لماذا تبدو إثيوبيا مقبلة على حرب أهلية لن ينتصر فيها أحد؟.. 5 أسباب تجيب لك على هذا السؤال

عربي بوست
  • ترجمة
تم النشر: 2021/11/22 الساعة 12:36 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/11/22 الساعة 12:36 بتوقيت غرينتش
رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد/رويترز

تبدو الحرب الأهلية الإثيوبية مقبلة على منعطف خطير، قد تطول فيه دون وجود أي حلول سياسية أو عسكرية في الأفق.

فبعد مرور عام على اندلاع الحرب الأهلية الإثيوبية، يلوح شبح تغيير النظام في أفق ثاني أكبر دولة إفريقية من حيث عدد السكان؛ إذ تَغيّر اتجاه الصراع العسكري بين رئيس الوزراء آبي أحمد وحلفائه وقوات دفاع تيغراي وجيش تحرير أورومو بعد أن فشل هجوم حكومي في صد أعدائهم في أكتوبر/تشرين الأول، بل ونجح المتمردون في السيطرة على مناطق مهمة خلال الأسابيع الماضية، وتوعّدوا بالاستيلاء على العاصمة أديس أبابا.

وردت حكومة آبي أحمد بدعوة المدنيين للانضمام إلى حربها على"الإرهابيين". وأعلنت أيضاً حالة الطوارئ على مستوى البلاد.

ولا تزال الحصيلة العسكرية للحرب غير مؤكدة، إلا أن التهديد المحدق بحكومة آبي يذكّر بسقوط نظام ديرغ (الحكومة العسكرية المؤقتة لإثيوبيا الاشتراكية) الديكتاتوري في مايو/أيار عام 1991، حسبما ورد في تقرير لموقع The Conversation الأسترالي.

وحكم هذا النظام العسكري الاشتراكي بقيادة منغستو هيلا مريم إثيوبيا لمدة 17 عاماً بعد ثورة عام 1974 التي أطاحت الإمبراطور هيلا سيلاسي، واشتهر بأنه أحد أكثر حكومات الحرب الباردة قمعاً في إفريقيا.

لماذا يخشى سكان أديس أبابا انتصار التيغراي؟

ويخشى أنصار آبي، ومن ضمنهم العديد من سكان أديس أبابا، أن ينتصر مقاتلو التيغراي والأورومو. فقد يؤدي هذا النصر إلى عودة الجبهة الثورية الديمقراطية الشعبية الإثيوبية، التي حكمت البلاد لـ 27 عاماً. وهذا التحالف الذي يضم الأحزاب العرقية في إثيوبيا، بقيادة جبهة تحرير شعب تيغراي، حكم بقبضة من حديد حتى صعود آبي غير المتوقع إلى السلطة في أبريل/نيسان عام 2018.

أما المؤيدون للمتمردين فيحاججون بأن سياسات آبي القومية تهدف إلى انتزاع الحكم الذاتي من الأعراق المتنوعة في البلاد وحرمانهم من حقوقهم السياسية.

التركيبة العرقية لإثيوبيا معقدة

إثيوبيا أمة بها حوالي 80 لغة وحوالي 200 لهجة. اللغات الرئيسية الثلاث هي الأمهرية والأورومو والتيغرانية، الأمهرية هي اللغة الرسمية للحكومة.

وتنقسم إثيوبيا إلى 10 ولايات فيدرالية تتمتع بحكم شبه ذاتي منظمة على أسس عرقية. 

وحاولت الحكومة الإثيوبية لفترة من الوقت فرض ثقافة وطنية على الدولة بأكملها. ومنذ عام 1991 سيطر التيغراي على المشهد السياسي والاقتصادي للبلاد، قبل تولي آبي أحمد السلطة، وقد تصاعد العنف العرقي في السنوات الأخيرة، رغم وعود آبي أحمد بالعدالة والإصلاح.

الحرب الأهلية الإثيوبية
خريطة لأقاليم إثيوبيا/ويكيبيديا

إليك التوزيع العرقي في إثيوبيا

– قومية الأورومو وتمثل 34.4% من السكان.

