أغلى دبابة في العالم وهي الدبابة الكورية النمر الأسود أو K2 Black Panther قد تحمل شعار "صنع في مصر" قريباً، حسبما أفادت تقارير إعلامية.
إذ تسعى القاهرة للتصنيع أو التجميع المحلي للدبابة الكورية الجنوبية K2 Black Panther، وجلبت هذه التقارير اهتماماً، بالنظر إلى أن القاهرة قامت بتجميع محلي لأعداد كبيرة من الدبابة الأمريكية الشهير M1A1 أبرامز، والتي تمثل القوة الضاربة للجيش المصري.
وفي هذا الإطار، استقبل محمد أحمد مرسي، وزير الدولة للإنتاج الحربى المصري، مؤخراً، "كانغ أون هو" وزير برنامج إدارة المشتريات الدفاعية "DAPA" بكوريا الجنوبية؛ لبحث إمكانية التعاون في التصنيع المشترك لدبابة القتال الرئيسية K2، وكذا بحث التصنيع المشترك لمدفع الهاوتزرK9، حسبما ذكرت وسائل الإعلام المصرية.
وكانت هذه المفاوضات قد بدأت على هامش معرض إيديكس الذي نظمته القاهرة في شهر نوفمبر/تشرين الثاني 2021، حيث دخلت وزارة الإنتاج الحربي المصرية في مفاوضات مع الجانب الكوري؛ لدراسة إمكانية التعاون في التصنيع المشترك لدبابة القتال الرئيسية K2، وضرورة إنهاء أعمال الممارسة لتوقيع عقد التصنيع المشترك للهاوتزر K9.
وتفيد تقارير إعلامية بأن كوريا الجنوبية لديها تعديل جاهز لدبابات K2، القادرة على التكيف مع المناخ الصحراوي، ويمكن بيعها لمصر. وفي وقت مبكر من عام 2018، عرضت سيول مدرعتها المعدلة K2 Oman، لكن التوقيع الفعلي على العقد لم يتم على أرض الواقع.
مصر أكبر مشغّل للدبابة أبرامز الشهيرة بعد الولايات المتحدة
وتمتلك مصر واحداً من أكبر أساطيل الدبابات في الشرق الأوسط، بل إنه يحتل مرتبة عالمية لافتة، بالنظر إلى أن جيوش الشرق الأوسط عامة وضمنها الجيوش المنهكة كالجيش السوري، والجيوش الحديثة كالإسرائيلي والتركي، مشهورة بامتلاك أعداد كبيرة من الدبابات، بحيث تأتي في مراتب تالية من حيث عدد الدبابات لجيوش الدول العملاقة كأمريكا وروسيا والصين والهند، متفوقة في الأعداد حتى الجيوش الأوروبية القوية مثل فرنسا وألمانيا وبريطانيا.
وفي الوقت الحالي يمتلك الجيش المصري أسطول يتكون أكثر من 4300 دبابة، تمثل الدبابة الأمريكية أبرامز المكون الأبرز به، حيث يبلغ عددها نحو 1360 دبابة، الأمر الذي يجعل مصر ثاني مستخدم لهذه الدبابة بعد الولايات المتحدة نفسها.
وتعد الأبرامز واحدة من أشهر وأقوى الدبابات في التاريخ، ولديها سجل قتالي فريد من نوعه جعلها تخرج من حرب الخليج "حرب تحرير الكويت" عام 1991، بدون قتيل واحد بين أطقم قيادتها، علماً بأن النسخ المصرية كعادة الأمريكيين في تصدير السلاح للدول العربية- لاسيما مصر- قد تنقصها بعض التقنيات المتقدمة.
إضافة إلى الأبرامز، تعتمد مصر على دبابات قديمة، بعضها محدث مثل الأمريكية M60 والدبابات الروسية T-80 وT-55 وT-62.
فلماذا تلجأ مصر لشراء الدبابة الكورية النمر الأسود بينما لديها الدبابة أبرامز التي تعد أشهر دبابة موجودة بالعالم ويتم تجميعها في مصر؟
الدبابة الكورية النمر الأسود أغلى دبابة في العالم
تم تطوير الدبابة الكورية النمر الأسود أو K2 Black Panther من برنامج XK2 بالاعتماد على التكنولوجيا المحلية إلى حد كبير.
وبدأ تطويرها في عام 1995. تم الكشف عن النموذج الأولي الأول في عام 2007.
تعد K2 حالياً واحدة من أكثر دبابات القتال الرئيسية تقدماً في العالم، حيث تتفوق على أي دبابة تمتلكها كوريا الشمالية أو الصين. علاوة على ذلك، فهي أغلى دبابة قتال رئيسية حتى الآن، حيث تجاوزت الدبابة اليابانية Type 90 MBT.
