أرادوا تعويض خسائرهم فلجأوا إلى شخصيات عربية! حيلة إيران للبقاء في سوريا بعد انتهاء الحرب

عربي بوست
تم النشر: 2021/12/23 الساعة 14:30 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/12/23 الساعة 14:32 بتوقيت غرينتش
سوريون يرفعون أعلام سوريا وإيران وروسيا/مواقع التواصل

بعد 10 سنوات من الدعم المباشر وغير المباشر عسكرياً وسياسياً واقتصادياً للنظام السوري، تحاول إيران تعويض بعض خسائرها من الوحل السوري عبر آلية جديدة تحاول طهران اتباعها في المناطق السورية.

ويبدو أنَّ طهران تمكنت من تحسين علاقاتها الاقتصادية مع سوريا وتحقيق ارتفاع ثابت في الصادرات الإيرانية هناك. وتواصل جهودها لإحكام سيطرتها على محافظة دير الزور المعروفة بثروتها الزراعية والنفطية. وهكذا تعمل إيران من الناحيتين العسكرية والاقتصادية لتعويض الخسائر المادية التي تكبّدتها للدفاع عن النظام السوري، كما يقول تقرير لموقع Al-Monitor الأمريكي.

الصراع الروسي الإيراني على "الكعكة"

في غضون ذلك، يحاول الروس احتكار الجزء الأكبر من الاستثمار في سوريا، خاصة فيما يتعلق بالنفط والغاز وإعادة الإعمار، دون مراعاة مصالح الإيرانيين والاتفاقيات الموقعة مع الجانب السوري. وقد يؤدي تضارب الاتفاقات والعقود في بعض القطاعات، خاصة في مجالي النفط والغاز، بين إيران وروسيا إلى خلافات بهذا الصدد.

واستعانت إيران بمؤسسات وشخصيات سورية وعربية لتغطية نشاطها الاقتصادي واستثماراتها في دير الزور، التي تمولها منظمات دولية تُعرَف بـ"الجمعيات الإنسانية التي تساعد السوريين المتضررين من الحرب". في الوقت نفسه، توقع عقوداً لترميم المدارس والطرق والجسور بموافقة مسؤولي النظام السوري في دير الزور.

وقال المحلل السياسي حسن النيفي لموقع Al-Monitor: "النفوذ الإيراني بسوريا لم يعد محصوراً في السيطرة العسكرية والسياسية. إيران لديها طموحات أكبر وبدأت في رسم استراتيجيات جديدة للسيطرة على الاقتصاد السوري، من خلال الاستثمار في قطاعي السياحة والتجارة".

وأضاف: "رغبة إيران في الهيمنة على مدينة دير الزور الغنية بالنفط تنبع من سيطرة واشنطن عليها. وتحاول إيران جني كل ما في وسعها من أجل تحقيق هيمنة اقتصادية وعسكرية في سوريا، خاصةً أنَّ روسيا استولت على الموارد ومصادر الطاقة الأرضية".

روسيا أوكرانيا الجيش الروسي
قوات من الجيش الروسي/الشبكات الاجتماعية

وكان الملف السوري محلّاً لكثير من التقاطعات الروسية-الإيرانية في المصالح، فقد اشتركت الدولتان في منع سقوط النظام السوري، ودعمتاه عسكريّاً وسياسيّاً واقتصاديّاً. وما يجمع بين الطرفين هو مواجهة امتداد النفوذ الغربي إلى سوريا، إذ تنظر كل من طهران وموسكو إلى الغرب على أنه عدو مشترك، وبشكل أدقّ يبدو أن العداء المشترك للولايات المتحدة الأمريكية هو أهم عوامل التقارب في كثير من ملفات المنطقة، بحسب مقال رأي في موقع الجزيرة نت.

ويمكن القول إن العلاقات بين كل من موسكو وطهران تتأثر سلباً وإيجاباً بحجم الضغوط التي تمارسها واشنطن على الجانبين أو على الإيرانيين بوجه خاص، وهذا كان واضحاً منذ انسحاب إدارة ترامب من الاتفاق النووي عام 2018، والعودة إلى سياسة الضغط القصوى من خلال العقوبات. 

