تاريخ الطيران الأمريكي مليء بالطائرات المقاتلة ذات القدرات العالية التي لم يشترِها الجيش الأمريكي وظهرت مؤشرات على أنه ندم لاحقاً على ذلك من بينها طائرات تعد أفضل وأسرع مقاتلات في التاريخ.
والسبب أنه يتعين على المسؤولين أن يوازنوا بين تكلفة المقاتلة والعدد الذي يحتاجونه للمهام التي يفكرون فيها، كما أنه أحياناً يكون السبب في التخلي عن المقاتلات الأفضل بسيطاً هو أنه حتى خبراء البنتاغون أحياناً يُخدَعون بالمظاهر.
ففي بعض الأحيان، لا يتم اختيار المقاتلة لأنها الأفضل بل لأنها قدمت بشكل أفضل.
تقرير لموقع Business Insider الأمريكي عرض لأفضل 5 طائرات مقاتلة قررت الولايات المتحدة عدم شرائها.
أفضل مقاتلات لم يشترِها الجيش الأمريكي
إف 16 إكس إل أفضل إف 16 في العالم
لأكثر من 40 عاماً، كانت الطائرة إف 16 فاينتغ فالكون بمثابة العمود الفقري لأسطول مقاتلات سلاح الجو الأمريكي وللعديد من حلفاء أمريكا.
ولكن قبل عام واحد من دخول أول طائرة F-16 الخدمة، كان الفريق الذي يقف وراء تطويرها قد طور بالفعل طائرة F-16 أفضل تدعى F-16XL.
كانت المقاتلة ذات قدرات عالية جداً.
في الواقع تحولت الطائرة من مجرد نموذج تجريبي تقني إلى كونها منافسة شرعية للطائرة الأمريكية الشهيرة F-15E في برنامج إنتاج المقاتلات التكتيكية المتقدمة للقوات الجوية.
في النهاية فازت الطائرة F-15E بناءً على تكلفة الإنتاج ولأن أنظمتها تشبه الإف 15 الأصلية التي كانت تعمل بالفعل لدى القوات الجوية الأمريكية قبلها بسنوات.
لكن لا يزال الكثيرون يؤكدون أن F-16XL كانت في الواقع أفضل.
في حين أن هذا التأكيد قد يكون موضع نقاش، إلا أنه يعتقد أن المقاتلة F-16XL كان يمكن أن تصبح واحدة من أكثر مقاتلات الجيل الرابع قدرة على ظهر الأرض.
كان الهدف من النموذج الاختباري في البداية إنشاء منصة بسرعة (وبتكلفة زهيدة) يمكن استخدامها لاختبار مفهوم الطواف الأسرع من الصوت، أو "supercruising".
وأدى تصميم الجناح الجديد إلى زيادة كبيرة في خزانات الوقود، فالأجنحة الضخمة، أعطت F-16XL سعة وقود مضاعفة تقريباً، كما سمحت بإضافة 27 نقطة صلبة تخصص لتعليق لذخيرة.
وكان يبدو أن مقاتلة F-16XL تتفوق في الأداء على الإف 16 العادية التي كانت أصغر حجماً من جميع النواحي تقريباً، مما دفع القوات الجوية الأمريكية إلى الاهتمام بفكرة بنائها بالفعل.
كتب ف. كليفتون بيري جونيور الذي كان من قدامى المحاربين في سلاح الجو الأمريكي ورئيس تحرير مجلة القوات الجوية عام 1983: يمكن لطائرة F-16XL التي تقوم بمهمة جو-أرض أن تحمل ضعف الحمولة الصافية للطائرة القياسية F-16 وتواصل الطيران بمدى يزيد بنسبة تصل إلى 44% – كل ذلك بدون خزانات وقود خارجية وأثناء حمل مجموعة كاملة من أسلحة جو – جو.
وإذا كنت ستزود F-16XL بنفس الحمولة مثل F-16A، فإن F-16XL يمكن أن تطير ضعف المسافة.
