إلغاء الرقابة على السينما أحدثها.. أهم القرارات “الجريئة” التي تبنَّتها الإمارات في السنوات الماضية

عربي بوست
تم النشر: 2021/12/20 الساعة 11:11 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/12/20 الساعة 11:15 بتوقيت غرينتش
ولي عهد الإمارات الشيخ محمد بن زايد/ رويترز

شهد عام 2021 إدخال دولة الإمارات العربية المتحدة حزمةً من التعديلات على القوانين المنظمة للمجتمع، فألغت عقوبة الحمل خارج الزواج والمجاهرة بإفطار رمضان وغيرت العطلة الأسبوعية، كما ألغت الرقابة على أفلام السينما.

الإعلان عن التشريعات الجديدة بشأن قوانين الجرائم والعقوبات جاء أواخر نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، ويشمل تحديث أكثر من 40 قانوناً يسري العمل بها بداية من أول يناير/كانون الثاني 2022، بحسب وكالة أنباء الإمارات الرسمية.

وبحسب السلطة التشريعية في الدولة الخليجية، تأتي تلك التغييرات في القوانين انطلاقاً من مبدأ التعايش والتسامح وتقبُّل ثقافات الآخرين بما يعكس روح الانفتاح. والتشريعات الجديدة عبارة عما يحتويه القانون الاتحادي رقم 31 لعام 2021، بعد إجراء تعديلات حديثة على قوانين العقوبات.

تغيير العطلة الأسبوعية على النمط الغربي

يعيش في الإمارات 10 ملايين شخص منهم 9 ملايين أجنبي، وتملك الإمارات أحد أكثر الاقتصادات تنوعاً في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وتعتمد على السياحة والاستثمارات بشكل كبير إلى جانب امتلاكها احتياطات كبرى من النفط.

وكانت إمارة أبوظبي قد أجرت في الآونة الأخيرة الإصلاح الخاص بها وهو قانون الزواج المدني الذي يهدف إلى أن تكون أكثر جذباً للأجانب. وبعد أن كانت الشائعات تُتداول بشأن الأمر منذ سنوات، أصبحت الإمارات أول دولة خليجية تقر أيام العمل الرسمية على النمط الغربي من الإثنين إلى الجمعة لموظفي القطاع الحكومي، بما يعني التخلي عن عطلة الجمعة الأسبوعية، مع السماح للشركات الخاصة بنوع من المرونة لاختيار النظام "الذي يخدم العمل فيها على نحو أفضل".

بهذا القرار تخرج دولة الإمارات عما اجتمعت عليه بقية دول الخليج ذات الأغلبية المسلمة، بخصوص أسبوع العمل من الأحد إلى الخميس، في حين تتجمع العائلات يوم الجمعة ويتوجه المصلون إلى المساجد لحضور خطبة الجمعة وصلاتها. ومع ذلك، تقول الإمارات إن الشركات يجب أن تمنح الموظفين "فسحة كافية من الوقت" لأداء صلاة الجمعة، ويكون الجمعة نصف يوم عمل لموظفي القطاع الحكومي.

إسرائيل تفتح سفارتها في الإمارات/رويترز

وتريد الإمارات إصلاح نظامها التشريعي لتظل قادرة على المنافسة، في الوقت الذي تنفتح فيه السعودية على الاستثمارات والمهارات الأجنبية، وقامت السعودية أيضاً بإدخال تعديلات كثيرة على قوانينها المنظمة لإقامة وعمل الأجانب على أراضيها، لكن توجه الرياض نحو تغيير العطلة الأسبوعية إلى السبت والأحد على خُطى أبوظبي لا يزال غير معلوم.

إلغاء عقوبات الحمل خارج الزواج في الإمارات

وربما تكون أكثر القرارات "جرأة" هي التعديلات الكبيرة التي أدخلتها الإمارات على القوانين المتعلقة بالأحوال الشخصية، إذ شملت نزع التجريم عن العلاقات الجنسية قبل الزواج وتعاطي الكحول.