وتتفق كل من إيران وروسيا على ضرورة تقويض سيطرة الحركات الإسلامية السُّنيّة، لأنهما تنظران إليها على أنها تهديدات محتملة على الأمن القومي للبلدين؛ خشية امتداد تأثيرها إلى آسيا الوسطى والقوقاز وحوض بحر قزوين.

بالمقابل، فإن التناقض بين مصالح موسكو وطهران في الملف السوري أكبر من أن يتم إخفاؤه، فبعد أن اعتمد الروس خلال السنوات الأولى لتدخُّلهم العسكري المباشر في سوريا على النفوذ الإيراني الأمني والعسكري، شرعوا في خطواتهم الخاصة من أجل هيكلة مؤسسة عسكرية منضبطة، بعيداً عن الحالة الميليشياوية التي أفرزها التدخل الإيراني، ومن الخطوات الروسية المهمة في هذا السياق حلّ الفصائل المحلية العاملة ضمن ما يسمى "الدفاع الوطني"، الذي تم تشكيله من فكرة إيرانية بامتياز، نشأت بمقترح من الجنرال حسين همداني الذي يُعدّ أحد أبرز القادة المؤسّسين للحرس الثوري، وكان قد تولى قيادة الفرقة "27 محمد رسول الله"، ثم قيادة "فيلق محمد رسول الله"، قبل أن يلقى مصرعه في سوريا.

وبينما تتمسك إيران تمسكاً واضحاً بشخص بشار الأسد، ولا تُبدي أي مرونة بالحديث عن مصيره، تلوّح روسيا بإمكانية التخلي عنه إذا استجابت المعارضة السورية لمسارها السياسي، وكان آخر هذه العروض ما أعلنه المبعوث الروسي إلى الشرق الأوسط وإفريقيا، ميخائيل بوغدانوف، من استعداد بلاده لإلغاء نتائج الانتخابات الرئاسية الأخيرة في مايو/أيار 2021، في حالة اتفاق النظام والمعارضة على دستور جديد أو إجراء إصلاح دستوري.

أظهرت روسيا بشكل مستمر أنها المتحكم الأساسي في قرار النظام السوري والمسار السياسي للأزمة، فهي تشرف على مسار اللجنة الدستورية، الذي يبدو أن طهران غير متحمسة له، كما أن موسكو شرعت في تأجيل الانتخابات الرئاسية الأخيرة بسوريا بضعة أشهر، قبل أن تعطي الضوء الأخضر لإجرائها وفق حساباتها السياسية الخاصة.

الاستفادة عبر بوابة الترميم

ويبدو أنَّ هذه المنظمات الإنسانية ضخت مبالغ كبيرة في عمليات الترميم تتجاوز المخصص لها. فقد نُفِذَت عمليات إعادة إعمار كبيرة في البوكمال وريفها لترميم عشرات المدارس، وكذلك في قريتي الصويعية والحاري على الحدود السورية العراقية، التي تعتبر في غاية الأهمية بالنسبة لإيران نتيجة قربها من معبر القائم الحدودي ومن المعبر الذي تسيطر عليه وحدات الحشد الشعبي العراقية الموالية لإيران. فضلاً عن استيطان عائلات عناصر الميليشيات الإيرانية في هاتين القريتين، إضافة إلى البوكمال.

بدوره، قال الباحث بمركز جسور للدراسات أنس شواخ، لموقع Al-Monitor: "اعتمدت إيران على المنظمات الإنسانية في دير الزور منذ أن استعاد النظام السيطرة على أجزاء منها عام 2017، لتكون مصدر تمويل وجودها العسكري في المنطقة. وتشمل هذه المنظمات مؤسسة الإمام الكاظم للتنمية، ومؤسسة الإمام المختار، ومنظمة الفرات للسلام. وتستفيد إيران من هذا التمويل بعدة طرق؛ منها توجيه الدعم المالي المخصص لهذه المنظمات لخدمة مشروعها لنشر التشيُّع في المنطقة من خلال توزيع المساعدات أو إقامة مشروعات خدمية صغيرة ومتوسطة في مناطق معينة".