لكن الأمر لم يكن يتعلق فقط بنطاق موسع وحمولة إضافية، إذ كانت F-16XL قادرة على الطيران بسرعات تفوق سرعة الصوت على ارتفاعات عالية أو منخفضة، كل ذلك أثناء حمل حمولتها الهائلة، ولم تواجه أي مشكلة في التسلق السريع مع القنابل تحت جناحها.
وعلى الرغم من الأجنحة والوقود وأحمال الذخائر المضافة، إلا أن الطائرة تمكنت بطريقة ما من التحليق بسرعة 83 عقدة أسرع من طائرة F-16 عند مستوى سطح البحر، وأكثر من 300 عقدة أسرع على ارتفاعات عالية، حتى أثناء حمل حمولة قنابل كاملة.
قررت القوات الجوية دخولها في مسابقة المقاتلة التكتيكية المحسنة، والتي تهدف إلى إيجاد بديل قادر على مقاتلة F-111 Aardvark.
قال راندال كينت مدير برنامج F-16XL في شركة جنرال دايناميكس، في ذلك الوقت: "اقتران هذا بالتكاليف والمخاطر المنخفضة لطائرة F-16XL يقدم للقوات الجوية الأمريكية طريقة قابلة للتطبيق لزيادة قدرة المهمات بتكلفة منخفضة".
لكن F-16XL لم تكن الطائرة الوحيدة التي تنافس على العقد، وكان أمامها منصة أخرى ذات قدرة عالية هي F-15E Strike Eagle.
ومثل F-16XL، كانت Strike Eagle نسخة معدلة من مقاتلة موجودة: F-15 Eagle.
وتعد إف 15 أفضل مقاتلة في مجال التفوق الجوي في أمريكا، وتفتخر بسجل خال من الهزائم في المعارك.
وعلى عكس F-16XL، شاركت F-15E الغالبية العظمى من تصميمها مع F-15D ذات المقعدين والتي كانت قيد الإنتاج بالفعل.
لم يكن هناك شك في أن F-16XL من المحتمل أن تكون الخيار الأكثر تكلفة، وذلك بسبب تطورها التصميمي الكبير عن F-16 التي كانت تعتمد عليها، كانت أكثر تكلفة من F-15E Strike Eagle.
كما قدمت F-15E أيضاً سرعة قصوى أعلى (Mach 2.5 مقابل 2.05 للإف 16 إكس إل) وسقف خدمة أعلى عند 60 ألف قدم (مقارنة بـ50 ألف قدم لـF-16XL ).
الأهم من ذلك أن F-15E بها محركان وليست محركاً واحداً كما هو الحال مع F-16XL، ونظراً لأن هذه الطائرات كانت تهدف إلى التحليق بعمق في المجال الجوي للعدو دون الكثير من الدعم، فقد اعتقد سلاح الجو الأمريكي أنه من المحتمل أن تواجه هذه الطائرات قدراً كبيراً من النيران المضادة للطائرات.
كان وجود محركين يعني أن أحدهما يمكن أن يتضرر بنيران العدو بينما الطائرة لا يزال بإمكانها العودة إلى موطنها وهو متوفر في الإف 15.
ربما كانت المقاتلة F-16XL واحدة من أكثر المقاتلات قدرة التي لم تدخل حيز الإنتاج، والكثيرون داخل سلاح الجو الأمريكي رأوا فوز F-15E أنه أمر حلو ومر في الوقت ذاته.
كانت Strike Eagle بالفعل منصة قادرة بشكل لا يصدق، لكن مشجعي F-16XL شعروا كما لو أن المقاتلة لم يكن من المفترض أن تنافس Strike Eagle، بقدر ما كانت تعمل إلى جانبها مثلما تعمل F-16 العادية إلى جانب المقاتلة الأكبر F-15 حالياً.
A-12 Avenger II: أول مقاتلة شبح حقيقية في أمريكا
في 13 يناير/كانون الثاني 1988، حصل فريق مشترك من شركتي McDonnell Douglas و General Dynamics الأمريكتين على عقد تطوير لما كان سيصبح A-12 Avenger II التابعة للبحرية.
