“تتدرَّب لمواجهة قادمة”.. كيف تخوض الصين حرباً نفسية مرهقة لأمريكا مع استمرار تعاظم قوتها العسكرية؟

عربي بوست
تم النشر: 2021/11/20 الساعة 09:00 بتوقيت غرينتش
تم التحديث: 2021/11/20 الساعة 09:03 بتوقيت غرينتش
استعراض عسكري لفرق من الجيش الصيني، 2017/ رويترز

شهدت الفترة الأخيرة إطلاق الصين صواريخ مضادة للسفن على نموذج شيَّدته بالحجم الطبيعي لحاملة طائرات أمريكية في أحد أقاليهما الصحراوية، ودوران أحد صواريخها التي تحلق بسرعة تفوق سرعة الصوت حول الأرض، واستعدادت عسكرية مكثفة لما يبدو أنه احتمال لغزو تايوان. وهي كلها علامات واضحة على أن الصين، التي يبدو نزوعها إلى القتال آخذاً في التزايد، تتدرب من أجل حرب قادمة، كما تقول صحيفة The Times البريطانية.

كيف تخوض الصين حرباً نفسية مرهقة لأمريكا؟

هذا الأسبوع زاد أحد كبار القادة العسكريين الأمريكيين المخاوف حدةً بعد تحذيره من أن الصين قد تُقدم يوماً ما على شن هجومٍ نووي مفاجئ على الولايات المتحدة.

ويأتي هذا الرأي الذي خلص إليه الجنرال الأمريكي جون هيتن، نائب رئيس هيئة الأركان المشتركة المنتهية ولايته، ليضيف تنبيهاً آخر إلى مساعي الصين المحتملة، في ظل ما تبنيه من قوة عسكرية تقليدية ونووية يبدو هدفها مضاهاة القدرات العسكرية الفائقة للولايات المتحدة.

أمضى هيتن ثلاث سنوات في رئاسة "القيادة الاستراتيجية الأمريكية"، وهي القيادة المسؤولة عن الردع الاستراتيجي والأسلحة النووية الأمريكية، ويعني ذلك أن لديه باعاً طويلاً فيما يتعلق بسيناريوهات الحروب النووية وما قد تؤول إليه من تغير وجه العالم.

يعكس صوت الجنرال الأمريكي المحذِّر من قارعة التقدم العسكري الصيني سريع النمو، والذي وصفه سابقاً بأنه "تقدم مذهل"، اتجاهاً عاماً بين كبار قادة البنتاغون بأن بكين على مسار يمكن أن يؤدي حتماً، وعلى نحو يبدو لا مفر منه، إلى صراع عسكري مع الولايات المتحدة.

فعلى الرغم من الاتفاق الذي عقده الرئيس الأمريكي بايدن والرئيس الصيني شي جين بينغ، وانطوى على قدر من البوادر المشجِّعة على بدء محادثات بشأن معايير التوازن الاستراتيجي والحد من تطوير الأسلحة النووية، فإن صور الأقمار الصناعية تكشف عن نمط مطرد لدولة تستعد للحرب وتطور أسلحة موجهة للخارج، وما تعتبره الولايات المتحدة تهديداً بتعريض الوطن الأمريكي لخطر جسيم.

الجيش الصيني يتدرب على تدمير طائرات أمريكية

جاءت صور الأقمار الصناعية التي التقطت حديثاً لساحة تدريبات عسكرية تقع بإحدى الصحاري في شمال غرب الصين لتكشف عن نموذج كامل بالحجم الطبيعي لحاملة الطائرات الأمريكية "يو إس إس جيرالد فورد" بعد إرسائه على خط سكة حديد ليعمل بوصفه هدفاً متحركاً ضخماً لجيش التحرير الشعبي الصيني في الاختبارات لأحدث صواريخه المضادة للسفن.

كشفت صور أخرى للموقع الصحراوي نفسه عن نموذجين بالحجم الطبيعي لطائرة الإنذار المبكر والقيادة الجوية من طراز "بوينغ إي 3 سينتري" E-3 Sentry التابعة للقوات الجوية الأمريكية، لأغراض التدريب العسكري على استهدافها أيضاً.

وفي إشارة إلى اختبار صاروخي آخر أجرته الصين في أغسطس/آب، وفاجأت به الجيش الأمريكي، قال هيتن لشبكة CBS News هذا الأسبوع: "لقد أطلقوا صاروخاً بعيد المدى، دار حول العالم، وأسقط مركبة انزلاقية تفوق سرعتها سرعة الصوت، وقد نجحت في قطع الطريق كاملاً إلى هدفها التجريبي في الصين".

ولدى سؤاله عما إذا كانت المركبة الانزلاقية، التي تحلق بسرعة تزيد بنحو خمسة أضعاف على سرعة الصوت، قد أصابت هدفها، أجاب: "اقتربت بدرجة كافية". ولو كانت هذه المركبة الانزلاقية مسلحة برأس حربي نووي، فلن تحتاج لبلوغ هدفها إلى هذا القدر من الدقة.

