“الديربي المغاربي”.. هل تجمع الرياضة المغرب والجزائر بعدما فرقتهما السياسة؟

عربي بوست
تم النشر: 2021/12/11 الساعة 09:21 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/12/11 الساعة 09:21 بتوقيت غرينتش
المغرب والجزائر يلتقيان في مباراة كرة قدم فاصلة في كأس العرب، مواقع التواصل

وسط خلافات سياسية بين المغرب والجزائر بلغت حد قطع العلاقات الدبلوماسية، يتواجه منتخبا البلدين المغاربيّين، مساء السبت 11 ديسمبر/كانون الأول 2021، في ربع نهائي كأس العرب المقام في دولة قطر.

وتأهل المغرب إلى الدور ربع النهائي، بعد تصدره ترتيب المجموعة الرابعة برصيد 9 نقاط، يليه الأردن بـ 6 نقاط ثانياً، الذي نال بطاقة العبور أيضاً.

فيما جاءت الجزائر ثانية في المجموعة الثالثة، بعد مصر التي تصدرت ترتيب المجموعة برصيد 7 نقاط، متقدمة بفارق الإنذارات (أقل) على الجزائر، بعد تعادل المنتخبين بالرصيد ذاته من النقاط وعدد الأهداف عينه (7 لكل منهما).

وتعالت الأصوات الداعية إلى نبذ خطاب الكراهية وإعلاء قيم التسامح والإخاء بين المغرب والجزائر، أياماً قبل "الديربي" المغاربي الذي سيشد أنظار الجماهير العربية.

أعلام المغرب والجزائر جنباً إلى جنب: "لن تفرقنا السياسة"

أثارت صور جمعت الأعلام المغربية والجزائرية في مدرجات ملاعب قطر، على هامش مباريات دور المجموعات، مشاعر الكثير من مواطني البلدين والدول العربية.

واعتبر معلقون على الصور المنتشرة على نطاق واسع أن "ما تفرقه السياسة تجمعه الرياضة وكرة القدم". ومعلقاً على الصور التي أعاد نشرها على فيسبوك، كتب الناشط المغربي سامي صولة: "هذه نتيجة مباراة السبت.. والباقي تفاصيل".

فيما غرّد الصحافي المغربي عماد ستيتو كاتباً على صفحته في "تويتر": "فلتكن مباراة لكرة القدم وفقط".

وقال الناشط الحقوقي والمحامي المغربي نوفل البوعمري: "يجب ألا نساهم في تحويل مقابلة لكرة القدم، يحكمها منطق الروح الرياضية، إلى معركة سياسية تحت أي مسمى".

وأضاف الناشط المغربي في تدوينة على فيسبوك: "لسنا في حاجة لإعادة السيناريو المؤسف الذي حدث بين مصر والجزائر سابقاً، وشاهدنا معركة دموية سقط فيها جرحى من الجانبين، وسنوات من العداوة المجانية".

وأعاد البوعمري نشر صور لجماهير مغربية وجزائرية تحمل أعلام البلدين، وعلق قائلاً: "هل نسيتم هذه المشاهد، عندما تعانقت الجماهير، الأمر ذاته سيحدث السبت، ستتعانق الجماهير، وسيهتف كل جمهور تشجيعاً لبلده، ومن دون تعصب".

الرياضة تقرب بين الشعوب

يرى سعيد الصديقي، أستاذ العلاقات الدولية في جامعة محمد بنعبد الله بفاس (حكومية)، في تصريح إلى "الأناضول"، أن "الرياضة ساهمت في الماضي، وحتى خلال الحرب الباردة، في التقريب بين الشعوب".

وزاد: "الدعوات التي تعرفها وسائل التواصل الاجتماعي المتعلقة بنبذ خطاب الكراهية، بهذه المناسبة تعبر عن أن شعوب المنطقة تميل إلى الود وإلى السلم وإلى التعايش".

وتابع: "هذا يظهر ليس فقط في هذه المباراة (مباراة ربع نهائي كأس العرب)، وإنما حين يتعلق الأمر بمباراة إحدى الفريقين مع آخر عربي أو غير عربي، فالمغربي يميل إلى تشجيع الجزائر، ويحصل العكس أيضاً".

مشجعون جزائريون حاضرون في مباراة المغرب والسعودية، كأس العرب/ فيسبوك

ذهب الخبير المغربي في العلاقات الدولية إلى القول إن "التجربة أثبتت أن الرياضة، وإن كانت تلطف الأجواء، فإن تأثيرها يكون مرحلياً، لأنه يعتمد أكثر على المشاعر وعواطف الأخوة".