إيران لن تستطيع دعم الأسد في وقت السلم
قوات إيرانية في سوريا/ رويترز

ولفت إلى أنَّ "إيران تفعل ذلك لكسب ولاء السكان في هذه المناطق أو للاستفادة من هذا الدعم في تمويل عناصر ميليشياتها وتقديم المساعدات الغذائية والطبية لهم ولعائلاتهم. إضافة إلى ذلك، تقدم عدة جمعيات خيرية إيرانية خدمات طبية ومساعدات لعناصر من قوات النظام والدفاع الوطني وكتائب البعث. كل هذه المؤسسات والجمعيات المحلية تدار من خلال المستشارية الثقافية الإيرانية بدمشق".

ونشرت الصفحة الرسمية لمحافظة دير الزور معلومات عن الأموال التي تتلقاها المنظمات الإيرانية العاملة في سوريا من الأمم المتحدة، مشيرة إلى توفير أكثر من ملياري ليرة سورية لثلاثة مشروعات في المنطقة.

وأضاف الباحث شواخ أنَّ المبالغ الكبيرة التي تحصل عليها هذه المنظمات من عقود البناء الوهمية تُستخدَم لتغطية نفقاتها العسكرية ودفع رواتب أعضائها. لكن حجم الإنفاق العسكري الإيراني في سوريا غير معروف.

البقاء الطويل في سوريا

في غضون ذلك، قال مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان، فاضل عبد الغني، لموقع Al-Monitor: "إنَّ إيران لا تسعى فقط إلى تعويض خسائرها، بل تهدف أيضاً إلى البقاء على المدى الطويل في سوريا. وتركز على دير الزور؛ لقربها من الحدود العراقية، مما يسهل تقديم الدعم لها. وأنشأت إيران عشرات من المنظمات الخيرية وغير الربحية في عدة أجزاء من سوريا، ضمن حملة واسعة لبناء النفوذ، واحتكار تقديم الخدمات والمساعدات الإنسانية في المناطق ذات الأهمية الاستراتيجية لطهران. ولن يتمكن أحد من فصل النظام الإيراني عن النظام السوري؛ إذ أقام كلاهما شبكات قوية داخل الدولة والمجتمع".

قُتل 6 مدنيين، بينهم طفلان، وأصيب 6 آخرون، بينهم أفراد من الدفاع المدني (الخوذ البيضاء)، جراء هجوم نفذته قوات النظام السوري وداعموه على مناطق سكنية في محافظة إدلب شمال غربي سوريا. وقال مراسل الأناضول إن قوات النظام والمجموعات الإرهابية الأجنبية المدعومة من إيران قصفت قرية سرجة جنوب شرقي إدلب انطلاقًا من مدينة معرة النعمان بالمحافظة نفسها. ونقل عن مصادر محلية أن الهجوم أسفر وفق المعلومات الأولية عن مقتل 6 مدنيين، بينهم طفلان، وإصابة 6 آخرين بينهم 3 أفراد من الدفاع المدني. وأشار إلى أن المصابين نقلوا إلى المستشفيات القريبة من القرية المستهدفة والتي تقع في منطقة جبل الزاوية. ( izzeddin Kasım – وكالة الأناضول )

وأضاف عبد الغني: "إنَّ إنشاء إيران ما لا يقل عن 38 منظمة عاملة في حلب وحمص ودمشق ودرعا ودير الزور واللاذقية وحماة والقنيطرة محاولة لتمهيد الطريق أمام وجود إيراني طويل الأمد في سوريا، وخطوة لإلزام المؤسسات الدولية والأمم المتحدة بالعمل معها وتمويلها؛ حتى تتمكن من سرقة المساعدات المخصصة للشعب السوري. وهذا أحد أسباب رفض الجميع تقديم المساعدات الإنسانية عبر شمال غربي سوريا، لأنها ستتعرض للاستيلاء هناك".

ونظراً إلى أنَّ هذه المنظمات تُعرِّف نفسها على أنها إنسانية؛ فهي متخصصة في جميع مجالات الخدمة والتوعية والتنمية والاستجابة، مثل الغذاء والإغاثة المالية.

تحميل المزيد