بمجرد اكتمالها، كانت الطائرة A-12 ستكون بمثابة مقاتلة ذات تصميم جناح طائر يذكرنا بقاذفات نورثروب جرومان B-2 Spirit الشبحية العاملة حالياً والتي تعد أغلى طائرات الجيش الأمريكي أو B-21 Raider المستقبلية، على الرغم من أنها أصغر بكثير.
كانت فكرة الجناح الطائرة تعطي المقاتلة قدرات شبحية عالية، ولكن لم تكن حمولتها كبيرة، ولكن، مثل الطائرات الشبحية الحديثة العاملة اليوم، لم يكن المقصود من طائرة A-12 Avenger حمل حمولات كبيرة مدوية، بل كانت ميزتها المنتظرة في قدرتها على ضرب الأهداف دون سابق إنذار في المجال الجوي المتنازع عليه أكثر من إلقاء حمولة ضخمة.
كان التخفي مع الذخائر عالية الدقة من شأنه أن يسمح للطائرة A-12 Avenger II بضرب أهداف العدو بطريقة دقيقة لتلحق به ضرراً أكبر.
ورغم أن الطائرة أعطيت الأولوية في تصميمها لاستخدامها ضد الأهداف الأرضية إلا أنها كانت تمتلك القدرة على الاشتباك مع الأهداف الجوية.
ومع ذلك، رأى البنتاغون أن طائرة A-12 لم تكن مناسبة تماماً لمواجهة مقاتلات الجيل الرابع ذوات القدرات المناورة العالية، في ظل أن سرعتها القصوى كانت تبلغ 580 ميلاً فقط في الساعة وسقف خدمتها يبلغ 40 ألف قدم، حسبما ورد في تقرير لموقع sandboxx.
ولكن البعض يرفض هذا النقد ويرى أن فكرة الطائرة كانت تقوم على الاعتماد على التخفي، بدلاً من القوة النارية والمناورة.
كان من الممكن أن تكون طائرة A-12 Avenger II قادرة على الخدمة بنفس حمولة مقاتلات F-35 Joint Strike Fighters الحالية في المجال الجوي للخصوم، وكان يفترض أن تطارد أنظمة الدفاع الجوي والقضاء عليها لتمهيد الطريق لطائرات أقل تخفياً ومحملة بالأسلحة.
لبعض الوقت، بدا الأمر كما لو أن برنامج A-12 Avenger II كان ينطلق دون عوائق، ولكن دون سابق إنذار، تم إلغاؤه من قبل وزير الدفاع (ونائب رئيس الولايات المتحدة المستقبلي) ديك تشيني في يناير/كانون الثاني 1991.
وفي السنوات التي تلت ذلك، ستخوض الحكومة الأمريكية ومقاولو A-12 Avenger II، ماكدونيل دوغلاس وجنرال دايناميكس، دعاوى متكررة بشأن خرق العقد، لتصل في النهاية إلى المحكمة العليا.
في يناير/كانون الثاني 2014، وافقت شركة Boeing، التي ضمت شركة McDonnell Douglas، و General Dynamics على سداد 200 مليون دولار للحكومة الأمريكية عن كل منهما لفشلهما في تلبية متطلبات العقد الأولي.
YF-12: أكبر وأسرع مقاتلة في التاريخ
مع التهديد الذي شكلته القاذفات النووية السوفييتية بعيدة المدى في بداية الحرب الباردة، رأى سلاح الجو الأمريكي أنه بحاجة إلى صاروخ اعتراض عالي السرعة يمكنهم به تدمير القاذفات قبل أن تتمكن من الوصول إلى الأهداف الأمريكية.
واقترح كيلي جونسون المصمم الشهير لشركة لوكهيد تحويل طائرة التجسس التي صنعت لوكالة الاستخبارات الأمريكية A-12 Oxcart لتحمل حمولة صواريخ جو-جو.