وأوضح أن "ما يصاحب الأجواء من مشاعر الود، لا يؤثر في الواقع، لأن سياسة الدول ثابتة ومستمرة".

خلص الصديقي إلى القول إنه "من الصعب التعويل على مثل هذه المناسبات العابرة لحلحة الأزمة، المستمرة بين المغرب والجزائر، لكنها تظل فرصة مهمة للتأكيد على أن الشعوب متقاربة".

"خاوة خاوة"

وتصدر هاشتاغ "خاوة خاوة" باللهجة المغاربية (إخوة إخوة)، قائمة "الهاشتاغات" في أبرز الصفحات الرياضية بمنصات التواصل الاجتماعية.

وكتب الصحافي المغربي عبد الصمد بنعباد تحت وسم "خاوة خاوة": "هؤلاء نحن في الحقيقية (معلقاً على صور جماهير البلدين)"، متأسفاً على من يعمل "ضد الأخوة وحسن الجوار".

تحت الوسم عينه، كتب محمد من الدار البيضاء: "أتمنى من كل قلبي أن تسود الروح الرياضية، على البساط الأخضر، وعلى المدرجات أيضاً، والأحسن سيفوز".

مشجعون جزائريون ومغاربة في مبارة المغرب والسعودية، كأس العرب/ فيسبوك

وكان جمهور البلدين أطلق حملة افتراضية على مواقع التواصل الاجتماعي، تحت اسم "خاوة خاوة"، وجدت طريقها نحو أرض الواقع، على الملاعب والمدن المصرية، التي استضافت بطولة كأس إفريقيا، في الفترة من 21 يونيو/حزيران وحتى 19 يوليو/تموز 2019.

تمثلت فكرة الحملة في مساندة جماهير الجزائر للمنتخب المغربي، ووجودها في الملاعب التي تستضيف مباريات "أسود الأطلس"، والعكس أيضاً بالنسبة إلى الجماهير المغربية، التي يتعين عليها الحضور في الملاعب التي ستستضيف مباريات "ثعالب الصحراء".

الخلافات السياسية قطّعت أوصال العلاقات بين البلدين

في 24 أغسطس/آب الماضي، أعلنت الجزائر قطع علاقاتها الدبلوماسية مع المغرب بسبب ما سمّتها "خطواته العدائية المتتالية"، فيما أعربت الرباط عن "أسفها" للقرار واعتبرت مبرراته "زائفة".

وتشهد العلاقات بين المغرب والجزائر انسداداً منذ عقود، على خلفية ملفي الحدود البرية المغلقة منذ عام 1994، وإقليم الصحراء المتنازع عليه بين الرباط وجبهة "البوليساريو".

‎وتقترح الرباط حكماً ذاتياً موسعاً بإقليم الصحراء تحت سيادتها، بينما تدعو "البوليساريو" إلى استفتاء لتقرير‎ المصير، وهو طرح تدعمه الجزائر التي تستضيف لاجئين من الإقليم.

وأدى تطبيع العلاقات الدبلوماسية بين المغرب ودولة الاحتلال، مقابل اعتراف واشنطن بالسيادة المغربية على منطقة الصحراء، إلى تصعيد التوترات بين الجزائر والرباط، حيث نددت الجزائر بـ"الاتفاقيات الهادفة إلى زعزعة استقرارها"، حيث اعتبرت الاتفاق "تهديداً أمنياً مباشراً لها".

ارتفع منسوب التوتر أكثر بين البلدين بعد أن كشفت تقارير أن المخابرات المغربية كانت تتجسس عبر برنامج "بيغاسوس" الإسرائيلي على 6 آلاف رقم هاتف جزائري، من بينها هواتف لمسؤولين سياسيين وعسكريين كبار. 

ومؤخراً، وصلت الأزمة بين الجزائر والمغرب إلى حد القطيعة، وذلك بعد تصريحات لوزير خارجية إسرائيل يائير لابيد، خلال زيارته للمغرب، في شهر أغسطس/آب الماضي، والتي قال فيها إن "دولته تبدي مخاوف من الدور الذي تلعبه الجزائر في المنطقة، وتقاربها مع إيران والحملة الناجحة للدبلوماسية الجزائرية ضد الاعتراف بدولة الاحتلال كعضو مراقب في الاتحاد الإفريقي".

تحميل المزيد