ونصت التعديلات الجديدة التي سيسري العمل بها خلال 10 أيام على تنظيم العلاقات الجنسية قبل الزواج والأطفال ثمرتها، مقررةً أن الوالدين ليسا في حاجة إلى الزواج. وجاء فيها النص على أن يتزوج من ينجبان طفلاً من علاقة، أو يعترفا أو يعترف أحدهما بنسب الطفل إليه ويستخرج الأوراق الثبوتية ووثائق السفر طبقاً للقوانين المعمول بها في الدولة التي يكون أي منهما مواطناً فيها.

ونصت التعديلات على عقوبة الحبس عامين إذا أنكر الوالدان نسب الطفل إليهما ولم يوفرا له الرعاية. كما تلغي القوانين الجديدة بعض الجرائم التي كان يعاقب عليها قانون العقوبات رقم 3 لسنة 1973، ومنها المواد المتعلقة "بأكل المسلم لحم الخنزير والمجاهرة بتناول الأطعمة والأشربة في نهار رمضان"، و"عقوبة المواقعة بالتراضي والحمل خارج إطار الزواج".

وفي قوانين الآداب العامة، تنص التغييرات الجديدة على أن عقوبة من ارتكب أفعالاً مخلة بالآداب العامة ستكون غرامة مالية بدلاً من السجن. وأجاز القانون مبدأ المساكنة المشتركة بين غير المتزوجين. كما لن يعاقب القانون، وفقاً للتغييرات الجديدة، على ممارسة الجنس بالتراضي. مع ذلك، يعاقب القانون على ممارسة الجنس بالتراضي إذا ما كان عمر أحد الطرفين، ذكراً أم أنثى، أقل من 14 سنة، أو إذا ما حُرمت الضحية من إرادتها بسبب صغر سنها أو جنونها أو إعاقتها العقلية أو إذا ما كان الجاني قريباً من الدرجة الأولى للضحية أو مسؤولاً عن تربيتها أو رعايتها المعتادة أو له سلطة على الضحية القاصر. ويعاقب بالإعدام أي شخص يُدان بممارسة الجنس مع قاصر أو متخلف عقلياً.

لقاح كورونا خصومات دبي
نمط الحياة في الإمارات – رويترز

ونصت التعديلات على رفع التجريم عن الأفعال التي لا تضر بالغير، مثل الانتحار. فوفقاً للتغييرات الجديدة، تُمنح المحكمة حرية التصرف في إرسال الشخص المدان بمحاولة الانتحار إلى مؤسسة علاجية بدلاً من معاقبته. مع ذلك، فإن أي شخص يساعد شخصاً آخر بأي وسيلة على الانتحار سيعاقب بالسجن.

كما ينص القانون الإماراتي الجديد على أن "مواقعة شخص أتم الثامنة عشرة من عمره وبرضاه فإنه ليس ثمة عقوبة ما لم يتقدم أحد بدعوى، والعقوبة المقدرة الحبس لمدة لا تقل عن ستة أشهر". ويوضح القانون أن ذلك يتم بناء على شكوى من الزوج أو الولي وتسقط العقوبة بالتنازل.

وقال الرئيس التنفيذي لمكتب "بيكر ماكنزي" للمحاماة في الإمارات العربية المتحدة، المحامي حبيب الملا إن "ما دفع الإمارات إلى اتخاذ هذه الخطوة هو اتباعها نهجاً جديداً في القوانين، لمواكبة التطور الحاصل في الجوانب الاقتصادية والاجتماعية والتكنولوجية. قانون العقوبات يعود إلى العام 1987، والعمل إلى 1986، وكان لا بد من إحداث نقلة تشريعية من خلال إقرار أكثر من 40 قانوناً في الستة أشهر الماضية".

وأشار الملا إلى أن "القانون الجديد ألغى بعض الجرائم التي كان معاقباً عليها في القانون القديم، ومنها المواد المتعلقة بأكل المسلم لحم الخنزير والمجاهرة بتناول الأطعمة والأشربة في نهار رمضان"، بحسب صحيفة إندبندنت عربية.

