حقيقة مساعي المغرب لشراء الإف 35 لمواجهة احتمال اقتناء الجزائر للسوخوي 57، وما دور إسرائيل في الأمر؟

عربي بوست
تم النشر: 2021/12/20 الساعة 11:59 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/12/20 الساعة 11:59 بتوقيت غرينتش

قد يكتسب التنافس المغربي الجزائري، بعداً جديداً، إذا صحت التقارير عن سعي المغرب لشراء طائرات إف 35 الأمريكية الشبحية، في المقابل يتوقع أن الجزائر قد تكون أول مشتر أجنبي لطائرات سوخوي 57 الروسية الشبحية.

وظهرت المساعي المغربية لاقتناء الطائرة الشبحية الأمريكية "إف-35" بوَساطة إسرائيلية، في إطار الشراكة العسكرية التي باتت تجمع الرباط بتل أبيب عقب الزيارة الأخيرة لوزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس إلى المغرب، وما ترتب عليها من محادثات ثنائية إزاء صفقات التسلح الحربي.

وأشارت مجموعة من التقارير العسكرية العبرية إلى وجود مباحثات بين الجيش المغربي ونظيره الإسرائيلي بخصوص شراء مقاتلات الجيل الخامس الأمريكية، لافتة إلى أن الرباط طلبت من تل أبيب وساطتها من أجل اقتناء هذه الطلبية العسكرية من أمريكا، حسبما ورد في تقرير لموقع صحيفة "هسبريس" المغربية.

وأفادت صحيفة "ماكو" الإسرائيلية، بأن المغرب يريد شراء مقاتلة "F-35" المتطورة، وسط تصاعد التوتر السياسي مع الجزائر وجبهة "البوليساريو"، مؤكدة أن المسؤولين المغاربة تطرقوا إلى الموضوع أثناء زيارة وزير الدفاع الإسرائيلي إلى الرباط.

وفي السياق ذاته، كشفت صحيفة "JaFaJ" جافاج الإسرائيلية، المتخصصة في استخبارات الشرق الأوسط، عن تنسيق مغربي-إسرائيلي من أجل اقتناء مقاتلات "إف-35" الأمريكية، مرجعة ذلك إلى التخوف من أي تصعيد جزائري على الشريط الحدودي، وذلك بعد قطع الجزائر لعلاقاتها مع المغرب وانتقاداتها الشديدة لاعتراف إدارة الرئيس الأمريكي الأسبق دونالد ترامب بالصحراء كجزء من الأراضي المغربية، وهو الوضع الذي ينذر بحدوث سباق تسلح إقليمي.

ويأتي الحديث عن المساعي المغربية لشراء طائرات إف 35، في مقابل الاهتمام الجزائري باقتناء مقاتلات "سوخوي-57" روسية الصنع.

ويُعتقد أن الجزائر أمرت أو بصدد طلب 14 طائرة مقاتلة روسية من طراز Su-57، وهو ما يمثل مصدر قلق كبير للمغرب، ويشكل خطراً على التوازن العسكري الإقليمي. يمكن للطائرة الروسية Su-57 أن تكون قادرة على الحصول على ميزة ضد الأسطول المغربي الحالي من طائرات F-16.

وأحيت الجزائر علاقاتها مع روسيا، مستفيدة من نية موسكو إعادة تأسيس نفسها في إفريقيا. من ناحية أخرى، يعتمد المغرب على علاقاته الأعمق مع إسرائيل والولايات المتحدة لشراء الأسلحة.

إسرائيل طريق المغرب إلى طائرات إف 35 

يقال إن المغرب طلب من إسرائيل إقناع الولايات المتحدة بالسماح ببيع مقاتلتها المتطورة متعددة المهام من طراز F-35، ربما رداً على خطط الجزائر لشراء المقاتلات الشبحية Su-57.

وفقاً لمؤسسة المخابرات الإسرائيلية جافاج، فإن المغرب يحاول إقناع الولايات المتحدة من خلال إسرائيل ببيع طائرته الأكثر تقدماً.