– القومية الأمهرية وتمثل 27% من السكان.

– القومية الصومالية وتمثل 6.2% من السكان.

– القومية التيغرية وتمثل 6.1% من السكان.

– قومية السيداما وتمثل 4% من السكان.

– قومية الجوراج وتمثل 2.5% من السكان.

لماذا يبدو سقوط نظام آبي أحمد غير مرجَّح؟

وعلى المستوى الظاهري، يدور الصراع بين مركز سياسي إثيوبي يستند إلى دعم القومية الأمهرية التي ينتسب لها آبي أحمد من ناحية أمه، وهو مركز يدافع عن دولة موحدة في مقابل قوى عرقية قومية تقاتل من أجل نظام فيدرالي.

ولكن استناداً إلى أبحاث امتدت إلى فترات طويلة عن السياسات المحلية والوطنية في إثيوبيا، فهنا تنتهي أوجه الشبه التاريخية بين الصراعات الحالية والماضية في إثيوبيا؛ إذ يُستبعد حدوث تغيير في النظام مشابه لتغيير عام 1991 على مستوى البلاد، حتى لو كانت قوات دفاع تيغراي وجيش تحرير أورومو- اللذان أسسا مؤخراً الجبهة المتحدة للقوات الفيدرالية والكونفدرالية الإثيوبية المكونة من تسعة أعضاء- متفوقة عسكرياً.

إذ تختلف المواقف السياسية والأطراف الأمنية والتحالفات والجغرافيا السياسية اختلافاً صارخاً عما كانت عليه في الأيام الأخيرة لنظام ديرغ العسكري المكروه. وخمسة أسباب تحديداً تفسر لنا لماذا يختلف عام 2021 عن عام 1991.

الحرب الأهلية قد تطول لهذه الأسباب الخمسة

1- شعبية قيادة آبي ليست محدودة، والكثيرون يخشون التيغراي

حين دخلت قوات جبهة تحرير شعب تيغراي أديس أبابا في مايو/أيار عام 1991 بعد حرب عصابات دامت 16 عاماً مع أحد أقوى جيوش إفريقيا، لم تكن حكومة ديرغ تحظى بشعبية كبيرة. ولا يمكننا القول إن هذا ينطبق على حزب الرخاء الذي يتزعمه آبي؛ إذ يتمتع الحزب بدعم كبير نسبياً في أديس أبابا وأجزاء من أمهرة وأوروميا. ويحظى بشعبية في المدن الكبرى على مستوى البلاد وبين قطاعات من الشتات الإثيوبي.

وقوات تيغراي استُقبلت استقبال الفاتحين قبل ثلاثة عقود. ولكن يُستبعد أن يحدث هذا اليوم؛ إذ لم ينس كثيرٌ من الإثيوبيين النظام الاستبدادي الذي حكم قبل آبي ووعوده التي حنث بها بإرساء الديمقراطية في إثيوبيا.

وقليلون هم من يؤمنون بأن حكومة انتقالية تقودها قوات تيغراي ستحل مشكلات البلاد السياسية المتجذرة في البلاد، ولا سيما العداوات بين العرقيات التي تعيش في البلاد.

2- الجيش الوطني تراجع دوره لصالح قوات الأقاليم

البيئة الأمنية اليوم مختلفة تماماً؛ إذ تراجعت قوة الجيش الفيدرالي بشكل كبير بعد عام من الحرب. وإقالة قادة عسكريين كبار ينتمون لإقليم تيغراي من قوات الدفاع الوطني الإثيوبية بعد وصول آبي إلى السلطة عامل آخر؛ إذ انضم هؤلاء القادة إلى صفوف قوات دفاع تيغراي.

وتضاءلت قدرة الجيش الإثيوبي على قيادة وتنسيق العمليات فيما ازدادت قوة القوات الأمنية العاملة تحت قيادة الأقاليم. فهذه "القوات الخاصة" من أمهرة وأوروميا وعفر ومناطق أخرى- وليس الجيش- تحملت جزءاً كبيراً من القتال الأخير مع متمردي تيغراي وأورومو.