كانت الطائرة A-12، هي إحدى متغيرات البرنامج السابق لطائرة التجسس الشهيرة خلال الحرب الباردة SR-71 Blackbird.
كانت الطائرة A-12 الأسرع والأعلى في التحليق، حيث كانت تطير بسرعة تفوق ثلاثة أضعاف سرعة الصوت، وكان لديها مقاتلة شقيقة اعتراضية سميت YF-12 وكان يفترض لو أنها دخلت الخدمة أن تسمى F-12B لأن الأمريكيين يفضلون الحرف F لأي مقاتلة لديهم.
كانت أكبر التغييرات التي شهدتها YF-12 عند مقارنتها بشقيقتها A-12 في مقدمة الطائرة، حيث تمت إضافة قمرة القيادة الثانية للضابط المكلف بإدارة ترسانة الاعتراض جواً.
تم تعديل الأنف أيضاً لاستيعاب رادار Hughes AN / ASG-18.
لكن أهم تغيير بين A-12 و YF-12 جاء في أربع فتحات مصممة أصلاً لإيواء الكاميرات القوية والأفلام ومعدات الاستطلاع الأخرى. تم تحويل إحدى الفتحات الأربعة إلى معدات الرصد، بينما تم تعديل البقية لإيواء حمولة داخلية من ثلاثة صواريخ جو – جو من طراز هيوز AIM-47 فالكون.
في مايو/أيار 1965، اقتنع سلاح الجو الأمريكي رسمياً، وتم إصدار أمر بإنتاج 93 طائرة من طراز F-12B لدعم قيادة الدفاع الجوي الأمريكية.
كان من المقرر أن تكون الطائرة F-12B نسخة أكثر دقة وقدرة من YF-12A ذات القدرة العالية بالفعل، حيث تتميز بمدى متزايد يبلغ 1350 ميلاً بحرياً أي مدى أكبر من نسختها التجريبية وأنظمة رادار محسّنة وأنظمة تحديد موقع وتعقب قاذفات العدو من مسافة تصل إلى 125 ميلاً.
لم تكن الطائرة فقط هي التي بدت واعدة. كانت صواريخ Hughes AIM-47 Falcon، التي كانت ستدمج عليها من بين أكثر أسلحة جو-جو تقدماً في ذلك العصر. استناداً إلى تصميم صاروخ AIM-4 Falcon ، يمكن لصاروخ AIM-47 الاشتباك مع أهداف في نطاقات تصل إلى 100 ميل بسرعات تزيد عن 4 ماخ.
تم تعليق طلب القوات الجوية الأمريكية لـ93 مقاتلة اعتراضية من طراز F-12B لمدة ثلاث سنوات طويلة، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى التكاليف المتصاعدة للحرب في فيتنام.
في الوقت نفسه، حقق الاتحاد السوفييتي نجاحاً جديداً مع الصاروخ الباليستي العابر للقارات R-7A Semyorka، وكان إدخال الصواريخ الباليستية العابرة للقارات في الوضع النووي للحرب الباردة يعني أن التهديد النووي الذي يلوح في الأفق لم يعد يأتي من القاذفات بعيدة المدى، بل من الصواريخ.
ASF-14 سوبر تومكات: طائرة تألقت مع الإيرانيين
تعتبر الطائرة إف 14 Tomcat من أهم الطائرات المقاتلة في تاريخ البحرية الأمريكية، كان حجمها كبيراً بشكل غير متوقع لمقاتلة، ومكنها الأنف والبدن الكبيران من حمل رادار ضخم وإطلاق صواريخ فونيكس جو-جو البعيدة المدى.
والمفارقة أن أفضل سجل لهذه الطائرة كان مع أبرز أعداء أمريكا، فلقد صدرت واشنطن نحو 74 من هذه الطائرة لإيران في عهد الشاه، ولكن بعد سقوطه تحولت هذه الطائرة للقوة الضاربة للقوات الجوية للجمهورية الإسلامية الإيرانية، حيث استخدمت على نطاق واسع في الحرب العراقية الإيرانية، مسببة رعباً للطياريين العراقيين، وقيل إنها أسقطت عدداً كبيراً من الطائرات العراقية.
