في ظل خيبات الأمل المحيطة بمشروع الطائرة إف 35، يتطلع مؤيدو البرنامج لإثبات جدارة هذه المقاتلة في مجال صعب، وهو اصطياد الدبابات ويأملون أن يتحقق لهم ذلك عبر قنبلة ستورمبريكر الجديدة (أو كاسرة العواصف)، التي تتفوق على الصواريخ في قدراتها.
قد يبدو غريباً الحديث عن صعوبات تواجه الطائرة الشبحية إف 35 في اصطياد الدبابات، وهي الطائرة المجهزة للاختفاء من شاشات الردارات والمناورات الصعبة والأنظمة التكنولوجية المعقدة.
لكن كل هذه المميزات تتضاءل أمام قدرات صائدة الدبابات A-10 Thunderbolt II التي دخلت الخدمة في القوات الجوية الأمريكية قبل 43 عاماً.
فرغم بُطئها وقدم تصميمها فإن الطائرة A-10 التي أوقعت مذبحة بمدرعات الجيش العراقي في عام 1991 مازالت تتحدى الإف 35، في مجال صيد الدبابات بفضل قدرتها على التحليق بسرعة مناسبة ومدفعها الشهير المثبت ببطن الطائرة الذي يطلق ذخائر تدمر المدرعات.
ويقول أنصار A-10 في الكونغرس الأمريكي، ولا سيما النائبة مارثا ماكسالي، من ولاية أريزونا، وهي قائدة سرب طيران سابقة، إن التجربة من شأنها أن تثبت أن الطائرة F-35 ليست قادرة على استبدال طائرة A-10 بالكامل، التي تم تصميمها خصيصاً لمهمة الدعم الجوي القريب وكان قيد الاستخدام منذ السبعينيات.
وفي هذا السياق، يمثل تزويد الإف 35 بـ"قنبلة ستورمبريكر الجديدة" محاولة لإثبات قدرتها على استبدال جدتها A-10.
إذ يُعرف عن المقاتلة إف-35 لايتنينغ الثانية أنّها تتمتع بترسانة متنامية من صواريخ جو-جو وجو-أرض، مع مدفع آلي عيار 25مم للدعم الجوي القريب، إلى جانب حزمةٍ متطورة من أسلحة الحرب الإلكترونية. لكن مقاتلات إف-35 ستكون قادرةً أيضاً على تدمير الدبابات قريباً بكفاءة بفضل قنبلة ستورمبريكر الجديدة، حسبما ورد في تقرير لممجلة The National Interest الأمريكية.
وأثير جدل حول تكلفة الصيانة الباهظة للإف 35، ما يُلقى بالشكوك حول قدرة البنتاغون على توفير المال اللازم لتشغيل أعداد كافية منها، كما أثار البعض شكوكاً حول قدراتها على المناورة، وانتهى هذا الجدل بقرار البنتاغون بإعادة إنتاج نسخ محدثة من الطائرة إف 15، التي تعود جذورها لنصف قرن.
ومن هنا فإن تزويد الإف 35 بالقدرة على تدمير المدرعات الثقيلة لن يُضيف ديناميات تكتيكية واستراتيجية جديدة إليها فقط، بل سيرفع بعض الحرج عن البرنامج، الذي يوصف بأنه أغلى برنامج عسكري في التاريخ.
لماذا تعد قنبلة ستورمبريكر الجديدة بداية مرحلة جديدة؟
وقنبلة ستورمبريكر الجديدة (أو كاسرة العواصف)، هي قنبلة انزلاقية موجهة بدقة يتم إطلاقها من الجو، وهي أول قنبلة موجهة بدقة يتم إطلاقها من الجو، وتستطيع تعقب وتدمير الأهداف المتحركة من مسافات تصل إلى 74 كيلومتراً.
وقد ذكرت شركة Raytheon، المُصنّعة للقنبلة ستورمبريكر، أنّ مقاتلات إف-35 تختبر كاسرة العواصف حالياً استعداداً لنشرها في المهام القتالية.
وستجلب كاسرة العواصف معها تقنيات هجوم جوي غير مسبوقة مثل التوجيه ثلاثي الأوضاع من أجل الاستهداف باستخدام مستشعرات الأشعة تحت الحمراء، والليزر، والموجات الملليمترية. إلى جانب رابط بيانات ثنائي الاتجاه يسمح للقنابل بتغيير مسارها أثناء الطيران، ولا تكتفي كاسرة العواصف بقدرتها على العمل في جميع حالات الطقس بفضل تقنية الموجات الملليمترية، لكنها تُقدّم أيضاً خيارات تفجير متنوعة، حيث قال بيان شركة Raytheon إنّ القنبلة تستطيع تدمير الدبابات بفضل دمجها لمواد متفجرة جديدة في مكونات رؤوسها الحربية، حيث تم تجهيز الرؤوس الحربية لكاسرة العواصف بحشوات متفجرة، وقنابل منثارية "تتشظى"، وتقنيات أخرى تمنحها القدرة على تدمير الدبابات.