ما هي قدرات النمر الأسود، ولماذا تعد فريدة؟
على غرار الطرازات الأحدث من الدبابة الألمانية ليوبادر، تستخدم الدبابة الكورية النمر الأسود مدفع Rheinmetall 120، بمساعدة مثبت قائم على الليزر. إضافة إلى الألواح المركبة، يمكن تزويد الدروع المعيارية للدبابة بدروع تفاعلية متفجرة مصممة لتشتيت الصواريخ والصواريخ المضادة للدبابات.
يُزعم أن الدرع الأمامية تقاوم الضربات المباشرة من قذائف دبابة 120 ملم، تم تجهيز Black Panther أيضاً بنظام حماية نشط ونظام إجراءات مضادة.
تستخدم الدبابة "رافعاً آلياً" مشابهاً لذلك المستخدم في دبابة القتال الرئيسية الفرنسية Leclerc، الذي يقوم بنقل وتقليم قذائف المدفع، مما يقلل أعداد الطاقم، بينما لا تتوافر هذه الميزة في معظم الدبابات الغربية.
وتتميز Black Panther، بشكل خاص، بأجهزة الاستشعار والأنظمة الدفاعية الوفيرة، وضمنها الرادار عالي التردد، وأجهزة تحديد المدى بالليزر والكاميرات الحرارية.
كما أن لديها نظاماً متقدماً للغاية للرصد، مما يسمح بتعقب واشتباك ليس فقط دبابات القتال الرئيسية، ولكن أيضاً طائرات الهليكوبتر والطائرات بدون طيار التي تحلّق على ارتفاع منخفض.
يقوم الكمبيوتر في هذا النظام بتوجيه المدفع الرئيسي تلقائياً على الأهداف، وضمن ذلك طائرات الهليكوبتر مع توافر نظام التعرف على الصديق أو العدو (IFF) المتقدم؛ لضمان عدم إصابة الأهداف الصديقة.
ويمكن لنظام الرصد بها اكتشاف وتعقب وإطلاق النار تلقائياً على أهداف مرئية بحجم السيارة دون الحاجة إلى أي مدخلات من مشغل بشري.
يمكن للمدفع عيار 120 ملم إطلاق مجموعة متنوعة من الذخائر، وهو متوافق مع جميع مدافع دبابات الناتو القياسية.
وتعمل أجهزة استقبال التحذير بالليزر والرادار في النمر الأسود على تشغيل نظام الحماية النشطة "soft-kill" إضاف إلى أجهزة التشويش على الرادار وإطلاق قنابل الدخان متعددة الأطياف تلقائياً، لإخفاء الدبابة من الأسلحة المرئية والليزر والأشعة تحت الحمراء.
قذائف تهبط بالمظلات
الدبابة النمر الأسود قادرة على إطلاق قذائف KSTAM (ذخيرة الهجوم الكورية الذكية الجديدة).
إنها مقذوفات ذكية تطلق النار وتنسى من قبل قائد الدبابة لتتوجه نحو الهدف وحدها.
ولكن لا ينبغي الخلط بين هذه القذائف وبين الصواريخ الموجهة المضادة للدبابات، فقذائف KSTAM لديها نظام التوجيه الخاص بها.
فبمساعدة أربع زعانف استقرار تتوجه نحو الهدف، وفي المرحلة النهائية، تنشر القذائف مظلة لإبطاء سقوطها لكي تتعامل بدقة مع الهدف.
ويبلغ الحد الأقصى لمدى KSTAM الفعال 8 كيلومترات.
تستطيع الانحناء والجلوس والوقوف
تتميز الدبابة الكورية النمر الأسود بتعليق فريد، فهو "تعليق هوائي مائي" شبه نشط، يمكن قائد الدبابة من التحكم في كل عجلة على حدة، مما يسمح لها "بالجلوس" (أي خفض مستواها) أو "الوقوف" (أي رفع مستواها) أو "الركوع" أو "الاتكاء" في أي اتجاه، بما يتناسب مع الموقف التكتيكي ويمكنها من اجتياز الأراضي الوعرة بسهولة، حسبما ورد في تقرير لمجلة The National Interest الأمريكية.
علاوة على ذلك يُزعم أن نظام التعليق هذا أسهل في الصيانة، مقارنةً بالنظام التقليدي.
كما أن نظام تعليق مزدوج الأداء بحيث يمكن تعديله من أجل سفرٍ أفضل وتحسين أدائه على الطرق الوعرة أو الطرق.
تم تجهيز الدبابة النمر الأسود بمجموعة أدوات للخوض العميق في المياه. إنها تمكن المركبة من عبور الأنهار وغيرها من عوائق المياه التي يصل عمقها إلى 4.2 متر.