قوات من إقليم أمهرة تتوجه إلى منطقة التيغراي في بداية الحرب/رويترز

وفي إقليم أمهرة على وجه الخصوص، انضم الآلاف من القوميين المحليين إلى الحرب على قوات تيغراي التي يرون أنها تهدف إلى تجريدهم من مكاسبهم. 

والأخطر، هو أن انتشار النزاعات بين الطوائف في أنحاء البلاد وعسكرة المجتمع الإثيوبي يعني أن المتمردين والحكومة، من الناحية العسكرية، ليسا الطرفين الوحيدين في اللعبة.

3. التحالفات الهشة والخلافات الطائفية تمزق الجانبين

التحالفات السياسية التي تستند إليها على السواء حكومة آبي وائتلاف المتمردين هشة في أحسن الأحوال؛ حيث إن جناحي الأمهرة والأورومو في حزب الرخاء الحاكم يجمعهما عداؤهما المشترك لتيغراي. والنزاعات العرقية بين طائفتي الأمهرة والأورومو في الإقليمين مصدر توتر في الحزب الحاكم. والقوميون الأمهرة يشعرون بالخذلان من حكومة آبي ويرجح أن يواصلوا القتال مع قوات تيغراي حتى في حالة توقيع اتفاق سلام يبدو مُستبعداً.

وعلى جانب المتمردين، يعتمد التعاون بين قوات تيغراي وأورومو على حسابات انتهازية أيضاً. فقد أُقصي القوميون الأورومو عن السلطة السياسية خلال السنوات الأولى للنظام السابق، حين كانت جبهة تحرير شعب تيغراي في السلطة.

4- إريتريا تدعم آبي أحمد

حين دخلت قوات جبهة تحرير شعب تيغراي العاصمة قبل ثلاثة عقود، كانت مدعومة من الجبهة الشعبية لتحرير إريتريا. وهذا مهد الطريق لانفصال إريتريا. ولكن بين عامي 1998 و2000، خاضت إثيوبيا وإريتريا حرباً دقت إسفيناً بين تيغراي والقيادة الإريترية التي تنتمي إلى قومية التيغراي أيضاً.

وتبين أن اتفاق السلام بين آبي أحمد والرئيس الإريتري أسياس أفورقي، الذي وُقّع عام 2018، كان اتفاقاً عسكرياً على عدوهما المشترك: جبهة تحرير شعب تيغراي.

الرئيس الإريتري أسياس أفورقي مع رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد/رويترز

وغزت قوات الجيش الإريتري تيغراي في الأيام الأولى للحرب، وساهمت بدور حاسم في انتصارات الحكومة في حرب تيغراي في مراحلها الأولى.

والأدهى أن أي علاقات مستقبلية بين تيغراي وإريتريا قد تزعزع الاستقرار على المدى الطويل في الأجزاء الشمالية من إثيوبيا.

5. التيغراي منقسمون بين فكرة الفيدرالية وحلم الاستقلال

والسبب الأخير هو أن النخبة في تيغراي منقسمة حول الاستراتيجية. وتنحصر الخيارات بين زيادة اللامركزية في البلاد أو انفصال تيغراي بما يتماشى مع المادة 39 من الدستور الإثيوبي. وكثيراً ما صرحت جبهة تحرير شعب تيغراي بأن حق تقرير المصير داخل إثيوبيا في مصلحة شعب تيغراي. لكن الحرب والأزمة الإنسانية في تيغراي دفعا العديد من سكان تيغراي لدعم دعوات الانفصال.

وفي الوقت الحالي، يتمثل هدف تيغراي الرئيسي في هزيمة حكومة آبي. أما الهدف الثاني فهو تحرير ما يعتبرونه مناطق محتلة من أمهرة في غرب تيغراي، وإقامة حكومة انتقالية وطنية. لكن مستقبل تيغراي السياسي يظل على المحك إلى حد كبير.

تحميل المزيد