فكرت الشركة المنتجة "Grumman" في تطوير نسخة حديثة من الإف 14 تحت اسم F-14 تحت الاسم المستعار إفي 14-"ST21" ، أو "Super Tomcat.
فمع إلكترونيات الطيران المحسنة، والمزيد من القوة، والمزيد من المدى، والمزيد من القدرات في جميع المجالات، كانت تستطيع هذه الطائرة التي تعود جذورها لبداية التسعينيات أن تستمر في القرن الحادي والعشرين.
تضمنت خطة شركة Grumman إلى البحرية في النهاية بناء Tomcat الجديد تماماً أطلق عليه اسم ASF-14.
كان من الممكن أن تبدو ASF-14 مثل سابقاتها من طراز F-14، لكن أوجه التشابه كانت عميقة إلى حد كبير.
كان لدى المقاتلة ASF-14 حوالي 60000 رطل من الدفع ونسبة دفع إلى وزن أفضل من F-14D، ومخازن وقود داخلية ضخمة، وقدرات حمولة كبيرة، ووعي ظرفي مذهل يوفره الرادار القوي على متن الطائرة والعديد من أجهزة الاستشعار، وكان يمكن أن تكون مقاتلة من الجيل الرابع مع عدد قليل من المنافسين القادرين على هزيمتها.
كما كانت البحرية الأمريكية تفكر في تزويدها بفوهات توجيه الدفع التي تغير الاتجاه بسرعة، وكان هذا سيكون بمثابة نقلة حيث لا يوجد أي طائرة أمريكية تستخدم هذه التقنية حتى الآن باستثناء إف 22.
وفقاً لبعض المصادر، كانت المقاتلة AST21 قادرة بالفعل على الحفاظ على 77 درجة من زاوية الهجوم بفضل التحسينات الديناميكية الهوائية المخطط لها للطائرة، ويعتقد أن التحكم في ناقلات الدفع قد دفعها إلى أبعد من ذلك.
ولكن في المقابل، كانت ِشركة ماكدونيل دوغلاس تعمل بجد على تطوير مقاتلة منافسة أصغر وأكثر تطوراً هي، F / A-18 Hornet، والأهم أنها كانت أقل تكلفة وتتميز بالاعتمادية وقلة المشاكل وهي مسألة مهمة للبحرية بصفة خاصة.
في المقابل، اشتهرت الإف 14 رغم قدرتها بالتكلفة الباهظة والمشكلات.
وكان يبدو أن التطويرات التي أدخلت على التصميم القديم للطائرة ستجعلها كابوساً للصيانة، حسب تقرير موقع sandboxx.
ولكن بعد إحالتها الإف 14 للتقاعد، ظلت البحرية الأمريكية تفتقد المدى الطويل وقدرة الرادار السرعة التي تتميز بها، وإلى اليوم فإن الطائرات إف 18 "سوبر هورنيت" المطورة عن "الهورنيت" ليس لديها نفس السرعة، ولا قادرة على حمل صاروخ مثل فونيكس طويل المدى.
الأرملة السوداء: YF-23 الطائرة التي يحتمل أنها أفضل مقاتلة في التاريخ
خلال عقد ونصف منذ أن دخلت الخدمة لأول مرة، كانت طائرة لوكهيد مارتن F-22 Raptor مقاتلة تفوق جوي بلا مثيل، لكن هذا لم يكن الحال دائماً.
فلفترة قصيرة في تسعينيات القرن العشرين تنافست الإف 22 التي كانت تسمى YF-22 مع YF-23 على هذا اللقب في واحدة من أهم مناقصات الجيش الأمريكي.
تم بناء نموذجين أوليين من YF-23، الأول، الذي أطلق عليه المشاركون في البرنامج اسم Black Widow II "الأرملة السوداء 2″، والثاني كان رمادياً أطلق علي اسم "Gray Ghost"، واعتمد على محركات جنرال إلكتريك YF120، والتي قدمت إمكانات فائقة السرعة، ووصلت الطائرة إلى سرعة 1.6 ماخ "الماخ ضعف سرعة الصوت، في الاختبار، لتتخطى السرعة المسجلة لـ YF-22 والتي حلقت بسرعة 1.58 ماخ".