اختبرت كوريا كاتمات الصوت على هذه الدبابة، حيث تم وضع كاتم للصوت في الجزء الخلفي من الهيكل؛ من أجل تقليل ضوضاء المحرك، مما يقلل فرص اكتشافها.
المدفع الرئيسي للدبابة فعال أيضاً في التصويت أثناء السير فوق التضاريس الجبلية.
علاقتها بالدبابة التركية ألتاي
تستخدم الدبابة التركية ألتاي الجديدة بعض تقنيات K2 Black Panther MBT، حيث نجحت تركيا في التفاوض بشأن استيراد أو ترخيص إنتاج الأنظمة الفرعية للدبابة الكورية الجنوبية ، آخرها المحرك وصندوق التروس بعد رفض ألمانيا تزويد أنقرة بهما.
ويعتقد أن ألتاي ستكون واحدة من أكثر دبابات القتال الرئيسية تقدماً في العالم من بين دبابات الجيل الجديد.
مقارنة بين الدبابة أبرامز والنمر الأسود
تشبه حماية K2 إلى حد كبير، الدبابة الأمريكية الشهيرة الأبرامز في نسختها الأحدث M1A2.
ولكن الدبابة الكورية الجنوبية النمر الأسود أخف وزناً بشكل ملحوظ من الأبرامز، حيث يبلغ وزن النمر الأسود 55 طناً مقابل 62 طناً للأبرامز (M1A2)، كما أن الدبابة الكورية أخف وزناً من الألمانية ليوبارد 2 الشهيرة.
ويعد الوزن الأخف ميزة مهمة في الدبابات، إذا تحقق مع نفس مستوى الحماية والأداء.
عدد أفراد الطاقم 3 في النمر الأسود مقابل 4 للأبرامز، وهي ميزة إضافة للدبابة الكورية.
السرعة القصوى للنمر الأسود 70 كم/ساعة مقارنة بـ67 كم للأبرامز.
تؤكد كوريا الجنوبية أن دباباتها النمر الأسود أكثر تطوراً من الأبرامز، ولكن الأمريكيين يقولون إن الترقيات التي دخلت وستدخل على الـM1A2 Abrams، ستجعلها أفضل دبابة في العالم مقارنة بأبرز منافسين لها: الدبابة الألمانية الشهير ليوبادر إيه 2، والنمر الأسود الكورية، حسبما ورد في تقرير لموقع Business Insider الأمريكي.
سلبيات الأبرامز مقارنة بالنمر الأسود هي وزنها الأثقل الذي يبلغ 70 طناً، والمحرك التوربيني الموجود بها والذي يستهلك كميات كبيرة من الوقود.
في المقابل، فإن أبرز عيوب الدبابة الكورية النمر الأسود هي ارتفاع سعرها وتعقُّدها التقني، خاصة بالنسبة لدولة نامية كمصر.
وقد يكون من عيوبها لمصر خاصة، أن جزءاً كبيراً من ثمنها خصص لإمكانات التعامل مع التضاريس الجبلية والنباتية الوعرة لشبه الجزيرة الكورية، وهو أمر لا يحتاج له الجيش المصري كثيراً، رغم وعورة بعض مناطق سيناء.
ولكن يظل أبرز مميزات الدبابة النمر الأسود بالنسبة لمصر، هو أنها تكسر الاحتكار الأمريكي لتوريد السلاح للجيش المصري الذي ميز عهدي مبارك والسادات، وهو أمر عانى الجيش المصري من آثاره بعد الإطاحة بالرئيس المنتخب محمد مرسي عام 2013، حيث أوقفت أمريكا تصدير بعض الأسلحة للقاهرة بعدما اعتبرت ما جرى انقلاباً، وكان لافتاً في ذلك الوقت توجه القاهرة لشراء طائرات رافال الفرنسية بعدما اقتصرت واردات مصر لعقود في مجال المقاتلات على الـ"إف 16″ الأمريكية، كما توجهت القاهرة لشراء طائرات ميغ 29 وسوخوي 35 الروسية.
ومن هنا تأتي أهمية الصفقة الكورية لمصر، خاصةً أن المنافس الرئيسي للأبرامز الأمريكية هي ليوبارد 2 الألمانية، ومن المعروف أن برلين أكثر الدول الأوروبية حزماً في قضايا حقوق الإنسان، إضافة إلى أن المنافس الآخر هي الدبابة الروسية تي- 90، التي قيل إن مصر تتفاوض على شرائها وتصنيعها، لكنها في الواقع أقل كفاءة، كما أنها قد تُعرض القاهرة للعقوبات الأمريكية على صادرات الأسلحة الروسية.
فميزة كسر الاحتكار الأمريكي ونقل التكنولوجيا لمصر عبر التجميع المحلي قد تعوّض ارتفاع ثمن النمر الأسود وتقنياتها المعقدة.