خلال الزيارة الأخيرة التي قام بها وزير الدفاع الإسرائيلي بيني غانتس إلى المغرب، ورد أن الملك محمد السادس التقى به على انفراد وناقش التوترات المستمرة مع الجزائر، حسبما ورد في تقرير لموقع Eurasian Times.

كما يحاول المغرب شراء "طائرات بدون طيار إسرائيلية تتمتع بقدرة عالية على المراقبة والقتال".

طائرات إف 35
الطائرة الأمريكية إف 35/رويترز

وقال عبد الحميد بن خطاب، أستاذ العلوم السياسية في جامعة محمد الخامس، إن "العلاقات المغربية الأمريكية قديمة، والتعاون العسكري بينهما ليس وليد اليوم، بل هو امتداد لعقود كثيرة من التنسيق المشترك، حيث إن هناك رؤية استراتيجية أمريكية تجاه المغرب بأن يصبح قوة عسكرية في شمال إفريقيا حتى يتصدى للتحديات الأمنية القومية".

ولفت بن خطاب إلى أن "التحالف الاستراتيجي بين واشنطن والرباط يجعل من بين أهدافه تعزيز التعاون العسكري، من خلال تقوية الإمدادات العسكرية الأمريكية للجيش المغربي ومساعدته لتطوير قدراته الفنية والقتالية".

 وأكد أن "هناك طفرة نوعية في ما يتعلق بطبيعة وماهية هذه المساعدات العسكرية".

أنباء عن عرض الإمارات تغطية تكلفة الصفقة

وأفادت تقارير بأن وزير الدفاع المغربي عبد اللطيف لوديي ناقش مع غانتس ترقيات محتملة لسلاح الجو المغربي، حسب زعم جافاج. 

وأبلغ الوزير المغربي غانتس أن بلاده ستقدر مساعدة إسرائيل في الضغط على إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن لقبول بيع طائرات مقاتلة من طراز F-35 وأسلحة أكثر تطوراً بشكل عام.

بالإضافة إلى ذلك، عرضت الإمارات "تغطية تكلفة" الطائرات المتطورة إذا تمكن المغرب من الحصول على تصريح أمريكي لبيع مقاتلات الجيل الخامس في المستقبل، حسب ما نقل موقع Eurasian Times.

 وتعتبر طائرة F-35 طائرة باهظة الثمن، إلا أنها ستغير قواعد اللعبة في سباق التسلح المكلف بالفعل بين الجزائر والمغرب. 

من ناحية أخرى، أفادت تقارير بأن الجزائر تفكر في شراء طائرات روسية من الجيل الخامس من طراز سوخوي 57، وهي مصممة للتنافس مع أفضل المعدات العسكرية القادمة من الولايات المتحدة والصين.

سوخوي 57 في مواجهة الإف 35

 المقاتلة F-35 هي مقاتلة متعددة الأدوار متخصصة في مهام جو-أرض التي يتم دمجها في القوات الجوية الأعضاء في الناتو. 

 وسوخوي 57 هي طائرة مقاتلة من الجيل الخامس تتنافس مع إف 22 راتبور وإف 35 الأمريكيتين، والطائرة الصينية Chengdu J-20.

ويدعي الجيش الروسي أن سوخوي 57، تتفوق على العديد من قدرات الناتو F-35.

ويقال إن السوخوي 57، تعطي أولوية لمهام القصف التي تتفوق فيها الإف 35، وإنها أكثر تركيزاً على تحقيق التفوق الجوي، وهناك شكوك أنها تستطيع منافسة الإف 35 في مجال القدرات الشبحية التي يعتقد أن الروس أقل تقدماً فيها بفارق ملحوظ عن الأمريكيين، في المقابل يقول الروس إن طائراتهم سوخوي 57 التي ينظر إليها كسليلة للطائرة الشهيرة سوخوي 35 وسوخوي 30 تتفوق بشكل كبير في المناورة والسرعة على الإف 35.