كما أوضح بيان الشركة: "إن تجهيز الرؤوس الحربية بالحشوات المتفجرة، والقنابل المنثارية "قنابل التشظي"، وتأثيرات الشحنات المتفجرة، إلى جانب خيار صمام ذكي متأخر، تجعل كاسرة العواصف قويةً بما يكفي لهزيمة الدبابات".
يمكن أن تستخدم القنبلة نظامي GPS / INS لتوجيه نفسها إلى هدف متحرك أثناء مرحلة البحث الأولية، مع تحديثات تصحيح المسار المقدمة باستخدام رابط بيانات، تحتوي القنبلة على ثلاثة أوضاع لرصد الهدف: رادار الموجة الملليمترية، والتوجيه بالأشعة تحت الحمراء باستخدام باحث التصوير غير المبرد، والتوجيه بالليزر شبه النشط. القنبلة قادرة على دمج المعلومات من أجهزة الاستشعار لتصنيف الهدف ويمكنها تحديد أولويات أنواع معينة من الأهداف حسب الرغبة عند استخدامها في الوضع شبه المستقل.
ويُمكن لمقاتلات إف-35 القدرة على حمل ما يصل إلى 20 قنبلة من هذا النوع في وقت واحد، ما يسمح لها بتعقب وتدمير عدة أهداف متحركة في نفس المهمة.
ستحمل هذه القنابل على الطائرات إف 35 وإف 15، وإف 18، ولكن لن تدمج بالطائرات إف 16 وA-10.
ثورة في عالم القنابل تجعلها تتفوق على الصواريخ
ربما تستطيع القنابل الموجهة بدقة التي يتم إسقاطها من الجو حالياً أن تضرب منطقةً محددة لإلحاق الدمار بقوات العدو المدرعة، لكن القدرة على تعقب وتدمير المركبات المتحركة من الجو بهذه الطريقة تفتح الباب أمام آفاقٍ تكتيكية جديدة.
وفي بيانٍ لشركة Raytheon Missiles & Defense التابعة Raytheon، قالت مديرة برنامج سلاح ستورمبريكر الذكي أليسون هاوليت: "يمنح الرأس الحربي متعدد التأثيرات لسلاح الجو-أرض هذا أفضليةً تُميّزه عن سابقيه، وعن غيره من الذخائر الموجهة في فئته".
وبينما تستطيع المروحيات المسلحة بصواريخ هيلفاير تعقب وتدمير الدبابات من الجو، لكنها تكون بالطبع أكثر عرضةً للإصابة بنيران العدو الأرضية لأنّها تحتاج إلى العمل من مسافات هجوم أقرب بكثير. كما أنّ صواريخ هيلفاير تستطيع قطع نحو ثمانية كيلومترات نحو الهدف، وهي مسافة قصيرة نسبياً تجعلها شديدة التأثير من الناحية التكتيكية، لكن كاسرة العواصف التي ستطلقها المقاتلة إف-35 تستطيع تدمير الدبابات المتحركة من مسافةٍ تصل إلى 74 كيلومتراً.
كما أنّ الصمام المتأخر في كاسرة العواصف يمنحها تأثيراً إضافياً تم تصميمه لاختراق الجسم الخارجي المُدرّع قبل الانفجار داخل المركبة، لتعظيم قدرة التدمير. وكذلك تُوسّع القنابل المنثارية عند انفجارها من مجال الضرر الذي يلحق بالدبابة، حيث تجعل مقصورة الذخيرة المتفجرة الخاصة بالدبابة عرضةً للانفجار.
وقد ظهرت إمكانية دمج وإطلاق قنابل ستورمبريكر من مقاتلات إف-35 بفضل ترقيات البرامج المتقدمة التي صُمِّمَت لتوسيع ترسانة أسلحة تلك المقاتلات. حيث تُتيح كل ترقية للبرامج تحسين قدرات التحكم في إطلاق النار، والاستهداف، وإسقاط الصواريخ. ما يجلب معه مجالاً جديداً تماماً من الإمكانيات الهجومية.