يتنامى القلق بشأن قمة شرم الشيخ للمناخ التي تستضيفها مصر العام القادم في ظل مخاوف من القيود التي قد تفرضها القاهرة على المظاهرات التي ينظمها عادة نشطاء دوليون على هامش هذه الفعالية، وعادةً تكون وسيلة للضغط لنيل مزيد من المكاسب للحكومات لتقليل التغيرات المناخية.
وقمة الأمم المتحدة للمناخ في مدينة شرم الشيخ العام المقبل، ذات أهمية حيوية إذا ما أراد العالم خفض درجة حرارة الأرض إلى 1.5 درجة مئوية.
على أن العديد من خبراء البيئة والنشطاء الحقوقيين قالوا لصحيفة The Observer إنهم يخشون أن يحد النظام المصري من حرية منظمات المجتمع المدني في الاحتجاج أثناء القمة، الأمر الذي قد يمنع الضغوط اللازمة على قادة ووزراء ما يقرب من 200 دولة يتوقع أن تشارك في القمة.
وقمة المناخ لعام 2021 في غلاسكو أحرزت تقدماً ملموساً في الحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، لكن أهداف خفض انبعاثات الكربون على مستوى الدول كانت أقل بكثير من المستويات المطلوبة عند 1.5 درجة مئوية. واتفقت الدول على مراجعة أهدافها قبل قمة المناخ السنوية التالية في نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، حسبما ورد في تقرير لصحيفة The Guardian البريطانية.
قمة شرم الشيخ للمناخ.. أسباب منطقية لاختيار المكان رغم المخاوف
وتقرَّر أن تستضيف مصر قمة المناخ الـ 27 بعد اختيار إفريقيا لتكون موقع القمة التالية. على أن اختيار مصر أثار بعض القلق. فمنذ تولي الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي السلطة بعد انقلاب عسكري، حسب وصف الصحيفة البريطانية، شن أوسع وأعنف حملة قمعية على الحقوق المدنية في تاريخ مصر الحديث. واعتبرت المعارضة خارجة عن القانون: وتقدر الشبكة العربية لمعلومات حقوق الإنسان أن 65 ألف سجين سياسي يقبعون حالياً في سجون النظام، التي وصل عددها إلى ما لا يقل عن 78 سجناً مركزياً في العشر سنوات الأخيرة.
والمنتقدون، من الساسة إلى من ينشرون تعليقات على الشبكات الاجتماعية احتجاجاً على ارتفاع أسعار المترو، يُعتقلون وتُوجه إليهم تهم بالإرهاب، للصحيفة.
يقول تيموثي كالداس من معهد التحرير لسياسة الشرق الأوسط في واشنطن: "أعتقد أن البيئة السياسية في مصر وملفها المحدود في استضافة المؤتمرات يثيران قلقاً. فالاحتجاج أصبح فعلياً من الأمور الخارجة عن القانون. وكثيرون يعتقلون لاحتجاجهم دون تصريح رسمي لا يُمنح أبداً على الأغلب".
وأشار كالداس إلى الترهيب، والمراقبة، والاعتداء البدني، في بعض الحالات، على الناشطين حين شاركوا في الدورة 64 التي عقدتها اللجنة الإفريقية لحقوق الإنسان والشعوب في شرم الشيخ قبل عامين. وقال: "استضافة القمة في دول الجنوب مهم جداً، ولكن هناك أماكن مناسبة أكثر، والحقيقة الواقعة هي أن نشطاء المجتمع المدني في دول الجنوب أكثر عرضة للمضايقات والترهيب من نظرائهم الغربيين".
النشطاء الدوليون لن يتواصلوا مع نظرائهم المحليين
وقال أحد نشطاء البيئة المصريين، طلب عدم ذكر اسمه: "هذا التوتر بين نشطاء المجتمع المدني والحكومات نتج عنه تنازلات وبعض التقدم في قضايا البيئة. واستضافة مصر لقمة المناخ المقبلة تضر بذلك كثيراً".
وقال الناشط إن الحظر الذي فرضته مصر منذ ما يقرب من عقد من الزمان على الاحتجاجات في الشوارع وقمع التنظيمات السياسية كان نتيجته أن الجهات الفاعلة في المجتمع المدني والمحتجين الذين قد يزورون مصر لحضور مؤتمر المناخ لن يتمكنوا من التواصل مع المنظمات المحلية، لأن ذلك قد يعرض النشطاء المصريين للخطر. وقال: "هذا شديد الخطورة عليهم وستعاقبهم الحكومة المصرية بطريقة مباشرة أو غير مباشرة".
لماذا يمثل اختيار مصر حافزاً محتملاً لروسيا والصين؟
لكن بعض المعلقين الدوليين يرون أن اختيار مصر يُفترض أن يعطي حافزاً إضافياً لمطالبات الدول الأكثر عرضة لتغيرات المناخ الاقتصادات الناشئة الكبرى مثل الصين والهند وروسيا بتشديد إجراءات الحد من انبعاثات الكربون.
وقال بوب وارد، رئيس قسم السياسة في معهد غرانثام في كلية لندن للاقتصاد: "مصر ستكون مكاناً مناسباً لاستضافة قمة المناخ الـ27 التي اختيرت إفريقيا لاستضافتها. فمشكلات تمويل التغيرات المناخية والتكيف والخسائر والأضرار ينبغي أن تتصدر قائمة الأولويات، وكلها لها أهمية خاصة لإفريقيا، التي هي موطن الكثير من الشعوب العرضة لتأثيرات تغير المناخ".
ودعت بيرنيس لي، مديرة أبحاث المستقبل في معهد تشاتام هاوس، أيضاً إلى مزيد من التأكيد على مخاوف الدول النامية. وقالت: "لا بد أن نركز على أن هذا حدث عالمي ولا يحدث في مصر وحدها وإنما في إفريقيا، ولا بد أن نعتبره فرصة ذهبية لإشراك الدول الإفريقية في مشكلات المناخ، لأن الكثير من الوعود التي أبرمت في غلاسكو ستؤثر في مناطق الدول النامية مثل إفريقيا".
على أن بول بليدسو، مستشار كلينتون السابق للمناخ في البيت الأبيض الذي يعمل في معهد السياسة التقدمية في واشنطن حالياً، يشكك في قدرة مصر على جلب الضغط الكافي على الدول لرفع سقف طموحات الحد من الانبعاثات. ويقول: "لنرَ إن كانت مصر قادرة على التأثير على رفع سقف الطموحات المناخية لحلفائها التاريخيين مثل روسيا ومموليها الجدد مثل الصين".