 إذا نجح المغرب في الحصول على طائرات F-35 (وهو أمر غير مرجح للغاية)، فإن الديناميكيات الجيوسياسية في المنطقة ستتغير، وقد تصبح المنطقة ساحة معركة بين الولايات المتحدة وروسيا.

القوة الجوية الحالية لدولتين

قد تكون الجزائر أول دولة خارج روسيا تشتري طائرات Su-57، مما يمنحها تفوقاً جوياً كبيراً على جيرانها. ويتكون الأسطول الحالي للقوات الجوية الجزائرية من طائرات مقاتلة من طراز MiG-25 و Mig-29 و Su-30 الروسية، بينما تعتمد المغرب على طائرات إف 16 الأمريكية.

من المحتمل أن تبدأ روسيا في تسليم طائرات سوخوي 57 المتطورة في عام 2025، حيث يعتقد أن موسكو متلهفة لبيعها للجزائر لتصبح أول زبائن هذه الطائرة، عكس الموقف الأمريكي المتحفظ في بيع طائرات إف 35 خاصة بالنسبة للدول العربية والإسلامية. 

يمكن أن تنفق الجزائر مدفوعة بارتفاع أسعار النفط، 2 مليار دولار على شراء 14 طائرة سوخوي 57 جديدة، بينما سينفق المغرب 4.8 مليار دولار لتحديث طائرات F-16. وبمجرد استحواذ الجزائر على Su-57، يمكنها أن تتفوق على طائرات F-16 القديمة.

قد لا تقصر مشتريات الجزائر على سو -57 بسبب صلاتها العسكرية الوثيقة مع روسيا. من المحتمل أن تستكشف شراء أنظمة أسلحة أخرى ذات مستوى قوي من روسيا.

واضطرت الجزائر، بحسب الخبراء، إلى العودة لعلاقتها القديمة مع روسيا نتيجة الأزمة الدبلوماسية مع فرنسا. وبحسب ما ورد تحاول الأولى أيضاً تأمين صفقة لشراء أحدث نظام صاروخي روسي من طراز S-500، وفقاً لتقرير في أراب ويكلي.

احتمالات تنفيذ إسرائيل وعودها

ولكن بعيداً عن وعود إسرائيل التي يبدو أنها لم تعد تقول لا للمطبعين العرب الجدد الذي يسعون جميعاً لأن تصبح تل أبيب نافذتهم الجديدة لواشنطن، فإنه من الصعب تصور أن إسرائيل ستأخذ بجدية الطلب المغربي، خاصة أنه يأتي بعد طلب إماراتي مماثل، وقد تحاول السعودية بدورها الحصول على نفس الطائرات، وهو ما يعني انتشار هذه المقاتلات الخفية في المنطقة.

ورغم سعادة الإسرائيليين بالتطبيع مع المغرب والإمارات والتطبيع الخفي مع السعودية فإنهم لا ينسون يوماً أن إيران في عهد شاه إيران كانت من أقرب حلفائهم، ولكن اليوم تحولت لأكبر أعدائهم، وذلك بعدما اقتنت طائرات إف 14 الأمريكية المتطورة.

كما أن تركيا قبل أردوغان كانت صديقة لإسرائيل وتنسق معهم ضد كثير من الدول العربية، وحصلت من أمريكا على كثير من التقنيات، واليوم هي غريم ومنافس لإسرائيل وتدعم الحقوق الفلسطينية وتعرقل خطط إسرائيل في شرق المتوسط، ولذا لم يكن غريباً أن يقول مسؤول تركي مؤخراً، إن بلاده تعتقد أنها أخرجت من برنامج الإف 35 لضمان تفوق إسرائيل العسكري في المنطقة، وليس بسبب شراء أنقرة لصفقة صواريخ إس 400 الروسية.

قد تكون فرص الإمارات أكبر من المغرب في الحصول على طائرات إف 35، فهي دولة صغيرة، تأثير الرأي العام المحلي على سياساتها أقل كثيراً من الدول العربية الكبيرة مثل المغرب وحتى السعودية، وبالتالي احتمالات الخطر المستقبلية منها على إسرائيل تبدو محدودة للغاية.

تحميل المزيد