعات بأنَّ رئيس الوزراء يعتقد أنَّ القواعد الخاصة بالأشخاص العاديين لا تنطبق عليه.
إضافة إلى ذلك، أدت الاكتشافات المدمرة عن الأحزاب داخل داونينغ ستريت (مقر الحكومة البريطانية) في العام الماضي -في وقت طُلِب فيه من البريطانيين عدم مواساة أقاربهم المحتضرين في المستشفى أو الاحتفال بعيد الميلاد- إلى دفع حكومته إلى الفوضى. وبدأت المعارضة العمالية تكتسب زخماً أخيراً.
وتفاقمت محنة جونسون، يوم الثلاثاء 14 ديسمبر/كانون الأول، مع تمرد ما يقرب من 100 من أعضاء حزب المحافظين الذين صوتوا ضد قيود "كوفيد-19" الجديدة، ومع خسارة الحزب في انتخابات فرعية في منطقة شروبشاير، قلب حزب المحافظين، يوم الخميس 16 ديسمبر/كانون الأول، فسيكون هناك ذعر تام في الصفوف الخلفية للحزب.
وتقول صحيفة The Financial Times البريطانية، إن جونسون كان قد تعافى من قبل من تراجعات مماثلة، وكان فائزاً مؤكداً في الانتخابات، لكنه ينهي عام 2021 في ورطة كبيرة؛ وقد يمنحه العديد من نواب حزب المحافظين حتى الانتخابات المحلية في مايو/أيار المقبل لتغيير الوضع لصالحه. لكن إذا فشل، فمن قد يأتي بعد ذلك ليستلم منصب رئاسة الوزراء؟
1- الأعلى حظاً.. وزير الخزانة ريشي سوناك
نال وزير الخزانة البريطاني الثناء على حزمة الإنقاذ الاقتصادي خلال فترة وباء "كوفيد-19" التي قدمها بقيمة 400 مليار جنيه استرليني، ويحظى باحترام المسؤولين في الوزارة، ويقارن نواب حزب المحافظين الهدوء الذي يسود 11 داونينج ستريت (مقر وزير الخزانة) مع الفوضى النابعة من جونسون.
وكان سوناك، الشاب البالغ من العمر 41 عاماً، يحشد الدعم بهدوء بين نواب حزب المحافظين منذ دخول عام 2019 ويستمع إلى مخاوفهم. قال أحد النواب: "لقد عقدت معه أربعة اجتماعات فردية".
وحرص سوناك، من خلال إحاطات مجهولة المصدر، على إخبار "المؤيدين المحتملين" بأنه يعارض بعض القيود التي فرضها جونسون المرتبطة بالوباء، وأنه محبط من افتقار رئيس الوزراء إلى الاحترافية.
ومع ذلك، اكتسب المحلل السابق في شركة Goldman Sachs بعض العداوات من معسكر جونسون ولا يزال عديم الخبرة نسبياً. وقد انتقد حزب العمال رحلته إلى كاليفورنيا الأسبوع الماضي في ظل ارتفاع حالات الإصابة بفيروس أوميكرون في المملكة المتحدة.
2- وزيرة الخارجية ليز تروس
وفقاً لأحد أعضاء البرلمان من حزب المحافظين، تمتلك وزيرة الخارجية إستراتيجية سياسية واضحة للغاية تتبعها بتصميم عنيد: "إنها تحاول أن تبدو مثل مارغريت ثاتشر وتصرح بكلمة الحرية كثيراً". ويبدو أنَّ هذه الاستراتجية تنجح، كما تقول صحيفة فاينانشيال تايمز.
وبرغم استبعاد البعض أنها سياسية جادة -انتشر خطابها من عام 2014 الذي وصفت فيه استيراد المملكة المتحدة للجبن "وصمة عار" على نطاق واسع- وأصبحت منافساً رئيسياً.
استخدمت وظيفتها السابقة، وزيرة التجارة الدولية، لرفع راية بريطانيا العالمية، حتى لو كانت الصفقات التجارية التي وقّعتها هي غالباً عبارة عن "نسخ ولصق" من الصفقات التي تمتعت بها المملكة المتحدة بالفعل حين كانت جزءاً من الاتحاد الأوروبي. وصار أعضاء الحزب يعشقونها.