بينما تحمل F-22 Raptor تشابهاً عابراً مع مقاتلات الجيل الرابع التقليدية، كانت YF-23 غير تقليدية إلى حد ما.
فأنف YF-23 كان مذهلاً، حيث تم دفع قمرة القيادة إلى الأمام على هيكل الطائرة لتحسين الرؤية.
وفي الخلف أعطى الذيل على شكل V المتحرك بالكامل للمقاتلة قدرة لا تصدق على المناورة على الرغم من افتقار المنصة إلى قدرات توجيه الدفع المتغير الموجود في الطائرة F-22.
أثبتت YF-23 أنها أكثر قدرة على التخفي من منافستها، على الرغم من أنه كان يُنظر إليه على أنها أقل قدرة على المناورة من YF-22 المزودة بنظام توجيه الدفع.
إذ يسمح التحكم في ناقلات الدفع للطيار بتوجيه مخرج الدفع للطائرة لزيادة القدرة على المناورة بشكل كبير، حتى إنه يسمح للطائرة بمواصلة الطيران في اتجاه واحد بينما توجه أنفها في اتجاه آخر.
ولكن اختارت شركة نورثروب عدم تضمين التحكم في ناقلات الدفع في YF-23 لصالح رادار أكثر تقدماً ومنصة أخف وزناً.
بدلاً من ذلك، استخدموا الأسطح الكبيرة من ذيل V الفريد في طراز YF-23 لمساعدة المقاتلة على المناورة، والحقيقة هي أنها تمكنت من تحقيق أداء كان مشابهاً تقريباً للطائرة F-22 على الرغم من افتقارها إلى التحكم في ناقلات الدفع.
كانت الميزة الأكثر بروزاً لـYF-23 هي الوقود، حيث كان نصف القطر القتالي لـ YF-23 أكبر بكثير من طائرات F-22، مما يعني أن YF-23 يمكن أن تطير لمسافة أبعد في المجال الجوي المتنازع عليه (حيث لا يكون التزود بالوقود خياراً) من منافستها التابعة لشركة Lockheed.
اليوم، ستكون هذه القدرة مرغوبة بين مسؤولي البحرية الأمريكية، الذين يواصلون العمل على إيجاد طرق لتوسيع نطاق القتال للمقاتلات التي تحملها حاملة طائرات خاصة بعد أن تحول بعد الاهتمام العسكري الأمريكية من أوروبا حيث يوجد عشرات القواعد البرية إلى منطقة المحيط الهادي وشرق آسيا حيث تزداد أهمية المدى لقلة القواعد الأمريكية، ولا سيما أن الطائرة الصينية الشبحية J-20 يقال إن مداها أطول من معظم طائرات البحرية الأمريكية ومن الطائرة الشهيرة إف 22.
بينما كان يمكن للمقاتلة YF-23 أن تعادل قدرات المناورة لـ F-22، فإن ما حدث هو فوز طائرة شركة Lockheed إف 22 تحقق عبر حرب التصورات من خلال إظهار الشركة للقدرات مقاتلاتها بطريقة أكثر ديناميكية.
إذ أظهر طيارو اختبار Lockheed قدرات الطائرة على الاستفادة من زاوية هجوم عالية، وأطلقوا صواريخ، ونفذوا مناورات وضعت ضغطاً أكثر من 9Gs من القوة على هيكل الطائرة.
في حين أن YF-23 كان من الممكن أن تفعل الشيء نفسه، فإن شركة Northrop لم تركز على هذه المسألة.
يزعم الكثيرون أن مهارات التسويق، وليس قدرات الطائرات، هي التي ساعدت YF-22 على إعطاء انطباع مميز في أذهان مسؤولي وزارة الدفاع الأمريكية البنتاغون.