بعد ذلك، تساءل هيتن: "لماذا يبنون كل هذه القدرات العسكرية؟ يبدو لي استعداداً لاستخدام هذه الأسلحة لأول مرة".

بالإضافة إلى ذلك، نشرت وزارة الدفاع الأمريكية هذا الشهر تقريرها السنوي عن القدرات العسكرية الصينية، وكشفت فيه عن تنامي المخاوف بشأن أهداف بكين المحتملة من الأسلحة الجديدة التي تطوِّرها.

القوة البحرية الصينية المزدهرة تثير قلق الأمريكيين

ولا يملك القادة العسكريون الأمريكيون سوى الذهول من السرعة التي تتحول بها البحرية الصينية إلى قوة بحرية عالمية، وما حازته من حاملات طائرات وغواصات تعمل بالطاقة النووية وطرادات ومدمرات، وغيرها من السفن الهجومية البرمائية قيد الإنشاء، بمعدل يجعل يبدو خطوط الإنتاج الصناعي الأمريكية شديدة البطء مقارنةً بها.

من المفترض أن يشهد العام المقبل أول مشاركة  بالإمكانيات الكاملة لحاملة الطائرات الأمريكية "يو إس إس جيرالد فورد" من الجيل الجديد مع الجيش الأمريكي. ومع ذلك، تتصاعد الانتقادات بأنها كلفت أكثر من 13 مليار دولار وتأخرت ثلاث سنوات.

لا تمتلك الصين حالياً إلا حاملتي طائرات، في حين تمتلك الولايات المتحدة 11 حاملة طائرات. لكن من المتوقع أن تنجح الصين في إدخال حاملة طائرات أخرى محلية الصنع إلى الخدمة بحلول عام 2024، لتنضم إلى حاملة الطائرات الأخرى "لياونينغ"، التي أُعيد بناؤها على قاعدة لحاملة طائرات سوفييتية قديمة من طراز" كوزنيتسوف"، حاملة طائراتها الأولى "شاندونغ".

تتضمن خطة التطوير أيضاً العمل على إنتاج عدد من الطائرات البحرية، ويشمل ذلك تحويل المقاتلة الهجومية "جيه 14" الصينية من الجيل الرابع إلى نسخة قادرة على الإقلاع والهبوط التقليدي على متن حاملات الطائرات (المجنقة).

تقول وزارة الدفاع الأمريكية في تقريرها إن الصين في طريقها لبناء قوة بحرية تمتلك عدداً من حاملات الطائرات، ولما كانت الصين أبرز دول العالم إنتاجاً لسفن الشحن العملاقة ولديها أكبر قوة بحرية على هذا الكوكب، فلا عجب أن يتداول القادة العسكريون الأمريكيون تنبيه القيادة العسكرية الأمريكية للمحيط الهادئ منذ سنوات إلى حجم التهديد القائم في القوة البحرية المزدهرة لبكين.

هل تستعد الصين للحرب مبكراً؟

حذَّر الأدميرال فيليب ديفيدسون، الذي تقاعد في أبريل/نيسان الماضي من قيادة المنطقة العسكرية للمحيطين الهندي والهادئ، من أن الصين قد تحتل تايوان "في غضون السنوات الست المقبلة"، وأشار إلى التقدم الذي حازته الصين في تكنولوجيا الصواريخ الباليستية والصواريخ الأسرع من الصوت، والتي قال إنها تُحدث تغييرات حثيثة في "هيكل الأمن القائم" في المنطقة.

هذا الأسبوع، لفتت لجنة المراجعة الاقتصادية والأمنية بين الولايات المتحدة والصين، وهي لجنة عيَّنها الكونغرس، إلى أن الجيش الصيني باتت لديه القدرة على إنزال 25 ألف جندي في تايوان لإنشاء رأس جسر بحري.

والسؤال الذي يراود الجميع الآن، هل الصين تستعد للحرب قبل أن تصل إلى هدفها المنشود الذي حدده الرئيس الصيني شي جين بينغ بأن يكون لديها جيش يضاهي أقوى الجيوش في العالم بحلول عام 2049؟

يجيب أندرو كريبينفيتش، وهو مسؤول بارز سابق في الكونغرس: "بالطبع يستعد الجيش الصيني للحرب أو يتدرب عليها. كل الجيوش الجادة تفعل ذلك".

وأضاف: "ما إذا كان الحزب الشيوعي الصيني سينتظر حتى عام 2049 لبلوغ هدفه هو أمر يعتمد على حسابات التكلفة والفوائد والمخاطر. وهذه عوامل ديناميكية في حالة تغير مستمر، والأمر نفسه مع الشخص أو الأشخاص الذين يتخذون قرارات المضي قدماً أو التوقف، وحساباتهم هم أيضاً للتكاليف والفوائد المحتملة وقدرتهم على تحمل المخاطر".

تحميل المزيد