وكانت مكافأتها في سبتمبر/أيلول ترقيتها إلى منصب وزير الخارجية. وأضاف جونسون مؤخراً إليها مهمة إعادة بناء العلاقات مع الاتحاد الأوروبي وحل الفوضى حول أيرلندا الشمالية بعد استقالة وزير بريكست اللورد ديفيد فروست. ويمثل هذا أكبر اختبار لها.
3- وزير التعليم مايكل غوف
يصرح وزير التعليم مايكل غوف بأنه لم يعد لديه طموحات لمنصب أعلى، وأعلن أنه لن يترشح مرة أخرى. ومع ذلك يظل الوزير المنادي بتعزيز القيم منافساً محتملاً، بعد أن احتل المركز الثالث في السباق على قيادة الحزب في عام 2019. ويأمل بعض النواب في إقناعه بالعدول عن رأيه.
لكن بعض الاستراتيجيين في حزب المحافظين يتساءلون عمّا إذا كان موقفه السيئ مع الناخبين يجعله منافساً قابلاً للاستمرار. علاوة على ذلك، على الرغم من كونه أحد الوجوه الرئيسية، إلى جانب جونسون، في حملة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، فإنَّ سمعة غوف بين النواب والناشطين قد تلطخت بسبب حماسه لقيود "كوفيد-19". وقال أحد زملائه مازحاً "مايكل لن يكون سعيداً حتى يُحبَس الجميع في المنزل".
لكن بصفته واحداً من أكثر الوزراء احتراماً في مجلس الوزراء -إذ أشاد به حزب المحافظين لحماسته الثورية في إدارتي التعليم والبيئة- فقد يثبت أنه جذاب إذا انهارت حكومة جونسون أسفل كومة من الوعود الانتخابية التي لم توفِ بها.
4- جيريمي هانت
تعرض هانت، رئيس لجنة الصحة في مجلس العموم، للهزيمة أمام جونسون في التنافس على رئاسة حزب المحافظين في عام 2019، وينظر إليه البعض على أنه لطيف و"جنوبي" للغاية -وهو يمثل دائرة ساوث ويست ساري خارج لندن – بما لدرجة لا تؤهله لقيادة حزب المحافظين الحديث. وقال أحد المؤيدين: "وفي حال سقط بوريس، سيكون لسان حاله: لقد حذرتكم".
5- ساجد جاويد
شغل وزير الصحة البريطاني ذو الأصول الباكستانية عدة مناصب وزارية -بما في ذلك منصب مستشار لبضعة أشهر- لكن لديه الآن مهمة أن يعبر بالبلاد أزمة الشتاء المحتملة في هيئة الخدمات الوطنية مع انتشار متحور "أوميكرون".
ويقول حلفاء جافيد إنَّ لا ينفذ "مناورات" أو يغازل النواب. وقال أحدهم إنَّ ذلك سيكون "غير مناسب تماماً" في ضوء الأزمة الصحية الحالية. وكما هو الحال مع مايكل غوف، أغضبت دعوته لقيود أكثر صرامة اليمين المحافظ.
6- بريتي باتيل
تحظى وزيرة الداخلية بريتي باتيل -التي يشبهها البعض بنورمان تبيت، الوزير اليميني الصاخب من عهد مارغريت ثاتشر- بشعبية لدى بعض الفصائل الجماهيرية في حزب المحافظين، ويمكن أن تترشح بدعم من تأييدها لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، إضافة إلى موقفها الصارم بشأن القانون والنظام والهجرة.
لكن بعض الزملاء يشككون في مؤهلات باتيل. وأشار أحد أعضاء البرلمان: "أعتقد أنها قد تنجح في الفوز بدعم الأعضاء، إذا خاضت السباق حتى النهاية وفق الملفين الأخيرين. لكنها إذا فشلت في وزارة الداخلية، فسيصير وضعها أسوأ من الوضع الحالي في 10 داونينغ ستريت".