الدين "الإبراهيمي" والرقابة على الأفلام

التغييرات الجذرية التي تُدخلها الإمارات على قوانينها الاجتماعية والعملية تأتي في سياق السعي لجذب الاستثمارات الأجنبية وتوفير الإغراءات للشركات العالمية متعددة الجنسيات إما لتُبقي على مقراتها الرئيسية في الشرق الأوسط على الأراضي الإماراتية ولا تنتقل إلى السعودية، أو كي تفتح تلك الشركات مقراتها في الإمارات، بحسب مضمون التصريحات الرسمية الصادرة من قادة ومسؤولي الدولة الخليجية.

وعلى الرغم من الجدل الكبير الذي تثيره بعض تلك القرارات "الجريئة"، فإن الترويج الإماراتي لما يُعرف بالدين "الإبراهيمي" كان قد أثار حالة من الغضب لم تتوقف عند حدود منصات التواصل الاجتماعي أو رد الفعل الشعبي فقط، بل وصلت إلى الأزهر في مصر، حين وجَّه إمامه الأكبر الشيخ أحمد الطيب انتقادات لاذعة للدعوة الجديدة، دون أن يسمي الإمارات تحديداً.

وعلى الرغم من أن الحديث عن "توحيد الأديان السماوية الثلاثة الإسلام والمسيحية واليهودية في دين جديد يُنسب إلى النبي إبراهيم أبي الأنبياء عليه السلام ليست دعوة حديثة، بل ترجع إلى سنوات مضت ومصدرها الأصلي واشنطن، فإن إطلاق الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب وصف "اتفاقيات إبراهيم" على صفقات التطبيع بين الإمارات والبحرين وإسرائيل أعاد "الدين الإبراهيمي للواجهة مرة أخرى.

الإمارات
الإمارات تلغي الرقابة على الأفلام التي ستُعرض بدور السينما – Istock

كان ترامب، قد صرّح أثناء إعلانه عن التطبيع الإماراتي الإسرائيلي أنه سيعرف باسم "اتفاقات إبراهام"، وهي الاتفاقات التي وقّعت في البيت الأبيض في سبتمبر/أيلول 2020.

وأصحبت الإمارات أحد أهم مروِّجي الدين الإبراهيمي في الشرق الأوسط، وبرز ذلك من خلال إنشائها العديد من الكيانات والمؤسسات والمؤتمرات والندوات والمبادرات والاتفاقيات، التي تدعو إلى الالتفاف حول ما يسمى الديانات الإبراهيمية الثلاث، وتقصد بها (الإسلام، والمسيحية، واليهودية).

ويعتبر التطبيع بين الإمارات وإسرائيل الأكثر تطوراً في وقت قصير مقارنة بمسار التطبيع بين إسرائيل والدول العربية الأخرى كالبحرين والمغرب والسودان، وجاءت زيارة رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت إلى أبوظبي قبل أيام لتعكس وصول العلاقات بين الجانبين إلى مرحلة متقدمة للغاية وكأنها ترجع إلى عشرات السنين بالفعل وليس إلى أقل من عام ونصف فقط.

ويستمر قطار القرارات "الجريئة" التي تُصدرها الإمارات بسرعته، إذ وصل الأحد 19 ديسمبر/كانون الأول إلى دور السينما في الإمارة الخليجية. فقد أعلنت الإمارات إلغاء الرقابة على الأفلام التي يتم عرضها في دور السينما، على أن يتم إدراج +21 عاماً ضمن التصنيف العمري للأفلام، لتنبيه المشاهدين الراغبين بمشاهدة أفلام بنسختها الأصلية.

وقال مكتب تنظيم الإعلام التابع لوزارة الثقافة الإماراتية في تغريدة إنّه سيتم "إدراج فئة (+21) ضمن فئات التصنيف العمري للأفلام السينمائية"، مضيفاً: "حسب هذا التصنيف، سيتم عرض الأفلام في دور السينما حسب نسختها الدولية، ويتم منحها التصنيف بناء على معايير المحتوى الإعلامي في الدولة"، وفقاً لما أوردته وكالة الأنباء الفرنسية.

تحميل المزيد